الإقرار الدستوري و الضمانات الدولية …. لحل القضية الكوردية
التاريخ: السبت 07 ايار 2016
الموضوع:



 قهرمان مرعان آغا

  بالتأكيد إن القرارات الأمميه في منح الشعب الكوردي , حق تقرير مصيره بذاته و كذلك الإعتراف الدستوري بحقوقه القومية  في أجزاء كوردستان الأربعة من قبل غاصبيه ,  يعطيه شرعية قانونية لتحقيق أمانيه في التمتع بالحرية وحل قضيته القومية  وفق  خصوصيته الثقافية , سواء في حالة  الإستقلال الذاتي أو في إطار حدود الدول المقتسمة  لكوردستان  , و سواء حدث ذلك رضاءاً أو جبراً  , سلماً أم حرباً .  و نحن في ظل متغيرات دولية و إقليمية عصفت ولم تزل تعصف بمنطقة الشرق الأوسط  عقب إنتهاء الحروب ,  عالمية / إقليمية كانت أو داخلية ( أهلية)  . من هنا ياتي أهمية إتفاقية سيفر في 12/آب/1920, بموادها 62/63/64/ المتعلقة بكوردستان , كوثيقة دولية , و إتفاق ملزم بين الحلفاء المنتصرين في الحرب الأولى و الإمبراطورية العثمانية , على إعتبار أرض كوردستان كانت جزء من تركة السلطنة و الشعب الكوردي من الورثة الشرعيين لها ( لهذا الموضوع  , بحث آخر ) . يمكن البناء عليه مستقبلاً عند إعلان الكيان الكوردستاني المستقل . 


إنتفاء الضمانات تاريخياً في ظل المصالح الإستعمارية  المتغيرة والمتبدلة :
  بقيت إتفاقية سيفر بمضمونها الكوردستاني دون تنفيذ لمدة ثلاث سنوات حتى أستعيضت عنها بإتفاق لوزان في 24/تموز/ 1923 , بعد أن تمكن أتاتورك من فرض ترسيم الحدود السياسية البرية والمضايق البحرية لتركيا الحالية على الجوار الأوروبي ( يونان وبلغاريا ) و على دول الإنتداب إنكلترا وفرنسا ( سوريا والعراق) , وهكذا تم الشطب على إرادة الشعب الكوردستاني في الحياة الحرة  , على الرغم من الثورات والإنتفاضات المتلاحقة والتي قمعت بوحشية لا مثيل لها في التاريخ البشري . جمهورية كوردستان في مهاباد في عام 1946 وتجربتها الوليدة كأول كيان سياسي كوردستاني في العصر الحديث , تلاشت الضمانات في استمرارها بين مصالح الغرب (الإنكليز و الامريكان )من جهة و الشرق ( دكتاتورية ستالين السوفيتية ) وتبعية الحكم الشاهينشاهي الايراني . بعد الإنتداب الفرنسي و الإنكليزي على بلاد الشام و بلاد مابين النهرين وتشكيل دولتي سوريا و العراق ألحق جزء من أرض كوردستان وشعبها بالدول الناشئة بعدما بقيت تلك المناطق خالصة تحت نفوذ القبائل الكوردية بأمر واقع خلال السنوات الأخيرة من الحرب العالمية الأولى 1916 - 1918  وكانت تسمى تلك الفترة في العرف الشعبي ب ( زمن الكوردياتي , كورمانجي ) سواء في الارياف أو المدن , بدءاً من جبل الكورد غرباً وصولاً إلى ويران شهر شمالاً و جبل شنكال جنوباً إنتهاءاً ب_شهرزور شرقاً واستمرت في حالة اللإستقرار بسبب الإعتداءات التركية و غزو القبائل العربية الرُّحل الباحثة عن المرعى خلال الاعوام 1919- 1920 , لحين سيطرة فرنسا على الجزيرة 1921 , ولم تلبي فرنسا رغبة سكان الجزيرة في تشكيل دولتهم أسوة بباقي مكونات سوريا ولم يتضمن دساتير حكام سوريا المتعاقبين بدءاً من دستور 1918 الفيصلي في دمشق, ولا دستور 1930 بوجود الإنتداب الفرنسي ولا دستور 1950 بعد الاستقلال إنتهاءاً بدستور انقلاب حافظ أسد 1972 ووريثه لعام 2012 , أية إشارة إلى الشعب الكوردي وحقوقه القومية . أما في العراق وبعد دخول القوات البريطانية الى كوردستان في عام 1919 أستمرت المواجهات مع مملكة الشيخ محمود الحفيد في شهرزور و السليمانية  لغاية 1931 , دون الإقرار بالحكم الذاتي لكوردستان  وهكذا جاء القانون الاساسي العراقي في عهد الملك فيصل المتوج من قبل الإنكليز خالياً من اية بنود لحقوق الشعب الكوردي  .   أما دستور ثورة 14 تموز لعام 1958 المؤقت ( إنقلاب الزعيم عبد الكريم قاسم ) فقد تضمن ولأول مرة اعتراف بشعب كوردستان وحقوقه القومية , حيث تضمنت المادة الثالثة منه 3- يقوم الكيان العراقي على أساس من التعاون بين المواطنين كافة بإحترام حقوقهم وصيانة حرياتهم و يعتبر العرب و الأكراد شركاء في هذا الوطن و يقر هذا الدستور حقوقهم القومية ضمن الوحدة العراقية  , ولم يطبق الدستور لعدم وجود ضمانة تنفيذية و بالنتيجة كانت إندلاع ثورة أيلول المجيدة في 1961 بقيادة السروك ملا مصطفى البارزاني , بعدما نحى عبد الكريم قاسم منحى الدكتاتورية وحكم الفرد . بيان عبدالسلام عارف  10/شباط 1964 المتضمن وقف العمليات العسكرية و الشروع بإجراءات لمنح الكورد حقوقهم الثقافية , لم تنجز لأنها كانت إجراءات أحادية الهدف منها عزل قيادة الثورة  . ولم يكن هناك ايضاً ضمانات و إلتزامات على أرض الواقع  من جهات دوليه تدفع الطرف الحكومي بالتنفيذ . أما بيان 11 آذار 1970 ( إتفاقية الحكم الذاتي لكورستان العراق ) بين الثورة الكوردية متمثلاً بالسروك ملا مصطفى البارزاني ( الحزب الديمقراطي الكوردستاني – العراق )وبين حكومة إنقلاب حزب البعث 17/تموز 1968 ( محمد حسن البكر-صدام حسين) ووضع فترة زمنية إنتقالية بأربع سنوات لتطبيع الأوضاع في كوردستان ومن ضمنها مسألة كركوك , بدل الوفاء بإلتزامتها لجأت حكومة البعث الى التكتيك و الغدر لتصفية القضية الكوردية سلمياً بعدما فشلت في السابق على مواجهتها عسكرياً , فكان من نتائج تلك السياسات العنصرية إستئناف القتال في آذار 1974 حيث استمرت الثورة لحين اتفاقية الجزائر المشؤومة مع شاه ايران محمد رضا بهلوي في 6/آذار 1975 و إنتكاسة ثورة أيلول المجيدة , وقد تضمن الدستور العراقي المؤقت الصادر في 16/تموز /1970 معطم بنود بيان آذار 1970 .

عامل التدخل الدولي ضمان لتحقيق الحرية لشعب كوردستان : 
بعد انتفاضة آذار 1991 في كوردستان العراق و الهجرة المليونية ,  صدر قرار مجلس الأمن الدولي  رقم 688 تايخ 5/نيسان /1991القاضي بإنشاء منطقة حظر طيران شمال خط عرض 36 لحماية شعب كوردستان ولتأمين جهود الإغاثة , أتبعها التحالف الدولي بخطوات تنفيذية من خلال عملية ( توفير الراحة /بروفايد كومفورت ) لإقليم كوردستان , فكانت تلك الإجراءات العملية , تمكينية بعودة الهدوء والسلام وردعية في الوقت ذاته لنظام صدام المجرم , وبالتالي ما آلت إليه الاوضاع في ظل النظام الفيدرالي  ودستور العراق لعام 2005 وموضوع المادة 140 الخاصة بكركوك والمناطق المستقطعة و تماطل الحكومات العراقية في حلها , لحين تحريرها إثر هجمات تنطيم داعش الإرهابي .كل هذا يثبت بشكل قاطع , بأنه لا ثقة  بما يسمى بالشريك الوطني .   السؤال هنا : إذا حصل توافق دستوري بإقرار حقوق الشعب الكوردي في كوردستان سوريا هل سيكون لهذا الإعتراف مفاعيل تنفيذية على الأرض  بمجرد إقرارها , أم إنها تتطلب خلق ظروف ذاتية لتهيئة أرضية تنفيذية وبيئة صالحة لممارسة الحرية وحق التمتع بها , سواء الظرف الموضوعي الذاتي المتعلق بالشعب الكوردي ووحدة قواه السياسية والإجتماعية  أو ما يتعلق بشركائه المفترضين من إبناء القوميات الأخرى و والنظام الجديد سواء جرى حل سياسي بوجود النظام أو بسقوطه , وما هي الضمانات  الدولية بالتدخل في حال تعثر خطوات التنفيذ من جانب الشركاء المفترضين  كما هو حاصل الآن من إقرار بحقوق الشعب الكوردي القومية في سوريا المستقبل كدولة لا مركزية ( فيدرالية , إدارية,...), سواء حسب صيغة هيئة الإئتلاف لقوى الثورة والمعارضة أو مؤتمر القاهرة أو مؤتمر الرياض وهيئة التفاوض , مقابل نفي تام من قبل النظام لحقوق الشعب الكوردي القومية .  

 الظرف الذاتي للشعب الكوردي  و تبعثر الإرادات :
اثبت التاريخ والتجربة المريرة لشعب كوردستان منذ تشكل أول تنطيم سياسي , عدم إنفكاكه عن البنى الإجتماعية التقليدية التي من المفترض أن تكون قد تجاوزتها الزمن , في الوقت ذاته ما أحدثه رواج مظاهر الإيدولوجيا الكاذبة المقيتة على الخطاب السياسي لمعظم القوى والأحزاب خلا فترة الحرب الباردة و التي لم نزل ندفع ضريبتها الكبرى في طروحات و مفاهيم  ب.ك.ك  الآن , بعد مرور عقد ونصف من الألفية الثالثة , لهذا على الشعب الكوردي في كوردستان سوريا وحركته السياسية وقواه العسكرية العمل على إنجاز وحدته التمثلية في إطار جبهة موحدة , وعلى الجميع أن يعلم  الإختلاف السياسي في الرؤية , هو تنوع وتكامل وإن التوافق على الأولويات لا يعني الرضوع لهيمنة البعض ومثال تجربة الجبهة الكوردستانية وإنجازاتها في إنتفاضة شعب كوردستان العراق 1991 , التي شكلت نواة التوافق لبناء الأقليم الفيدرالي , لا تخفى على بال كل منصف بالرغم من الإختلاف السياسي و التوجه العام لتلك القوى حينذاك . العامل الدولي بالتدخل , هو الانجع كوردستانياً , لأن أعداء الشعب الكوردي مختلفون في كل شيء ومتفقون حكماً على وأد كل تطلع كوردستاني (التعاون التركي الايراني على مر التاريخ), سواء ما حصل خلال تجربة كوردستان العراق في بداية تسعينات القرن الماضي و كذلك ما يحدث الآن من تدخل , بتقديم الدعم اللوجستي لمواجهة قوى الشر و الإرهاب مثالاً ( تنطيم داعش الإرهابي ) وأخواته من الميليشيات الطائفية , في إقليمي كوردستان سوريا والعراق . بمعنى مهما بلغت قوة القرارات فإن  الدول الغاصبة لكوردستان تعمل دائماً في إتجاهين متكاملين لإفراغ تلك القرارات من محتواها والحيلولة دون تنفيذها على الأرض من خلال علاقاتها الدولية وخلق بؤر حليفة مناهضة لحرية شعب كوردستان من خلال شق صفوف حركته السياسية وبث الفرقة والتناحر بين كتله الإجتماعية .  التدخل الدولي , يدفع الفرقاء من القوى الكوردستانية الى التوافق وترتيب الأولويات فيما يتعلق بمواجهة الخطر العنصري الداهم الذي يستهدف وجوده كشعب يعيش على أرضه التاريخية , و أثبتت هجمات داعش والميليشيات الطائفية عن همجيتها و هي في الحقيقة إرتداد لعنصر الفطرة  المجبولة بفكرة الغزو (الإبادة – النهب- التدمير ), مروراً بعقدة البعث الشوفيني في الفكر و السلوك الغير سوي ,  المتمثل بنفي الآخر  .

هل يتعارض التدخل الدولي مع سيادة الدولة الوطنية:
لم يعد هناك وجود لما كانت تسمى بمبررات الحرب الباردة ومصالح الصراع التقليدية بين القوى الكبرى في العالم و التبجح بسيادة الدول , مادامت الأنظمة وتلك الدول تتشاركان  الجرائم في قمع شعوبها  وتطلعها للحرية والكرامة والمثال الأقرب التدخل الروسي لصالح النظام في سوريا , على مدى خمس سنوات من عمر الثورة , على إعتبار روسيا من الدول الدائمة لمجلس الأمن الدولي ؟ وراعية للحل السياسي . مع إزدياد وتيرة التدخلات في الشأن السوري , حيث  مشاركة  الروس الفعّالة في الجو وعلى الأرض  و كذلك الدول الإقليمية , ايران بشكلها السافر وتركيا بتدخلها المبطن والمستتر , من شأنه دفع الجانب الأمريكي  على زيادة قواته بعد قرار دخول 250 من أفراده  للإنضمام إلى طلائع قواتهم الموجودين سابقاً , قد يكون فاتحة لإنضمام قوات أخرى من التحالف الدولي إليهم للعمل على الأرض , يشكل ضمان مستقبلي لحماية حقوق شعب كوردستان سوريا من التعسف و الإنكار , مع إستبعاد الحل السياسي دون ضغط فعلي من المجتمع الدولي , من شأنه إرضاخ النظام  للتنحي , بعد كل هذه الكوارث .
 دويتش لاند / في 24/4/2016   






أتى هذا المقال من Welatê Me
http://www.welateme.net/erebi

عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://www.welateme.net/erebi/modules.php?name=News&file=article&sid=20613