في الذكرى الثانية عشر بعد المائة لميلاده استذكار اللقاء الأول مع الزعيم بارزاني
التاريخ: الأحد 15 اذار 2015
الموضوع: اخبار



صلاح بدرالدين

     كان الخلاف على أشده داخل صفوف الحزب الديموقراطي الكردستاني والانقسام كان حاصلا في الثورة وقد ترك بظله المقلق مخيما على الحركة الكردية في أجزاء كردستان الأخرى ولم تكن أسباب الخلاف واضحة لنا في بداياته الأولى مما أثير الكثير من الشائعات من جانب أعداء الحركة الكردية وفي حزبنا كان الانقسام حاصلا منذ عام 1965 أي قبل لقائي بالبارزاني وكنت حينها عضو المكتب السياسي للبارتي الديموقراطي الكردي اليساري في سوريا وسكرتيرنا الأول كان الراحل عثمان صبري . 


عند وصولنا الى – كاني سماق – قرب بلدة – كلالة - كان يرافقني الشهيد – محمد حسن – عضو اللجنة المنطقية لحزبنا في الجزيرة وكنا قد سرنا مشيا اثنى عشر يوما بدءا من – جم شرف – على ضفة دجلة في كردستان سوريا ومرورا بكردستان تركيا ثم عبور نهر الزاب نحو كردستان العراق انطلاقا من مناطق زاخو وتحديدا من مقر القائد العسكري الشهيد – عيسى سوار –مرورا بمقر القائد العام لبيشمركة قاطع بهدينان – أسعد خوشوي - والمناطق المحررة المحاذية للحدود التركية ( آميدي – برواري – نيروي – بارزان وصولا الى – بالكي – ) وقد صودف وجودنا في – كاني سماق – انعقاد الكونفرانس العسكري السياسي الذي القى فيه البارزاني كلمة جامعة هامة اعتبرت وثيقة فكرية – سياسية شكلت معلما من معالم نهجه وقد كان فرصة للتعرف على غالبية قادة الحزب والثورة في كردستان العراق منهم من استشهد وقضى نحبه والقليل منهم من مازالوا على قيد الحياة وقد مكثنا حينها مدة كافية وتواصلنا مع الكثيرين والتقينا البارزاني في لقاءات مطولة في – قصري - وتباحثنا مع سيادته في أمور مختلفة مما مكنتنا  في فهم واستيعاب تفاصيل الوضع في كردستان العراق ومجمل قضايا الخلاف وأسبابها ونتائجها كما شرحنا له وضعنا شعبا وحركة وحزبا ومعاناة وموقف السلطة السورية الشوفينية ومخاطر مخطط الحزام العربي الذي كان قد كشف عنه وآثار التجريد من الجنسية السورية والسجناء السياسيين ومسألة آفاق الحركة التحررية الكردية في المنطقة وعاهدناه على وقوفنا الى جانب الثورة وقيادته الشرعية كما تم بحث العلاقات الكردية العربية ولاقينا من سيادته التشجيع في متابعة وتعميق تلك العلاقات التي كنا قد بدأنا السير بذلك الاتجاه على الصعيدين السوري والاقليمي وخاصة مع حركة التحرر الفلسطينية .
كان اللقاء الأول مع البارزاني له طعم آخر ولاأخفي أنني بقيت لساعات في وضع لم أصدق نفسي أنني في حضرة ذلك الرجل العظيم المهيب ووجها لوجه أمامه وعشت لحظات تتلاطم فيها الحقيقة بالحلم والمشاعر الجياشة بالواقعية ولدى عودتي أبلغنا اللجنة المركزية لحزبنا بتقرير مفصل حول كل ما شاهدناه وسمعناه بما في ذلك مباحثاتنا مع البارزاني وانطباعاتنا وعلى أثر ذلك جددت القيادة موقفها الداعم لثورة ايلول والوقوف الى جانب قائدها وتجسيد ذلك في اعلام الحزب بالداخل والخارج .
 مكثنا في مقره الشتوي - بقصري - ثلاثة أيام وكان يدار من جانب الراحل نجله ادريس نلتقي به بداية الليل حتى الفجر وكان بينها ليلة " كردية سورية " بامتياز وسأسرد بعضا من أحاديثه دون الدخول بالتفاصيل على مبدأ ( المجالس أمانات )  حيث بدأ حديثه بالاستفسار وبنوع من الاستغراب كيف أن الراحل أوصمان صبري هو سكرتير حزبنا حيث كما لاحظت كان لديه انطباعا مختلفا عنه وبعد إجابة مطولة خلصت الى القول أنه ملتزم بموقف الحزب الذي أوضحته ثم انتقل الى – خالد بكداش – مخطئا مواقفه السياسية وكيف اصطدم به في المدرسة الأكاديمية الحزبية بموسكو ووصل الأمر الى الرئيس – خروتشيف – وكيف استدعاه بحضور كل من ( ميخائل سوسلوف وأدجوبي رئيس تحرير البرافدا وبكداش ) وأصلح بينهما بعد أن استمع مليا الى شرح أسباب الاختلاف ومن بينها ( أولوية القوم أو الآيديولوجيا ) حيث أن – بكداش – وخلال القاء محاضرته في المدرسة الحزبية قال أنا شيوعي قبل أن أكون من أية قومية وتصدى البارزاني له بالقول : الانسان يولد منتميا الى شعب أو قومية ثم قد يعتنق أية آيديولوجية وأفصح أن خروتشيف أيده أما سوسلوف فوقف الى جانب بكداش وتناول في حديثه الشاعر – قدري جان – الذي التقاه بموسكو بتوصية من الأديب والكاتب – قناتي كوردييف - خلال أيام مؤتمر الشباب العالمي ووجه اليه النقد على مطلع احدى قصائده التي تبدأ وتنتهي باللازمة ( كعبتنا موسكو ) موجها كلامه اليه : لماذا لاتكون كعبتنا مهاباد أو آمد أو السليمانية أو قامشلو ؟ واختتم الليلة – الكردية السورية – با الدكتور عصمت شريف وانلي – وكان باديا عليه مدى امتعاضه من سلوكه وكيف أنه لم يكن أمينا في تمثيله للثورة الكردية في الخارج مما اضطر الى الاقدام على عزله .
 طبعا كنت آنذاك شابا في مقتبل العمر بدون خبرة متراكمة أعترف أنني وبعد أعوام أو عقود وخلال تأملي بتفاصيل تلك اللقاءات توصلت الى قناعة بأن الراحل الكبير أثار تلك المسائل المتعلقة خصوصا بكرد سوريا كرسائل واشارات ذات مغزى حول دور الأفراد ومواصفات المناضلين وأعداء وأصدقاء الحركة الكردية ومخاطر الانغلاق الآيديولوجي والطفولية اليسارية وعدم واقعية المواقف الحزبية المتزمتة والحذر من الدول الكبرى أثبت الزمن أنه كان صائبا .
  غادرنا – قصري – بعد وضع الأسس العامة للتعاون والتنسيق وبعد أن حملنا البارزاني رسالة الى القيادة السورية بتوقيعه وخط يد الشهيد صالح اليوسفي عضو المكتب السياسي للحزب  تتضمن المطالبة باطلاق سراح السجناء السياسيين الكرد ورفع الاضطهاد ووقف القمع لنبدأ المحادثات مع أعضاء المكتب السياسي للحزب الديموقراطي الكردستاني في – كاني سماق – ومنهم ( علي عبد الله وسامي عبدالرحمن ) وبعد انقضاء شهر على تواجدنا في ضيافة الأشقاء غادرنا متوجهين الى الحدود السورية وهذه المرة عبر حقل رميلان ومعنا البيشمركة الشهيد الشجاع – محمد رشو – وكان عضو حزبنا قبل الانتقال الى كردستان العراق حيث اجتمعنا بعدد كبير من هؤلاء في مناطق جبهة – بادينان – وفي كلالة .







أتى هذا المقال من Welatê Me
http://www.welateme.net/erebi

عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://www.welateme.net/erebi/modules.php?name=News&file=article&sid=18853