الأسد..... داعش.... الأسباب قائمة والنتائج باقية
التاريخ: الأحد 05 حزيران 2016
الموضوع: اخبار



افتتاحية موقع مواطنة

منذ أول طلعة جوية لقوات التحالف ضد تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) في سبتمبر/أيلول 2014، وحتى هذه اللحظة التي تتم فيها محاربة التنظيم في كل من سوريا والعراق على الأرض بالتنسيق مع قوات التحالف الدولي، ونحن لا نزال ندور في فلك الرؤية التي فرضتها أميركا على جميع الدول الفاعلة في منطقة الشرق الأوسط، والقائمة في أساسها على ترجيح الحل الأمني وتوجيه الضربات العسكرية لهذا التنظيم. لكن وبعد كل هذه الطلعات الجوية التي بلغت أكثر من 4100 طلعة حتى الآن، وبعد كل الضربات التي يتلقاها تنظيم داعش، نلاحظ ـ بكثير من الأسف ـ، أن داعش لا يزال حضورها بقوة، ليبرز السؤال الحارق وهو ألم يحن الوقت لتغيير هذه الاستراتيجية في مواجهة التنظيم الإرهابي بالعمل الجاد على إيجاد حل سياسي في سوريا والعراق على حد سواء، لا سيما في الوقت الذي لم تهدأ فيه محاولات نظام بشار الأسد الحثيثة ليكون ضمن الحرب المعلنة على داعش منذ اللحظة الأولى التي أعلن فيها المجتمع الدولي محاربته للتنظيم.


 لقد وجد نظام الأسد في الحرب على داعش خلاصه وربما وسيلته الوحيدة لإعادة تأهيله مجدداً على الساحة السورية والإقليمية والدولية، رغم كل الخسارات الأخلاقية والاقتصادية التي لحقت به منذ اندلاع الثورة عام 2011. وليس غريباً أن ما سعى إليه نظام الأسد، قد لقي قبولاً كبيراً وصدىً واسعاً لدى العديد من مراكز القرار العالمية وعلى رأسها أمريكا، بدعم من الحليف الروسي على وجه الخصوص، حيث أبدى الأسد استعداده الكامل ليكون عنصراً فعالاً في جوقة محاربة داعش الذي أصبح عدو الجميع بلا منازع، لا بل واستغل جميع الفرص الممكنة التي تؤهله للعب هذا الدور. 
ربما كان يمكن لدوائر القرار العالمية، أن تقبل بمسعى نظام الأسد المدعوم روسياً، لولا وجود مجموعة من الأسباب التي تمنع مثل هذا التوجه ولعل أهمها هو أن تنظيم الدولة الإسلامية تَشَكَّلَ واشتد عوده نتيجة الفوضى التي حدثت في سوريا على وجه الخصوص، وجميع مراكز القرار بما فيها أميركا تعلم جيداً أن سبب هذه الفوضى الرئيسي هو تمسك نظام الأسد بالسلطة ضارباً بعرض الحائط كل الجهود المبذولة لإيجاد حل سياسي جدي يسمح بالانتقال السياسي للسلطة، وبالتالي، فإنه من المنطقي إذا قلنا أنه في حال استمرت أسباب الفوضى وهي بقاء الأسد في الحكم، فإن النتائج التي ستترتب عليه وهي بقاء داعش ستبقى أيضاً لا بل وستتمدد أكثر فأكثر.
 وهنا لا بد من الانتباه إلى مسألة في غاية الأهمية وهي حتى لو تم القضاء على داعش أمنياً وعسكرياً، إلا أنه يجب أن لا ننسى وجود التنظيمات الإسلامية التي لا تقل شراسة عن تنظيم داعش، مثل (النصرة، فيلق الرحمن، حركة أحرار الشام، صقور الشام، وحتى جيش الإسلام ...)، وغيرهم من التنظيمات الراديكالية الأصولية التي انتشرت ولا تزال تنتشر في سوريا، فهذه التنظيمات وإن كانت تختلف عن تنظيم داعش من حيث التكتيك أو من حيث تحركاتها السياسية أو خضوعها لمعايير سياسية معينة، إلا أنها من حيث الجوهر والأيديولوجيا الإسلامية تستند إلى ذات العقلية التي تأسست عليها داعش، والخلاص من كل هذه التنظيمات أو عقلنتها على الأقل لن يتم طالما أن السبب الرئيسي لوجودها لا يزال قائما وأعني هنا نظام الأسد وطغمته الحاكمة. 
لذلك وانطلاقاً من هذه النقطة بالتحديد فإن كل المحاولات السابقة والحالية لمواجهة تنظيم داعش أو غيره من التنظيمات الأصولية في سوريا لن تأتي بثمارها بدون إيجاد حل سياسي للأزمة السورية وبدون إيجاد أرضية سياسية حقيقية لهذا الحل، والقائمة ضمناً على استبعاد نظام بشار الأسد عن الحكم لأنه عملياً هو رأس المشكلة الأساسي الذي يجب التفكير من خلاله بمعالجة كل مشاكل المنطقة. أن ما نشهده الآن في سوريا والعراق على وجه التحديد من دول الشرق الأوسط، يمكن اعتباره تحضيراً جديداً لشكل المنطقة ككل، وربما قد يتبلور خلال السنوات المقبلة، فهذه المواجهة الحالية مع تنظيم داعش لا شك أنها ستعيد النظر والتفكير في قضايا أخرى أكثر عمقاً مثل الإسلام السياسي ككل، وشكل دول المنطقة المقبل، فنحن الآن في خضم فوضى حقيقية لكامل المنطقة وربما ينتج عنها شيء جديد يختلف كلياً عما كان قائماً قبل اندلاع ثورات الربيع العربي.
5/6/2016







أتى هذا المقال من Welatê Me
http://www.welateme.net/erebi

عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://www.welateme.net/erebi/modules.php?name=News&file=article&sid=20721