أردوغان: النرجسي الزاحف نحو الاستبداد
التاريخ: الثلاثاء 02 ايار 2017
الموضوع: اخبار



د آلان كيكاني

يسعى الدكتاتور أن يكون النجم الواحد الأوحد في سماء البلاد، وأن يكون معبود العباد الوحيد الذي لا شريك له ولا غريم. فهو، في قرارة نفسه، العالم بكل شيء، والشجاع الذي لا يشق له غبار، والكريم الذي لا يضارعه أحد في الجود والسخاء، والخارق الذي لا يضاهيه أنس ولا جان، والجميل الذي ليس في جماله مخلوق....... ومن هنا يقوم الدكتاتور بتصفية كل من يسعى نحو النجومية من حوله، ويقف بالمرصاد لكل فنان يعجب به أبناء الأمة ويحبونه، ولكل مفكر يقتدي به الناس، ولكل رياضي يسطع نجمه. وبالمختصر هو يحب أن تتحدث الناس عنه وحده لا عن أحد سواه.


والمثل القريب الذي  يدعم قولنا هو تصفية الدكتاتور صدام حسين وأبنائه لكل مفكر أو فنان عراقي سلك طريق النجومية وبات ينافس الرئيس وأبنائه على النجومية، حتى أن الفنان العراقي المعروف كاظم الساهر نفد بشق الأنفس من مقصلة عدي وقصي صدام حسين عندما كان في بداية شهرته. وعقب الاحتلال الأمريكي للعراق انتشر مقطع فيديو لحفلة حضرها عدي صدام حسين، وفي اللحظة التي صفق فيها الجمهور بحرارة للمغني أمر فيها عدي رجاله بجلب المغني إلى طاولته، حيث قام بإبطاحه أرضه والدوس عليه وضربه بعنف أمام الجمهور. وما كان ذنبه إلا لأن الدكتاتور ابن الدكتاتور شعر أن الناس من حوله انشغلوا عنه بسببه.
والمثل الحي لمثل هذه الشخصية هذه الأيام هو الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الذي يسعى حثيثاً نحو التسلط والاستبداد، وسوف لن يهدأ للرجل بال حتى يصل إلى مرحلة من الألوهية تسبق تلك التي اكتسبها مصطفى كمال أتاتورك في الفترة الواقعة بين أول انتصار له على اليونان عام 1919 إلى حين وفاته عام 1938. وقد كان العائق الكبير في سعي أردوغان المحموم نحو عالم الألوهية هو الديمقراطية التي لا تسمح بترعرع الآلهة على تربتها، إلا أنه، وبالاستعانة بالدين وسدنته، استطاع بذكاء إذلال هذه الديمقراطية واستثمارها لصالح مشروعه الاستبدادي.
أردوغان ذو شخصية نرجسية، ولا يمكن أن يحترم أحداً إلا بقدر ما يقدم له هذا الأحد الولاء والطاعة ويساعده في سعيه الدؤوب للوضول إلى غايته. وقد كان الرجل صديقاً حميماً لعبدالله غل رئيس الجمهورية التركية السابق، وعندما سنحت له الفرصة تخلص منه ورماه في الشارع، وفي ذات الوقت استدرج إلى الحكم أحمد داوود أوغلو للاستفادة من علمه وخبراته في السياسة والاقتصاد، ولما لمع نجم الرجل سحب البساط من تحت أقدامه وأزاحه من أمامه  بيسر واستعاض عنه ببنالي يلدرم، الغبي الضعيف الذي لا يصلح إلا لتنفيذ الأوامر، وأجلسه على كرسي رئاسة الوزراء وصار يملي عليه وهو لا يجد بداً من الطاعة دون تردد.
ومن سمات الشخصية النرجسية هي تفاعل الشخص المصاب بها بعصبية وعنف لكل ما يمكن أن يحط من شأنه أو يخدش كبرياءه حتى لو كان تعليقاً مشيناً من قاصر. وهكذا ضرب أردوغان الصحافة التي لا تؤلهه بيد من حديد، وعزل القضاة الذين يدافعون عن ضحاياه، وسحق معارضيه بطرق شتى، وألب القومي التركي على الكرد بغية إطفاء نجم الكرد الذي بدأ بالسطوع من خلال شخصية صلاح الدين دمرتاش الكارزمية، حيث قام بسجن هذا الأخير بعد تجريده من حصانته البرلمانية عندما أدرك تعلق الملايين به كسياسي جرئ، وكفنان موهوب، وكشاب وسيم على حد قول أردوغان نفسه. وهكذا إلى أن انتهى  الأمر بأردوغان إلى شن حرب على موقع ويكيبيديا أول أمس لأن الموقع بات لا يناسب أهواءه المريضة.
في الطب نعني بالشخصية النرجسية شعور الشخص المفرط بضخامة ذاته. وانشغاله الدؤوب بالنجاح الباهر الذي يظن أنه حققه في حياته. وإحساسه الأجوف بالقوة والذكاء. واعتقاده بأنه شخصية متميزة تستحق الإعجاب والإطراء دائماً. وتصوره أنه من حقه استغلال الآخرين ودفعهم إلى السير بالاتجاه الذي يريده. وباختصار فإن النرجسي متغطرس، ومتبجح، ومتعجرف في سلوكه وطريقة كلامه، وهو قليل الإحساس بالآخرين، ولا يتقبل النقد والعتاب أبداً بل يثور ويرعد ويزبد إن انتقده أحدٌ لأنه لا يخطئ قط حسب ظنّه.
حركات أردوغان، وطريقة كلامه، وثقته المفرطة بنفسه، وتقربه ممن يمكن أن يساعده على بلوغه لمآربه، ونبذه لمن يحول بينه وبين تحقيقه لأهدافه الشخصية، واهتياجه المفرط على كل من ينتقده، تدل على إيغال الرجل في النرجسية. ويجدر الذكر هنا أن قلة الثقافة والإطلاع تلعب دوراً في تبلور هذه الشخصية وتفاقمها، لأن المعرفة الواسعة يمكنهما أن تلطف من حدة هذا الإضطراب الشخصي.
يشيع هذا الإضطراب في الشخصية في أوساط السياسيين والقادة العسكريين بكثرة، وقديماً احتكر الإقطاعيون هذا الداء في مجتمعنا الكردي. وفي القصص التي تروى أن إقطاعياً وصل به الاستبداد والتسلط إلى حد أنه كان يمنع جلساءه في السهرات التي كانت تقام في مضافته  من الخروج إلى الغائط إلا بإذن مسبق منه، والإذن لا يتم الحصول عليه إلا من خلال أحد خدمه. وما حدث ذات أمسية هو أن الخادم انشغل عن الضيوف وقتاً طويلاً، ما دفع أحد الجلساء، عنوة، إلى إفراغ كل ما في جوفه في سرواله بعد أن ألحت عليه الحاجة وعجز عن الحصول على الأذن. حاول الرجل إخفاء الأمر إلا أن الصوت والرائحة المنبعثين من مؤخرته فضحاه وذهب القوم على إثرهما في هياج وشر وجلبة وحيص بيص لا مثيل له.  
فهل سنشهد هذا الصوت وهذه الرائحة وهذا الحيص بيص قريباً في مضافة أردوغان؟







أتى هذا المقال من Welatê Me
http://www.welateme.net/erebi

عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://www.welateme.net/erebi/modules.php?name=News&file=article&sid=22139