التقرير السياسي الشهري لحزب الوحدة (يكيتي)
التاريخ: الأربعاء 06 حزيران 2007
الموضوع: اخبار



   رغم المؤشرات والجهود الرامية لإبعاد شبح الأخطار عن منطقة الشرق الأوسط والمبادرات الساعية إلى تهدئة بؤر التوتر فيها، ابتداءً من التحرك العربي المعتدل لترويج مبادرة السلام مع إسرائيل والتنسيق السعودي- الإيراني لنزع فتيل الفتنة بين طرفي الصراع في لبنان والعراق، بالإضافة إلى التعاون السعودي المصري من أجل تثبيت المصالحة بين حركتي فتح وحماس، وانتهاءً بالإعلان الأمريكي الإيراني عن موافقة الجانبين لإجراء حوار مشترك لتأمين الاستقرار في العراق


فإن كل ما تقدّم، لا يحجب الأنظار عن احتمالات تحرك المنطقة نحو صيف حار قد تنتشر حرائقه ليصل لهيبها إلى مناطق عدة. وفي خضم هكذا أجواء، تتقدم لبنان إلى واجهة تلك المخاطر، خاصة بعد أن تم إقرار المحكمة الدولية بشأن اغتيال الحريري، تلك المحاكمة التي خرجت بموجب قرار مجلس الأمن 1757 عن إطار المساومات والابتزاز السياسي، بحيث لم تعد قابلة للتعطيل، كما أنها في هذه الحالة، وخاصة بعد الانتهاء من جماعة فتح الإسلام في مخيم نهر البارد، قد تفتح الطريق أمام وفاق وطني لبناني إذا حسنت النوايا وتم استثمارها داخلياً لتحقيق هذا الهدف، خاصة بعد أن كانت كل الأطراف اللبنانية قد أجمعت على موضوع المحكمة في جلسات الحوار قبل حوالي سنة ونصف.. والآن، وبخروجها من مجال التجاذبات السياسية، فإن بإمكان اللبنانيين الانتقال إلى بنود الخلاف الأخرى للبحث عن مخارج وحلول وطنية لها، ومن بين تلك البنود ترسيم الحدود مع سوريا والتبادل الدبلوماسي معها وتحديد مصير مزارع شبعا التي يبرر احتلالها من قبل إسرائيل، باعتبارها لبنانية، حق الإبقاء على سلاح حزب الله ، وبالتالي، الإبقاء على النفوذ الإيراني واستخدام هذا النفوذ في الضغط على إسرائيل والإدارة الأمريكية في عملية الصراع من أجل تفادي أية ضربة عسكرية لمنشآتها النووية وقواعدها الصاروخية، والحصول على اعتراف أمريكي للمشاركة في إدارة المنطقة والاعتراف بإيران كدولة إقليمية كبيرة أثبتت قدرتها على إشعال بؤر التوتر وتهديد الاستقرار، لتنتزع مؤخراً إقراراً من إدارة بوش بأهمية الحوار معها بشأن العراق، وذلك في الوقت الذي تبدو فيه السياسة الإيرانية أمام تحديات إقليمية ودولية وداخلية تضع إيران أمام خيارين، أولهما مواصلة السير على النهج المتشدد للرئيس أحمدي نجاد وما يعنيه ذلك من صدام مع الإدارة الأمريكية التي تصرّ على منع إيران من الاستمرار في تخصيب اليورانيوم، وتهدد من أجل ذلك باستخدام كل الوسائل بما فيها الحرب، حيث تحشد الآن أكبر عدد من الأساطيل البحرية في مياه الخليج بالترافق مع حملة إعلامية وضغوط سياسية مكثفة تدعمها إسرائيل التي تعتبر إجهاض البرنامج النووي الإيراني مهمة استباقية ضرورية قبل أن تستفحل أخطاره المستقبلية، كما تدعمها التعبئة الدولية باتجاه التوافق على العقوبات التي أصدرها مجلس الأمن من خلال القرار الدولي1747. أما الخيار الإيراني الثاني، فهو السعي للتفاهم مع الإدارة الأمريكية وتسوية قضايا الخلاف معها ابتداءً من الملف العراقي الأكثر قابلية للتفاوض والذي تلتقي عنده مصلحة الجانبين، حيث وصلت السياسة الأمريكية فيه إلى مأزق يصعب تجاوزه بدون تعاون أمني إيراني، في حين تلجأ فيه إيران إلى مثل هذا الحوار، رغم اعتراض التيار المحافظ عليه لدرجة التحريم، بسبب الخوف من تداعيات الوضع العراقي الذي ترى فيه إيران أنه قد وصل إلى درجة يمكن أن تنعكس آثاره على الداخل الإيراني وتهدده بالتفكك إذا صحت مخاوفها من تقسيم العراق، خاصة بعد أن وصل الاحتقان الطائفي إلى حدود تصعب معها المعالجة، ووصلت العملية السياسية إلى مأزق حقيقي، وبات الحديث يدور حول محاولة إسقاط حكومة المالكي المتهمة بحماية أو غض النظر عن نشاط الميليشيات المسلحة الشيعية، وكذلك بروز قضية كركوك في إطار الجدل الدائر حول تطبيق المادة 140 من الدستور بخصوص تصحيح عمليات التعريب والتهجير وإجراء استفتاء يحدد هويتها، وما يتعرض له الجانب الكردي من ضغوط داخلية وإقليمية لثنيه عن المطالبة بتنفيذ تلك المادة، والتي ترافقت مع إجماع ضمني لمختلف القوى السياسية في العراق على تأجيل التطبيق، مثلما تترافق مع حملة منظمة لإخلاء مدينة الموصل من سكانها الأكراد حيث تجاوز عدد المهجرين منها 70 ألف، وأصبحت العديد من مدن كردستان أهدافاً للإرهابيين الذين هددوا مؤخراً أمن واستقرار كردستان في كل من أربيل ومخمور وغيرهما على شكل رسائل دموية للضغط على إرادة الشعب الكردي في تقرير مصيره وتوحيد مناطقه التاريخية، وتعزيز دوره في رسم مستقبل العراق وصيانة استقلاله ووحدته الوطنية وترسيخ النظام الفيدرالي الذي يثير مخاوف وتكالب الأنظمة الإقليمية ومنها تركيا التي يتنافس فيها الساسة والعسكر على معاداة الشعب الكردي، حيث أقرّ السيد رجب أردوغان رئيس الوزراء بأنه(يتفق مع الجيش على القيام بعمل عسكري في شمال العراق). وذلك بحجة نفاذ الصبر التركي من الوجود المسلح لمقاتلي PKK في إقليم كردستان، ورغم أن مثل تلك التهديدات جاءت في إطار الدعاية الانتخابية والتهرب من اتهامات العسكر لحكومة حزب العدالة والتنمية بالتقاعس عن حماية تركيا ، مثلما تأتي لتدعم حملة الضغط التي تشهدها حكومة كردستان بشأن إصرارها على ضم كركوك للإقليم عبر تطبيق المادة 140، فإن تنفيذ تهديدات العدوان يصطدم أولاً بإرادة شعب كردستان المصمم على المقاومة وبالسياسة الأمريكية المتخمة بالاضطرابات الرافضة لأي تدخل إقليمي باتجاه توتير الوضع الداخلي العراقي.
   وفي سوريا، جرت عملية الاستفتاء على رئاسة الجمهورية وسط أجواء شهدت دعاية إعلامية بالغت السلطة في استخدام إمكانات الدولة المالية لتصل تكاليفها إلى قرابة مليار دولار، وتعطلت معها الدوائر الحكومية ومؤسسات القطاع العام لأكثر من أسبوعين، وتميز الموقف الكردي الذي تم تضمينه في بيان صادر باسم مختلف الأطراف الكردية، بالموضوعية والمسؤولية المطلوبة، حيث أكد(وبغض النظر عن الموقف من شخص الرئيس المرشح لهذا المنصب...) على أن (الآلية التي حددتها المادة 84 لاختيار الرئيس لا تترك مجالاً للاختيار المناسب القائم على الإرادة الحرة..). كما أشار البيان إلى تجاهل السلطة للمتغيرات الدولية حيث انتهت على مستوى العالم سياسة الحزب الواحد المنتهجة في بلادنا التي يحتكر فيها حزب البعث قيادة الدولة والمجتمع بموجب المادة الثامنة من الدستور، التي تعتبر آلية الاستفتاء إحدى تطبيقاتها الأساسية ، تلك الآلية التي تجعل النتيجة مضمونة مما يفقد عملية التصويت معناها ويعطي للمواطن إحساساً بأن صوته ليس إلا مجرد رقم، وأن دوره غائب في اختيار رئيس الجمهورية ، وأن مشاركته في الانتخابات لا جدوى منها...
   أما على الجانب الكردي، فإن تلاشي الآمال لوضع حد للسياسة الشوفينية في المناطق الكردية وتزايد حدّتها بعد الأحداث الدامية في آذار 2004، وتصعيد سياسة التمييز القومي حيال الشعب الكردي في سوريا، والتي تجد تعبيراتها في مختلف مناحي الحياة ، حيث تضيق فرص العمل والتوظيف أمام أبنائه، ويتواصل العمل بالمشاريع العنصرية ، ومنها الإحصاء الاستثنائي الذي يئسَ ضحاياه من إمكانية إنصافهم ومن الوعود المتكررة بإعادة جنسيتهم المسلوبة، والتي صدرت من مختلف المستويات بما فيها رئيس الجمهورية الذي لم تترجم الجهات المسؤولة تصريحاته بأن(القومية الكردية هي جزء أساسي من النسيج الوطني السوري) إلى واقع ملموس، فإن كل ذلك خلق شعوراً عميقاً بالإحباط واليأس، قد تكون له آثار سلبية خطيرة على المجتمع الكردي، يمكن لها أن تنعكس على دوره وعلى حجم مشاركته في مختلف نواحي الحياة السياسية والثقافية والاقتصادية في البلاد... وعلى ضوء ما سلف، من المتوقع أن تشهد المرحلة المقبلة مزيداً من الاحتقان والتضييق على الحريات العامة، والأحكام القاسية بحق المعتقلين السياسيين بشكل عام، على غرار الأحكام غير المبررة التي أصدرتها محاكم الدولة العادية أو الاستثنائية بحق معتقلي الرأي والضمير من أمثال السادة ميشيل كيلو وأنور البني وكمال اللبواني ومحمود عيسى وخليل حسين وسليمان شمر..وغيرهم، والتي جاءت على شكل رسائل سياسية للمعارضة السورية عموماً، للإيحاء بقدرة السلطة على قمع أي حراك ديمقراطي يمكن أن تنشط له، خاصة في ظل الأجواء والتطورات الإقليمية المحيطة، بما فيها إقرار المحكمة الدولية لمحاكمة قتَلة رفيق الحريري، مما يتطلب بذل الجهود لتوسيع قاعدة المعارضة الديمقراطية التي يمثل إعلان دمشق نواتها الرئيسية، بما يحويه من قوى وطنية أساسية تراهن على التغيير الديمقراطي السلمي ، كما أن الحركة الوطنية الكردية مطالبة اليوم باستكمال مهمة تأطير نضالاتها والتقدم باتجاه بناء المرجعية الكردية التي تخطو نحو أهدافها، خاصة بعد أن تقاربت وجهات النظر حول الرؤية السياسية للحل الديمقراطي للقضية الكردية.
في 2/6/2007
اللجنة السياسية
لحزب الوحدة الديمقراطي الكردي في سوريا -يكيتي-







أتى هذا المقال من Welatê Me
http://www.welateme.net/erebi

عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://www.welateme.net/erebi/modules.php?name=News&file=article&sid=2092