كُردستانيات 19- نحن الكُرد بيضة الإسلام بصفَارين
التاريخ: الخميس 14 ايار 2015
الموضوع: اخبار



 ابراهيم محمود

   وجَّه الباحث المصري فهمي الشنّاوي كرَة نارية لا تُرد، إلى مرمى الوجدان الكردي الواسع، بكتابه " الأكراد يتامى المسلمين- 1991 "، ليُهلَّل له من قِبل نسبة كبيرة من خاصة الكرد وعامتهم ممن اطَّلعوا عليه، ولكنه لم يحدّد نوع اليُتم: أهو من جهة الأب، وفي الحالة هذه: يا تُرى من تزوَّج أمَّهم؟ أما زالت ثكلى ؟ أم من جهة الأب، وبالمقابل: يا تُرى من تزوَّج أبوهم ؟ أما زال أرمل ؟ البداية النارية تمثّلت في إظهار تفاني " الأكراد " دفاعاً عن الإسلام " وعن العروبة طبعاً "، وبعد عدة صفحات يظهر حنقه على القومية المشبوهة والغرب الامبريالي والصليبي والصهيوني أيضاً، وهنا يكون سمُّ الكثير الكتاب في دسمه القليل .


طيَّاً، يسهل الانفتاح على هذا الجرح الكردي التاريخ الذي لا يلتئم، لأن ثمة ملحاً كردياً، وبنوعية لافتة يوضع فيه، ربما ليؤكّد كل كردي غيور على حرمة الإسلام، أنه منافس للسيد المسيح نفسه، حتى لو صلبُه أخوته في الدين، إذ يكفيه أنه يسمعهم صوته النازف، متوسلاً إلى الأب الأكبر: رب اغفر لهم .
في الجهات الأربع، لا يتردد الكردي أن ينقل رسائله ذات العنوان والغفل منه إلى العالم: الإسلامي قبل كل شيء، أنه أسهم في توطيد دعائم الإسلام، وهو ماض في ذلك، ولكم يفرحه إذ يصغي إلى صوت القائل بأن البطل الأنقى في الإسلام كان الكردي: صلاح الدين الأيوبي، ولا يدقّق كثيراً، حين يسمع أو يقرأ التالي: البطل العربي في الإسلام، بما أن لغة الضاد هي لغة القرآن الكريم، ولا شرف يبهج الكردي مثل هذا التنسيب، ولا يهمه ماذا جرى في إثر هذا الخروج الأيوبي من ديار بني أسلافه الكرد ليعرَف بـحطّين " أسرَّ لي صديق كان يدرّس في ليبيا، حين أعلمته بما أكتب هنا، أن الليبيين الذين احتك بهم كانوا يعتبرون صلاح الدين مسلماً، أما البيشمركة فلا صلة لهم بالإسلام، طبعاً في الوقت الذي كان الكرد يتعرَّضون للعنف الدموي الصدّامي في العراق "، حتى إذا علِم الكردي الغيور على إسلامه أكثر من كرديته، أن أخاه العربي والمسلم تالياً سمّى خانة ولادة الإسلام في الحجاز شاملاً شبه الجزيرة العربية كلها، مضيفاً إليها مصر العربية وهي لم تكن عربية يوماً، والمغرب العربي وهو لم يكن عربياً يوماً، وكذلك الحال مع الشام والعراق، وأنه ألحق الأندلس باسمه، ولم ينس مسقط رأسه، وأن أخاه الفارسي فرَّس إيران كلها، واستقطر الإسلام إليها ولم يخرج منها، وبدوره كان مسلك أخيه العثماني الذي جعل الباب العالي قبلة نظارة الإسلام والمسلمين، ولم يتلاش لا الإيراني المتفرس ولا العثماني المترَّك بسقوط سلطة  تعنيه، فقد كان في بيته الجغرافي المتوسع، وبقي ومازال في بيته هذا، إلا الكردي الذي يؤثِر الإسلام على نفسه وعائلته وحسبه ونسبه كثيراً" ولو به خصاصة قومية "، إذ لا بد أن أخوته في الدين من الذين رموه في " بئر " التاريخ، وما أكثرهم، أن يعترفوا بخطأهم ذات يوم.
لا يهم الكردي المأخوذ بالإسلام إصرار أخوته الفرس على أن الإسلام الصحيح هو ما يشدد عليه آيات الله في طهران، ولا حتى مضي أخيه التركي في تعزيز تركيته وهو في جلباب الإسلام، ويمنح أخاه الكردي ليمضي سعيداً بما أعطيَه في الكثير من البرامج في قناتي " TRT6 " و" دنيا "، متحدثاً عن " الأغاني والمجتمع " أو " الثقافة القديمة "، وما يعمّق أثر الوجاهات القبلية، كما لو أن ذلك يشكّل رفضاً لاعتراف تركي لما كان .
لا يهم الكردي ما يتردد حديثاً عن داعش، وسوى داعش، والمثار عن الإسلام السياسي، وتمسك العرب بالدين الحنيف: الإسلام، ذلك شأنهم، وتأكيدهم على أن الإسلام دين الرحمة والمحبة والتسامح والمساواة، وتمسكوا بكل دعامة تؤكد هويتهم العربية في التاريخ، ولنشهد تنافس جهات إسلامية، وضمن برامج إعلامية، حتى على مستوى الإقليم، حول أن ما يجري داعشياً أو قاعدياً  وغيرهما، لا صلة له بالإسلام، ليزداد المعنيون الكرد بعوذلتهم وبسملتهم وحوقلتهم عدداً ومدداً، تأكيداً آخر منهم، أن الإسلام الصحيح هو ما يمثّلونه قولاً وفعلاً، وأن رفع راية الإسلام بطريقة ما، لهو الجواب البليغ على أولئك الخارجين عن جادة الإسلام ونعمته، وكما كان الكرد مع بداية الإسلام هكذا سيستمرون به ومعه.
بالمسلك الجهادي، والاعتقادي، والثقافي، يبرز الكرد بيضة الإسلام بصفارين، الأمر الذي يثير شهية كل أفعى، وما أكثر الأفاعي من حولهم ممن ينيّمونهم بمحبة أساسها الدين الحنيف، وشهية كل متربص ببيضة كبيرة يسهل ابتلاعها، أو هي تفقس ليسيل اللعاب أكثر، ليكون لنا عراء الجغرافيا وعزاء التاريخ في مشهد تنويم مغناطيسي يغطي قروناً وقروناً.
أجدني هنا مستعيداً ما يقوله المؤرخ الألماني مارك بلوخ " 1886- 1944 "، والذي انخرط في المقاومة الفرنسية ضد الاحتلال الألماني لفرنسا، واعتقله النازيون ليعدَم سنة 1944، إن ( عدم فهم الحاضر يولد حتماً من جهل الماضي. لكن ربما لا يقل عبثاً الهلاك في فهم الماضي، إذا لم نكن نعلم شيئاً عن الحاضر ) .
أثبت قوله، وأنا أشدد على أنني أحمل  وداً  لكل " حيوان ناطق "، لكنني كردي أولاً، كردي أخيراً، إلا إذا تأكد لي من جهة أخوتي في الدين الحنيف وبالدليل الدامغ أنهم مسلمون أولاً، مسلمون أخيراً، وأعلنوا براءتهم من تاريخ يقرَأ عربياً، كما يقرأ فارسياً وكذلك عثمانلياً فتركياً ومثّل بي كثيراً، وكنت يوسفهم الكردي، ولزمن يشهد على هذا التحول النوعي..طبعاً، وفي ضوء الجاري: عندما تشرق الشمس من الغرب، كما يقال .






أتى هذا المقال من Welatê Me
http://www.welateme.net/erebi

عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://www.welateme.net/erebi/modules.php?name=News&file=article&sid=19137