الحركة الكردستانية والإرادة المغتصبة 2/3
التاريخ: الأحد 13 كانون الأول 2015
الموضوع: اخبار



د. محمود عباس

  المحور الثاني: مركز جبل قنديل، أو منظومة المجتمع الكردستاني، باستثناء الأحزاب المرتبطة بها إيديولوجيا واستراتيجيا، جذبت بعض الأحزاب الكردية المهمشة أو الشكلية في سوريا، عن طريق هيمنة أل ب ي د على غربي كردستان، ومن ثم تشكيل مجلس الشعب الكردي، منهم، وقامت بتكوين أحزاب ومنظمات جديدة وتحت أسماء متنوعة، كالشيوعي الكردستاني والشعب الكردستاني وغيرهما من التنظيمات تحت أسماء مدنية أو ثقافية متنوعة، فقط لتكثير الأسماء، وإلهاء الشعب بالفوضى السياسية. وفي خارج سوريا، فرضت عليها إيران، إقامة تحالف بينها وبين الاتحاد الديمقراطي ومن كوران في بعضه، استغلت إيران كسر تركيا للاتفاقية السلمية، ومهاجمتها على قنديل،


 وفي الفترة الأخيرة وبشكل غير مباشر، أرادت أن تفرض عليها تحالفا مع الميلشيات الشيعية في العراق، ولم يكن لفرعهم في غربي كردستان خلاف على تداخل مصالحهم مع سلطة بشار الأسد، تحت عدة تشخيصات، كالتكتيك، أو أفضل الدروب للحفاظ على سلامة المنطقة وغيرها، لكنها جميعا تندرج ضمن منطق التعامل مع استراتيجية الهلال الشيعي، وليس ضمنه، وتبادل المصالح، وبالتالي ولظروفها الذاتية تقبل الإملاءات، وتنفيذ الأجندات. 
ومن أخطائها، أنها القوة التي أصبحت تعرف بأنها لا تقبل الكردي الأخر، ورغم أنها تشارك كل الأطراف في معظم الحوارات وتتفق، لكنها لا تنفذ بنودها على أرض الواقع، إلا من خلال ما تخدم مصالحها، وترفض كل مفهوم لا تتلاءم وإيديولوجية المطلق التي تطرحها، وقد تبين هذا في قضية شنكال، وفي غربي كردستان، وفي الإقليم الفيدرالي، إلى درجة أصبح الكردي الآخر يشكك في غاياتهم الكردستانية. كما وأنهم يخرجون كوادر ويثقفون المؤيدين لرفض كل من لا يؤمن بمطلقهم الفكري، واستخدام كل أنواع التهجم ضد الآخر، اختلافاتهم مع القوى الكردية الأخرى مؤخراً أدت إلى أحداث شرخ واسع بينهم، وفي واقع غربي كردستان رفضوا جميع الحلول للعمل معا على إدارة المنطقة كمرحلة أولية، باستثناء ما يتلاءم ومسيرتهم، ورؤيتهم الذاتية لمستقبل كردستان.  
 وقد صدرت على عتبات هذه الخلافات أو بالأحرى الصراع، تصريحات من قيادة الطرفين، كردستانية المعنى واللهجة، في بعدها العام، وليتهما تجاوزا الخلافات واستمرا على هذا النهج ولقنوها للأخرين، لكن على الأغلب ليس سوى تلاعب السياسي، ومحاولات كسب رأي الشارع الكردي، وسينتظر الشعب نتائج تلك التصريحات على سوية أعمال وخطوات فعلية على مستوى كردستان، والكل يتمنى ألا تكون شكلية. ويتوقع بأن المحرض في الحالتين هي القوى الإقليمية المسيطرة، أكثر مما هو الدافع القومي الكردستاني: 
   فالسيد جميل بايق صرح بأنه سوف لن يقف مكتوف الأيدي في حال هجوم الميلشيات الشيعية على المنطقة الكردستانية، كتصريح عام هلل له الشارع الكردي بكل صوته، لكن في الواقع السياسي، يحلله البعض بأنه لم يكن سوى تصريح إعلامي وتنبيه بعدم التقرب من مناطق الاتحاد الديمقراطي، ومهاجمة الميلشيات الشيعية وتصريحه والصراع في طوز خورماتو، كان يدفع إليها أئمة ولاية الفقيه.
ومثلها رد السيد مسعود برزاني بتصريح مماثل بمناشدة القوى العالمية على فك الحصار عن عفرين والدفاع عنها ضد المنظمات التكفيرية، وهو أيضا ذات بعد كردستاني، لكن الحصار بحد ذاته مدفوع إليه من قبل تركيا والسعودية، ورئيس الإقليم في حلف معهم، ورغم ظروفه الذاتية المذكورة سابقاً، لكن بإمكانه عرض طلبه من خلالهم، كعملية تبادل المصالح مقابل ما يقوم به البيشمركة لصالح أمريكا في محاربة داعش.
وهنا يكرر السؤال الأول ذاته ثانية، هل سلكهما لدربين مختلفين متعارضين في أغلب الأحيان، سيؤدي إلى زيادة فرص النجاح؟ أم أن العدو أخبث من أن يتمكنا من خداعه والنجاح في تكتيكهما؟ فما يلاحظ على الساحة السياسية الجارية، أن كل تحرك في جهة يقابلها تحرك منافس:
   فمقابل ما قامت به القوى السياسية المدعومة والمحرضة من إيران داخل الإقليم من مسيرات ومظاهرات، تحت أسباب اعتبرت منطقية في ظاهرها، ولكنها قد تؤدي إلى تدميره، وربما تقسيمه، ومن ثم إعادته إلى حضن سلطة العراق المركزية، بسوية المحافظات مثلما كانت عليها قبل تكوين الإقليم. 
  مقابل ما سبق، حركت قيادة الديمقراطي الكردستاني العراقي، المجلس الوطني الكردي داخل سوريا، ودفعت بالناس إلى الشوارع، تحت عامل التذمر والمعاناة من الوضع الاقتصادي والأمني المتفاقم، ومن المآسي التي يلاقونه من اسايش الإدارة الذاتية، تمكنوا في بعضه من نقل الصراع بين الأحزاب إلى صراع بين الشعب وسلطة الأمر الواقع. ومن سلبياتها: أن الجهتين التهوا بالصراع بين بعضهم، وتناسوا سلطة بشار الأسد وبشائع فروعه الأمنية في المنطقة.
  وما يجري بينهما تعدم احتمالية وضع السؤال الأول، حول احتمالية استخدام تكتيكين لبلوغ الغاية، لضعف الثقة بينهما، وغياب تبادل المفاهيم والخبرات، وعدم قدرتهم على إجراء حوارات خارج سياق الإملاءات الإقليمية، علماً أن الهدف مشترك بينهما، رغم جدليته عند البعض من الكرد. ولسوية خلافاتهم وتوسع هوتها، أصبحت تحقيق أمنية التحالف صعبة للغاية، فالخلافات التي تخلقها لهم القوى الإقليمية، أُقل من قدراتهما، وأعمق من أن يتمكنا تجاوزها بمفردهم بسهولة، وآخر مؤامرات الأعداء: كانت عملية الفرز للوفد الكردي المشارك في مؤتمر المعارضة في الرياض، والذي أختزل نسبة الكرد فيه بثلاثة أشخاص، محسوبين على الحركة الكردية، وتحت عملية التأييد للسلطة أو المعارضة عزلت أل ب ي د والإدارة الذاتية. وهي نسبة في بعده الديمغرافي والجغرافي تهميش لكردستانية المنطقة وقضاء على المطلب الفيدرالي، وتغييب ل لا مركزية الدولة السورية القادمة التي شجع لها المجلس الوطني الكردستاني –سوريا الأحزاب الكردية المشاركة ضمن الائتلاف المعارض، وتوسعت في فترة سابقة نقاشات واسعة حوله. والمؤتمر الذي عقد في ديريك، وجمعت فيها المعارضة التي يقال بأنها معارضة السلطة للسلطة، فهناك الرياض، حيث طغيان الإسلام العروبي الراديكالي، وهنا ديريك، هيمنة السلطة الشمولية والهلال الشيعي، وفي الجهتين الكرد يحرقون كأدوات، علما أن عقد المؤتمر في المنطقة الكردية بالتحديد رد فعل هزيل، لكن أحد بنود بيانه الختامي والمتعلق بالكرد مهم وقيم، حتى ولو لم تكن على سوية القضية الكردية، وهو أحد البنود التي كان يطالب بها المجلس الوطني الكردي في السنوات الأخيرة وأصبحت تغيب في الفترة الأخيرة.  
 استمرارية عوامل الصراع الكردستاني، مع غياب الظروف الذاتية، تسهل عملية فرض الإملاءات المتنوعة، المؤدية إلى تفاقم الصراع داخلي، وبالتالي إلى زيادة الرهبة، من السقوط في كارثة مشابهة للكوارث التاريخية السابقة، وقد لا تقوم قائمة للشعب الكردي على مدى مئة سنة قادمة، فالمؤامرة أصبحت تتوضح أكثر، وتتفاقم، وهي تسير على منحيين:
 الأول، الصراع المفتعل ضمن الإقليم تحت عدة مسميات مختلفة، منها رئاسة الإقليم غير الشرعية، وقضية الرواتب، تحت سقف الأزمة الاقتصادية في الإقليم، والتلاعب بمصير الإيزيديين وقضية شنكال، ومحاولة تسخيرهم لأجنداتهم دون اعتبار لمأساتهم ومعاناة مئات الألاف المشردين منهم، إلى جانب صراع لايزال لا ينتبه إليه البعض أو تغمض الأعين عينها، وهو الصراع المذهبي ضمن الإقليم، إلى جانب تصاعد الموجة الإسلامية الراديكالية التي أصدرتها الدولة الوهابية في بدايات تكوين الإقليم الفيدرالي، ومثلها فعلتها إيران في القسم الشيعي في الإقليم، والسكوت عليهما كانت تحت ضغوطات إقليمية، ونتائجها الكارثية تتفاقم يوما بعد يوم.
...
يتبع...
د. محمود عباس
الولايات المتحدة الأمريكية
12-7-2015






أتى هذا المقال من Welatê Me
http://www.welateme.net/erebi

عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://www.welateme.net/erebi/modules.php?name=News&file=article&sid=20019