أنا وكوني ره ش ومن معه والعروبيُّ فينا
التاريخ: الأثنين 29 ايار 2017
الموضوع: اخبار



 ابراهيم محمود

قدمِتُ إلى إقليم كوردستان لاجئاً كغيري في مطلع آذار " 2013 ". تلك كانت المرَّة الأولى " وجودي ضمن مجموعة كتاب كرد وعرب سوريين صيف " 2004 "، في ندوة الحوار العربي لعدة أيام ، لا يُحتسَب هنا ". ولا بد أن دخولي الإقليمَ كان اضطرار كردي من الكردي قبل كل شيء. التقيت بعدها بأقل من شهر بمن كانوا يهتمون بكتاباتي، مبدين ضرباً من الحفاوة غير المسبوقة. لكن سؤالاً تكرَّر علي: لماذا لم تأت إلى الإقليم سابقاً رغم العديد من الدعوات الموجَّهة إليك، ورغم تأكيد أكثر من جهة على لزوم زيارتك من باب التقدير لجهودك؟ من هنا بدأت قصة هيتشكوك الكردي!


لم أستغرب سؤالاً كهذا، بقدر ما توقعته، إذ كنت على يقين تام وقتذاك، مثلما أنا على يقين تام الآن، وربما أكثر من ذي قبل، أن زيارة الإقليم تتطلب جهوداً تبز جهود من يحاول الحصول على " كَرين كارت " لدخول الولايات المتحدة الأميركية، إذ تحتاج إلى ثلاث موافقات: من يمنحك براءة ذمة، من مكتب كردي، كونه صلة الوصل، ومن يجب أن تتصل به، ومن يجب أن يعرفك عن قرب هنا، حيث الإجراء يستغرق وقتاً كافياً. أي إن لدى كل حزب كردي " يتعامل " مع مسئولي الإقليم من هذا الجانب " يحتفظ بأرشيف خاص بكل من يُعرَف في النطاق الثقافي أو الأدبي، وحتى الناس العاديين " ما يشبه صكوك الغفران "، و" البارتي السوري في الواجهة "، والآن من الصعب على من يريد زيارة أقارب مقربين له، وقد مضت سنوات عدة على بعده عنهم، دون نيل موافقة هذا المكتب، وما في هذا الإجراء من إذلال وضغط " أولها هل أنت بارتي ؟ "، وما في ذلك من مساومات.
ثمة كتاب ينافسون هذا الحزب الكردي أو سواه في نطاق التعامل مع نظرائهم، ومن خلال علاقة " خاصة " مع جهات ثقافية وغير ثقافية في الإقليم: لا بد أن كوني ره ش في الواجهة.
إذ إن هذا الذي لم يجرؤ يوماً، " ولا يوم "، على كتابة مقال فعلي عما يجري كردياً، سوى " اجترار " معلومات يخدع بها من ينتشون بهذا المجال وهم في مستواه، وتأكيداً آخر على أنه " راعي الأوَّلة بدرخانياً "، والبدرخانيون قدَّموا الكثير ليحافظوا على مكانتهم، مهما كان النقد الموجه إليهم قاسياً، وهو يتظلل بهم ليس إلا، لا بد أن يسلك سبيلاً موارباً لابتداع نجوميته .
كون، حاله من حال من أشرت إليهم حزبياً، لا يتردد في النيل من أي كان لحظة نقده أو إظهار ما ليس فيه وهو يدّعيه، بحيث ينسى الكردية كلها " رغم بؤس طابعها فيه "، ويركّز على من ينتقده، ليس مباشرة، إنما باعتماد طرق لا صلة لها بأساليب الكتابة الفعلية، كحال من أشرت إليهم مجدداً " بتسويد صفحته هنا وهناك "، كما جرى مع غيري من الكتاب الكردي ممن كتبوا ويكتبون عما يجري من ضروب فاقة وبؤس وظلم موجهة ضد شعبنا الكردي، ويجري معي وما زال يجري معي ومع غيري حتى الآن، كما في زياراتي إلى أوربا وغيرها عقب انتفاضة " 12 " آذار 2004، أي كيفية " اصطناع الإساءات البغيضة ". فمن لا يوافق مزاجه، هو " ...." حكومي، وأصله " عربي/ عروبي "، أو  مشكوك فيه. دون استثناء، وما زال مواظباً على عادته القديمة" من شب على شيء شاب عليه ". لا أدل على ذلك أنه في تحوله إلى سمسار ودعوي لكتاب هابط نظير سلوكه، صادر حديثاً، كتبه  أو سطَّره من تجاوب معه على طريقة " عنزة لقت غطاها "، كتاب يتعرض لكتابي عنه وعن جل الذين تخاذلوا في مواقفهم تجاه قضية شعبهم الكردي وكرديتهم بالذات، وهو يروج له في الإقليم هو ومن يتظلل به " ولا أدري أي ظل هو ظله "، بإرسال عشرات النسخ إلى أناس أعرفهم ويتصلون بي عما يجري، وأسعى جاهداً إلى إعطاء فكرة عما يجري دون الدخول في التفاصيل، ومتجنباً التحدث بالأسلوب ذاته  " هكذا يرون النقد، عندما يفشلون في النقد ".
أُسأَلُ بين الحين والآخر، وحتى الآن عما أخرني عن زيارة الإقليم سابقاً، وأتذكر أول من وجَّه إلي هذا السؤال ولم يمض على تواجدي هنا " في دهوك " شهر، وهو إعلامي معروف، فأجيب مضطراً أن ليس من دعوة وجّهت إلي .
كانت " هزة " الرأس ذات الدلالة، حيث التوضيح: الآن تأكد لنا ما كان يجري، كان هناك من يمانعون مسبقاً، وكونك لم تزر الإقليم كان يحفّزهم على القول: ألم نقل إنه لن يزور الإقليم، فهو عروبي معروف . من أعلمهم بعروبيتي، وليس في كتاباتي شيء من ذلك ؟
في مهرجان جلادت بدرخان، هنا في دهوك، قبل أربع سنوات، وفي يوم " الأربعاء، 26-6/ 2013 "، حضرت أحد أنشطته، وكان هناك كوني ره ش، ومعه الكاتب الكردي برزو محمود.. سلمت عليهما.. تشنج كون ره ش وبدأ يهذي بكلام هستيري يليق بمستواه، وقد شحب وجهه، خشيت من أن تتملكه نوبة يفقد فيها وعيه... لم أشأ الصدام معه، بقدر ما حاولت مداراة الموقف، وما يُخشى حدوثه لعله كان مهيئاً له..الكاتب عيسى ميراني الذي كان طالبي منذ أيام ثانويته في " ديرِك" حاول الفصل وتهدأتي، فقلت: أردت سلاماً فأراد خصاماً، وهأنت تراه..
تالياً في جلسة الغداء، كان هنا فريق عمل المركز البحثي الذي أعمل فيه، وقد علِموا بما حصل، وأنا مصدوم بما حصل وكان كلي رغبة في الدخول في عقد علاقة جديدة، وفي مثل هذه الظروف الصعبة التي نعيشها، جاءني الأخ عيسى ميراني، وسلَّم علي وعلى الحضور، وقال بصوت مسموع: لقد كبرت في عيني أستاذ ابراهيم... إنما ما صدم وذكَّر بما هو مؤسف: لقد خاطبني كون وهو مضطرب: كلّه منك أنت وعلي ميراني، إذ أدخلتما ابراهيم محمود إلى إقليم كردستان.
نعم، إقليم كردستان طابو باسم كوني ره ش ومن هم  من أمثاله،طابو لمن يطلب منك أن تدخل قالبه المساوماتي والتحزبي والشخصي والتبعياتي، لتنال رضاه و" تمشي أمورك ".
كوني ره ش يزور الإقليم ساعة يشاء، طبعاً لأن الذين يحددون جينات الكردية الخاصة هنا وهناك أكثر، يرون فيه ومن يروج لهم جينات كردية خاصة تصلح له ولسواه.
أما من يرفض الدخول في ولاء طاعة من يكون في ولاء طاعة من يطلب مديحاً مجانياً، فهو صعب قبوله، لأنه لا يتمتع بخصال جينات الكردية النابضة في عروق من ذكرت.. أي كونه عروبياً وفق هذا المنطق.
كتبتُ ما كتبتُ مضطراً وأنا في الإقليم وبين أهلي في الإقليم وبعيداً عن الأهل اللاأهل في " روجآفا " كثيراً لأنني لا أتسول أمام مكتب يحصر وظيفته في كيفية معاقبة كرده، عبر محاربة لقمة عيش كل منهم، وتضييق الخناق عليه ما استطاع إلى ذلك سبيلاً، ويعلّمه كيف يصبح تابعاً خاصاً له في لحظات، وينال لقباً من عنده، دون ذلك يكون في خانة الأعداء، أو يسهل " رميه " إلى ما وراء" سيمالكا "، وهي حالات حصلت وتحصل حتى اللحظة.
ولكوني ره ش حظوة في هذا المقام، لأنه يصل مباشرة بمن يهمه أمره، وهو يكرّد من يشاء ويعرّب من يشاء. ما أعلمه جيداً، ومن خلال تواجدي في الإقليم وخبرتي المتواضعة، هو وجود من يعرف هؤلاء جيداً، ويشكو أمرهم، ويستغرب سلوكهم حتى لو كان كوني ره ش، وربما مثل كوني ره ش في الواجهة، بوصفه كاتباً بدرخانياً، وعلى قياس من أشرت إليهم مكتبياً، ولا يتردد هذا العارف والمدرك في الإقليم في القول: هؤلاء ستنكشف عورتهم ذات يوم، إن لم تكن مكشوفة الآن هنا وهناك.
دهوك، في 29-5/ 2017 







أتى هذا المقال من Welatê Me
http://www.welateme.net/erebi

عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://www.welateme.net/erebi/modules.php?name=News&file=article&sid=22232