ارتفاع منسوب العنف لدى حزب (PKK)
التاريخ: السبت 30 ايار 2015
الموضوع: اخبار



فرمان بونجق

إذا كانت الشمولية السياسية تجتهد على مسار صهر كافة الشرائح والطبقات المجتمعية في ماكينة الفكر عبر آليات تنظيمية بادئاً ، وسياسية تالياً ، باعتبار أن أصغر جزء في المجتمع ــ حتى ولو كان فرداً ــ ينبغي أن يؤدي دوراً منوطاً به في هذه الآلة ، ولكن الأسوأ يأتي مع تحالف عدة شموليات تتمترس في محيط جغرافي ضيق ، تنسّق فيما بينها على كافة المستويات ، فتنتج عنفاً مبالغاً فيه ، يستهدف كافة التيارات التي لا تتوافق معها ، عبر آليات الخطف والاعتقال والاغتيال والتهجير والارهاب ، وسواها ..  في محاولات يائسة لدرء الأخطار المحدقة بها ، عبر التصدي لتقدم حركة التاريخ ، والتهرب من الاستحقاقات التي تهدد وجودها بالزوال ، كنتاج وتحصيل حاصل لسياسات القمع اللامحدودة التي تمارسها هذه الشموليات بالضد من المجتمعات البشرية ، التي تتشارك معها ذات الحيّز الجغرافي ، ولكنها تختلف معها وتناقضها في الرؤى والقناعات .


 وبالتالي وكنتيجة حتمية ، فإن هذه التجمعات ستصطدم معها وتنتصر عليها . مع الإشارة إلى أن تاريخ البشرية قد قطع شوطاً كبيراً للتخلص من هكذا أنظمة ، وهو يحث الخُطا باتجاه تكريس تجارب أرقى من الديمقراطية ، كوسيلة مثلى لتحقيق العدالة والرفاهية للجنس البشري .
شاءت الأقدار ، أن تكون مجتمعات الشرق الأوسط محكمة الإغلاق في وجه أية تجربة ديمقراطية ، باستثناء بعض الحالات هنا وهناك ، وفي أوقات محددة تاريخياً ، مما سهّل نموَّ دكتاتوريات شمولية ، عن طريق اختراق المؤسسات العسكرية ، والاستيلاء على السلطة بترتيب الانقلابات المسلحة ، وأحياناً بواسطة التسلّق المسلح ، عبر انتهاز الفرص ، كما حدث مع معظم الأنظمة الشمولية التي حكمت الدول العربية ، والتي روّجت لتلك الانقلابات بأنها ثورات . وزعمت بانها أنظمة داعمة لحركات التحرر ، وأنها جزء من النضال العالمي لمواجهة الامبريالية ، وما إلى ذلك ... فاستطاعت احتضان مجموعات من الحالمين ، وتم تدجينهم ثم برمجتهم ، ليتم إدخالهم بعد ذلك إلى أتون المعمعة .
 من هنا ، وهكذا وجد حزب العمال الكوردستاني نفسه جزءاً من هذه اللعبة ، خاصّةً وأنّه تأسّس وترعرع في كنف هذه الشموليات " إيران الخميني ــ سوريا الأسد ــ ليبيا القذافي " ، وبات انفكاكه عنها مستحيلاً ، وصار جزءاً من هذه الماكينة القاتلة ، تحت يافطة " تحرير وتوحيد كوردستان " ، وكان هذا الشعار الفضفاض بمثاية  ذر الرماد في العيون ، واستغلال المشاعر القومية لدى فئات واسعة من أبناء الأمة الكوردية ، ومابَرِحَ يروّج لذلك حتى اصطدم بلحظة الحقيقة المميتة ، حين خُيّر بين بَيْنين ، إما الانحياز لقوى الثورة ، أو الاصطفاف إلى جانب القوى المضادة ، وبالتالي الوقوف في وجه تطلعات الجماهير الكوردية ، التي واتَتْها الفرصة التاريخية في إحقاق جزء من حقوقها على أرضها التاريخية .
لم يألو هذا الحزب جهداً في ضرب القاعدة الثورية الكوردية ، قبل الانتقال إلى ضرب الحركة السياسية الكوردية ، بغية تصفيتها ، بعد أن لجأ إلى شراء بعض الذمم ، متّكِئاً في ذلك على الهبات السخيّة التي قدمه لها محور طهران ــ دمشق ، من دعم مالي وتسليحي واستخباري ، ناهيك عن دمج كافة عملائه في جسم الحزب ، وبذا تمكن المحور آنف الذكر من خلق وتطوير الحالة العدائية لكافة القوى التوّاقة للانعتاق والتحرر من سطوة الشمولية . 
في التطورات الدراماتيكية اللاحقة ، ومن بوابة إثبات الولاء المطلق للقوى الشمولية الإقليمية ، نقل حزب العمال الكوردستاني نشاطاته العدائية إلى فضاءات التجمعات الكوردية ، أينما وُجِدتْ ، فكانت السِّمة البارزة للمرحلة ، الاعتداء على النشطاء ، والاعلاميين ، ونشطاء حقوق الإنسان ، وخطف وتجنيد الأطفال ، والتهرب من استحقاقات المرحلة كوردستانياً ، ومؤخراً لجأت ميليشيات الحزب ، وبشكل سافر ، إلى الاعتداء على بيشمركة الحزب الديمقراطي الكوردستاني في شرق كوردستان ، في الوقت الذي كان لزاماً على قيادة هذه الميليشيا أن تؤازر انتفاضة الشعب الكوردي في شرق كوردستان . ناهيك عن تحركاتها المشبوهة في شنكال وغيرها ، بغية تقزيم الانتصارات المهمّة لبشمركة كوردستان في حربها المفتوحة ضد قوى الشر والطغيان ، والتي يُمثل رأس حربتها تنظيم داعش الارهابي .
ومن خلال مقاربة بسيطة بين سلوك نظام بشار الأسد القاتل ضد الشعبي السوري ، والقائم على مقولة " إمّا أن أحكمكم أو أقتلكم " ، نجد أن ذات السلوك يتكرر في كوردستان سوريا ، بواسطة سلطة الأمر الواقع العنفية ، المتمثلة في حزب الاتحاد الديمقراطي ، أحد أذرع حزب العمال الكوردستاني ، والتي تقوم استراتيجيته على ذات المقولة " إمّا أن أحكمكم أو أقتلكم أو أشرّدكم ".     







أتى هذا المقال من Welatê Me
http://www.welateme.net/erebi

عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://www.welateme.net/erebi/modules.php?name=News&file=article&sid=19230