جان كورد: أدعو إلى تشكيل «ممثلية كوردية مشتركة» تمثل الكورد في سائر المؤتمرات العالمية
التاريخ: الأربعاء 05 نيسان 2017
الموضوع:



حاوره: ماجد ع محمد
 
عن الجولة الخامسة من مباحثات جنيف التي انتهت بتعليق مشاركة المجلس الوطني الكردي بالمفاوضات، و آخر تطورات الوضع على الساحة السورية، والوضع الكردي الخاص، في ظل استمرار حزب الاتحاد الديمقراطي "ب ي د" في ممارساته التعسفية ضد مخالفيه وانتهاكاته الصارخة لحقوق الانسان، وكذلك الوضع المضطرب في شنكال.  عن مجمل هذه المحاور كان لنا هذا اللقاء الخاص مع الكاتب والسياسي الكردي جان كرد. 


ـ ما تعليقك على أن لا تفاؤل بشأن جنيف؟

بدايةً أترحم على الرئيس الشهيد القاضي محمد في ذكرى إعدامه في 31/3 وأوصي كافة مناضلي شعبنا بقراءة وصيته الخالدة بإمعان، وأسأل الله تعالى له الرحمة والغفران، وأن يسكنه فسيح جنانه.
في الحقيقة، لم أكن متفائلاً منذ بداية مسلسل (جنيف)، لأن مجلس الأمن الدولي لم يمنحه القوة الدافعة الكافية لجعله أساساً لمفاوضات سياسية سورية -  سورية، إذ لم أكن أتوقع نجاحاً ملموساً بسبب الموقف المتعنت للروس الذين لم يستخدموا حق الفيتو ضد كل القرارات الصادرة عن سوريا فحسب، حتى بعد استخدام الأسد للسلاح الكيميائي ضد شعبه، وإنما زادوا من حدة دعمهم العسكري للنظام ضد المعارضة السورية، فكيف يمكن لي التوفيق بين ما يجري في جنيف من كلام وما يجري على أرض الواقع السوري من جرائم وتدمير، إلاّ أنه رغم عدم توقع  إنجازات  في  هكذا مؤتمرات، يمكن القول بأن معظم الخبراء متفقون على أن حل الأزمة السورية يكمن في التفاوض الجاد وليس في أي حسم عسكري ما على الأرض، وعلى الكورد أن يساهموا فيه، أو أن يتنازل الأسد وأتباعه عن الحكم طوعاً، بعد كل ما جرى، وهذا مستبعد، لذا فلا بد من تسوية سلمية في جنيف أو في مجلس الأمن الدولي في حال اقتناع الروس بأن عليهم انهاء هذه المهزلة مع الأمريكان والمجتمع الدولي.

ـ ما الذي تقرأ في قرار تعليق ممثلو المجلس الوطني الكوردي مشاركتهم في الجولة الحالية من مفاوضات جنيف؟

تعليق المشاركة في جولة محادثات لا يعني الانسحاب من المفاوضات أو من الائتلاف، وباعتقادي أنه لو أنتج مؤتمر جنيف شيئاً ما للشعب السوري لما علّق المجلس الوطني الكوردي مشاركته في جلسات المؤتمر، فالقضية السورية تلعب دوراً هاماً موازياً للقضية الكوردية في نظر الأحزاب الكوردية السورية، وهذا التعليق له سبب مهم، ألا وهو أن بعض زعماء المعارضة الوطنية والديموقراطية السورية من الائتلاف الذي يضم المجلس الكوردي أيضاً ومن خارجه لا ينفكون عن الاتهام شبه اليومي للكورد بالانفصالية و"العلاقة مع إسرائيل!" ويعلنون عن رفضهم مطالب الشعب الكوردي الأساسية ويهملون الوجود الكوردي في صفوف المعارضة، وهذا طبعاً بسبب ضغوطٍ إقليمية معينة، يمكن تفهم دواعيها، إلا أن هناك نبرة عنصرية في بعض التصريحات الخطيرة، كأن يعتبر بعضهم مطلب "الفيدرالية مؤامرة إسرائيلية على سوريا والمعارضة!"، وهذا طبعاً غير مقبول والشعب الكوردي يطالب ممثليه السياسيين أينما كانوا بإبداء "رد فعل" ما على ذلك، ولكن لابد للتعاون والتضامن بين السوريين.

ـ قبل ايام قالت سفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة نيكي هيلي أن مسألة رحيل الأسد لم تعد أولوية لدى وشنطن، فهل يعني ذلك بأن أمريكا لم تجد بديلاً عنه بعد مئات الآلاف من القتلى والجرحى والمهجرين؟

كانت السياسة الأمريكية حيال سوريا سيئة وخاطئة في عهد أوباما وحتى الآن لم يلاحظ السوريون أن هذه السياسة قد تغيرت في عهد ترامب، وبخاصة فإن سفيرة الولايات المتحدة في الأمم المتحدة صرحت بأن إزالة الأسد لم تعد مسألة أولوية لبلادها، إلا أن التدخل الأمريكي العسكري في شمال سوريا، وتعزيز هذا التواجد باستمرار يوحي بأن إدارة ترامب تفكر جدياً في القضاء على داعش، أي على المبرر الأساسي الذي يقدمه الأسد للمجتمع الدولي، بأنه يستعين يايران وحزب الله والمرتزقة الطائفيين لها في سوريا  "لأنه في حربٍ على الإرهاب"، ثم إن واشنطن جادة في وضع حدٍ للوجود الإيراني في سوريا، وهذا يعني إضعاف قوات الأسد على أرض الواقع، وتعطيل قنوات المال والمرتزقة الأساسية له. أما بالنسبة للبديل فليس هناك أسهل من إيجاده في حال وجود سياسة حازمة حيال النظام القائم.

ـ ما صحة القول بأن حرق الأجنحة العسكرية لحزب الاتحاد الديمقراطي لمكاتب المجلس الوطني كان سببه اللقاءات المتعددة للمجلس مع الأطراف والجهات الدولية في أوروبا وأمريكا وهو ما فشل فيه p y d ؟

لا المجلس الوطني الكوردي ولا حزب الاتحاد الديموقراطي حقق نجاحات باهرة على صعيد العلاقات الدولية حسب معلوماتنا المؤكدة، مع احترامنا الفائق لكل من يحقق إنجازاً في هذا المجال، ورغم الزيارة الأخيرة لوفدٍ ترأسه السيد إبراهيم برو، رئيس المجلس الوطني الكوردي، إلى واشنطن، وذلك لافتقاد الكورد ل"ممثلية مشتركة" تضم الطرفين وأطرافاً من خارجهما وشرائح واسعة من المثقفين والناشطين والفنانين والشباب المستقلين.  والجناح العسكري لحزب الاتحاد الديموقراطي كما صقوره وكل ما لديه من تنظيمات وهمية لا تتصرف من دون قرار أو أوامر واضحة من قبل قيادة الحزب أو ممن يقف وراء الحزب في جبل "قنديل" أو أبعد من ذلك، ومحاولة تبرئة حزب الاتحاد الديموقراطي نفسه من هذه الأعمال الاجرامية فاشلة لأن هذه الأعمال لها تاريخ معروف وطويل. ربما يتصور أنصار هذا الحزب أن الأمريكان بدعمهم له قد يطورون العلاقة العسكرية إلى علاقة سياسية أو أن الأمريكان غير مهتمين بسلوك الحزب ضد معارضيه، وهذا يعني أن هؤلاء المتفائلين لم يقرؤوا عن تاريخ تعامل الأمريكان مع الأحزاب والقوى السياسية والعسكرية في الدول المحيطة بفيتنام أثناء حربهم هناك... لا أعتقد أن الأمريكان سيغيرون شيئاً من سياستهم لتوافق سياسة حزب مبني على أسس شيوعية أو أممية، إنما الذي سيغير سياسته هو هذا الحزب ذاته وليس حزب كوردي آخر.

ـ لماذا اعتبرت في احدى مقالاتك بأن المنحازين الذين يضعون على رؤوسهم طرابيش الاعتدال أخطر على شعبنا من مرتكبي جريمة خوض الحرب ضد الكورد؟

أنا شخصيا من أوائل الذين دعوا إلى المؤتمر الوطني الكوردستاني  في عام 1989 وسعوا عملياً لهذا الهدف، وساهمت في عدة مؤتمراتٍ للتنسيق مع المعارضين السوريين لنظام الأسد من قبل أن تندلع ثورات الربيع العربي، لأنني مع فكرة التنسيق السوري بين مختلف المكونات والفصائل القومية والدينية في البلاد، ولا أزال أدعو باستمرار إلى "وحدة الصف الكوردي" الجادة والصحيحة، من خلال مسؤوليتي كمتحدث إعلامي للمجلس الوطني الكوردستاني - سوريا، ولكن هذا لا يعني أبداً السكوت عن ممارسات وسياسات لحزبٍ من الأحزاب الكوردية أو السورية، أعتبرها خاطئة وغير منتجة، إلا أن هناك "المنحازون بطرابيش الاعتدال" من أكاديميين مثقفين تجدهم منحازين تماماً لسياسات يعلم حتى أبسط الناس بأنها لا تخدم شعبنا، إلا أنك عندما تطالبه برفض هذه الممارسات، وإظهار موقفه، تجده يضرب على وتر "الاعتدال"، ويطالبك على العكس من ذلك بالسكوت عن الأخطاء الجسيمة والضارة، وهؤلاء هم الذين أقصدهم في مقالاتي ومواقفي. والساكت عن الحق شيطان أخرس كما نعلم.

ـ هل ترى بأن هجوم حزب العمال الكردستاني على مواقع البيشمركة في شنكال كان بأمر مباشر من إيران التي تسعى لجعل منطقة شنكال ممراً لميليشياتها في دعم الاسد؟

حزب العمال الكوردستاني لم يعد "عمالياً" ولم يعد "كوردستانياً" في بنيته التنظيمية التي لا تنسجم مع واقع الحركات العمالية في سائر أنحاء العالم، وحسب أدبياته السياسية الشهيرة وممارساته العملية، وهو حزب لا يقبل بوجود معارضة لسياساته، ومعلوم أنه قضى بالسلاح على أهم حركة تحرر كوردستانية في شمال كوردستان، وأعني (كوك)، إضافة إلى حملاته المتتالية على مختلف التنظيمات الكوردية هناك، ولم تكن سياسته في شرق أو غرب كوردستان بألطف مما كانت في شمال كوردستان، أما بالنسبة لجنوب كوردستان، فهناك موقفه الذي لا يتبدل تجاه الحزب الديموقراطي الكوردستاني الذي كان أول تنظيم كوردستاني عقد معه اتفاق تنسيق وتعاون قومي، فانقلب على تلك الاتفاقية لأسباب تتعلق بوجود رئيس حزب العمال آنذاك في سوريا ولبنان وخضوعه التام لأوامر الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد، ومع الأيام دخل الحزب في عباءة ملالي إيران، وبخاصة بعد اعتقال واختطاف السيد أوجلان وتسلط العناصر العلوية على قيادة حزبه، والملالي الذين كلفوا قاسم سليماني لإدارة الصراع في المنطقة، هم الذين يرسمون سياسة العداء أو التحالف مع هذا الطرف من القوى السياسية في اقليم  كوردستان العراق، كما هو  معلوم أن بعض الأحزاب في الإقليم منضوية أيضاً تحت لواء "الخمينية"، وتشارك حزب السيد أوجلان مختلف سياساته تجاه البيشمركة و قيادة الإقليم ورئاسة السيد مسعود بارزاني، على الرغم من أن سيادة الرئيس بذل كل ما في وسعه لعدم سفك دم كوردي واحد، وسعى باستمرار للسلام بين الحكومة التركية وحزب السيد أوجلان، وجهوده المشكورة من أجل التعاون بين المجلس الوطني الكوردي وحزب الاتحاد الديموقراطي معروفة.  وإرساله البيشمركة لمناصرة (الغريلا) في كوباني كان يجب أن يكون بداية تعاون دائم، فهل جزاء الإحسان إلا الإحسان كما تقول العرب؟
إيران جاهدة لتحقيق حلمها في إقامة "الهلال الشيعي الأخضر"، بمعنى اقامته عبر المناطق الخضراء من العراق وسوريا صوب لبنان، وكوردستان تشكل الجزء الأكبر من هذه المناطق، إلاّ أن تواجد البيشمركة في كل هذه المناطق داخل العراق، واستعدادها للانتشار في غرب كوردستان يعرقل هذه الجهود الفارسية، ولذا فإن لهجوم (غريلا) حزب العمال على البيشمركة علاقة متينة بمساعي إيران التوسعية، والتصريحات الأخيرة لزعماء الحزب تدل على ذلك.

ـ لماذا برأيك هنالك تفاوت صارخ في خطابات وتصاريح كل قادة حزب العمال الكردستاني؟

التفاوت في الخطاب سببه الخلل في علاقة رئيس الحزب (المفكر الأوحد) بنظام الأسد المتحالف مع إيران تماماً، وهذا ما ظهر أثناء الحرب العراقية – الإيرانية، وإيران كانت ولا تزال تفرض على أتباعها انتهاج سياسات ربما تكون مخالفة تماماً لمصالح من يسير في ركابها. ونلاحظ التناقضات الكبيرة في فكر السيد أوجلان بشكل عام، قبل وبعد اعتقاله واختطافه من كينيا، تجاه الدولة التركية والأتاتوركية، تجاه الشيوعية والأممية، تجاه الدين، تجاه حقوق الشعب الكوردي، وتجاه الحركة الوطنية الكوردية. والمتابع لتصريحات أتباعه المقربين، مثل جميل بايق، مصطفى قره صو، دوران قالقان ومراد قره يلان تظهر لنا حجم الاختلاف في قيادة (قنديل)، تجاه معظم الموضوعات الهامة، تجاه العلاقة مع الدولة التركية، مع إقليم كوردستان العراق، وتجاه مختلف المسائل المتعلقة بكوردستان، وعن هذه التناقضات في الفكر الأوجلاني لنا كتاب غير منشور، ولكنه موجود على شكل (بى دى إف)  في الانترنت بهذا الصدد، تحت عنوان (معالجة جادة للأوجلانية – تراجعات وتناقضات)، ربما سيكون فيه إجابة مفصلة لسؤالكم الهام هذا.

ـ برأيك هل كرد سوريا سيستفيدون من تجربة كرد العراق مع المعارضة، أم أن الكلام المعسول للشركاء والاتفاقيات الشفاهية قد تدفعم للندم على مواقفهم في يومٍ ما؟

الكورد لهم ذات الطباع أينما كانوا ولهم هدف قومي مشترك، ولكن في سوريا يجدون أنفسهم في موقف أضعف لأسباب تتعلق بالحجم الديموغرافي لهم في البلاد، ولذلك يقدمون ما لهم من إمكانيات لإخوتهم وأخواتهم في أجزاء كوردستان الأخرى، ومنذ اندلاع ثورة أيلول المجيدة في عام 1957 بقيادة البارزاني الخالد، اعتبرها الكورد السوريون ثورتهم وقدموا لها ما في وسعهم، وقبلوا بقائدها الحكيم "مرجعية" قومية لهم، وعندما ثار حزب العمال في شمال كوردستان قدموا آلاف الفتيان والفتيان له، وليس هناك عائلة كوردية سورية بخلت على إخوتهم بشيء طلبوه منها، سواءً في داخل الوطن أو خارجه، واليوم لايزال هذا واضحاً وتدعمه الحركة الوطنية الكوردية، إلا أن من الضروري لإنجاح حراكهم السياسي – الثقافي في سوريا أن يحققوا وحدتهم الوطنية ويلتقوا عند نقط اتفاق على الحد الأدنى من مطالبهم، وقبل كل شيء يجب توحيد قواهم القتالية، وألا يثقوا بأحدٍ ممن حولهم ثقةً تامة لأن في تاريخهم دروس عديدة يمكن التعلم والاستفادة منها، وبالتأكيد إن تجربة الإخوة في أجزاء كوردستان الأخرى، ومن ضمنها إقليم جنوب كوردستان، وخبرتهم السياسية مفيدة ويجب العودة إليها لدى مناقشة أي موقفٍ سياسي ما، وخاصة قبل الإقدام على التحالفات مع القوى غير الكوردية. 
إنني بمناسبة هذا الحوار أدعو إلى تشكيل "ممثلية كوردية مشتركة" تمثلهم في سائر المؤتمرات العالمية، وإلى بناء قوة دفاع مشتركة للشعب الكوردي، تكون متحالفة (باستقلالية) مع قوى وطنية وديموقراطية سورية، وإلى علاقاتٍ أوثق مع المنظمات الدولية، وإلى دمقرطة جادة ومتواصلة لحركتنا السياسية – الثقافية في غرب كوردستان... بالحوار والسلام والتآخي يمكن تحقيق ما هو خير وأفضل لشعوب المنطقة جميعاً...
وأشكركم على الثقة وافساح المجال للتعبير عن رأينا.
جان كورد – 31،3،2017
المصدر: القسم الكردي في الدائرة الاعلامية للائتلاف الوطني السوري
 






أتى هذا المقال من Welatê Me
http://www.welateme.net/erebi

عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://www.welateme.net/erebi/modules.php?name=News&file=article&sid=22027