الساسة والكتّاب الكُرد اصحوا قليلاً، فداعش يعرفكم أكثر مما تعرفون داعش
التاريخ: الأحد 02 تشرين الثاني 2014
الموضوع: اخبار



 ابراهيم محمود

ما أكثر ما نسمع ونقرأ بصدد التذكير بداعش ومنذ سطوع " نجمه "، ومن قبل ساسة الكرد وكتّابهم في المجمل، وفي كلمات مترادفة ومتتابعة: داعش الإرهابي، المجرم، الهمجي، الوحشي، البربري، المجرد من الأخلاق، الدموي، معدوم الضمير، سفاح الدماء، البدائي، المنحط، السافل، السيء الذكر...الخ، وغيرها من الكلمات الأخرى الدالة على مدى تمكن الكلمات الجوفاء من هؤلاء، إنما على مدى إدراك هؤلاء أنهم بالطريقة هذه، يمكنهم القيام بدورهم على أكمل وجه، والتعبير عما هو عليه كُردهم البسطاء، إنما أيضاً، للتأكيد على مدى جهلهم بالعدو، وما يكونه العدو، وكيف يمكن التصرف مع العدو الداعشي وخلافه وما يرادفه، قبل الإقدام على أية خطوة وإبعاد خطره عن أهله وحدوده.


يعلم أهل اللغة ونحوها الثقافي قبل كل شيء، أن العزف على وتر الخطاب العاطفي تعبير مباشر عن الاستهتار بالمعنيين به قبل الآخر، وأن الإيغال فيه انعكاس للخواء الثقافي، لا بل وترجمة أمينة لمن لا يستحق أبداً أن ينطق بحرف بصدد داعش العدو وثقافة العدو وقدرات العدو، ويكون أميناً على اسمه.
إن استعمال الكلمات التالية، ورشّاً: همجي وحشي، بربري، دموي... ليس أكثر من تسطيح للوعي، وخروج من التاريخ، والأنكى من ذلك، حين نتابع ما تقدم على الشاشة التلفزيونية الكردية هذه أو تلك، من خلال متحاور، أو ما هو مسموع، والثناء على المقروء أو المسموع، وبلغة لا تخلو من ركاكة لا هي بالعربية ولا هي بالكردية، ولا هي – طبعاً- باللغة " الثالثة " ليؤكد الكاتب أو المتحدث أنه بارع في التطعيم، وبعيداً عن موقع الحدث، وأن ذلك يقرّبنا مما هو مؤسساتي مختزل أو مبتذل أو اعتباطي كردي المنشأ والعلامة، وما في ذلك من استخفاف بمتطلبات الراهن.
فالبربري غير المتوحش، غير الوحشي، وهذا غير الهمجي، وهذا غير السفاح، وهذا غير المجرم ..الخ، سوى أن المراد من كل ذلك هو إمكان الإيحاء إلى إرواء ظمأ القارىء أو المستمع والذي يعتقده طالبَ لائحة طويلة من هذه المفردات، بينما يبرز البربري والبعيد عن أخلاقية الحضارة أو المتحضر منتصراً، ومهدّداً إياه في عقر داره، وهو حاصل شهادة جامعية عالية: سياسياً أولاً، وكاتباً ثانياً، والكاتب يتحمل مسئولية هذا التردد والابتزاز للمشاعر أكثر من سياسيه، إلا إذا كان يريد نيل رضاه وإعلامه أنه يعتبره قدوته.
ساسة الكرد وكتابهم من ذوي الخطابة المنخورة، داعش ليس كما تظنون. نعم، هو ما يجري واقعاً: إنه تنظيم إرهابي، ولا يدخر جهداً في حرق الأخضر واليابس، وتفعيل قانونه الإرهابي الخاص به. وهنا علينا أن نتوقف:
داعش هذا لديه من الذهنية المعلوماتية الفضائية والأرضية أكثر مما لدى أكثركم ادعاء بفهم تكنولوجيا المعلوماتية والغزو المعلوماتي.
داعش لديه من الأساليب في المكر والدهاء واستحداث وجوه من العنف وإثارة، مثلما لديكم ربما من أساليب تخويفكم لأطفالكم بوجوب الصمت أو السكوت حتى لا يأتيهم داعش . أرأيتم كيف تجندون أنفسكم في خدمة داعش دون أن تعلموا بذلك ؟
داعش يتابعكم عبر بياناتكم ونشرات أخباركم و" أكثر من رأيـ:ـكم ؟ "، وتعليقاتكم الخبرية، ومناظراتكم؟ وتعليقاتكم على بعضكم بعضاً، وفيسبوكياتكم، و" بوزاتكم " واستعراضياتكم، ومفرقعات كلماتكم، أكثر مما لديكم من معلومات " ولضحالتها " عن داعش الإرهاب ومفهوم الإرهاب وقواعد داعش وإعلامه...الخ .
داعش، لديه من القوى المعرفية وكيفية استثمارها، والإقدام على رسم أساليب كر وفر، والإيمان بالفكرة التي وحدت أفراده، وهو يتابعكم آناء الليل وأطراف النهار في القول والفعل، أكثر مما لديكم من المعلومات ورباطة الجأش كنسْبة حسابية على الأقل، وأنتم لا تكفّون عن اتهام داعش بالبربرية والبدائية والهمجية، وثقافة الجهل، وكل ذلك يصب لصالحه على الأرض في الحال. أرأيتم أيضاً كيف تسلّمون رقابكم لهم، بقدر ما تخدعون شبابكم وحتى نساءكم وفتيتكم وفتياتكم ألا داعي للخوف من داعش، وداعش يوسّع حدوده هنا وهناك، ويملأ الدنيا ويشغل الناس ؟
داعش، مكوَّن من جنسيات، ومن أقوام، ومن مراتب مدروسة بدقة. أم إنكم تعتبرون القادم من أميركا والسويد وفرنسا وبريطانيا وألمانيا ....الخ، حقاً، إلى جانب المنخرطين في صفوفه من العرب والمسلمين بشكل لافت، دون مستوى التذكير بأسمائهم، والنظر إليهم؟
داعش، الأعلم بكم، فيما تعنيه الكردية والكردايتي، الأعلم منكم تماماً في الفارق بين الكرد والأكراد، في جغرافية كردستان، والعلاقة القائمة بين حزب كردي وآخر، جهة كردية وأخرى، بالمتابعة المعلوماتية الدقيقة، إلى جانب " لغاتكم " الكردية، ومن خلال " أخوة "؟ لكم كرد أقحاح أقحاح شاؤوا أن ينتموا إلى صفوفه، كما شاؤوا أن يكونوا أعداء ألداء لكم وهم أدلاء لداعش ويسهمون في تصفية حسابات داعش معكم حيثما كنتم، كما هي تصفية حساباتكم الجانبية، أكثر مما تحاولون إمعان النظر في سياسة داعش وكيف يتنامى داعش هنا وهناك ؟
لهذا، آمل منكم، إذا أردتم ألا تنكشف عورتكم " إلى الآخر " وألا تكون نهايتكم وخيمة، أن تكفوا عن هذا الزعيق الإعلامي والشعبوي والاستخفافي، حرصاً عليكم من قادمة أيام لم تفكروا في مصير هذه الألسنة حينها.. آمل أن تراجعوا أنفسكم، قبل وقوع الكارثة الكبرى، ولا تجدون الوقت الكافي لاكتشاف هذا النخر السرطاني الذي استعبدكم وكان عليه نهايتكم أخيراً.
ملاحظة: يتذكر من هم ستينيون عمراً في روجآفا، ما كان يجري في أعقاب هزيمة العرب في الخامس من حزيران 1967، من جهة تعامل الإعلام العربي والسوري المحلي ضمناً مع انتصار اسرائيل عليهم، حيث كنا نفاجأ كلما اشترينا " لبّاناً : علكة "، وهي ملفوفة بقصاصة ورقية ملونة، وفيها بطاقة شخصية لأحد رموز اليهود ممن انتصروا على العرب وأي انتصار، كما في حال موشي دايان وغولدمائير.
فالأب يكون حماراً، والأم تكون أتاناً.. إلى آخر اللائحة من التركيبات السخفيفة، لتكون النتيجة المثيرة للبلبلة في أذهاننا حينها: كيف يمكن للحمار أو ما دون الحمار أن يتغلب على إنسان واع ومتعلم ؟ اللبيب الكردي من الإشارة يفهم !؟؟؟؟؟؟







أتى هذا المقال من Welatê Me
http://www.welateme.net/erebi

عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://www.welateme.net/erebi/modules.php?name=News&file=article&sid=18273