تخلف الحركة القومية الكوردية
التاريخ: الأحد 24 كانون الأول 2017
الموضوع: اخبار



زاكروس عثمان

اغلبنا نحن الكورد نسخر من تخلف  وجهل خصومنا التاريخيين العرب والترك والفرس وكثيرا ما نرجع حصولهم على دول مستقلة الى صفقات استعمارية،   وبنفس المقدار بعضنا  يشتكي من القدر والبعض الآخر يعاتب الدول الكبرى التي في كل  منعطف تاريخي تطمر الهدف الكوردي، وباتت لدينا قناعة راسخة بأننا شعب سوپرمان متفوق ولكن كل خيباتنا مصدرها مشيئة الغيب  او عامل خارجي والقليل منا إن التزم شيء من الموضوعية  فانه يربط العاملين السابقين بعامل ذاتي وهي الخيانة وكثيرا ما يتم تفسيرها بشكل مسطح او يتم  ذكرها  لتبرير النكسات المتتالية، فهل تحميل الأقدار والخصوم والإستعمار مسؤولية التراجيديا الكوردية هو نوع  من افراط الكوردي  في الثقة بنفسه ام هو الغرور و جهل ام  هروبا  من الاعتراف بالاسباب الحقيقية لهزائمنا التاريخية سواء المتعلقة  بالعوامل الموضوعية او الذاتية.


لاشك ان العامل الدولي  والاقليمي و الجيوبوليتيك  له اثر كبير على مصير الكورد ولكن لماذا نفشل في ايجاد حل لهذه  المعضلة "اللعنة" وذلك بالتخلص قدر المستطاع من التأثيرات السلبية للعامل الخارجي  والاستفادة اكثر من تأثيراته الايجابية، لماذا لم نتعلم  من تجارب خصومنا الذين نهزأ بهم مع انهم نجحوا فيما فشلنا نحن به، هل قرأ احدنا بشكل علمي  حركة القومية التركية والعربية والفارسية والاسرائيلية على الاقل في التاريخ المعاصر كي يفهم الفكر السياسي لدى الخصوم والاصدقاء ويكتشف توجهاتهم واساليب عملهم  ويستفيد من محاولاتهم وتجاربهم  هل سألنا انفسنا كيف حصل هؤلاء المتخلفين على دول وكيف فشلنا نحن المتفوقين في ذلك،  نحن لا نملك إجابات شافية لأننا لم ندرس جيدا حركة القومية الكوردية  حتى نفكر بدراسة حركات القوميات المناوئة لنا،  هناك دراسات سردية - تاريخية  وحتى هذه تكون منقوصة وغير موضوعية، ولكن ما نحتاجه ليس تاريخ حركة القومية الكوردية والعربية ...الخ  بل نقد هذه الحركات لبيان نقاط ضعفها وقوتها وتقييم  ادائها وقياس نجاحاتها واخفاقاتها، ان الدراسات النقدية  الكوردية قليلة في هذا المجال وللاسف تنطلق من رؤى ايديولوجية - حزبوية ضيقة يغلب عليها الطابع الشخصي  ولهذا فسرت الامور وفق ما يماشي  القناعات السياسية لهذه الجهة او تلك وبالتالي لم  تساعد  على معرفة بعض الحقائق التي  أثرت على  عمل الحركة القومية الكوردية  لانه ليست هناك مراجعة  علمية  للثوارت الكثيرة  التي  لم يكتب لها النجاح بل  اغلب المراجعات تدخل نطاق أدب المذكرات التي تقتصر على ذكر الجوانب التنظيمية والميدانية،  في حين المسألة تحتاج نظرة سياسبة - فلسفية  ترفع الغطاء عن خبايا الامور لتصل إلى اسباب اعمق من الاسباب الظاهرية التي نعتقد انها العامل الحاسم  في فشل حركة القومية الكوردية، ولعل اكبر نقاط  ضعفها  هي انها لم تمارس السياسة كعلم وفكر له جانب نظري وجانب عملي وكلاهما لن يكتب لهما النجاح بدون اخضاعهما للدراسة والنقد لان اساس كل علم هو النقد.
هل حدث ان باحث  او سياسي او سكرتير حزبوي من الكورد صرف جهده وتفكيره على عقد مقارنة بين حركة القومية الكوردية والحركات القومية للشعوب المجاورة  هل بحثنا عن اسباب نجاحهم  في الوصول إلى اهدافهم حتى نتعلم منهم ونقلدهم،  هل لاحظنا ان كل قومية من هذه  القوميات رغم تعدد تياراتها السياسية واختلاف توجهاتها إلا انها تستقي كلها من مصدر ايديولوجي واحد وهذا سر نجاحها.
لو اتينا الى شعب اسرائيل سوف نجد ان المؤسسين الاوائل قد وضعوا الأيديولوجيا الصهيونية كمنهج رسمي للدولة العبرية وقد تبنت الاحزاب الاسرائيلية بمختلف توجهاتها هذه  الايديولوجيا ولهذا مهما بلغت حدة الخلافات بين الاحزاب ومهما كانت  التباينات بين شرائح المجتمع الاسرائيلي فان الجميع متفقون ملتزمون بالصهيونية اي وضع مصلحة شعب ودولة اسرائيل فوق اية مصلحة هذه الروح هي التي  قادت الاسرائيليين للفوز بدعم وتعاطف الدول الكبرى وبالتالي النجاح في بناء دولتهم، بالنسبة لعرب سوريا والعراق هم ايضا تبنوا ايديولوجية قومية عروبية "البعث" وقد نجحوا في زرع الفكر العروبي في اذهان عرب البلدين ولهذا تجد الشيعي الذي كان  معارضا للبعث العراقي يتبنى سياسة شوفينية - عنصرية بعثية وتجد السني المعارض للبعث السوري يتبنى نفس نهج البعث حتى انه في سبيل مكافحة القومية الكوردية يكاد يتحالف مع نظام البعث الاسدي أذ كلاهما يتنافسان على الالتزام بمنهج البعث في رفض القومية الكوردية وهذا يظهر حرص العروبيين على قوميتهم، والامر نفس الشيء في تركيا ايضا التي تتبنى رسميا الايديولوجيا الطورانية وجميع الاحزاب التركية  تنضوي تحت هذه الايديولوجيا بما فيه حزب اردوغان فالتركي يضع قومه ودولته فوق  اي اعتبار وهذا ما  انقذ تركيا من زوال  كان وشيكا،  وفي ايران تم تبني الايديولوجيا الخمينية والتشيع وهي في الحقيقة  غطاء للقومية الفارسية حيث تلتزم كافة  الاطراف بها ومن ضمنها احزاب المعارضة، كما هو واضح فان القوميات المجاورة كل منها اوجدت لنفسها ايديولوجيا واحدة لا يمكن تجاوزها، ولكن القومية الكوردية لم تنجح حتى الأن  في ايجاد ايديولوجيا جامعة تعلو الاحزاب والتيارات والاشخاص بعبارة اخرى يفتقر الكوردي الى تربية  قومية سليمة ولهذا حين يقع خلاف كوردي - كوردي  لا يوجد التزام اخلاقي او معنوي او وجداني  يمنع احد الطرفين عن الاستعانة بالعدو ضد الكوردي الاخر مع انه  يدرك مخاطر جلب العدو الى البيت الكوردي ولكنه يفعل لانه لم يتعلم من احد ان مصلحة شعبه وبلاده  اهم من مصالحه الخاصة، ها نحن نجد اطراف  في جنوب كوردستان تستعين بالنظامين العراقي والايراني لاسقاط حكومة الاقليم  مع ان سقوطها يهدد بزوال الفيدرالية وخضوع  الاقليم لاحتلال عراقي مباشر، ولا اظن ان انعدام روح المسؤولية  إلا انعداما للفكر القومي السليم،  يبدو اننا نحتاج الى عملية بناء طويلة الاجل تبدأ من الصفر علينا اولا بناء انسان يصعب عليه الاستعانة بالعدو لنيل مكاسب ذاتية ولايجاد هكذا انسان نحتاج ايديولوجيا ترتقي الى مستوى ايديولوجيات الخصوم. 







أتى هذا المقال من Welatê Me
http://www.welateme.net/erebi

عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://www.welateme.net/erebi/modules.php?name=News&file=article&sid=23142