أردوغان يفصح عن نواياه العدوانية
التاريخ: الأربعاء 11 نيسان 2007
الموضوع: اخبار



بقلم توفيق عبد المجيد

كثيراً ما يفضح اللاشعور صاحبه ، فيطلق تصريحاته المخبوءة ، ليظهر على حقيقته بنواياه العدوانية تجاه الغير طورانياً ، فاشياً ، قوموياً ، عنصرياً ، ساحقاً ، ماحقاً ، يعطي الحق لنفسه بقمع وخنق الأصوات المنادية بالتحرر والانعتاق من نير إمبراطورية الشر، وريثة أتاتورك الذي رفع العنصر التركي إلى مرتبة الأسياد ، وأنزل إلى الحضيض أبناء القوميات الأخرى المكونة للشعوب التركية ، ليكونوا الخدم لشعبه في جمهورية تركيا ذات الإرث الاستعماري البغيض


إرث الاستعلاء للبعض ، والنكران والدونية للبعض الآخر، من شعوب إمبراطورية التخلف والجهل ، التي استطاع مفكروها ومنظروها وقادتها الاختباء تحت عباءة التحضر والتقدم زوراً بوضع الطاقية الأوربية على رؤوس مازالت تنضح أدمغتها حقداً وكراهية للغير ، تفصح عنها النوايا المبيتة الخبيثة ، كلما نطق صاحب الحق مطالباً به ، ليعبر عنها لسان الحال التركي وعلى أعلى المستويات .
ففي برنامج (بصراحة) الذي قدمه الصحفي المرموق (إيلي ناكوزي) يوم الجمعة بتاريخ 6-4-2007 كان السيد مسعود البارزاني ضيف الحلقة ، ولدى سؤاله عن وضع كركوك في المستقبل ، والتصريحات التركية الكثيرة بأنهم لن يسمحوا للأكراد بضم كركوك ، أوضح السيد مسعود البارزاني وبصراحته التي يعرفها كل الصحافيين  (لن نسمح للأتراك أن يتدخلوا في موضوع كركوك) وأنه (لا خايف من قوتهم العسكرية ولا من قوتهم الدبلوماسية،لأنهم يتدخلون في شأن لا يعنيهم، في شأن داخلي لدولة أخرى، كركوك مدينة عراقية بهوية كردستانية، تاريخياً جغرافياً كل الحقائق تثبت وتؤكد أن كركوك جزء من كردستان العراق، وكردستان العراق جزء من العراق. فإذاً كركوك مدينة عراقية بهوية كردستانية لا يحق لتركيا أن تتدخل في موضوع كركوك، إذا سمحت لنفسها أن تتدخل في موضوع كركوك سوف نتدخل في موضوع ديار بكر وغيرها من المدن الأخرى) وتابع الرد على الأسئلة التي تتعلق بكركوك (نحن ما نتدخل، ولكن إذا هم يسمحون لنفسهم أن يتدخلوا في موضوع كركوك بسبب كم ألف من التركمان، عندئذ أيضاً سوف نتدخل لأجل ثلاثين مليون كردي في تركيا ( وأبدى استعداده لإفشال المشروع التركي مع تحمل كل النتائج (ولكن إذا الأتراك يصرون على أن يتدخلوا في موضوع كركوك، أنا مستعد أن أتحمل كل النتائج ولن أسمح لهم أن يمرروا برنامجهم في كركوك) .
ونحن من حقنا أن نسأل عدداً من الأسئلة المشروعة : ألا يتدخل المسؤولون الأتراك بمناسبة وغير مناسبة في شأن لا يعنيهم ؟ ألا يتدخلون في شأن داخلي لدولة أخرى جارة لهم ؟ أليست كركوك وكل كردستان جزءاً من جمهورية العراق ؟ كيف تعطي تركيا لنفسها الحق في التدخل في كركوك ، وتحجب حق التدخل للأكراد في كردستان تركيا التي تضم ثلاثين مليوناً من الكرد ؟ وهل التصدي للمشروع التركي القائم على قضم وضم أراضي الغير يعتبر من المحرمات والخطوط الحمراء ؟
هنا ثارت ثائرة الأتراك على لسان رئيس وزرائهم السيد رجب طيب أردوغان الذي أطلق تصريحات تهديدية كعادته يدعو فيها رئيس إقليم كردستان الذي مازال يطلق عليه شمالي العراق إلى (عدم استثارة غضب تركيا بتهديداته، ملمّحاً إلى أن ثمن ذلك على إقليم كردستان قد يكون باهظاً (فهل في نيته أن يزحف بجيشه الجرار على العراق ليحتل إقليم كردستان ، كما احتل جزءاً من قبرص – ومازال – لأجل الأقلية التركمانية ؟ وماذا يبيت لإقليم كردستان عندما يقول (شمالي العراق جار لنا، لكنه يرتكب أخطاء كبيرة وسيكون ثمنها باهظاً جداً) وهل المطالبة بحقوق ثلاثين مليوناً أو أكثر يعيشون في كردستان تركيا دون أن يعترف بهم أردوغان حتى الآن ، هل من حقه أن يطالب بالنيابة عن التركمان بحقوقهم ، وليس من حق البارزاني أن يلمح إلى حقوق هذه الملايين العديدة من الشعب الكردي (ما كان يجدر بالسيد برزاني أن يقول هذا الكلام فهو كبير جداً عليه، وقد اجتاز به كلّ حدود... يجب عليه ألا يثير غضب تركيا بتهديداته) فإذا غضبت تركيا فماذا ستفعل ؟ وهل السياسة ردود أفعال وخطابات ارتجالية انفعالية ؟ أم أنها حكمة وتعقل وموضوعية بعيدة عن الاستفزاز ؟ وهل يجوز لرئيس وزراء دولة أن يستسلم للمشاعر الآنية فيطلق تصريحات عدوانية مبيحاً لنفسه كل شيء حتى سحق الشعوب وإبادتها واستعمارها من جديد ؟ ( على الأكراد أن يدركوا حجمهم ، فقد يسحقون جراء هذا الموقف) ، لا عجب في هذه التصريحات طالما أن صاحبها مازال حبيس العقلية الماضوية ، عقلية عشرينات القرن الماضي ، ومازال يتشبث بجزء من جمهورية قبرص بالضد من إرادة الشعب القبرصي والمجتمع الدولي .
ختاماً نقول للسيد اردوغان : إن من يحتل أرضاً فحو محتل ومستعمر سواء كان إسرائيلياً ، أو إيرانياً ، أو تركياً ، مسلماً كان أم يهودياً ، والجزر الإماراتية ، ولواء اسكندرون ، مازالتا محتلتين ، والاستعمار واحد ، مهما حاول التلون أو ارتدى قمصان النفاق ، وتظاهر بالحداثة ، وتاجر بالدين ، لأن أجداده استطاعوا استعمار هذه المنطقة لقرون عدة ، متذرعين ومتدرعين بالإسلام ، ومتخندقين تحت شعاراته السمحاء ، وعندما حاول المناضلون من أبناء هذه المنطقة التخلص من الاستعمار العثماني المتخلف البغيض كانت حبال المشانق بانتظارهم بتهمة التآمر مع الغرب على دولة الخلافة الإسلامية ، ولولا هذا الغرب الذي مازال أردوغان يحلم بالانضمام إلى ناديه لما تحررت منه ، ومن استعماره المتخلف ، شعوب هذه المنطقة .
ندعو السيد أردوغان أن يبتعد عن المواقف الارتجالية ، والخطابات الانفعالية ، وأن يعالج الموضوع الكردي بالحوار العقلاني ، وأن يجنح إلى السلم والحكمة والاتزان ، وأن ينبذ سياسة البطش والتنكيل ، ويتخلى عن عقلية سحق الشعوب قبل أن يفوته الأوان ، لأن عقلية السحق قد سحقت بولادة النظام العالمي الجديد ، ليخرج من أوهامه وخيالاته المريضة ، وأحلامه اللامعقولة ، فيدرك أنه يعيش في القرن الحادي والعشرين وأن الشعوب المستعبدة ستتحرر أن عاجلاً أم آجلاً .
القامشلي في  10-4-2007







أتى هذا المقال من Welatê Me
http://www.welateme.net/erebi

عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://www.welateme.net/erebi/modules.php?name=News&file=article&sid=1867