وبعيداً عن نمطيات الصحافة واللغة المنمقة. أريد توضيح بعض النقاط للمترددين والخائفين من أتخاذ موقف واضح وصريح حيال هذه الزمرة المارقة في التاريخ الكردي. خاصة ذوي القلوب الطيبة، وهذه الفئة الأخيرة هي التي تدفع الفاتورة الأكبر، نتيجة صفاء نواياها تنطلي عليهم ألاعيب العمال الكردستاني وينخرطون في لحظة حماس ضمن صفوف القطيع ليرفعوا من وتيرة الثغاء. 

بداية، وبمنتهى التواضع، سأقوم بشرح نموذج حقيقي حول كيفية الإيقاع بالضحايا ضمن صفوف القطيع. إعلامياً، من خلال هذه الحادثة الأخيرة كنموذج متكامل. لفهم هذه الأليات الخبيثة، وأنوه هذا ليس تبريراً للقصف التركي الأرعن و الغبي. وذاك موضوع أخر، إنما توضيحاً لعدم الوقوع في مصيدة العمال الكردستاني.

  السيد (م.ع). الوجه الجديد والناعم لإعلام منظومة العمال الكردستاني نشر على صفحته التي يتابعها الكثيرون سلسلة كتابات خلال سياق يوم كامل يوضح مجريات الضربة التركية الغادرة ، كانت على الشكل التالي. (الأرقام تشير للبوستات).

1- بداية لم ينسى( م.ع) أن يهاجم كل سوري هرب من جحيم النظام إلى تركيا بقوله : ثورجية تركيا كتبوا تقارير للدولة التركية على أن جبل كراتشوك مقراً عسكرياً لحزب العمال. ثم يؤكد أن المكان المستهدف كان مركزاً اعلامياً ومدنياً للإدارة الذاتية.

طبعاً نسي ( م.ع) أننا في زمن الأقمار الصناعية و أن التقنيات الحديثة قادرة على معرفة نوعية علبة دخانك من خلال الصور الملتقطة عبر تلك الأقمار. لكنه لم ينسى لغة التخوين. رغم أنه هو ذات نفسه فر إلى تركيا في مرحلة ما. هذا من جهة ومن أخرى ربط التخوين بفعل القصف التركي الهمجي المدان شعبياً، حتى يتمكن من إدانة المختلفين مع سياسات العمال الكردستاني قبل أن يدين العدوان التركي ذات نفسه.  

2- بعد ساعة يعود ويكتب. الضربات استهدفت البشمركة و قوات ي ب ج ثم يقول عار من يبقى صامتاً.

لاحظوا تم ذكر كلمة البيشمركة قبل ي ب ج من أجل توسيع دائرة التعاطف في المرحلة الأولى ومحاولة توسيع القطيع. نعم العدوان التركي الغادر استهدف البيشمركة ايضاً، وسقط منهم شهداء، ولكن نسي السيد  ( م.ع)  أن حكومة اربيل أدانت القصف وسارعت فوراً إلى الإعلان عن ضرورة خروج ب ك ك من شنكال، ونسي الطلب المتكرر لأربيل بضرورة مغادرة العمال الكردستاني لشنكال، حتى أن أهل شنكال ذات طالبوا بذلك جهاراً ونهاراً، ونسي أن العار أن نبقى صامتين على انتهاكات العمال الكردستاني من خطف الصحفيين و نفي السياسيين بملابس النوم وتجنيد الاطفال واعتقال الناس و القائمة طويلة. يعرفها الجميع، ولكنه عمل على اصطياد انصار البيشمركة و زجهم في خندق الدفاع عن العمال الكردستاني. أي كلمة البيشمركة هي بمثابة الطعم الذي تُلقم به صنارة الصيد للإيقاع بالضحية. 

3- بعد ساعتين يضع السيد  ( م.ع)   صوراً لقادة العمال الكردستاني وعلى رأسهم شاهين جيلو برفقة مراقب عسكري اميركي للموقع المستهدف ويقول أن المستهدفون كانوا قادة العمال الكردستاني.

 هذا الكلام ينفي البوست الأول والذي أكد فيه أن جبل كراتشوك مجرد مركز اعلامي ومدني تابع للإدارة الذاتية ولا علاقة له بالعمال الكردستاني. ونسي أن كل الطائرات التي تتحرك في سماء سورية تكون بعلم روسي واميركي. وهذا ما أكده اردوغان بقوله إنه ابلغ روسيا وامريكا بتلك الضربات. أي ان حلفاء السيد  ( م.ع) الذين يصولون ويجولون في المناطق الكردية كانوا على علم بتلك الضربات.  وما على ( م.ع)   سوى أن يتوجه بالسؤال إليهم و أن لا يخرج علينا انصاره ورفاقه بعد يوم أو يومين ويعودون إلى نغمة اتهام  المجلس الكردي أو اربيل أو النشطاء على  أنهم كانوا وراء الضربة. ومن ناحية يظهر كذب ودجل منظومة الكردستاني في إخفاء الحقائق عن الشعب الكردي، وهذا ما تجلى عندما نفى ( م.ع) بداية الامر من أن الضربة استهدفت مواقع للعمال الكردستاني إنما مراكز مدنية. 

4- يعود السيد  ( م.ع)   ويمارس لغة التخوين بحق من يختلف مع منظومة العمال الكردستاني ثم يقول أن القضية الكردية هي قضية عادلة. 

ولا ندري هل هذا اجتهاد شخصي من السيد  ( م.ع)  أم تمرد على منظومته الحزبية أم أنه يتناسى مواقف قادة قنديل حيال القضية الكردية العادلة . على حد معرفتنا المتواضعة أن المشروع القومي الكردي بات متخلفاً وضيقاً على أفكار الأمة الديمقراطية وأخوة الشعوب وانهم يسعون لبناء مجتمع شرق اوسطي على اسس فكر القائد اوجلان. أم ان القضية مثل مسمار جحا نعلق عليها ما نريد ونخلعه متى ما شئنا ؟ 

5- في مكان أخر يعود  ( م.ع)   ويقول : من يحاول تصوير أن القصف التركي على مواقع البشمركة قرب  شنكال كان بالخطأ، او انها متعلقة ب  PKK هو مخطئ تماما. هي رسالة واضحة تتعلق بثلاث امور وترجمة لتهديدات سابقة وهي: رفع علم كردستان في كركوك، والاصرار في المضي بقضية الاستقلال، وبسبب عدم جدية الديمقراطي الكردستاني في محاربة حزب العمال.

ربما لم يسمع ( م.ع)    أنه تم اعتقال المئات من كرد سوريا بسبب علم كردستان. حتى انهم مزقوا العلم في مكتب حزبه السابق، الوحدة. بعفرين ذات مرة، وأن رفاقه الجدد يصفون هذا العلم بعلم الخونة. وتناسى في غمرة الحدث أن تصريحات قادة قنديل حول استقلال كردستان العراق تقول كلها أنها خطوة لن تخدم سوى اعداء الكرد. لكن الاهم من كل هذا أن ( م.ع)   يعترف أن الضربة التركية كانت بسبب انزعاجها من الحزب الديمقراطي الكردستاني في العراق لأنه ليس جاداً في محاربة العمال الكردستاني، جميل هذا الكلام. إذاً لماذا كل هذا التخوين بحق اربيل و قوات البيشمركة و البرزاني. لماذا لا يوضح السيد  ( م.ع)  هذه النقاط لقادته في العمال الكردستاني ويقنع دوران كالكان وجميل بايك أن اربيل صديقة وليست عدوة ؟؟ أم انه فقط يعمل بداية الأمر على توسيع دائرة التعاطف مع العمال الكردستاني ثم تبدأ بعدها مرحلة التخوين و الطعن وجز الرقاب بحق كل من يختلف معهم.  

6- يؤكد السيد  ( م.ع)   ونقلاً عن موقع كردي أن وفداً ضم قادة كبار وضباط امريكيين وصلوا إلى  مهبط كراتشوك في ديريك بطائرتين مروحيتين.

إذن كراتشوك تحتوي على مهبط للطائرات وهي ليست قاعدة مدنية أو إدارية كما ادعى سابقاً، ومحاولة الترويج ان القتلى مدنيين كانت كذبة أيضاً مفضوحة . وأن "همام" الاميركي ظهر على الساحة وسينتقم من كل الأعداء بضربة واحدة. لاحظوا الاستقواء بالأخر. وفداً من قادة كبار وضباط، وبطائرتين. لكم أن تتخيلوا حجم هذا الوفد الذي هبط بطائرتين؟.  

7- ثم بعد ساعات يعترف   ( م.ع)  اعترافاً خطيراً بقوله:  حصيلة القصف الجوي التركي الغادر على مقر القيادة العامة لوحدات حماية الشعب في جبل قرجوخ (كراتشوك) بـ غربي كردستان هي 20 شهيدا و 18 جريحا 3 منهم بحالة حرجة.وفي جنوبي كردستان استشهد 5 مقاتلين من البشمركة، وجرح 7 اخرون.

أي أن كل ما سبق كان دجلاً من أجل تهييج القطيع، مؤكداً من جديد كراتشوك هو مقر لقيادة وحدات حماية الشعب وليس مركزاً إعلاميا او مدنياً كما صرح  سابقاً ، وللمفارقة أقول. يعني تقارير الخونة في تركيا كانت صحيحة، و لم يصدق القول عندما قال إن الغارات التركية الغاشمة لم تحقق هدفها، أي أن العدو نال من الهدف الذي سعى إليه، والسؤال هنا لماذا يتم خلق الفبركات و الأكاذيب ولصالح من ؟ كل الأمور باتت مكشوفة خاصة على الصعيد العسكري، وهل التستر على الضربات التركية تخدم القضية العادلة التي تحدث الأنف الذكر؟؟

8- ثم يعود السيد  ( م.ع)   إلى نظرية تهييج القطيع مجدداً حيث يقول: الاكثر اهمية هو رد الفعل الشعبي، فرهان الكرد لم يكن يوما الولايات المتحدة او أي دولة أخرى، بقدر اعتمادهم على قوتهم وقدراتهم الذاتية. ولعل توجه الالاف منهم الى قرجوخ كان ضروريا ودعوات التظاهر في الداخل والخارج لا يجب أن تتوقف .

لاحظوا أن السيد ( م.ع) في قرارة نفسه يؤمن أن امريكا وروسيا بالنهاية تستخدم العمال الكردستاني كمنديل للتمسيح. وهو ذات نفسه قال أكثر من مرة أن مواقف روسيا متقدمة حيال القضية الكردية وأن تدخلها في منبج وعفرين والحسكة أفشل مخططات الأعداء. ثم يعود و يعول بلغة مبطنة على الشعب الكردي لحماية ب ك ك ومقراته العسكرية ولكنه لا يمتلك الجرأة لفضح سياسات ب ك ك تجاه شعبنا المقهور ولا يمتلك الجرأة على التنديد بتلك السلوكيات خدمة لأهله وناسه إنما يريد تحويلهم لدروع بشرية في مواجهة الطغمة التركية. ويدعوا لتوجه الناس نحو جبل كراتشوك، وهنا السؤال، من يحمي من. على أساس هذه القوات من أجل حماية المناطق الكردية؟؟ هذا من جهة ومن أخرى . ماذا عن الوفد الذي تحدث عنه ونزل بطائرتين. أم أنهم فتحوا ايديهم للسماء وأكتفوا بالقول. حسبنا الله ونعم الوكيل. ؟؟

9- أخيراً تنفرج اسارير السيد ( م.ع)   وهو يمتدح أن عدد نقاط التظاهر التي ستندد بالضربات التركية وصلت إلى 37 نقطة في روجافا ( 6 نقاط ) - كوباني،  عفرين،  الحسكة، الشيخ مقصود،  كريسبي،  ديريك. وفي اقليم كردستان نقطة واحدة(السليمانية) وفي اوربا وصل العدد الى 30 نقطة تظاهر منها 15 اليوم، والبقية غدا تشمل 7 دول. تطالب بمنطقة حظر طيران. 

  وهذا هو الاهم من كل هذا العمل. ليس المهم من قُتل وكم واحداً جُرح. إنما المهم هو أن تهييج القطيع سيتم بشكل ممنهج وعلى أكمل وجه. غداً سترفع صور القائد و اعلام ب ك ك بكل ألوان الطيف و  يتم تخوين الجميع بدون استثناء. علماً أن روج افا التي يتحدث عنها  ( م.ع)   صارت شمال سوريا وأن من بين نقاط التظاهر 37 لم نجد ولا نقطة في ديار بكر أو قارصه أو ميشه وغيرها من المدن والقصبات الكردية في تركيا. لا ندري إن كان هؤلاء ايضاً خونة أم أنهم معفيين بموجب تقارير طبية صادرة عن الإدارة الذاتية؟؟ 

كلمة أخيرة. ما قام به ( م.ع). كنموذج، لم ينتج عن وعي معرفي مدروس أو نتاج  دراية إعلامية إنما هي بنهاية المأل نتاج منظومة كيدية لا تستطيع استيعاب فكرة الأخر المختلف والتمييز بينه وبين العدو الحقيقي. تلك العقلية تبدع بالسليقة نموذجاً تدميرياً ينشط على كافة الصعد و اخطرها على الاطلاق هو الإعلام. نظراً لتأثيره المباشر على السويات المتدنية معرفياً من الشعب الكردي. الغير محصنة ليس بالمعنى. الايديولوجي، إنما بالقدرة على التمييز بين مصالحه وبين من يقوم باستثماره لصالح أجنداته المشبوهة.

 بالعموم لست هنا بوارد النيل من أية شخصية إعلامية أو سياسية سواء اختلفنا أو اتفقنا، وليس لي على السيد  ( م.ع)  أية ملاحظات شخصية، تلك الخصوصيات اترفع عنها،  إنما اناقش هنا من يحاول أن يصنع رأياً سياسياً مزيفاً لصالح منظومة أقل ما يقال عنها أنها لا تختلف عن سياسات البعث السوري الذي كان  كلما دُك من قبل الطيران الإسرائيلي يكتفي بإخراج العمال و الفلاحين والطلبة و كل فقراء البلد في مسيرات ترفع صورة القائد الأوحد وتؤكد على الصمود والتصدي، كان همه الوحيد كتم انفاس الشعب السوري و البقاء في سدة الحكم، وما يجري اليوم في سوريا من دمار وخراب لمجرد أن طالب الشعب السوري بحريته يفضح تلك الكذبة التي دفعت بسوريا نحو الهاوية، وهذا ما يفعله اليوم حزب العمال الكردستاني ليس فقط تجاه كرد سوريا إنما حيال كل الكرد من حول العالم. الدفع نحو الهاوية.