دونكيشيتيو طواحين الهواء وحربهم على الاستفتاء...!
التاريخ: السبت 16 ايلول 2017
الموضوع:



إبراهيم اليوسف
 
بعد أن بدأ العد العكسي لموعد الاستفتاء الذي حددته رئاسة إقليم كردستان، من دون أن يتم ثني إرادة قيادة الإقليم في أي من البازرات التي يضلع فيها تجارالمبادىء، بدأت أصداء الحملة السياسية/ الإعلامية تتخذ طابعاً أشد لهجة، لاسيما بعد خيبة الأمين العام للجامعة  العربية أحمد أبي الغيط  الذي عاد أدراجه بخفي حنين، ولم تجد دبلوماسيته في كبح إرادة من هم وراء قرار إجراء الاستفتاء بدعوى أنه يمثل رأي جميع البلدان-أعضاء هذه الجامعة- وكان رد أربيل/ هولير: لاضيرمن الحوارمع بغداد بعد الانتهاء من عملية الاستفتاء، لاقبلها!!
واتخذت ذرائع معادي حق شعب الإقليم في إجراء الاستفتاء، مساراً آخر، أكثر تصعيداً، بعد جلسة- برلمان- العراق الذي أوكل رئيس الحكومة باتخاذ التدابير اللازمة لمواجهة خطوة الاستفتاء، وفي هذا القرار ما فيه من مستويين تهديديين، هما  مواصلة الحصار متعدد الأشكال، و إمكان الإقدام على حملة عسكرية  لردع الإقليم، وإعادته إلى"بيت الطاعة" انطلاقاً من ذهنية إخضاع الآخر لإرادة الذات والتي يعمل بها منذ الغزوات التي تمت في عهد عمر بن الخطاب، تحت إشراف عياض بن غنم وخالد بن الوليد للمنطقة برمتها...!


طواحين الإعلام
ثمة وسائل إعلامية رهنت نفسها لتشويه صورة الكردي، كاستكمال معنوي لمفهوم ما سمي بتنظيم ما سمي ب" داعش" الإرهابي، وقد عمل هذا الإعلام على مستويات عدة، تم خلالها استخدام الأسلحة المحرَّمة وغير المحرَّمة، العاطفية منها، أو تلك التي تصنف في خانة  الرؤى البركاتية للأخ الكبير الناصح الذي يشير إلى- العيوب والأخطاء- بل وعدم الاستعداد، أو المتعلقة منها بالظرف الزمني، وتأليب الخصوم، واستمالة ضعاف النفوس، والاستنجاد بالقوى الإقليمية المتضررة من عودة جغرافيا المكان إلى وضعها الطبيعي، وكان أكثرها وقاحة الاعتماد على ضغائنية بعض المرتزقة من الجيوش الطائفية واكتراث بعض الزعران من داعشيي النسخ المختلفة، مسلحين، أو ناشطين، في توجيه تهديداتهم إلى الكرد، ومحاولة النيل من الرموز الكردية، كما وجدنا من قبل بعض النسخ الداعشية التي ظهرت عبر وسائل الإعلام، قبل أن تندحر، وتدخل مستنقع التاريخ..!
هذه الوسائل الإعلامية، كانت في أكثرها- إساءة- تابعة لجهات ممولة،  وقد لعبت وتلعب دوراً كبيراً في طمس الحقائق، وتشويه صورة الكردي، واعتباره طارئاً على مكانه، و لم توفر جهداً في نشر ثقافة الكراهية، هذه الثقافة التي تعدُّ هذه الجهات الإعلامية، ومراكز الدراسات التي تؤازرها، والجهات التي وراءها- وهي توائم الجهات الداعمة لداعش أو هي نفسها- مسؤولة أمام التاريخ عنها. ولقد تصدرت بعض الصحف العربية ، وعلى صفحاتها الأولى مانشيتات تحريضية، تبين أن الاستفتاء يعني إشعال فتيل الحرب في المنطقة، وكأن سياسات ممولي هؤلاء، ليست وراء حريق مشتعل في المنطقة، و لما ينطفىء بعد..!

توقيت خاطئ:
سذاجة بعض هؤلاء الذين ينالون من الاستفتاء تدفعهم للقول: إن التوقيت غير مناسب لإجراء مثل هذا الاستفتاء، وبغض النظر عن أن مجرد وجود شعب مستكمل الشروط، فوق ترابه، وقد تم ضمه في إطار دولة ما، دون إرادته، يسوغ له اتباع كل الطرق المشروعة: الاستفتاء وحتى الاستقلال- وليس الانفصال كما يروج هؤلاء في وسم أية نوايا كردستانية في الاستقلال. حقيقة، هؤلاء يجهلون أن العراق، ومنذ عهود دكتاتورياته المتوالية- بما فيها الدكتاتورية العنصرية التي ترتدي ثوب الطائفية وماهي إلا أداة في أيدي الخارج العراقي- قد مارست أبشع السياسات تجاه الكردستاني، وما الحصار الاقتصادي الرهيب للإقليم، الذي يترجم في إطار خطر التهديد العسكري-الحالي- في ممارسة الحق الشرعي، إلا من عداد بعض أوجه اضطهاد الكردي على أيدي هؤلاء..!
 
أجراس حرب إقليمية استباقية
بعض الدول الإقليمية التي اقتسمت خريطة كردستان لما تزل تحارب الإقليم، وإن فشلت بعضها في حربها تلك، وباتت تحاول الجري حسب موجة الريح، بغرض الاستفادة، وتبييض ملفها، ووجهها، إلا إنها جميعاً في قراراتها لمتشابهةٌ، وما اقتراب تركيا -إيران بالرغم من كل ما بينها من خلافات استراتيجية- وهكذا بالنسبة إلى النظام السوري الآيل للانقراض والذي يرفض أي نيل للكردي لحقه- كل هؤلاء لا يمكنهم أن يلتقوا سوية، إلا في مواجهة أي مشروع كردستاني، وسبب ذلك هو أنهم جميعاً يتصرفون بعقل المحتل تجاه أرض وشعب سليبين.
لهذا نجد أن هذه الجهات الإقليمية، وما تشبهها من حواضن ومرجعيات في المنطقة تكرس كل جهودها لمنع إقامة أية نواة كردستانية، وهذا- تماماً- وراء قرع هؤلاء لأجراس الحرب، الراهنة، والاستباقية، بأشكالها المتعددة ضد دولة كردستان المقبلة- والافتراضية- والتي تم صلب خريطتها التاريخية على مشرحة الغرب راسم الخرائط المزورة، وفق عقليته القائمة على مجموعة من الافتراضات المنفعية، حسب معايير مرحلة ما ينيف عن قرن من الزمن.
 
مزاج البيت الكردستاني
إن الخطر الأكبر الذي يعول عليه أعداء الاستفتاء كواقع، وهم أعداء الاستقلال الافتراضي يكمن في-مزاج أبناء البيت الواحد- لا أعني قوامه العام، إذ إن جماهير كردستان الكبرى، أينما كانت فهي مع أي مطلب يرمي لإحقاق حقوقه، وإنما أعني هاتيك الجهات التي رهنت إرادتها لأعدائها، نتيجة أسباب، ودواع عديدة. حيث لا يطالب أحد هؤلاء أن يفكروا وفق أي نمط سياسي محدد، وإنما هم مطالبون أمام التاريخ لتوحيد كلمتهم أمام امتحان- الصندوق الاستفتائي- لأن مصائرهم جميعاً مهددة، في حرب البقاء أو الزوال. حرب الوجود أو اللاوجود، وكان على هؤلاء أن يدركوا أن أعداء الكرد متفقون عليهم أجمعين، فلم لا يتفقون- هم أيضاً- على كلمة سواء، وترحيل أية خلافات طبيعية إلى ما بعد مرحلة الإرساء في اتخاذ تزكية الجماهير في إقرارها لحق مصيرها.
وإذا كنت-هنا- أتحدث عن أبناء البيت الواحد في الإقليم، إلا إنني أرى في أن المرجو ممن هم في الأجزاء الأخرى دعم قرار أخوتهم- معنوياً- وبكل ما أمكن، وعدم استغلال البلبلة التي يفتعلها الأعداء للمضي عبر أي-حصان طروادي- من قبل جهات مؤدلجة، لتدوير تلك البلبلة، وتفعيلها، وفي مثل هاتين النقطتين العماد الفقري للأعداء الذين يريدون استنهاض أنوات الأخوة في استحواذ فضاء ذويهم، وهوما يسعى إليه أبعاض القيادات التي تأسست على العداء لمصلحة الإقليم، تاريخياً، وباتت تبحث عن ذرائع للاستعاضة عن فشلها الذريع، في فضائها الخاص، لاسيما وإنها باتت مسؤولة عن فشل مشروعها في عمق مهاده.

شعب كردستاني واحد
عندما نوجه أي نقد للعقل القيادي الذي يسعى بكل ما أمكن لديه لاستحواذ فضاء شقيقه، والعمل إلى درجة إبادته في ما لم يذعن لإرادته- وهنا فنحن أمام نموذج الندرة القيادي المهيمن- فإننا لمتأكدون أن أبناء شعبنا الكردستاني، في أجزاء كردستان-كافة- هو تواق إلى حريته، ويتطلع لأجل تحقيق حلمه الكبير، وهو قد وصد ماعدا أنموذجين منه: الساذج المغرر به والمستفيد- قادر على قراءة اللوحة كما يرام، ولا يتأثر بأدوات التضليل المتبعة، هنا وهناك. هذا السواد من الشعب هو الذي يتم التعويل عليه، في انتزاع حقه، والتمييز بين: الخطين الأسود والأبيض، وهو يسير على طريق الحرية، وكسر كل أشكال العبودية.
 
*جريدة كردستان العدد544






أتى هذا المقال من Welatê Me
http://www.welateme.net/erebi

عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://www.welateme.net/erebi/modules.php?name=News&file=article&sid=22677