التقـرير السياسي الشهري لحزب الوحدة الديمقراطي الكردي في سوريا (يكيتي)
التاريخ: السبت 04 اب 2007
الموضوع: اخبار



   تتحرك منطقة الشرق الأوسط، في أكثر من مكان، نحو أوضاع جديدة، ينتظر منها اشتداد عمليات التجاذب وتزايد الضغوطات المتنوعة والمتبادلة بين الأطراف الإقليمية والدولية. وعلى هذا الأساس، تتوجه الأنظار خلال الشهور القادمة إلى مناطق مثلث التوتر –لبنان والعراق وفلسطين- التي تقف على أعتاب مخاض عسير يدشن لمرحلة جديدة من الصراع الدائر بين الإدارة الأمريكية وقوى الاعتدال العربي، من جهة، وبين إيران وما تتبعها من قوى التشدّد ،  من جهة أخرى


فالإدارة الأمريكية لم تعد تملك متسعاً من الوقت، لأنها حسبما هو معروف في تاريخ البيت الأبيض تدخل مرحلة السبات والجمود مع نهاية هذا العام بانتظار المباشرة بالدعاية الانتخابية المبكرة. وإذا أضفنا إلى هذا العامل تزايد حدة ضغوطات الديمقراطيين مقابل اتساع الابتعاد الجمهوري، فإن الإدارة الحالية قد تلعب بكل أوراقها في المنطقة خلال الأشهر المتبقية من العام الحالي، بما في ذلك توجيه ضربات تدميرية للمنشآت النووية والقوى الصاروخية للنظام الإيراني، الذي لا يستبعد المراقبون إقدامه على التفاهم في آخر لحظة رغم مناورته عند حافة الهاوية إذا حصل على مكاسب ترضي طموحاته الإقليمية، أو قد يرضى بذلك تحت ضغط التهديدات التي يجسدها تزايد قطع الأسطول البحري الأمريكي في السواحل القريبة، في إشارة لاحتمالات وقوع تلك الضربة، أو للسيطرة على خطوط الدعم اللوجستي الإيراني للحلفاء الإقليميين عند اللزوم، وكذلك لتطمين دول الخليج المهدّدة من قبل إيران، إضافة إلى أن إصرار مجلس الأمن على متابعة ومراقبة نشاطاتها النووية وفرض المزيد من العقوبات عليها، وتحول إيران لدولة وحيدة ومعزولة أمام حالة من الإجماع العالمي الرافض لسياساتها المتشددة، وانعكاس ذلك على الداخل الإيراني الذي كشفت نتائج الانتخابات البلدية الأخيرة انحساراً لشعبية التيار المحافظ،قد يدفعها نحو التراجع.
   ويعتقد الكثيرون أن دعوة الرئيس بوش المفاجئة لعقد اجتماع دولي للسلام، على أساس إقامة دولتين فلسطينية وإسرائيلية تعيشان جنباً إلى جنب، لم يكن هدفها فقط هو إعادة التوازن لمواقف الإدارة الأمريكية، بل أنها كذلك جاءت لتضيف عاملاً جديداً في الصراع ضد إيران من جهة، وقوى الإرهاب الإقليمي من جهة ثانية، وسحب الورقة الفلسطينية من التداول ومن لائحة الاستثمار الذي تقوم به تلك الأطراف لشحن المزيد من الدعم لصالح أطراف الممانعة والتشدد. وبانتظار موعد هذا الاجتماع في الخريف القادم، فإن إدارة بوش تحاول أن تؤكّد حرصها على إنجاحه من خلال إبرام صفقات ضخمة من الأسلحة لكل من إسرائيل ومصر والسعودية والسلطة الفلسطينية،في محاولة أخرى لإسناد المحور المعارض للسياسة الإيرانية. ولما كان الموضوع الفلسطيني هو المحور الأساسي للاجتماع المذكور فإن الحالة الراهنة المتميزة بالشروخات السياسية والجغرافية التي أصابت القضية الفلسطينية في أعقاب انقلاب حركة حماس في غزة، تثير أكثر من تساؤل حول مستقبل هذه القضية، ومنها الإعلان المنتظر لدولة على كل الأراضي الفلسطينية، لكن التطبيق العملي سيكون فقط على الضفة الغربية على اعتبار أن حماس سوف تعارض تطبيقها على قطاع غزة، التي ساهمت حماس في استبعادها من الحلول السياسية، في الوقت الذي يخشى فيه أن تكون عودة القطاع إلى جسم الدولة الفلسطينية الموعودة ليست مطلباً حقيقياً الآن، لأن القطاع بوضعه الحالي يعيق التسوية المطلوبة.
  أما لبنان، فإنه يبقى على لائحة انتظار الحلول، وقد أوكلت تلك المهمة حالياً للحكومة الفرنسية التي استضافت ممثلي الأطراف اللبنانية المتنازعة في الحوار الذي تريد منه تجميد الأزمة اللبنانية، وعدم تفجّر الوضع الداخلي، لكن استمرار اعتصام المعارضة وعودة التفجيرات والاغتيالات مؤخراً وما يشهده مخيم نهر البارد من قتال متواصل هدفه إشغال الجيش وإنهاكه وما يمكن أن يهدّد بانتقال العنف إلى مخيم آخر، وعدم التوصل حتى الآن إلى حلول مرضية للاستحقاقات القادمة، وفي مقدمتها انتخاب رئيس الجمهورية يهدّد بانفجار الوضع الداخلي من جديد.
   وفي العراق، يأتي التشدّد السني وإقدام جبهة التوافق على سحب مشاركتها من الحكومة العراقية في إطار الضغوطات الممارسة على حكومة المالكي للعمل على حل الميليشيات الشيعية وخاصة جيش المهدي، وبنفس الاتجاه يأتي تسليح العشائر العربية في الأنبار وصلاح الدين وبغداد، من قبل القوات الأمريكية، رغم معارضة الحكومة وخشيتها من تعقيد الوضع الأمني، وأمام هذا الوضع فإن حكومة المالكي تقف أمام امتحان صعب تتطلب معه إعادة ترتيب الاصطفافات السياسية من خلال إعلان (جبهة المعتدلين) التي تضم التحالف الكردستاني وكل من حزب الدعوة والمجلس الإسلامي الأعلى ومحاولة تشكيل حكومة جديدة قادرة على التصدي للاحتقان الطائفي ومواجهة التدخلات الخارجية والتهديدات الإقليمية، ومنها ما ردّدته الأوساط التركية بذريعة التواجد المسلح لمقاتلي حزب العمال الكردستاني في إقليم كردستان العراق، لكن الانتخابات البرلمانية الأخيرة في تركيا قد تنعكس نتائجها على العديد من القضايا موضع الخلاف بين الحكومة والمؤسسة العسكرية، ومنها التهديد بالاجتياح العسكري لكردستان الذي يصرّ عليه الجيش.
   ففي تلك الانتخابات حقّق حزب العدالة والتنمية فوزاً كبيراً وفّرت له دفعاً جيداً لمواصلة سياسته الاقتصادية التي لاقت نجاحاً ملموساً، ودعماً لمساعيه في الانضمام للاتحاد الأوربي، رغم أن هذا الانضمام لا يبدو وشيكاً، لأن أوربا لا تزال خائفة من هوية تركيا وتخلفها النسبي وارتفاع نسبة البطالة فيها، وانتهاك حقوق الإنسان الكردي، كما أن عدم تمكن حزب العدالة من ضمان ثلثي المقاعد اللازمة لإنجاح مرشح الرئاسة وإصرار الجيش والأحزاب التركية الأخرى في البرلمان على علمانية رئيس الدولة يوحي باحتمال تجدّد الأزمة بين المؤسستين الدينية والعسكرية.
   أما بالنسبة للقضية الكردية في تركيا، فإن الطابع الديني لحزب العدالة والتنمية الحاكم من جهة، وارتفاع نسبة الأكراد بين ناخبيه وأعضائه في الولايات الكردية وكذلك بروز كتلة برلمانية من النواب الأكراد، من جهة أخرى، قد يفتح المجال أمام حوار سياسي يخفف الاحتقان والتعصب تجاه القضية الكردية، ويحقق بعض المكاسب للشعب الكردي في إطار الالتزام بشروط الاتحاد الأوربي. كما أن نجاح هذا الحزب قد يعيق اندفاع العسكر نحو اجتياح كردستان العراق التي لا تختصر مشكلة المؤسسة العسكرية التركية فيها بوجود مواقع PKK بل أن المشكلة تتجاوز ذلك إلى رفض وجود كيان سياسي كردي تحت أي اسم في إقليم كردستان سوف ينعكس استقراره النسبي على إنعاش الآمال القومية الكردية في كردستان تركيا. لكن الوقائع تشير إلى أن اجتياح كردستان العراق لم تعد مهمة سهلة مثلما كانت بسبب الموقف المبدئي لحكومة الإقليم، والتضامن الوطني العراقي الواسع مع هذا الموقف، والرفض الأمريكي لأي عمل يزيد من حالة عدم الاستقرار في العراق.
   ولكن، رغم تراجع حالة التهديد بالاجتياح فإن الضغوطات التركية تتواصل وكذلك التحشدات العسكرية بانتظار تطورات محتملة تجد فيها تركيا أن الولايات المتحدة ستضطر معها للخروج من العراق، مما يزيد برأيها من انتشار حالة الفوضى، كما أن قضية كركوك ستظل ذريعة احتياطية لأي تدخل عسكري أو سياسي تركي، إضافة إلى أن إيران التي تحرص على تطوير علاقاتها مع تركيا في عدة مجالات، ومنها توقيع مذكرة تفاهم مؤخراً تمكّن بموجبها تركيا من نقل الغاز الإيراني إلى أوربا، وإدارة بعض الحقول جنوب إيران، وتأمين نصف احتياجات تركيا من الغاز الإيراني، تريد بالمقابل تنسيق موقف الدولتين بشأن القضية الكردية، وتحرّض الجيش التركي على مهاجمة كردستان العراق لتحقيق جملة أهداف منها: تخريب العلاقات التركية الأمريكية وتأزيم حالة التوتّر، وتعميق الفوضى في العراق،وتوسيع رقعة أزماته لتشمل كردستان وإبطاء عملية المصالحة الوطنية، وإلهاء الأمريكان عن التركيز على الملف الإيراني.
   على الصعيد الداخلي، جاء خطاب السيد الرئيس بشار الأسد، بمناسبة الولاية الرئاسية الثانية، شاملاً تناول مختلف الجوانب، ومنها الإشارة للجانب الكردي، الذي لم يرتق إلى مستوى طموحات شعبنا،واعتبر تراجعاً عن تصريحات سابقة، حيث اختزل الخطاب قضيته في موضوع الجنسية وإحصاء 1962 دون الإشارة إلى خلفياته السياسية وهوية ضحاياه، والذي يبدو من الخطاب أن هناك فقط حلولاً مجتزأة قد يتم إجراؤها وأن المكتومين(الذين تم إحصاؤهم عام 1962 -ويصل عددهم الآن إلى 150ألفاً تقريباً) لا يشملهم الحل، إضافة إلى أن اعتبار كل من يواصل المطالبة بإنصاف من يتبقى من الضحايا، بعد الحل الموعود، بأنه يهدّد الاستقرار الوطني في سوريا، تسبّب في إحداث المزيد من القلق بين أوساط شعبنا الكردي التي يسودها الاحتقان أصلاً، ويتعمّق لديها الشعور المتزايد بالغبن والظلم، وخاصة بعد أحداث آذار 2004 التي برّأ السيد الرئيس الجانب الكردي فيها من الخلفية الخارجية، لكنه لم يشر إلى مسؤولية الجهات المتورطّة التي افتعلت فتنة أرادت منها إرهاب الشعب الكردي، أما وعود الإصلاح، ومنها قانون الأحزاب فإن هناك مخاوف من أن يأتي القانون( إذا صدر) ليعطي الشرعية لسياسة الحزب الواحد وحالة الطوارئ القائمة، بدلاً مما هو منشود لتوسيع هامش المشاركة السياسية لقوى السلطة والمعارضة على السواء دون تمييز ودون معوقات من قبيل الانتماء القومي والديني وغير ذلك.
  أما ما يتعلق بالقرار الصادر عن وزارة الزراعة بشأن استكمال توزيع أراضي (مزارع الدولة )بتوجيه من القيادة القطرية ,فانه يعتبر استكمالاً لمشروع الحزام العربي الذي استولى على أراضي الفلاحين والملاكين الأكراد، ومنحها للفلاحين العرب الذين استقدمتهم السلطة من محافظتي الرقة وحلب، في حين أبقت السلطات على مساحات من الأراضي لتستثمر عملياً من قبل بعض المسؤولين، تحت غطاء مزارع الدولة ,لكنها اضطرت الى حل تلك المزارع عام 2000واصدرت القيادة القطرية قراراً في ذلك الحين يقضي  بتوزيع أراضيها على الفلاحين حسب الأولويات التالية 1_الموظفين العاملين في إدارة تلك المزارع 2_فلاحين وضع اليد فيها 3_الفلاحين المحرمين في المنطقة 4_ضحايا السدود من الفلاحين المغمورين .لكن تلك الأوليات لم يتم العمل بها إلا بحدود عدد محدود من المواطنين العاملين في تلك المزارع ,وتوقفت أعمال التوزيع بهدف حرمان فلاحي المنطقة من الأكراد، والآن،وبموجب هذا القرار الجديد تم الشطب على الأولويات الثلاثة الأولى التي وردت في القرار السابق، ليبدأ بالفلاحين المغمورة أراضيهم وبالمتضررين من محمية جبل عبد العزيز، لتمنح تلك الأراضي لفلاحين من خارج المحافظة، خاصة من منطقة الشدادي الذين تم إبرام عقود بين 150 عائلة منهم وبين الرابطة الفلاحية في ديريك انتظاراً للتسليم الفعلي. ورغم التأكيد على ضرورة التعويض على كل متضرّر من غمر السدود في أي مكان في سوريا، فإن من غير المقبول والمنصف أن يحرم فلاح يعيش في هذه المزارع أو في جوارها، بعد أن حرم منها أصلاً بموجب مشروع الحزام العربي، في حين تمنح تلك الأراضي لفلاح تم استقدامه من مسافة 250كم عنها .إن هذا القرار سياسي بني على خلفية الانتقام من المواطن الكردي في إطار السياسة الشوفينية المنتهجة حيال الشعب الكردي في سوريا، وان كل القوى الوطنية مطالبة بالضغط للتراجع عنه والكف عن أمثاله، وإفشال مخططات الفتنة التي يراد منها ضرب الوحدة الوطنية في البلاد والإساءة إلى الشعب الكردي ودوره الوطني .
  3/8/2007
 اللجنة السياسية
لحزب الوحدة الديمقراطي الكردي في سوريا (يكيتي)








أتى هذا المقال من Welatê Me
http://www.welateme.net/erebi

عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://www.welateme.net/erebi/modules.php?name=News&file=article&sid=2389