ماذا بعد الانتخابات التركية؟
التاريخ: الجمعة 12 حزيران 2015
الموضوع: اخبار



جان كورد

قبيل الانتخابات التركية، ظهرت السيدة جاغلر ديميرال، الناشطة الكوردية من أطراف مدينة (آمد) في البرنامج الشيق (راسته راست) الذي يقدمه الأخ الناشط (مسعود كزماز) على قناة (دنيا تى في) التي كان الآبوجيون يتهمون كل من يظهر فيها من الكورد بالعمالة والخيانة وبأن هذه القناة التابعة لجماعة السيد (فتح الله غولن) الصوفية مخصصة لمحاربة الكورد وتفتيت صفوفهم.
حاولت هذه السيدة التي تعتبر من العناصر الهامة في "حزب الشعوب الديموقراطي" (هادب) إظهار حزبها وكأنه "أم الديموقراطية والتعددية وحرية الرأي والدين في تركيا و.... كوردستان" وأكدت بأن مجرّد تخطي حزبها العثرة القانونية (10%) فإن الممارسات العنصرية الشوفينية المستمرة ضد الشعب الكوردي ستصبح مستحيلة، وشنّت حملة واسعة على السيد رجب طيب أردوغان متهمة إياه بعدم اتخاذ الحياد، رغم أنه "رئيس الجمهورية" المفترض فيه عدم الانحياز لحزبٍ من الأحزاب في الفترة التي تسبق الانتخابات،


 قالت ذلك وهي تعلم أن بين جماعة السيد فتح الله غولن وحكومة حزب العدالة والتنمية معارك سياسية واستخباراتية وإعلامية شرسة، حيث كل طرفٍ منهما يتهم الآخر تهماً خطيرة، فهل كان ظهورها في هذه القناة رسالةً موجهة لأنصار السيد فتح الله غولن ولمن وراءه لكسب أصواتهم أيضاً، وهو متهم من قبل الأردوغانيين بالعمل ضمن "الدولة السرية التركية"!.
أطلقت السيدة جاغلر  ديميرال رسائل بكل الاتجاهات من باب الدعاية الإعلامية لحزبها فكررت لفظ "تركيا وكوردستان" على الرغم من أن حزبها يعتبر نفسه حزباً تركياً، وقد تخلى في برنامجه عن كل ما له علاقة بالوجود القومي الكوردي وبالوطن الكوردي "كوردستان"، ولكنها الحملة الإعلامية الانتخابية يقول فيها المرء ما يحلو له، ولكن إذا دققنا في أقوالها فسنجدها متعارضة تماماً مع برنامج حزبها... كما أظهرت حزبها "العلماني" مفتوحاً لكل الأديان لأنها تعلم جيداً عمق الفكر الديني في المجتمع الكوردي في شمال كوردستان، واعترفت أن في حزبها وبين مرشحي حزبها أناس من مشارب وعقائد وتصورات وأفكار مختلفة، ولا أدري كيف ستكون مواقف هؤلاء متفقة بصدد الشؤون الاقتصادية التي تثير النزاعات الطبقية بالتأكيد في كل برلمانات العالم... وكيف سيكون موقف "الكوردستانيين" من ضمن كتلة "حزب الشعوب الديموقراطي"، إذا ما حاول بعضهم شطب المطالب الأساسية للشعب الكوردي في مداخلاتهم البرلمانية... فهل يحمل حزب الشعوب المختلفة المتعددة هذا بذرة الخلافات معه إلى داخل البرلمان من دون معرفة بخطورة ذلك على تكتله الكبير نسبياً (ما يقارب 80 نائبا) أم أن نوابه سيتمزقون إرباً إربا حسب انتماءاتهم القومية وخلفياتهم الاجتماعية - الطبقية. 
وماذا عن حزب العمال الكوردستاني أو ما يسمى ب"منظومة المجتمع الديموقراطي" أو غير ذلك من أسمائه العديدة؟ أليس نجاح "حزب الشعوب الديموقراطية" هو بالأصل لإبعاد فكرة التحاور مع "قيادة قنديل" لهذا الحزب، لأن وجود نواب كورد في البرلمان التركي والتحاور معهم "أسهل على الهضم" و"أقرب إلى القبول" من التواصل مع من سمتهم الحكومات التركية كلها على الدوام ب"الإرهابيين المجرمين، أعداء الدين والوطن!!!".
من سيسيطر على رقاب نواب (هادب)؟ ومنهم من لاحول ولا قوة له فعلياً، السيد عبد الله أوجلان المعتقل منذ نهاية القرن الماضي، الذي يقول عنه شقيقه السيد عثمان أوجلان في أقنية التلفزيون أن لا رجل ثانٍ أو ثالث أو رابع في حزبه، فالسيد عبد الله أوجلان قد صمم على ألا يكون له "خليفة"، ولن يرضى بأن يصبح "صلاح الدين دميرتاش" بديلاً عنه في مشروعه للسلام، أم سيسيطر على هؤلاء النواب ويفرض عليهم أطروحاتهم ومطالبهم (رجال الجبل "قنديل") من القياديين الذين قضوا نصف أعمارهم في الكهوف والمغارات وتعرّضوا لقصف الطائرات التركية سنين طويلة؟ وبعبارة أدق: من الذي سيكسب صداقة وولاء وتحالف الكتلة البرلمانية الناجحة لحزب الشعوب الديموقراطي: 
-الدولة السرية التركية الداعمة لتحالفٍ بين نواب هذا الحزب "الكوردي!!!" والحزب الشعب الجمهوري والحزب الطوراني العنصري (مهب) والمدعومة من جماعة السيد فتح الله غولن بهدف إسقاط حكومة حزب العدالة والتنمية أو إرهاقها وإضعافها وإرغامها على إجراء انتخابات جديدة في حال عدم تقديمها أي تنازلاتٍ لليمين الطوراني.
-الدولة العلنية التي يترأسها السيد رجب طيب أردوغان الذي يسعى لتحويل نظام الحكم البرلماني في تركيا إلى نظام رئاسي واسع الصلاحيات بالنسبة للرئيس، على غرار النظام الفرنسي، وله أهداف بعيدة، في مقدمتها إعلان نفسه "خليفة للمسلمين" في العالم.
أم أن إيران ستستفيد من الخصومات التركية – التركية، ومن عدم تقدّم "مسيرة السلام" بين الدولة التركية والكورد، فتدفع ب"رجال الجبل" إلى رفس كل المشروع الأردوغاني وبث مزيدٍ من النزاعات في تركيا انتقاماً لتدخل السيد رجب طيب أردوغان العلني في الشأن السوري؟ 
من سيتعرّض للانشطار والانشقاق قبل غيره: 
حزب الشعوب الديموقراطي الذي يحاول تقليد حركة "شين فين" الإيرلندية ويسعى لأن يظهر بمظهر المستقل" عن حزب السيد أوجلان، وهو أضعف من يمارس استقلاليته بجدارة؟ وقد رشق السيد مصطفى قره صو (الماء الأسود) من (رجال الجبل) بعبارات النقد تصريحات السيد الأوّل صلاح الدين دميرتاش لحركة الشعوب الديموقراطي؟ 
أم سيكون الانشقاق الأوّل نصيب حزب أردوغان الذي فشل في الاحتفاظ بالأغلبية التي تؤهله لتشكيل حكومة جديدة على انفراد؟؟
أم حزبا الشعب الجمهوري (حزب آتاتورك) والحزب الطوراني (مهب) لأنهما فشلا هذه المرّة أيضاً في قهر  سطوة حزب العدالة والتنمية؟؟؟
الاحتمالات عديدة والتوقعات مثيرة، ولكن:
-هل سيعتذر حزب الاتحاد الديموقراطي (السوري) للكورد الذين كان يتهمهم بالخيانة والعمالة لأردوغان في حال اتفاق شقيقه (هادب) مع هؤلاء الأردوغانيين؟
وهل سيبقى الكوردستانيون في الجبال والسهول ساكتين في حال تحالف (هادب) مع الكماليين والطورانيين، أعداء الكورد وكوردستان؟
 

أم أن الكورد غير الموالين لسياسة حزب الاتحاد الديموقراطي عملاء وخونة في كل الأحوال، وأن أي تحالفٍ يقوم به (هادب) مقبول ومحمود، طالما القضية الكوردية ليست هي الأهم في نظره، وإنما السلام والأمة الإيكولوجية الديموقراطية وكنتنة العالمين العلوي والسفلي...؟
وماذا سيحدث للمعارضة السورية التي مقراتها السرية والعلنية في تركيا اليوم في حال ارتجاج المشروع الأردوغاني واضطراره للتنازل لليمين التركي المؤيد لبقاء نظام الأسد؟
يبدو أن تركيا ستشغلنا بعد الآن بشكل مثير، بعد هذه الانتخابات التي قد تليها انتخابات جديدة اضطرارية.
 






أتى هذا المقال من Welatê Me
http://www.welateme.net/erebi

عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://www.welateme.net/erebi/modules.php?name=News&file=article&sid=19293