عُقَدي وعقد حميد حاج درويش ومكبّ إعلامه
التاريخ: الأربعاء 18 كانون الثاني 2017
الموضوع: اخبار



ابراهيم محمود

 " التاريخ يعيد نفسه مرتين, مرة على شكل مأساة, ومرة على شكل مهزلة "
كارل مارس
=====
تصورتُ للحظة خاطفة من الزمن، لو أن حميد حاج درويش أعطيَ صلاحية كاملة في استخدام السلطة في منطقة معيَّنة وفي لحظة خاطفة من الزمن، فإنه كان سيزجّ في السجن بكل الذين اختلفوا معه ذات يوم، ويحيل "رفاقه " الإمَّعيين " إجمالاً، وضمنً مكبّ إعلامه، إلى جلاوزة، يعملون تبعاً لحركة أيديهم، لملاحقة كل الذين غمزوا من قناته ذات يوم أيضاً، أو عبروا من أمامه ولم يسلّموا عليه، وأن ما يقوم به عبر إمعيّيه المعروفين، هو كيفية القيام والقعود، بمعاييره الخاصة، وقد بلغ أرزل العمر، ومازال يتكلم في الديمقراطية والحوار الديمقراطي، وليس في بطانته من لم يهترىء من الداخل، أعني بذلك، مهزلة " الحزب الدموقراطي التقرُّني الكردي في سوريا "، ومنذ أكثر من ستين عاماً.


لقد كنت أوهِم نفسي بين الحين والآخر، أن ثمة تفاؤلاً للكتابة فيما تعرَّضت إليه في مقالي " الأخطاء القاتلة للاستاذ حميد حاج درويش "، بتاريخ" 4-1-2017 "، بغية التقارب، سوى أن جلاء سوأة مكب إعلامه في "9-1-2017 "، وبأمر مباشر منه، نبَّهني إلى أنني أخطأت فيما ذهبت إليه، وندمت وأي ندم، لأنني تعرضت لمن يعيش حالة " فالج لا تعالج "، وبدءاً من لقب" الأستاذ "، لأن الأستاذ يمتلك مزية الانفتاح على الآخر، ووعياً بما يقول، وأن إقدام مكب إعلامه على الرد وباسمه مباشرة، أفصح عن أن الباركنسوني في دماغه وذاكرته ولسانه ونفَسه، وهو مأخوذ بالعصاب القهري الشديد، لا يرى أرنبة أنفسه، لا " تاخد وتعطي معو كتير".
ولا أدري ما الذي شغَّل أذهان طاقم مكب إعلامه ليتطرقوا إلى ما كان يجب عليهم عدم التطرق إليه، على الأقل إبقاء لبعض ستر يغيّب عورتهم وعورة من يعيش عصاب الزعامة النافقة منذ عقود من الزمن: كتابي " الجنس في القرآن " الذي ما زال يشغل أذهاب باحثين عرب، هنا وهناك، وليس ما أشير إليه وكأنه سبّة تاريخية، وهو مقال في غير محله، إلا لمن يعيش إخصاء في كامل جسده من ناحية، ولأن التذكير بالكتاب يعرّي مسمّيه، إذ كان أولى بهم أن يستروا عيبهم المعرفي أو أمّيتهم الثقافية وصولاً إلى قدوتهم" بلوتهم " لأنه يمثّل نقداً للسياسة الثقافية الإسلامية وفقهياتها، فكيف لممثل كردية، ومكب إعلامه، أن ينبروا للدفاع عما يخسف بهم أرضهم، إلا إذا كان ذلك يعتبَر عرضاً خدماتياً لمن يهمهم أمر اللاهث وراء كرسي ولو كان مقلوباً؟ وأما عن " صورة الأكراد عربياً بعد حرب الخليج "، فلا بد أن البائس حميد يتذكر، " والذي يعصى عليه لسانه في الكلام بالعربي أو بالكردي، وهذا ما كان يجب أن يتنبه إليه مكب إعلامه، وهو في معرض نقده: نقره لي" إذا تواضع قليلاً، أنه اطَّلع عليه، قبل صدوره في نسخة مصورة، واحتفي به في إقليم كردستان " في السليمانية بالذات " حيث ترجم إلى " السورانية سنة " 1997 "، وكان يثير مخاوف حميد بالذات، لأن جدة الكتاب لم تتناسب وتركيبته في التزلف والمداراة والصراحة، وفي الوقت الذي يجدر التساؤل عما أنجزه كتابة وحركة. وأما عن " نقد الذات الكردية" فهذا مثال مغايرتماماً ، ودال على خبط مكب إعلام حميد الباركنسوني، كونه يتركز على الكاتب الكردي، وأثار ردود أفعال غير مسبوقة، حيث أثبتت الوقائع، أن كل الذين اُنتقِدوا كانوا أهلاً لذلك النقد الذي لم يخل من حدة وقسوة، جرّاء نفاق معاش هنا وهناك، لكنه نقد في محله، ولا بد أن مكب إعلام حميد حين يتطرق إليه، يريد كسْب أصوات إلى جانبه، عدا عن إدراك ٍ" حميدي " عن أن أي نقد صريح للكاتب يعني التقدم صوب رجل الحزب الكردي المنخور من الداخل أمثال حميد هذا بالذات.
ولكم كنت أتمنى أن لا يتقرب مكب إعلام حميد من السياق اللغوي الذي يعنيني، على الأقل حفاظاً على " تخبصات زعيمهم المرئية ": اللغوية وغيرها، وكون " سدنة هذا المكب، كما أعرفهم، ليسوا في مقام أولي أمر اللغة العربية، من أهلها وفي حقولها الثقافية المختلفة، حيث لم يتطرق أي منهم إلى هذا الجانب، أما في حالة " دراويش حميد "، فذلك تأكيد على أمّيتهم، وتفانيهم الخدماتي كما هو مطلوب منهم، حتى لو كانت نهايتهم " فضيحة بجلاجل ".
وهنا أجدني مجابهاً مفارقة العُقد التي ألصقت بي، وأي عقد تكون؟ وهي غرابة أخرى، تعرّي غرابة المذعورين مما يجري بالنسبة لحميد، ومن يكون طعامه التلفيق، وشرابه التصفيق، أعني : مكب إعلام الحزب التقرني.
إنها عقدي التي تناسبني، والتي استغرقت عشرات الكتب وآلاف المقالات، وحتى اللحظة، وليس عقد من هو مثقل بكوابيس الغطرسة التحزبية، وحال يتاماه فيما لو لفظ أنفاسه الأخيرة ذات يوم، وهو آت، كحال أي ابن أنثى.
نعم، أن أكون كوسموبوليتيكياً " وهي صيغة توصيفية تأثيمية أطلقها مكب/ مطب إعلامه علي "، أفضل ألف مرة أن أكون " كويسي بوليتيكياً kwêsîpolîtîk، وأن أعيش هاجس الكتابة واعتزال مزابل متراكم كردية الجنسية، وعليها ديكة متحزبون ينثرون ما فيها على ريَشهم الكامدة المطحلبة ، وقد اعتادوها أنَّى تحركوا، أفضل ألف مرة من أن أفكّر بالسياسة على طريقة الباركنسوني حميد الذي كان ذات يوم يهبُّ للقائي، ربما ظناً منه، أنني منضم إلى خانته " الكريزمية ؟"، وعند شعوره أنني خلافه وهْمه، كان عليه أن يلوّح بما هو عليه كما هو مألوف هنا وهناك: النيل ممن اعتقد أنه محل نقده، أو انتقده بصورة ما، وينسى دونه العالم أجمع، وهي عقدة السياسي المهزوم من بيضته، وليس عقدة ابراهيم محمود الذي يتعامل مع كتابه وليس مع الجهات التي تلوَّح بعبارة " هل من سياسي مراوغ، ليشغل كرسياً، ولو في ظل سلطان جائر "، إنها عقدة حميد السريرية التي تعلو رأسه وباستمرارة صورة مكبَّرة لـ" خصية سوداء "، ولو على حساب كرده.
حميد الذي يخطىء، ومكب إعلامه الذي حزْبن الخطأ والندم تبعاً لهوى ديك مزبلته المخضرم، وحميد الذي لم يسىء حزبي كردي إلى الثقافة الكردية والسياسة الكردية والاسم الكردي، كما أساء هو، وحميد الذي استهلك ويستهلك كل من يتحدث بلغة الأدب، بلغة الثقافة، أو يقصيه عند الشعور بأنه يفرد ظلاً يخصه، كما تصرف مع جكرخوين بداية، وكما يستهلك اسمه وهو أكبر من اسم حميد بما لا يقاس في كل مناسبة سنوية على الأقل، وكما يريد استهلاك اسم نورالدين زازا، وهو قاتله والمجرم الأول بحقه وحق الكردية، ومكب إعلامه مأخوذ بهذا الجرم الحميدي، واليوم بتمثاله النصفي، والآخر بصورته المكبّرة على الحائط، وهو متروس بينهما، حميد هذا، كما يظهر، سيستمر مكابداً، معايشاً عقدة الحميدية وإيالته الحميدية والإمعية، ومعانياً وأي معاناة، حتى يلفظ أنفاسه الأخيرة.
حميد حاج درويش كان حالة مأسوية سياسية كردية من منطلق الزعامة الآغوية وتكريدها، ذات يوم، ليصبح ، كما هو راهناً، وأكثر من أي وقت مضى، حالة مهزلة كردية لافتة، قياساً على النخر الذهني والنفسي الذي يعيشه.
حميد الذي سيبكيه يتاماه إن مات، وسيرثونه لبعض من الزمن كالندابات، وسيموت يتاماه بدورهم.
وأما عني، فلست في هاجس هذه " التأشيرة "، وسوف نرى من سيكون مقر إقامته: مزبلة التاريخ .
ملاحظة: تأخرت في توضيح هذه الفكرة، لأنني كنت مسافراً، وعلي أن أعترف، أنني ما كنت أكتبها، إلا لاستجلاء بعض النقاط التي –ربما- يجهلها الذين يهتمون بوضع كهذا.
دهوك، في 17-1-2017.






أتى هذا المقال من Welatê Me
http://www.welateme.net/erebi

عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://www.welateme.net/erebi/modules.php?name=News&file=article&sid=21742