عراب اللقاء الكردستاني
التاريخ: الأثنين 21 ايلول 2015
الموضوع: اخبار



د. محمود عباس

أمريكا، وبدون مقدمات، العراب، حولها ومعها قوى إقليمية، كل يبحث عن مصالحه، والمصلحة الكردية تصب في مجاري البعض، تندمج والأمريكية على أعتاب داعش، وهنا تكمن حكمة اللحظة والوعي الكردي، إما الفشل، أو الخروج من العتمة وهوة الخلافات اللامتناهية، وهو أمل أصبح عندنا كسراب، سنبقى نلهث خلفه إلى أن يتحقق الحلم.
 اتفاقيات ومجالس وتشكيلات كردية وكردستانية فشلت جميعها وبعضها ولدت ميتة، وحيث تدخلات وإملاءات القوى الإقليمية لم تغب عن معظمها، وما ظهر مترنحا كان بمساعدة عراب الجلسة الحديثة، المعتمة إعلاميا، يفرضها لمتطلبات اللحظة، ومن المهم ألا يكون هناك خلاف عليه، ونتمنى من الحركة الكردستانية أن تكون على سوية المواجهة، 


فاللحظة قد تكون ملائمة لعرض مصالحهم على طاولة العراب الذي لم يعد يرى أفضل منهم على الساحة، وشرطهم يجب أن تنحصر ما بين الفيدراليات الكردستانية، وجيش كردستاني مشترك مسنود ومدعوم من أمريكا والناتو، مادامت متطلبات هي محاربة داعش، ثم مستقبل العلاقات والدعم العسكري بعد الانتهاء من القوى التكفيرية الإرهابية الإسلامية؟
 غيب العراب في هذا الاجتماع، أطراف من الحركة الكردستانية، وتحاول أن تقضي على بعضه الآخر، يشترك فيها بشكل غير مباشر أو يتناساها الطرفان الملتقيان، حكومة الإقليم برئاسة السيد مسعود برزاني وال ب ي ك برئاسة السيد صالح مسلم.
بطريقة أو أخرى، همشت حكومة الإقليم أطراف الحركة الكردية في غربي كردستان مقابل صعود أل ب ي د ، وفي هذا اللقاء وبغيابهم سيكون قد وضع نهايتهم على المحك، وإذا كانت بيشمركة غربي كردستان  ضمن موضوع الحوار، وعملية نقلهم أو إرسالهم تحت راية الإقليم وليست تحت راية المجلس الوطني الكردي، يكون قد فاقم في الإشكاليات السلبية لغربي كردستان وستكون لها نتائج أكثر وخيمة من الجاري مستقبلاً، فستبقى القوة العسكرية الموجودة تابعة لحزب أو إدارة ذاتية تابعة لحزب وحيد، أو أنه مع الزمن سيضمحل ضمن هيكلية القوة العسكرية الموجودة، ولن تحمل صفة جيش غربي كردستان، ومهما غطي إعلامياً فلن تتمكن من تطبيع رأي الشعب. هنا يتناسى السيد مسعود برزاني أو ربما يفرضها العراب ويفرض معها عملية التعتيم، بأن الإقليم يجب أن يتحرك في هذا المجال كدولة وليس كحزب، وما يجري في غربي كردستان قضية يجب أن تكون محصورة بين حركتها هناك، والتعامل يكون بين كلية حركة غربي كردستان حتى ولو كانوا أطراف مختلفة بين بعضها، وبين الإقليم المتكون من أحزاب متعددة مثلهم مثل غربي كردستان، ولا شك هذه العملية ستزيد من ثقة العراب بهم، وستضاعف من ثقلهم السياسي في البعدين الإقليمي والدولي.
والأغرب منه، بل في البعد الأوسع من مخطط العراب، والمتجه بشكل غير مباشر لإنهاء الوجود العسكري في قنديل (فيما إذا تخلت إيران وروسيا عنها) مقابل دعمه قوات الحماية الشعبية و أل ب ي د كبديل عسكري وليس سياسي، ولا شك هذه العملية دارجة حالياً، فعملية إزالة صفة الإرهاب عن أل ب ك ك تتطلب الكثير من العمل ومواجهة مباشرة مع اللوبي التركي، وهذه ستأخذ مراحل زمنية طويلة ضمن المؤسسات التشريعية الأمريكية والأوروبية، لكن يبقى مدى قبول أل ب ي د لهذا التغيير وجاهزيتها له، وعمق الرباط بينهم وبين استراتيجية القنديل، ولا يستبعد موافقة السيد عبد الله أوجلان مع هذا التكتيك، أي تسيير عملية السلام في تركيا بدون كريلا أل ب ك ك، أو نقلهم إلى مناطق الإدارة الذاتية أو غيرها، وهنا وكأننا أمام تغيير شامل لاستراتيجية منظومة المجتمع الكردستاني، وخلاف ما، إذا أدرج ضمنه سياسة حزب الشعوب الديمقراطي.
 التعتيم على اللقاء، يأتي على خلفيتين، إما أن اللقاء لم يأتي بنتائج إيجابية كما يتوقعها العراب، وهذا مرفوض، فأمريكا لا تقوم بخطوة دون تأمين نجاحها، أو أن هناك خطوات عملية لا تزال في السياق. وللتذكير فقد برز أن اللقاء كان يحتضن طلبا من أل ب ي د السماح بالمرور من معبر سيمالكا للوفود والضيوف الذين سيحضرون مؤتمرهم الذي سيجري في قامشلو قريبا.
 يجب ألا يكون هناك خلاف على اللقاء، رغم نواقصه، لكن لابد من عرض شروط كردستانية، مشتركة من قبل حكومة الإقليم وال ب ي د لعرضها على الطاولة مقابل ما يطلب منهم لمحاربة داعش عسكريا، حتى ولو أنه في السياسة لا يوجد شيء أسمه ضمانات، لكن لا بد من عرض مصير كردستان أو على الأقل مستقبل الأجزاء الكردستانية التي للعراب سيطرة سياسية ودبلوماسية عليها، إلى جانب سوية التسليح، واستقلالية القوة العسكرية الكردستانية، ورفض التسليح عن طريق الطرف الثالث في العملية. 
  تكوين جيش كردستاني خارج السياقات الحزبية، منذ البدايات كان بإمكانه، أن يزيد من فرص المساعدات العسكرية الدولية المباشرة، وبالتالي كان سيحد أو يقلل من الهجرة الكردية والنزوح من المنطقة، الذي تفاقم إلى الحد الكارثي، فإلى جانب المعاناة الاقتصادية وبكل أشكالها، كان هناك الصراع مع العدو الخفي النفسي الداخلي والمعدي كمرض بين الشعب، وهي عدم الثقة بالمدافع، رغم التغطية الإعلامية له، لكن الموجود لم يكن كافياً لخلق الثقة، أو لنقل أن القوات الكردية المدافعة عن المنطقة لم تتمكن من خلق الثقة والاطمئنان بين الشعب بأنه قادر على الدفاع عنهم أمام الهجمات المتصاعدة على المنطقة، والحالة تفاقمت  بسبب الخلفيات السياسية بين الحركة الكردية والكردستانية التي أظهرت ضعفهم الكلي رغم تصاعد قوتهم الحزبية في نظر الشعب وأمام العدو، وكانت تغرق في السلبيات، ومثالي شنكال وكوباني يبينان طرفي النقيض هنا، ومن المؤسف أن هذا العدو الخفي، المرض النفسي المعدي، لا يزال يخيم على غربي كردستان وسيستمر مادام الواقع الجاري مسيطراً، وهو يتفاقم في جنوبه، وحركة النزوح يتزايد هناك يوما بعد آخر على خلفية الخلافات المتفاقمة لديهم، وعلى أمل أن يتباطآ أو يقف في حال تدخل العراب بقوة عسكرية مناسبة.
 لاشك سيكون في اللقاء، نتائج مثمرة قادمة، إن كان فعلا قد حدث وعلى سوية العراب، واهتمامه بالمنطقة ومنظمة داعش، وهل فعلا ينظرون إلى القوة الكردستانية كقوة مستقلة بإمكانها مواجهة الخطر الجاري في المنطقة، رغم أن السلبيات، ولإنفراديتهما هذه، ستظهر مستقبلا، والإقليم وال ب ي د يتحملون تبعاتها، وسيدفعون ثمنها مستقبلاً، وأمريكا هنا لا دور لها، ولا يتوقع بأنها ستعترض فيما لو عرض عليهم حضور الأطراف الكردستانية الأخرى المعنية بالأمر، وعليهم أن لا يتناسوا أنهم وبهذه العملية الإلغائية سيتفاقم التبجح الفردي وسيطرة الحزب الواحد، وإلغاء الأطراف الأخرى، وبالتالي ستخلق ديكتاتورية لا تحمد عقباه، قد تؤدي إلى فصل وربما عداوة بين الطرفين مستقبلا بناءً على خلفية التبجح هذه، مع ذلك نتمنى كل النجاح والتوفيق.
د. محمود عباس
الولايات المتحدة الأمريكية
9-18-2015
 






أتى هذا المقال من Welatê Me
http://www.welateme.net/erebi

عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://www.welateme.net/erebi/modules.php?name=News&file=article&sid=19691