عصر الأوهام القاتلة
التاريخ: الجمعة 28 تموز 2017
الموضوع: اخبار


يوسف بويحيى (أيت هادي المغرب)

إن ما يقلق عقلي الصغير هو ما يتداوله رجال الدين عن معنى الأخلاق و بالخصوص طيبة النفس ،حيث لم أرى إلا سواهم يتعذبون على مر القصص و التاريخ.
إن مسألة الأخلاق بما فيها الرحمة هي سلاح الضعفاء التي لا يملكون شيئا غيرها للدفاع عن وجودهم كمجبرين على تأكيده أخلاقيا في ظل الصراعات الشائكة بين الأقوياء ،لكن سرعان ما تنقلب المفاهيم وفق سيرورة الواقع المتمثلة في التغيير و النزعة ،ومن ذلك قد نرى ذلك الضعيف الأخلاقي يوما قويا لاأخلاقيا مستقبلا و الصحيح ينطبق على العكس كذلك.


هنا قد نسير في عدة تيارات فلسفية تختلف فيما بينها بخصوص معنى الأخلاق و إلى أي درجة من المستوى يصبح فيه الإنسان أخلاقيا!!
إن جدلية "نتشه" الأخلاقية بٱعتبار الأخلاق وهم تم صنعه من لاشيء الذي بدوره يختلف من طبيعة الإنسان الإجتماعية و لا علاقة له بالفطرة ،كما أن لذلك الوجود الأخلاقي المزعوم رغبة في الوجود من أجل الوصول إلى الهدف من ذلك الصنع ،مما يحتم على الفهم الإنساني التفريق بين منظومتين أخلاقيتين متعارضتين من حيث الطبيعة الإنسانية للإنسان بين السيد و العبد و بين القوي و الضعيف.

إن أصل الأخلاق تختلف من بيئة إلى أخرى بفعل عامل الطبيعة في نظر الفلسفة النتشهوية ،كما يفهم من ذلك بأنها مصطنعة و مبتكرة وفق النزعة و الرغبة ،و قابلة للتغير وفق التحول الطبقي للإنسان ،كما ينطبق الأمر كذلك على اللغة الرسمية التي دائما ما تكون لغة السيد و القوي في المحيط على الرغم من تنافرها مع فهم الأغلبية الضعيفة.

إن كل  السلوكيات الغريزية لذى الإنسان لا يمكن إعتبارها أخلاقا بل طبيعة إنسانية فطرية يتم إنمائها عن طريق الوقت ،مما يجعل وظيفة العقل في ترتيبها حسب الضرورة وفق ماهو مقبول من طرف العقل الجمعي للمجتمع ،الشيء الذي يسمى في المجتمع أخلاقا لكن ليست كذلك بل تراتبية في بناء السلوك الإنساني.

إن الفكر النتشهوي بالرغم من القيمة العليا للإنسان فيه إلا أن هذا الآخير معرض لإنهيار ذلك الهرم التراتبي السلوكي (أي الأخلاق) إلى النقطة الصفر  في حيز اللاوعي و كذلك سقوط الأنا الأعلى و الهو ،لهذا لم ينتصر "كانط" و "سبينيوزا" في مشروع بناء الإنسان الإيجابي.

إن بناء الإنسان النتشهوي لا يقترن بالقوة فقط بل القدرة على التحمل من أجل تحمل الحياة وسط هذا الكم من الكائنات البشرية التي تم تشبيهها بكرات الصابون الفارغة المتطايرة.
إن إنتصار الإنسان يكمن في ٱنتصاره لذاته وفق مايراه مقبولا و لا شيء آخر.

الجميع يرى كل التيارات المثالية هي اللائقة في بناء مجتمع قيم سليم ،لكن واقعيا نرى أن نظرية "نتشه" الأخلاقية هي أكثرهم تحققا في تاريخ الإنسان.

الكل أصبح يبرر القتل و الحرب بأنه أخلاق و مبادئ دينية بٱسم الله و المقدس من جانب ،و من جانب آخر نفسه يوصي على الحب و الوئام و عدم الظلم من جانب أخلاقي ديني كذلك على الرغم من أن القتل و الألم واحد ،مما يعطينا رؤية واضحة بما نظر به "نتشه" بخصوص أن كل ما يعتبره الإنسان أخلاقيا هي بمثابة درائع من أجل السلطة و التحكم و النزعة و حب البقاء.

إن كشف الستار على كل الأقنعة الأخلاقية هي بمثابة خطوة أولية للحقيقة التي يخفيها العالم علينا ،بمعرفة يقينية بأن الإيمان السليم لا يبرر القتل بل لا يؤمن به بثاثا سواء كان مقدسا أو مدنسا.

إن جل الحركات الإسلامية (لإخوان المسلمين،داعش ،السلفية الجهادية ،الأحزاب...) هي بمثابة عصابات إجرامية تمارس حقيقتها العدائية بفعل ترهات الكتاب المقدس ،مصداقا لما قال الثائر الأمازيغي "معتوب لونيس" لما إختطفته الجماعات الإرهابية الإسلامية ذات الطابع السلفي الجهادي ،حيث يقول : (يظنون أن الله سيرزقهم و سيسامحهم على على كل مافعلوا من قبل ،لذلك كانوا لا يستقطبون إليهم سوى المجرمين).

بداية ب"كارل ماركس" بٱعتبار العالم الديني ليس سوى إنعكاس للعالم الحقيقي ،كما أن الدين هو عجز العقل البشري في التعامل مع حوادث لا يمكن فهمها ،إذا ما تمعنا في تاريخ العرب قبل الإسلام يتضح أن العنف و الجنس هما الفكرتين المحوريتين اللتين تنبني عليها العشيرة و القبيلة العربية.

من الواضح ماقام به العرب تجاه يهود مكة كخير دليل على ما أزعم ،بإباذتهم من مركز مكة و السيطرة على كل المناطق الحيوية مثل الأسواق و الضيعات.
كان العرب في وحدة شبه كلية في السيطرة و الإحتكار لمكة التي كانت مكان التجارة و الحجيج الحافز الأساسي لترويج و ٱزدهار التجارة ،ذلك ما يوضح أن الوعي الديني عند العرب أنذاك كان تحت خلفية ٱقتصادية اي ذا نزعة مادية ملموسة كما كان يوضح "ماركس" ،الشيء الذي أدى إلى ظهور فوارق طبقية و بزوغ الصراع الطبقي بين الغني و الفقير ليتحولا على التوالي إلى السيد و العبد ،كما حدثت عدة طفرات إجتماعية بعد ذلك متمثلة في إقتران السيد بالشرف و العزة و المجد و الأصل و النسب الشريف أمثال عائلة أبا جهل و ابو سفيان و ابو لهب...

بعد الإسلام في فترة "محمد" إتضح هذا الصراع بشكل مباشر بين الفقراء الذين تبعوا محمد و الأسياد الذين يرون في ذلك إنقلاب على سلطتهم و هيمنتهم ،رسخ من خلالها الأسياد افكارا بالإعتماد على الترهات الدينية القديمة و الأسطورة الإغريقية المتداولة في الإنجيل و الثوراة و غيرها من التصورات الميثولوجية اهمها 360 آلهة في مكة كل آلهة تحرص قبيلة معينة و الكل يأتي إلى الحج ليعبد و يتعبد و يبارك و يتبرك ...
إن ملاحظة فيلم "الرسالة" للمخرج "العقاد" على ماقاله "ابو سفيان" :آلهاتنا عبادة و تجارة...،معارضا فكرة الله الأزلية التي  ستؤدي بإنهيار المشروع الإقتصادي بإعتبار المؤمن غير مجبر بالحج في كل سنة بل يكفي أن يتعبد في أي مكان من العالم.
مما أعلن الطرفين الحرب النفسية و الكلامية على كل منهما ،بعدما بدأ شباب مكة اليافع بالوقوف في صف محمد ،كما أن ذكاء محمد بدأ في توعية فرد في كل أسرة معارضة اي خلق العدو من الذات نفسها بغية خلخلت القواعد المعادية لفكره و مشروعه الإجتماعي و الإقتصادي و الديني...

إن الوعي الديني و سيرورته الإجتماعية ماهو إلى صورة لوعي مادي ملموس يسعى إلى السيطرة و الهيمنة و ممارسة العنف بطرق يشرعها الفاعل لنفسه ،بعد أن يعطيها صورا مقبولة في المجتمع عن طريق افكار راسخة دينية.
هذا ما يطمح له الوهابيون و الإخوانيون و الداعشيون و الإسلاميون بشكل عام بإستثناء الصوفية






أتى هذا المقال من Welatê Me
http://www.welateme.net/erebi

عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://www.welateme.net/erebi/modules.php?name=News&file=article&sid=22457