السبيل لاعادة الثورة الى الأيدي الأمينة
التاريخ: الجمعة 29 ايار 2015
الموضوع: اخبار



 صلاح بدرالدين

  يكاد العنوان يلخص مانرمي اليه في هذه القراءة من جهة أهمية العامل الذاتي في مسالة استعادة الثورة والحفاظ عليها وتطويرها وتعزيزها في هذه المرحلة الدقيقة والمفصلية من عمرها فالعامل الموضوعي بشكل عام ( داخليا وخارجيا ) يصب بمصلحة التغيير والخلاص من الدكتاتورية والاستبداد ولقد قرر السورييون في خطوة لارجعة عنها الانتفاض والمواجهة بمختلف الوسائل في سبيل اسقاط النظام القائم الجاسم على صدورهم منذ عقود ومنطق العصر ينشد السلام والاستقرار ويتماشى مع الحياة الكريمة الحرة والإرادة الإقليمية – الدولية حتى بوجود التباين حول طبيعة البديل القادم تصب في مجرى الهدف الرئيسي بإزالة رموز الاستبداد .


 العامل الموضوعي الإيجابي مهما كان مواتيا وقابلا للإفادة وموفرا لشروط الانتصار سيبقى مغيبا وغير فاعل اذا لم ينضج العامل الذاتي الداخلي والمقصود هنا : القيادة الكفوءة المستقلة والتنظيم المتماسك ووسائل الكفاح في أوقات السلم والمقاومة والدفاع من ضبط وربط والبرنامج السليم والخطط المدروسة ومع وضمن كل ذلك الآلية الديموقراطية في القرار والتنفيذ . 
 صحيح أن الشهور الأولى من اندلاع الانتفاضة وفي بداياتها كانت تفتقر الى العامل الذاتي الصلب لسبب بسيط وهو الطابع العفوي العام لثورات الربيع وعدم التحضير لها ولكن لم يمر عام الا وكانت االأسباب مهيأة لانبثاق قيادات ميدانية كفوءة بغالبية شبابية خاصة بعد التلاقح النضالي بين كل من الحراك الثوري الوطني العام من جهة وبين طلائع الجيش الحر المنضمة الى صف الشعب الا أن الحرب الاجرامية بكل إمكانات الدولة الأمنية المعلنة على المنتفضين إضافة الى سعي الأحزاب والتيارات التقليدية ( الإسلامية والقوموية واليسارية والليبرالية ) الى استعادة الشارع من الثوار الحقيقيين بدعم واسناد الأطراف الإقليمية الرسمية قد عطل النضوج الكامل للعامل الذاتي وفوت فرصة تاريخية لبلوغه .
 حذر عقلاء المعارضة الوطنية منذ البداية من تسلل التيارات التقليدية العاجزة وخاصة جماعات الإسلام السياسي الى صفوف الثورة أو تقمص دور القيادة والريادة أو الادعاء بتمثيلها والنطق باسمها وقد ترددت تلك التحذيرات خصوصا في بعض المداخلات بأول مؤتمر جاد شامل لجماعات معارضة بالعام الأول للانتفاضة في ( أنطاليا ) ولكن وبكل أسف لم تجد طريقها الى التطبيق أو التزام الآخرين بها مما أصبحت الثورة مادة لمتاجرة ماهب ودب ومصدرا لمن يريد الثراء أو كسب السمعة الوطنية وتحولت عشرات المؤتمرات والاجتماعات الخالية من أي تمثيل لصوت الثوار والتي تمت تغطيتها من أجهزة مخابرات إقليمية ودولية بما فيها مخابرات نظام الأسد بمثابة تظاهرات إعلامية لمصلحة هذا الحزب أو ذلك الطرف وبالضد من إرادة الثورة وأهدافها وشعاراتها ومانتج عنها سوى الشقاق والفرقة والانقسامات والحروب الكلامية بالنيابة عن الأطراف المانحة المتصارعة .
    عجزت الأطراف والمنظمات والهيئات المنبثقة عن عشرات المؤتمرات المنعقدة بالعواصم الخارجية بعد النصف الأول من العام 2011 مثل ( هيئة التنسيق والمجلس الوطني والائتلاف وغيرها من الكتل والتجمعات الأصغر باسم المكونات السورية المختلفة ) عن تمثيل الثورة السورية وتجسيد أهدافها أو الارتقاء الى مرجعية تتوفر فيها شروط وصفات القيادة الحقيقية كعامل ذاتي كامل المواصفات يدير الصراع المتعدد الوجوه ويواجه التحديات الماثلة في مختلف المراحل والظروف .
     لأن – المعارضات – بدون استثناء لم تكن مهيأة جادة متفانية ولم تكن تمثل الثورة والثوار ولم تعبر عن طموحات السوريين بكل مكوناتهم القومية والدينية والمذهبية وبالتالي لم تتوفر فيها الشروط المطلوبة لتجسيد مفردات وجوانب العامل الذاتي الناجح فانها عجزت عن تحقيق أية خطوة نحو الأمام ان كان على صعيد تطبيق الهدف الرئيسي وهو اسقاط النظام أو تعزيز قوى الثورة وهيكلة الجيش الحر وتوحيد ومركزة القرار أو الاستفادة من كل الدعم والاسناد من جانب ( أصدقاء الشعب السوري ) واستثمارها لمصلحة أهداف الثورة أو الوقوف أمام المد الإرهابي باسم الإسلام من جانب داعش والنصرة أو صيانة القرار الوطني المستقل أو قطع الطريق على تسلط جماعات الإسلام السياسي وخاصة – الاخوان – على مقاليد التنظيمات العاملة باسم المعارضة أو منع جحافل الإرهابيين من اجتياح نصف جغرافية البلاد .
 المشهد العام للأطراف التي تتقمص اسم الثورة والمعارضة في الظرف الراهن يؤكد أنها بأجمعها انحرفت عن النهج وضلت الطريق فالثورة التي بدأت بتمازج وتفاعل الحراك الثوري والجيش الحر اندلعت من أجل اسقاط الاستبداد واجراء التغيير الديموقراطي واستعادة الحرية والكرامة وإعادة بناء سوريا تعددية جديدة والآن نرى من يبحث عن سبيل للتصالح مع النظام أو عاملا على فرض الشريعة والخلافة أو فرض الجزية على غير المسلمين فما الفرق بين من كان يعمل على تعريب غير العرب من الكرد وغيرهم بقوة السلطة وبين من يسعى لأسلمة الآخر بقوة السلاح وبالاكراه خلاصة القول أن مكونات هذا المشهد غريبة عن الثورة استولت على الأرض والعباد بالعنف وسيطرت على مواقع المعارضة الوطنية بالكلام المعسول المغشوش .
  الحل الوحيد لاستعادة الثورة وكل المشروع الوطني وتوفير مستلزمات إعادة بناء العامل الذاتي من قيادة وبرنامج وموقف سياسي هو بالعودة الى الأصول وتسليم الأمانة الى أهلها من وطنيي وثوار الحراك الثوري والجيش الحر وكل المؤمنين بسوريا جديدة تعددية واحدة من خلال الآلية الديموقراطية بتنظيم المؤتمر الوطني المنشود والخروج ببرنامج وقيادة على شكل مجلس سياسي – عسكري انقاذي مشترك لانجاز المهام الوطنية ومواجهة التحديات .   






أتى هذا المقال من Welatê Me
http://www.welateme.net/erebi

عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://www.welateme.net/erebi/modules.php?name=News&file=article&sid=19226