ماذا قدم العروبيون 1/2
التاريخ: السبت 24 ايلول 2016
الموضوع: اخبار



د. محمود عباس

  " العروبي هو غير العربي؟ العروبية مدرسة عنصرية مقيتة تنظر إلى الأخر نظرة استعلائية، وتستخدم كل الوسائل المحرمة دولياً وأخلاقياً للوصول إلى أهدافها".......الباحث محمد مندلاوي.
 
  على مدى القرن الماضي ومنذ انهيار الإمبراطورية العثمانية، واستقلال العرب عنها، لم تقدم نخبتهم العروبية سوى الخزي والعار لشعوبهم، أمام العالم، والدمار والمعاناة في الداخل. كانت الشريحة المثقفة الداعم والمساند الأساسي للنخبة السياسية؛ ونالت هذه الشريحة منها كل العطف والعطاء، فروجت لأفكار نخبتها، معمقة التشوهات الفكرية التي أدت إلى انتشار الأوبئة الثقافية في المنطقة، مما زادت من الأمراض الاجتماعية. 


عمدت الشريحتان معاً على ترسيخ النزعة العروبية، إلى أن تطبع المواطن العربي بالعروبية، وكأنها واجب مقدس، وعلى خلفيتها، انجرت المنطقة إلى ويلات وكوارث، كما تم عزل المنطقة عن مواكبة العصر، عن طريق حث العرب على التمسك بأمجاد الماضي دون المواءمة مع العصر ومتطلباته، وصرفوا الأنظار في الداخل بإثارة النعرات القومية، وخلق الكراهية الاجتماعية والمذهبية، فكانت من نتائجها ما نراه اليوم من الدمار في البلدان، والأوبئة الفكرية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية المنتشرة في المنطقة.
   تتخبط اليوم الحركة العروبية في مشاريعها، وتخطيطاتها، كما كانت منذ البداية، بذريعة صون العرب من الانهيار والتشرذم؛ بالرغم من ذلك تصر على اعتبار فشلها انتصارا؛ لكي تستر على ماضيها المريع وحاضرها المزري فتصعد من هجومها على الشعوب الأخرى، وفي مقدمتهم الشعب الكردي، لا زال لديها متسع من الوقت قبل التحاقها بمن سبقوها إلى الدرك الأسفل من التاريخ، فتنتقل من خطأ مصيري إلى آخر، معرضة الشعب العربي إلى المهالك، ليسبح في مستنقع الضياع، تحاول يائسة إنقاذ نفسها من نهايتها الحتمية بالكف عن محاربة إٍسرائيل مستعيضة عنها بمحاربة الكرد في هذه المرحلة. بعد تيقنها من عدم جدارتها عبر قرن من الزمن في مواجهتها الدولة العبرية. ما يستقرأ من أدبياتها أنها ملأت ذلك الفراغ بالصراع ضد الكرد.
  كان للشعب العربي مكانته تحت المظلة الإسلامية، قبل أن تعزله الحركة العروبية بمجموعتها السياسية والثقافية، لقد دمرت الروابط الأخوية بين الشعوب، وأرست الكراهية محل المودة والوئام، وشوهت حاضنة الأمة الإسلامية، عن طريق المنظمات التكفيرية، والراديكالية والإسلام العروبي السياسي. بحجة الحفاظ على الخصوصية العربية، فهي تخسر ذاتها وتحرم الشعب العربي من العلاقات الروحية مع الشعوب الأخرى، معيدة بذلك العرب إلى أحضان وائدي البنات وناكحي أزواج آبائهم.
  يستغيظ العروبي من نهوض الشعوب الأخرى؛ لأن في ذلك العودة بالعرب إلى عهدهم الذي ذكرناه آنفا. إن استمر هذا النهج، لا شك أنه ستؤدي إلى تراجع العرب جغرافيا أيضا، وانحصارهم ضمن جغرافيتهم قبل الإسلام في المنظور البعيد.
 كان الأولى بالمجموعة السياسية والثقافية العروبية، عدم التكالب على تركيب الصور النمطية السلبية والعدائية في لا شعور الشعب العربي، والشعوب الأخرى، والاعتراف بحقوق الآخرين، ضمن العالم العربي الإسلامي، إن كانت على مستوى الفيدراليات، أو غيرها، بدلاً من خلق حالة العداء، وكان عليها عدم كبح ثقافات الشعوب المتعايشة معها وطمس تاريخهم، لكنها وبالنهج العدائي المتبع، وصرف الأموال الهائلة على المراكز والمنظمات الثقافية، والمربعات الأمنية الماضية في هذا الطريق، مثلما يجري الآن من محاولاتها، بشكل مفضوح، تزوير التاريخ الكردي، وهذا سينعكس عليها سلبا عاجلا كان أم آجلا. فشعب مثل الشعب الكردي بتعداده السكاني الكبير وجغرافيته الواسعة، ليس من السهل هضمه في عصر العولمة، وخاصة تشير البوادر على الاهتمام الدولي بالكرد؛ وذلك باعتداله دينيا وإنسانيا، فلم يقدم لعالمنا الحاضر إرهابيين من كلتا الفئتين الدينية والقومية، بعكس الكرد يلاحظ انفضاض العالم من حول العرب وعدم الاكتراث بهم، لما يفرزون من منظمات إرهابية، إسلامية كانت أو قومية. ما يتبين من مسيرة شقي المجموعة العروبية السائدة أنها أكثر الشعوب الإسلامية تغذية للإرهابيين في شقيهما.
ربما كان القرن المنصرم ملائما لتمرير النهج العروبي، ولو جزئيا؛ أما عولمة قرن الحادي والعشرين لم تعد تسري فيها معايير الماضي التي ولت بزوال القطب الأحمر وإفراغ المكان للعم سام. رغم مخاطر نهج هؤلاء على الشعب العربي، لا يكفون في المضي بالقديم في دس مخططاتها العنصرية، والتي منها:
1. تسخيرها، منظمات علمية، ومراكز استراتيجية ثقافية مختصة، كالمركز الاستراتيجي للأبحاث المعاصرة ودراسة السياسيات، القطرية، ومركزها مدينة الدوحة، ولها فروع في أغلب الدول الإقليمية، وبمسميات متنوعة، وركزت في الآونة الأخيرة جل نشاطاتها لمحاربة الكرد تحت عناوين مختلفة وبراقة، وبأساليب شاذة ومفضوحة في أغلب الأحيان. فلا غرابة بعدها أن تظهر عدة كتب عن تاريخ الكرد وفي هذه الفترة القصيرة، دون المبالاة بتفاهة المعلومات، الغارقة في السذاجة، مثل كتاب الدكتور محمد بهجت قبيسي وسابقا كتاب محمد جمال باروت، ومقالات عزمي بشارة، ومهند الكاطع، وغيرهم وجل جهودهم مركزة على التاريخ الكردي من خلال بوابة صعود الكرد في جنوب غربي كردستان، وبالاطلاع على ماضيهم تتوضح المآرب. وتقوم بتوظيف أكاديميين وكتاب ومثقفين عاديين، أو حتى كل من لديه الإمكانية في كتابة كتاب أو مقالات عن التاريخ الكردي، وبسوية معرفية وعلمية ساذجة وسفيه، وهو النموذج الذي بدا يأخذ قسطا كبيرا من الإعلام الجاري، ومعظم أصحاب هذه الأقلام معروفون، ولا داعي لذكر أسمائهم، فكتاباتهم تفضحهم...


يتبع... 

الولايات المتحدة الأمريكية
mamokurda@gmail.com
17/9/2016م








أتى هذا المقال من Welatê Me
http://www.welateme.net/erebi

عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://www.welateme.net/erebi/modules.php?name=News&file=article&sid=21268