قراءة في رسالة الرئيس بارزاني
التاريخ: الثلاثاء 11 اب 2015
الموضوع: اخبار



صلاح بدرالدين

كان من  أبرز العناوين الرئيسية التي تضمنتها الرسالة المفصلية الحاسمة لرئيس اقليم كردستان العراق في التاسع من الشهر الجاري حول الأزمة السياسية الراهنة في الاقليم وبايجاز شديد : ( عدم توصل الأحزاب " كوران – يكيتي – اتحاد اسلامي – الجماعة الاسلامية " الى التوافق مع الحزب الديموقراطي الكردستاني حول مسألة انتخاب رئيس الاقليم وأصر بعضها على محاولات- انقلابية – وافتعال الأزمات من دون حمل أية مشاريع لحل الأزمة وحماية الاقليم  - بعد سرد موجز حول المراحل التاريخية التي اجتازها الاقليم وشعب كردستان ودوره في الانتفاضة و ارساء العملية السياسية وتحقيق الانجازات والتزامه بمبادىء الثورة والنضال المتجسدة بنهج الشيخ عبد السلام بارزاني ومصطفى بارزاني ينتقل الى الأزمة الراهنة – منذ الشهر الرابع من هذا العام أبلغ شعب كردستان برسالة معلنة بوجود محاولة خطيرة لاعادة تخريب الصف الكردي واعادة حكم الادارتين وتقسيم الاقليم -  


هذه المحاولات ستضعف محاربة الارهاب وخاصة – داعش - وعملية الدفاع عن أرض الاقليم وستعيد القضية الكردية ومسألة حق تقرير المصير الى الوراء – نظامنا برلماني وليس الشعب كله أعضاء الأحزاب لذا من الضرورة بمكان انتخاب الرئيس من الشعب مباشرة – لن تنجح أساليب الانقلاب وفرض الرأي ولابد من العودة الى مبدأ التوافق أو الذهاب الى انتخابات مبكرة ) .
  لاأغالي بالقول أنها ليست مجرد رسالة وفي هذا الوقت بالذات بل أنها طرح سياسي شامل واحاطة شديدة الوضوح بالأزمة وأسبابها وربط موضوعي تاريخي بين الماضي والحاضر واجابة شافية شفافة على كل التساؤلات الظاهرة منها والمخفية وتوضيح لما تتتعرض لها انجازات اقليم كردستان وتجربتها الديموقراطية الوليدة الواعدة من مغامري – الثورة المضادة الداخلية – والأعداء الخارجيين ولأن موضوع البحث يتعلق عضويا بمآل المركز الرئيسي للقضية القومية الكردية والتحديات المطروحة أمامه فانني أرى أننا جميعا معنييون بتناول الموضوع بمسؤولية والمساهمة فيه من موقع الحفاظ على المكتسبات والانجازات ووحدة الشعب والارادة السياسية والاستفادة من عبر ودروس تجربة الأشقاء في ذلك الجزء العزيز .
 أولا – في مبدأ التوافق :حيث أن المبدأ كتطبيق عملي أثبت فاعليته بجدارة ليس لأنه وضع حدا لمسلسل الاقتتال الداخلي بالاقليم على قاعدة التنازلات المتبادلة للبعض الآخر ودفع باتجاه التفاهم بين القوى السياسية الكردية المختلفة وفتح الآفاق أمام عملية البناء وترسيخ الاستقراروخوض التجربة الديموقراطية ضمن الائتلاف الجبهوي بين القوى والأحزاب والوقوف الموحد أمام التحديات منذ أكثر من عقد من دون اغفال أن حل القضية الكردية في العراق وادارة الحكم في عراق مابعد الدكتاتورية وسير العملية السياسية برمتها قد تم على قاعدة التوافق الوطني لذلك فكل طرف يسعى الخروج من اطار هذا المبدأ عراقيا وكردستانيا يهدف الى هدم ماتم تم بناؤه .
 ثانيا – في محاولات – الانقلاب – وافتعال الأزمات – لم يعد سرا أن التيار المغامر في الحركة التحررية الكردستانية بمختلف الأجزاء ومن ضمنها كردستان العراق لايترك وسيلة الا ويستخدمها بما فيها الانقلابية والعنفية واثارة خطاب ماقبل القومية ومادون الوطنية من أجل تصفية الانجازات والعودة الى الوراء لمصالح حزبية ضيقة أولا وتنفيذ الأجندة الخارجية فهذا التيار لم يكن وليد الارادة الشعبية في يوم من الأيام ولم يخرج من رحم النضال الوطني التحرري وتراكماته النوعية بقدر ماهو صنيعة الأنظمة الغاصبة للكرد يحمل كل المساوىء والأمراض والانحرافات التي تتمثل في الردات المضادة لحركة الشعب الكردي الوطنية التحررية وفي مواجهة التيار المعتدل الديموقراطي الذي أثبت جدارته وتفوقه في ادارة الكفاح والائتمان على مصالح الشعب والصراع مع العدو في المراحل المختلفة .
 ثالثا – دور نهج البارزاني في انجازات الاقليم ومجمل الحركة القومية حيث لايمكن الطعن بحقائق التاريخ وماقدمه نهج القائد القومي والوطني مصطفى بارزاني في مجالي السياسة والدفاع منذ مواجهة الاستعمار البريطاني والحكومات التابعة مرورا بثورة أيلول وشعارها ( الديموقراطية للعراق والحكم الذاتي لكردستان ) والانتفاضة والتحول نحو مرحلة بناء الكيان وانتهاء بالفدرالية والتمسك بمبدأ حق تقرير المصير . 
 رابعا – مخاطر التقسيم وعملية التلويح باعلان اقليم السليمانية وكركوك ظهرت بأجلى صورها عندما اشتد الصراع بين حكومة ورئاسة الاقليم من جهة وحكومة المالكي التي كانت مدعومة من قائد – فيلق القدس – الحاكم الفعلي للعراق من الجهة الأخرى حول استحقاقات شعب كردستان الدستورية والمالية والادارية ولم يكن حضور القنصل الايراني لبرلمان الاقليم مؤخرا في جلسة أرادها البعض للاساءة الى الرئاسة وسيادة شعب كردستان الا استمرارية للتدخل الخارجي لمصلحة التيار المغامر  .
 خامسا – لقد أصبح التيار المغامر في الحركة الكردستانية بكل عنجهيته وتوجهاته الفاشية العدوانية واعتماده القمع والعنف بدلا من المنطق والحوار مصدر كل آلام ومعاناة الكرد ومنبعا للثورة المضادة يجلب الحروب والمواجهات ويعمل على تفريغ المناطق الكردية وتهجير السكان وسوق الشباب عنوة الى الحروب كما في الحالة الكردية السورية ويرفض الاحتكام الى مبادىء العمل المشترك والتوافق ويخون الآخر المختلف ويقدم الذرائع لتدخلات الأنظمة والحكومات الشوفينية عسكريا وأمنيا وضرب البنى التحتية للوطن .
 سادسا – دور المستقلين كغالبية شعبية في حسم القضايا العالقة وتحقيق الوحدة الوطنية والسلم الأهلي بدأ يتعاظم خاصة وأن غالبية الأحزاب الكردية أصابها الوهن وتسرب الى صفوفها الفساد ولم تعد الحزبية الضيقة مناسبة لقيادة المرحلة الراهنة في بداية القرن الجديد وصحيح بكل تأكيد أنه ليس كل الشعب من الحزبيين وسيبقى دائما وأبدا مصدر الشرعية القومية والوطنية .
 سابعا – فوز حزب بأصوات أكثر لايؤهله لتغيير الدستور والنظام السياسي فتجربة الاخوان المسلمين بمصر وتونس مازالت ماثلة أمامنا فالحزب الفائز يحكم مؤقتا ولفترة زمنية محددة ( أربعة أعوام على الأغلب ) ثم يرحل ليأتي حزب آخر وهكذا يتم تداول السلطة – وليس التحكم بالنظام السياسي والدستوري -  الحزب المصري تجاوز حدوده واخترق المحرمات ولم يستمع حتى لنصائح رفيقهم – الرئيس أردوغان – عندما اقترح عليهم أن تبقى الدولة المصرية علمانية كما في تركيا والحكومة اسلامية فكان مصير قادته السجون وأحكام الاعدام أما الحزب التونسي فاستفاد من سقطة رفاقهم بمصر فهل تتخذ الأحزاب الكردية العراقية من التيار المغامر بعلمانييه واسلامييه العبرة ؟ ومتى كانت هذه الأحزاب الشمولية ديموقراطية أصلا !؟ .
 فلتتوحد كل الجهود وليسود الحوار والتآلف ولتستمر العملية السياسية بمسارها الديموقراطي السليم لخير شعب كردستان العراق .






أتى هذا المقال من Welatê Me
http://www.welateme.net/erebi

عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://www.welateme.net/erebi/modules.php?name=News&file=article&sid=19534