صبري رسول: لم تستطع جميع حروب الإبادة كسر الإرادة السياسية لدى الشعب الكردي.
التاريخ: الأربعاء 20 كانون الأول 2017
الموضوع: اخبار



جريدة العالم الأمازيغي في حوار مع صبري رسول

ـ أهلا بكم أستاذ صبري رسول في جريدة العالم الأمازيغي؟
1 بداية كيف تعرّف نفسك لقراء الجريدة؟ 
صبري رسول، كاتب وسياسي كردي من مدينة قامشلي في كردستان سوريا. عضو قيادة المجلس الوطني الكردي سابقاً، عضو مكتب الإعلام المركزي لـ PDK-S سابقاً. أكتب في الشأن الكُردي والسوري والعربي، إضافة إلى كتابة القصة القصيرة باللغة العربية، أصدرت أربع مجموعات منها.


2ــ  كيف تابعتم استفتاء إقليم كوردستان؟ وما هي قراءتكم لما بعد الاستفتاء وكل ما جرى من تغيرات؟
تابع أبناء الشعب الكردي سيرَ العملية الديمقراطية للاستفتاء التي جرت في إقليم كردستان العراق بلهفة شديدة، لأنّ حقّ تقرير المصير الذي مارسه شعب إقليم كردستان كان حلماً مخملياً بات قاب قوسين أو أدنى في أيد الكُرد، وهو حقّ لكل الشعوب حسب مواثيق الأمم المتحدة، وهو حقّ للكُرد مثله مثل باقي شعوب المعمورة. الاستفتاء وحّدَ كلمةَ الشعب الكردستاني، كان خطوة سياسية متقدّمة وأداة فعالة لتحقيق الطموح الكُردي. لكن للأسف كان لأعداء الكُرد من الجوار دولاً وقوى سياسية رأي آخر، بالتوافق مع «حفنة» من الكُرد الانتهازيين، وبصمت دولي تعرّضت عاصمة الكرد الاقتصادية كركوك إلى عدوانٍ غاشم من الحشد الطائفي العراقي وبدعم إيراني. 

3 -هل دخول الحكومة المركزية بالعراق في كركوك عسكريا ساهم في إحباط آمال الكورد في إنشاء دولتهم المستقلة؟
التدخل العسكري من الحكومة الطائفية في بغداد كان متوقّعاً، كانت الاستعدادات كبيرة لمواجهتها عسكرياً، وبغداد لا تملك القوة العسكرية الكافية بما يجعلها قادرة على الاجتياح لو لا الدعم العسكري المباشر من إيران وتركيا والضوء الأخضر من الولايات المتحدة والغرب إضافة إلى حصول بعض الخيانات داخل (أوك) والصفقات السياسية من بعض المحسوبين على الكُرد، مما فتح ثغرات كبيرة في خط الدفاع، فانسحبت قوات البيشمركة تجنباً لسقوط الضحايا، ولسحب الذرائع أمام التفاوض مع بغداد. 

4 كيف تقرؤون الرّفض الدولي والإقليمي للاستفتاء والتدخل العسكري للقوات العراقية لمواجهة نتائجه؟
غالبية الدّول الكبرى لم ترفض الاستفتاء كاستحقاق طبيعي وفق المواثيق الدولية، بل عارضت توقيت إجرائه بحجة أنّ عملية الاستفتاء ستجعل الأنظار تتجه إلى نتائجها وتمنح الفرصة لداعش للانتعاش وإعادة صفوفه المتهالكة. أما الدول الإقليمية (تركيا، إيران، سوريا) رفضت عملية الاستفتاء كلياً لوجود قضايا قومية كردية مماثلة في داخلها. الدول الثلاثة تسيطر على أجزاء من كردستان، وتخشى من الانتعاش الكردي هناك. وهي تتحالف دائماً ضد الطموح الكردي مهما كانت حدّة خلافاتها. كلّ هذه المناخات شجَّعت بغداد للتحرّك العسكري، وتحت ضغط إيران بالذات. 

5 قراءة وتحليلاً كيف تنظرون للواقع الكوردي عموماً في خضم كل هذه المتغيرات؟
أثبتت وقائع التاريخ أنّ استخدام القوة العسكرية في إسكات صوت الشعوب التواقة للحرية لم تنجح، القوة العسكرية لم تأتِ إلا بالدّمار للطرفين، وحكام هذه الدّول لاتتّعظ. ولم تستطع جميع حروب الإبادة كسر الإرادة السياسية لدى الشعب الكردي. لذلك ورغم مرارة الواقع المتمثل في التحالف الإقليمي القوي مع بغداد و«الخيانات الكردية» مازالت الفرص متاحةً أمام الشعب الكردستاني، لأنه يملك سلاحين قوييَنِ هما الحق والإرادة، لتحقيق حلمه وإقامة دولته القومية.

6 يبدو أن الموقف من استفتاء كوردستان دفع الولايات المتحدة للإعلان قبل أيام عن وقف دعم وحدات حماية الشعب في شمال سوريا ما هو تحليلكم لهذا الأمر؟
الولايات المتحدة الأميركية تُدرِك جيداً أن المقاتلين الكُردَ فرسان شجعان في المعارك، فتستخدمهم كقوة عسكرية برية تحقّق لها أهدافها، والقوة هذه لا يستفيد الشعبُ الكُرد منها الآن لأنها تحمي مناطق أخرى وتقوم بمعارك خارج المناطق الكردية، ولا تسعى إلى انتزاع الحق الكُردي من النظام، وشعاراتها لاتخدم القضية الكُردية. لكن لم تجد الولايات المتحدة قوةً عسكريةً منظمة ذات مصداقية، تستخدمها لأغراضها الخاصة. ربما تُنهي المهمة العسكرية لـ«YPG» بعد الانتهاء من داعش في الرقة ودير الزور.  

7 كيف تنظرون للتغيرات الميدانية في سوريا؟ 
كل القوى الإقليمية والدولية تدخلت في سوريا بشكل مباشر أو دعمت ميليشيات تابعة لها للتأثير على مجريات الأحداث، هناك ميليشيات محلية، بعضها تابعة للقوى الإقليمية، وهناك جيوش منظمة، كل هذه القوى تتصارع مستهدفةً القضاء على مقومات استمرارية الثورة السورية. لكن روسيا تدخلت بكل ثقلها مستخدمة الكثافة النارية الجوية لحماية النظام، وتقليص نفوذ القوى المعتدلة، وفرض حلولها على المعارضة بالتنسيق مع تركيا وإيران. لكن رغم ذلك لن يكون الحل العسكري مجدياً ما لم توازيها تغييرات سياسية في بنية النظام الحاكم الذي تسبّب بقتل نصف مليون وتشريد الملايين في الداخل والخارج، وتدمير عشرات المدن والبلدات. 

8هل ماجرى في الإقليم الكردستاني له تاثير على مجريات الأحداث على الأرض في المناطق الكوردية بسوريا؟
نعم. صحيح أنّ هناك حدوداً، يقدّسها أعداء الكُرد وحكام المنطقة الحرّاس الأوفياء لخرائط التمزيق، تفصل بين أجزاء كردستان، لكن كلّ جزء كردستاني (من الأجزاء الأربعة) يشكّل عمقاً استراتيجياً للأجزاء الأخرى. لذلك فأي حدث سياسي أو عسكري يؤثر في الأجزاء الأخرى بشكل مباشر. كردستان أرض واسعة تشمل أجزاء من أربع دول في المنطقة وشعبها واحد. 

9 كيف تقرأ استقالة الرئيس البارزاني من رئاسة الإقليم؟
رئيس إقليم كردستان السيد مسعود البارزاني لم يقدّم استقالته، إنما انتهت فترة الرئاسة التي مدّدها له البرلمان قبل عامين، ورفض التجديد، وبما أنّه لم يرشح أحد نفسه للرئاسة فتم تأجيل الانتخابات مع توزيع مهام الرئاسة على السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية. أعتقد أنّ رفضه للتجديد جاء بعد التخاذل الأميريكي والغربي، وعدم إيفائهم للتضحيات الكردية في محاربة الفكر التطرفي وداعش. 

10 ألا تشكل هذه الاستقالة وفي هذا الوقت بالذات خطراً على الإقليم وخصوصيته؟
عدم قبوله بتجديد الرئاسة له ترك فراغاً سياسياً كبيراً، لما تشكّل هذه الشخصية من كاريزما مع الثقة العالية للشعب الكردي به، كثير من الدول اعتمدت على علاقتها مع كردستان من خلاله. لكن مازال كاك مسعود الرئيس السابق لإقليم كردستان بين جماهيره وشعبه، إنه بيشمركة في ساحة الدفاع عن الوطن ومنه يستمد الناس قوتهم.

11 - كيف تنظر لمستقبل الفيدرالية؟ وما تعليقكم على تلميحات النظام السوري بمنح حكم ذاتي للكورد؟ 
الحلّ السليم سياسياً في سوريا هو تبني تجربة الفيدرالية كنظام الحكم، تكون السلطة تداولية من خلال الانتخابات، ويرتكز على دستور عصري يُقّر بالتعددية القومية، وبناء الدولة وفق صيغة فيدرالية تتناسب وطبيعة المجتمع السوري ومكوناته. أما تلميحات النظام إلى منح الشعب الكردي حكماً ذاتياً أو إدارة محلية، فهي للمتاجرة بها، واستمالة الكُرد إلى جانبه. هذا النظام لن يمنح شيئاً لأي قومية، لأنه نظام قمعي ودموي، لا يؤمن بالتعددية والرأي الآخر، يعتمد على استخدام القوة المفرطة لفرض هيمنته. 

12 ماذا تعرفون عن القضية الأمازيغية وماهو أوجه التشابه بينها وبين قضيتكم الكوردية؟
ما يؤسف له أن الشعبين الأمازيغي والكردي يعيشان في بلادهما في ظلّ سياسات إقصائية تهميشية، ويُحارَبان في لقمة عيشهما وثقافتهما. 
أعتقد أنّ مطالبة الشعب الأمازيغي بأن يتضمن الدستور المغربي اعترافاً بالحكم الذاتي لمناطق خاصة أمازيغية، إضافة إلى الإقرار الدستوري بالأمازيغية لغة وثقافة وحضارة وتوفير آليات وإجراءات عملية للعمل بها، وإنهاء التهميش والإقصاء وفق منطق المصالحة يعيد تشكيل الهوية واللغة والثقافة الوطنية من خلال أجهزة الدولة من التربية والقضاء والإعلام، مطاليب محقة، تتوافق مع المواثيق الدولية الخاصة بحقوق الإنسان. وعلى الدول الأخرى (الجزائر وليبيا وغيرهما) دسْتَرة حقوق الأمازيغ وإصدار التشريعات اللازمة لتنميتها وتطويرها.
التشابه المشترك بين الكُرد والأمازيغ هو توزّعهم الجغرافي بين عدة دول، وحرمانهم من حقوقهم القومية من سياسية وثقافية ولغوية، وتعرّضهم للتهميش المقصود.
كلمة أخيرة لكم:
أشكركم وأشكر جريدتكم لإتاحة هذه الفرصة لنا، وأتمنى لكم دوام الاستمرار والتوفيق.







أتى هذا المقال من Welatê Me
http://www.welateme.net/erebi

عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://www.welateme.net/erebi/modules.php?name=News&file=article&sid=23131