نحن والآخرون بين ثقافة ال(أنا) والمؤسسة
التاريخ: الأربعاء 02 ايار 2007
الموضوع: اخبار



بير رستم

إننا سنتطرق في مقالتنا هذه ومرةً أخرى إلى مسألة الانشقاقات والوحدات التنظيمية ضمن صفوف الحركة الوطنية الكوردية في سوريا وكمثال ونموذج على هذه القضية سوف نتناول تجارب الحزب الديمقراطي الكردي في سوريا (البارتي) وتحديداً هذه التجربة الأخيرة في عودة الرفاق والأخوة إلى صفوف الحزب و(لم الشمل) أو لففت الشمل والموضوع، كما يقال في اللغة الدارجة.


ربما يستغرب البعض من الأخوة والرفاق والمهتمين بالشأن السياسي العام في سوريا وتحديداً بالمسألة والقضية الكوردية في هذه الجغرافية المطعونة والمهددة والمنقسمة بين العديد من الولاءات والزعامات لدرجة يستحيل فيه على المرء أن يتعرف على ملامح والخريطة السياسية لأحزابها وزعاماتها ومن دون ربط تلك (الكتل أو المجموعات السياسية) والتي تعرف بأحزاب الحركة الوطنية الكوردية في سوريا بتلك الزعامات وتحديداً باسم الزعيم الأوحد وقائدها الأعلى؛ الأمين العام أو السكرتير، وللحفاظ على وحدة الحزب وسلامته من الانشقاق – إحدى الأحزاب الكوردية في سوريا – وبعد أن تأكد للمؤتمرين بأن حزبهم في طريقه إلى الانقسام والإنشطار البرامسيومي – كالعادة – تفتقت عقليتهم؛ عقلية (الزعيم) والمرجع الأعلى عن لقبٍ جديد؛ ألا وهو لقب الرئيس (أي أصبح لنا رؤساء) وكانت المسألة برمتها نوع من التراضي الحزبوي وتوزيعاً للحقائب وعلى المستوى الشخصي إرضاءً للـ(أنا) المتضخمة والتعويض على الهرمون النقصي والدوني والذي نعاني منه في الحالة والشخصية الكوردية عموماً، وهكذا أصبح الجسد؛ جسد ذاك الحزب يحمل رأسين لتوأمين لا نريد أن نقول: أنهما غير حقيقيين.
نعم.. ولربما يتبادر إلى أذهان البعض ويتساءل؛ لما في هذه المرحلة الدقيقة والحساسة وعند محطة ومرحلة تاريخية هامة من تاريخ الحركة الوطنية الكوردية في هذا الإقليم الكوردي ونحن نرى توحد الطاقات والجهود في صفوف أهم نهج ومدرسة نضالية عرفتها نضالات الشعب الكوردي عموماً وفي الأجزاء الأربعة من كوردستان؛ ألا وهو النهج والمدرسة البارزانية والتي تجسدها تلك الأحزاب المنضوية تحت خيمتها والتي تعرف مصطلحاً بـ(البارتي) كهوية سياسية تجمعهم في الجغرافيات الأربعة تلك، وخاصةً ونحن من الذين دافعوا – وما زالوا – عن هذا النهج والمدرسة النضالية ودعوا إلى توحيد صفوفه وجهوده. ولكن وقبل الإجابة على هذا السؤال المشروع – ولا نعلم إن كانت هناك أسئلة غير مشروعة، وإجابة السؤال الأخير نتركه في عهدة أئمة وفقهاء الدين والسياسة، مع أنهما (أي الدين والسياسة) وجهان لقضية واحدة – ونعود ونؤكد بأن قبل الإجابة على السؤال السابق وغيرها من الأسئلة التي سوف نثيرها من خلال مقالنا هذا، نود أن نؤكد على مسألتين هامتين – على الأقل – بالنسبة للموضوع الذي نتناوله؛ أولاها: أن كل مراحلنا تتسم بتلك الحساسية التي ذكرناها، حتى بات المرء ليس بقادرٍ على تناول موضوعٍ من المواضيع ومن دون أن يجرح (حساسيتنا) هذه، ومثلنا في ذلك مثل النظام في البلد؛ حيث أن المعارضة ليست بقادرة أن تتناول مسألةٍ ما والتي تتعلق بقضايا الديمقراطية وحقوق الإنسان ومنها حق شعبنا الكوردي، ضمن جغرافيتنا هذه أو حتى في الجغرافيات الأخرى، من دون أن تنبري لهم (أي للمعارضة) أجهزة الإعلام السورية وتذكرهم بالشماعة الإسرائيلية وإننا في حالة مواجهة مع (العدو)، وهكذا فعلينا (سد) أفواهنا إلا أن تحل كل القضايا (الإستراتيجية) ومن ثم نتطرق إلى قضايا الإنسان وحقوقه، وبالتالي ننسى أو الأصح نتناسى بأن الإنسان هو الأساس والمنطلق في بناء المجتمع والأوطان وأن قضية حقوقه هي قضية القضايا على الرغم من كل الظروف والمناخات والأجواء ولا يجوز المس بتلك الحقوق؛ أي حقوق المواطنة وبالتالي المواطن وكرامته.
أما النقطة أو المسألة الأخرى والتي نود الوقوف عندها؛ هي مسألة الـ(أنا) وحب الذات والنفس أو ما تعرف في علوم وسيكولوجية البشر بالنرجسية وتضخم الأنا العليا وبالتالي الركض وراء الشهرة وتسليط الأضواء على ما يعرف بالزعماء والرؤساء. ومع إننا نتفق مع الآخرين بأن هذه القضية؛ (حب الذات) هي قضية وحالة (إنسانية) عامة وسلوك فردي لا تقف عند حالة حضارية – ثقافية أو دين وأيديولوجية بعينها، بل نجدها في كل الثقافات والحالات وفي المراحل التاريخية المختلفة، ولكن وبالتأكيد فإن هذه الظاهرة السلوكية – والتي يمكن اعتبارها مرضية – هي حالات يمكن تقبلها في ظل التنافس (الشريف) والقائم على أساس الكفاءات وتكافؤ الفرص وفي خدمة القضايا الإنسانية العامة والتي تسخر وتقنن ضمن مؤسسات حضارية مدنية تهدف إلى التطوير والتحديث في بنى الفكر والمجتمع معاً. أما في الكثير منها (أي حالات العظمة) والتي نشاهدها ونعايشها، بل التي نعاني منها في مجتمعاتنا الشرقية والإسلامية تحديداً، فهي الحالات المرضية النرجسية والمتوهمة بأنها صاحبة الحق والحقيقة المطلقة والآخر ليس إلا (كافراً، زنديقاً، ملحداً، ذمّياً، شيوعياً، بارتياً.. وسنياً، شيعياً) أو كوردياً يحلم ويطالب بجغرافية تأويه، كما هو حال كل الكائنات الحية والميتة منها، وليس البشر وحدهم.
إذاً من أين نستمد هذه الطاقة و(المنطق) على المزاحمة ونفي الآخر ولعنه وطرده من (فراديسنا)؛ هل هي حالات فردية تتعلق بسلوكية البعض منا وحبه للذات و(النفس الأمارة) أم هي حالة وسلوك اجتماعي عام تم تأسيسه وقيامه على بنية فكرية ومنظومة أخلاقية (متكاملة)، أساسها ومنطلقها قضية الإله الواحد الأحد، الصامد والخالد الأبد، وهكذا دواليك؛ حيث الفكر الواحد والحزب الواحد والزعيم الأوحد. وإننا لنعتقد بأن جوهر المسألة تكمن هنا؛ في هذه المركزية (المطلقة) والعنفية وذلك عندما حطمنا جميع الأصنام تلك وأبقينا على صنمٍ واحد وإلهٍ واحدٍ أحد يدير الكون بإرادته ومشيئته ومن دون أن يشاركه أحد في ذلك؛ حيث هو (وليس من دونه أحد) القادر القدير والعالم العليم، الصادق الصديق ومالك الحق والحقيقة، بل هو الحق بعينه وهو النموذج والمثل الأعلى (لنا) جميعاً وإننا نقتدي به في (قيادتنا) للعائلة ونسمى بـ(رب العائلة)، والأمر نفسه يندرج على (قيادتنا ورئاستنا) لعشائرنا وأحزابنا وهكذا بقي فقط وبدل أن نسمي قياداتنا السياسية بأسماء وألقاب السكرتارية أو الأمناء العامين أن نسميهم بفراعنة وأرباب (الكعبة) والأحزاب وهكذا وبدل القسم الذي كان يتلى (وربُّ الكعبة) فعلى أعضاء ورفاق الأحزاب أن يقسموا (وربُّ الحزب) الفلاني أو العلاني العليلي.
والآن نأتي ونجيب على سؤالنا السابق؛ لما طرح هذه القضية (أي مسألة الزعامات والقيادات في ثقافتنا وحياتنا الحزبية السياسية وفي هذه المرحلة ولن نقول الدقيقة، حيث أن كل المراحل هي دقيقة) ونحن نشهد الكثير من الحراك السياسي والثقافي في عملية رص الصفوف أو ما يسمى بخلق وتشكيل مرجعية كوردية، ونأمل أن لا تكون هي الأخرى من باب التفقه السياسي المطعم دينياً – إسلامياً شيعياً هذه المرة وعلى غرار ما يعرف بـ(المرجعية الدينية) عند الأخوة الشيعة، وأيضاً في ظرف يتوحد فيه أجنحة (البارتي) ويعود الرفاق إلى قواعدهم سالمين ونحن الذين قد رحبنا بهم ونرحب بهم هنا أيضاً وللمرة الألف؛ حيث أن خيمة (البارتي) ولسعة صدرها وكورداييتها وحلمها وتسامحها وتصالحها مع نفسها ومع الآخر، يمكن أن يتسع للجميع ويضمهم. ولكن ومن حقنا ونحن نشهد معاً هذه العودة أن نتساءل لما كان الانشقاق أصلاً حتى تكون العودة، ولما كان الخروج على مؤسسات الحزب ومؤتمراته واتهام الطرف الآخر بكذا وكذا. وبالتأكيد  إننا لا نثير هذه الأسئلة لكي نفتح الجروح ونذكر بـ(تقيحات) الماضي، بل قلنا ونؤكد بأنه علينا التسامي فوق تلك القضايا والجراحات ولكن من دون إغلاق تلك الملفات بالمطلق، بل علينا أن نسلط الأضواء والحرارة عليها لكي نزيل عنها ومنها بعض المكروبات والجراثيم التي ربما تكون في حالة (خلايا نائمة) تنشط في ظروف مؤاتية.
وهكذا نسد الطريق أمام تلك الشخصيات والحالات النرجسية المرضية والتي تتلاعب بمصير هذا النهج والتيار السياسي والذي يعرف (بالبارتي) كأحد أهم التيارات السياسية في الحركة الوطنية الكوردية في الجغرافيات الكوردستانية ومنها جغرافيتنا في هذا الإقليم الغربي، وبالتالي ومن خلاله (أي التلاعب بمصير البارتي) التلاعب بمصير قضايا شعبنا الكوردي في جغرافيته هذه الملحقة بسوريا. وكذلك أن لا نجعل من الحالة السياسية المؤسساتية الحزبية والتي هي بطبيعتها وتعريفها الأولي إحدى مؤسسات المجتمع المدني المؤسساتي الحضاري، بأن تكون نوع من الارتجاع والارتداد الحضاري إلى زمن القبيلة والخيمة والعائلة كتكوينات اجتماعية وهكذا يتم التعريف بهذه الأحزاب والمؤسسات السياسية بزعاماتها وقياداتها وكأننا في مضارب بني زيد وهلال وسمكو وآشيتي وآمكيا وغيرهم من قبائلنا وعشائرنا المندثرة، بل المعششة والحية في أحزابنا الكوردية وذلك عندما يقال: (بارتي نذير وبارتي نصر وبارتي.. ) – مع تقديرنا واحترامنا لكل تلك الشخصيات الاعتبارية – ولكن علينا الاعتراف بالواقع والحقيقة وبأن أحزابنا أصبحت ممالك ومزارع خاصة بهذه الزعامات والقيادات وعلى غرار السلطة، بل لقد قال لي مرة أحد الأصدقاء وفي معرض حديثنا عن فكرة الزعامة عندنا في الحالة الحزبية، "هل تعلم لماذا الشباب – ويقصد بكلمة الشباب قيادات الأحزاب – لا تغير من أسماء أحزابها عندما تنشق عن حزبها (الأم)"، وقد وضعنا مصطلح الحزب "الأم" بين قوسين كي لا يتحسس بعض أطراف الحركة الوطنية الكوردية كونها لا تجد هذه الخاصية في نفسها.
حقاً كانت لفتة ذكية من ذلك الصديق في طرحه للسؤال السابق ولكن إجابته كانت هي الأدق والأدهى وقد أدهشتنا حقاً؛ حيث لفت انتباهنا إلى هذه النقطة والمسألة تحديداً، ألا وهي قضية تكريس الاسم (أسم الزعيم والقائد)، فعندما يقال للمرء الحزب الديمقراطي الكردي في سوريا (البارتي) يتبادر إلى الذهن مباشرةً سؤالٌ آخر: أي الأجنحة والأطراف يقصد بـ(البارتي) – وكذلك الأحزاب الأخرى – هل يقصد جناح الأستاذ محمد نذير مصطفى أم الأستاذ نصر الدين إبراهيم. وقد أعفانا الأخوة من ذكر اسم الأخ عبد الرحمن آلوجي ونشكرهم على ذلك ونأمل أن لا تعود وتتكرر القصة مرة أخرى كما حصل في المؤتمر التوحيدي بينه وبين الأستاذ نصر الدين ليعيد الرنين لأسمه من جديد، كما نأمل من الأخوة في جناح الأستاذ نصر الدين أن يعيدوا النظر في سياستهم وتنظيمهم، فإن كانوا بحق أبناء هذه المدرسة والنهج النضالي؛ نهج بارزاني الخالد فعليهم العودة إلى قرار المؤتمر الذي خرجوا منه وعليه وبالتالي العودة إلى صفوف الحزب والتوحد والتلاقي ضمن هذا التيار العريض والعمل من خلاله لتحقيق حقوق شعبنا الديمقراطية والإنسانية، أم إن كانوا يحملون نهجاً وفكراً آخر فليعلنوا ذلك صراحةً وبالتالي أن يتم تغيير أسم (البارتي) عندهم وهكذا نتخلص من عقدة الأسماء والزعامات هذه، ونحن نعرف، وكذلك كل المهتمين بالشأن السياسي الكوردي في سوريا، إن الانشقاق والذي حصل في المؤتمر الثامن (للبارتي) كان بسبب الخلاف على الزعامة ومن سوف يكون هو السكرتير، ولم يكن على قضايا سياسية.
بل يمكننا الادعاء ودون خوف أو رجفة ضمير؛ بأن كل الانشقاقات ومنذ سنة 1970 كانت على أسس تنظيمية وليست سياسية- فكرية وفقط يمكن اعتبار الانشقاق الأول 5 آب 1965 لمسائل تتعلق بالأيديولوجية والفكر والسياسة، أما ما بعد ذلك فجاءت كل الانشقاقات لتكريس مفهوم (الزعيم) – وللأسف – وما يحز في النفس أكثر، أنه وبعد أن يرمي الحزب (الأم) الجنين المولود حديثاً (الحزب الديمقراطي الجديد) – وهذا الاسم ماركة مسجلة باسمنا حصراً غير قابل لطشه من قبل (زعيم) كوردي جديد آخر يضاف إلى قائمة وسلسلة (زعماء) الحركة الوطنية الكوردية في سوريا – وهكذا وبعد أن ينفصل هذا الجنين المولود قيصرياً عن الحزب-الأم نجده هو الآخر يتناطح لقضية وحدة الحركة الوطنية الكوردية ويدعو إلى توحيد أحزابها ومن دون أن (ترتجف له رمش عين) وبالتالي يقارع الآخرين؛ من الأحزاب الكوردية الموجودة في الساحة السياسية الكوردية ويتحفنا بالعديد من البيانات الحزبية والبلاغات (العسكرية) التي تدعو إلى توحيد الصفوف وتشكيل (المرجعية الأمل) والتي تسمى زوراً بـ"المرجعية الكوردية" والأدق والأصح إنها مرجعيات زعاماتية لا أكثر ولا أقل، وأخيراً جاءنا من يكون هو الناطق الرسمي والأول والأخير والوحيد في الحزب؛ (حزبه هو) حيث بمفرده وبشخصه و(هو)ـه و(أنا)ـه و(ذات)ـه يكوّن ويشكل ويؤسس (حزب)ـه الاسمي ويسطر ويذيل كل ديباجة من ديباجاته وخطاباته العنترية (من عنتر بن شداد) باسمه المبجل المبارك الـ.. وليقول لنا (عاش الزعيم) وعلى اعتبار إنه هو (الزعيم الأوحد) الناطق باسم المستقبل.
هذا ما نحن عليه اليوم في مسألة الرجحان والنوسان بين الفكر القبلي العشائري والمدني الحضاري المؤسساتي ضمن آلية عمل وبرامج أحزابنا الكوردية وقد تناولنا القضية من جانب الهيمنة الفردية الشخصانية وطغيانه ومسألة (عبودية الفرد) للزعيم ولم ولن ندخل في الجوانب والمؤثرات الأخرى الخارجية منها والداخلية. بل نتركها لكتاباتٍ ومقالاتٍ أخرى، مع العلم أن كل من التدخل الكوردستاني في شأن هذه الجغرافية الغربية من كوردستان، وعلى اعتباره (الأخ الأصغر) والذي بحاجة إلى وصايتهم وليس رعايتهم وحمايته، بل وفي الكثير من المرات التضحية به وتقديمه قرباناً و(كبش فداء) على صخرة مصالحهم، لعب دوراً سلبياً في مراحل معينة. وكذلك دور كل من الأجهزة الأمنية والمخابراتية واختراقاتها لجسد الحركة السياسية الكوردية وذلك في كل المراحل التاريخية لها وأيضاً غيرها من العوامل: كالأجندة والبرامج السياسية ومحاولة التقليد؛ تقليد الآخر في كل شيء حتى في المشي الأعرج والتي أنستنا المشي القويم وعلى الرجلين كمثل الغراب في ذلك، وبالتالي محاولة التلون بكل الصبغات والتلوينات السياسية والفكرية من يسارية ماركسية إلى قومية راديكالية ودون أن ننسى مستنقع الأفكار الدينية السلفية في مجتمعاتنا الشرقية و.. غيرها الكثير من العوامل والمقدمات الخاطئة والتي لا تسعها كتابة مقالٍ واحد لتناولها جميعاً.
ذاك كان بالنسبة لنا (نحن). أما فيما يتعلق بالآخر الحضاري المدني العلماني والذي يتعامل مع كل القضايا وفق منطق العقلانية والجدل والعلوم التجريبية أي من خلال العقل وليس النقل، فإن حالته الحضارية والعلمية والفكرية والتكنولوجية والمؤسساتية توضح الفارق الحضاري بيننا (نحن وهم).. نعم، المؤسسات هي التي تكون لها الفصل والعمل الجاد والمنظم والمبرمج والواقعي، وإن كنا نريد أن نحذو حذوهم فعلينا ببناء المؤسسات السياسية الحقيقية والمبنية على برامج سياسية واضحة وشفافة ومنسجمة مع روح العصر ومتطلبات المرحلة التاريخية لشعبنا وقضيتنا القومية والوطنية الديمقراطية وليس القائمة على الولاء لهذا الزعيم أو الكتلة العشائرية القبلية – وللأسف – أحياناً نجد حتى الولاءات العائلية الأسرية ضمن صفوف الحركة الكوردية وأحزابها، وإننا نتساءل أخيراً: هل يمكن من خلال هذه العقلية والآلية أن نخدم قضايانا المصيرية وأن ننال ثقة شعبنا وأمتنا، أم إننا نحفر قبورنا بأيدينا ولتكون هذه (الزعامات) الخلبية شواهد لتلك القبور المندثرة.

جندريسه – 2007








أتى هذا المقال من Welatê Me
http://www.welateme.net/erebi

عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://www.welateme.net/erebi/modules.php?name=News&file=article&sid=2029