العلم الكُردستاني مطلوب حياً أو ميْتاً
التاريخ: السبت 19 كانون الأول 2015
الموضوع: اخبار



ابراهيم محمود

لست مدافعاً، ولا بأي شكل عن علم كردستان، حيث يحتفى به 17 كانون الأول من كل عام، إلا لأنه يمثّل جغرافيا كردستانية، شعباً كردستانياً، ومفهوم الدفاع لا يتأتى من كونه علماً يتحصن وراءه هذا الحزب أو ذاك، إنما لأنه يتعدى حدود كل حزب، وهو أبعد من كونه مدرجاً في لائحة اتهام معينة، ولو كان هناك علم أعرق منه، وأكثر حضوراً شعبياً وقومياً واصطباغاً بالقيم الكردية لأشرت إليه أنَّى كنت، سوى أن الذي يؤسَف له، كما شاهدت في عملية محاصرة الاحتفاء به كردياً في " Girkê legê "، في روجآفا " الخميس في 17 كانون الأول 2015 "، وبعنف أسايشي تحزبي كردي أفصح عن بؤس المردود.


لم يعد هناك من مبرر بمثل هذا التصعيد ضد هذا التوجه، والإجهاز المائي المضغوط والتهديد والوعيد من المعتبرين مجرد رؤية علم بمثل هذا الامتداد بألوانه الجامعة بين الحار والبارد، كما هي الطبيعة الثرية استفزازاً،إلا ترجمة دقيقة لرفض كل إشارة تسمّي سواهم، لتكون الكردية حيث هم، ومصير الكردية حيث يخططون هم .
العلم الكردستاني بعمره العتيد والفتي المتجدد، والذي أرعب أعداءه متعددي اللغات والجنسيات في الجوار وأبعد، أدخل كرداً في مأزق من هذا النوع من التعامل مع علم كردي مؤمَّم من كل وصاية حزبية أو فئوية، مأزق الذين يرون أن الكردية هي في تمزيق روح الكردية، حتى لو كان في هذه المجابهة المريعة إخراج للكردية من واجهة تاريخ محل فخار حديثاً، والنيل من علم حتى لو كان يستقطب عشرات ملايين كرده .
كيف يمكن لعلم أن يثير مثل هذا الاستفزاز ويُراد منه، وهو مطلوب حياً أو ميتاً: حياً حيث يكون بكامل طوله وعرضه وعمق معناه، ميتاً، وهو مخروق مزقاً، خرقاً، كما هو الجسد الملغَّم والمتناثر أجزاء، أشلاء، وبأيد كردية، وهي تؤكد فيما تقدم عليه عمق حضور هذا العلم وتجاوزه لحدوده الإقليمية الضيقة .
أي ضيق أفق، أي تقدير نفسي،عقلي، يتملك المعنيين بهذا التصعيد حتى لو كان ذلك نهاية وخيمة لما يسلكونه ؟ أي تفسير أكثر من كونه بؤس تفسير،أكثر من كونه تبريراً محل سخرية الخصوم الشامتين، من قبل الذين يعرضون قواهم الكلامية ارتجالاً أو سجالاً تلفزيونياً باعتبارهم كتاباً وسياسيين ومنظّرين حزبيين، وما يعنيه هذا التمادي في الاستخفاف بواعية كرديه العادي جداً، وهم كرد كرد، وكانوا حتى الأمس القريب جداً مرعوبين حتى من رؤية ظلالهم.
وعلي أن أنوه إلى حقيقة" وربما تثير ضحك من نسوا ما هم عليه من خروج عن التاريخ " حقيقة أنني لا أستطيع أن أسخّف قناعة أي كردي تجاه رمز له حتى وهو يستقطب مجموعة محدودة من الأشخاص، كما في حال العلم، أي علم كان، ولا أعطي الحق لنفسي، في أقلّل من إيمان الذين يؤمنون بعلم معين لهم وهو بتشكيلة لونية معينة،وفي ضوء ذلك تكون نظرتي إلى هذا العلم الكردستاني الملاحق من كرده المعتَبرين من جبلَّة أخرى، حتى لو كان علمـ"ـهم " حديث العهد جداً، حتى لو كان هذا العلم الذي يراد له منافساً للعلم الذي ترسخ في ذاكرات أجيال وأجيال.
علي أن أشدّد على مدى " قدسية " أي علم، ودون استثناء، حين يسمّي شعباً، ويعرّف به، وما في ذلك من وشائج قربى إنسانية بينه وبين سواه كما هو الملموس في العلاقات الدبلوماسية، فلماذا أجرّد علماً معمّراً من ذاكرة متعددة الطيات يعرَّف به كردياً هنا وهناك ؟!
إن علماً يمتد في جهات كردستانية أربع، وله جلاء معنى في سموه، وسعة أبعاده، وجمعه بين الماء والنار والتراب والهواء، بين الأرضي والسماوي، بين الحياة والحياة، وقد أعيا أعداء لسانه في النيل منه وهو بثقله القيمي، يستحيل، ثم يستحيل أن يُنال منه، وربما " يقبَض " عليه، سوى أن ذلك يمنحه روح طائر " الفينيكس " وهو يتجدد مع الزمن، وقد ولِد بروحه الجمعية، وباق ما بقي دهر الآخرين ودهر الكرد كافة. هل هذا القول مدعاة لاستفزاز الكردي أم لمصادقته إن كان كردياً ؟ أم ترى الكرديَّ وهو ينافس عدو أمته، شعبه، قوميته، وهو يهوى به أرضاً، ويودي به حرقاً أو إتلافاً، أو..أو ...فيثبت في نفسه قبل كل شيء ولعدوه التاريخي كرديةً غير مسبوقة ؟ عجـ..ـبـ..ـي!!
دهوك في 19 كانون الأول 2015 






أتى هذا المقال من Welatê Me
http://www.welateme.net/erebi

عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://www.welateme.net/erebi/modules.php?name=News&file=article&sid=20046