قراءة في أحداث كوباني
التاريخ: السبت 20 ايلول 2014
الموضوع: اخبار



توفيق عبد المجيد *

مشهد آخر من التراجيديا الكوردية التي توالت فصولها على مر التاريخ ليضاف إلى جملة المآسي التي شهدها الكورد في القرنين ، الماضي والحالي كانت شنكال مسرحها بعد الأحداث الفاجعة والفظيعة التي مورست  فيها مختلف أنواع القمع والبطش والتنكيل ، مشهد آخر يطل بوجهه الدموي مرة أخرى ، لكن هذه المرة في مدينة كوباني التي عرّبها البعث الشوفيني إلى " عين العرب " ليؤكد لنا الداعشيون والمتعاونون معهم  أن حملة البطش مازالت مستمرة وهي مرشحة للمزيد من التصعيد إذا استمرت هذه المجموعات في زحفها على المنطقة دون أن تردعها قوة أخرى - أعتقد أن غيابها عن المشهد لن يطول - لتكون النتائج الكارثية  الناتجة  والناجمة عنها والمخلفة على الأرض المزيد من الضحايا الأبرياء ، وهم يتركون كل شيء ، ويتدفقون على الحدود التركية بعشرات الآلاف طلباً للأمان . 


لقد باءت بالفشل أهداف ومخططات تلك الحملة الوحشية على شنكال المنكوبة من قبل العصابات الداعشية ، وخلفت وراءها جراحات عميقة ، وعميقة جداً لا يمكن أن تندمل في وقت قصير ، كما يستحيل على الذاكرة الكوردية أن تمحوها من تعاريجها بسهولة ، واختيرت هذه المدينة ذي الخصوصية المتميزة  لتكون مسرحاً لتنفيذ تلك الجريمة ، لعدة أسباب يأتي في المقدمة منها - ربما - كونها الخاصرة الرخوة التي تمتاز ببعدها الجغرافي عن الإقليم ، ويعزلها عنه حزام من قرى غير مشكوك في موقف سكانها السلبي واللاودي من الإقليم والكورد  ومن ثم لتكون سنجار الساحة التي منها توجه رسائل التهديد والوعيد إلى القيادة الكوردستانية . 
أما المشهد المستحدث والمستجد ، والذي تكرر ، لكن ساحته هذه المرة " كوباني " فهو متمم لما حدث في شنكال ويأتي في نطاق ضرورة توجيه ضربة للشعب الكوردي في سوريا في مكان ما ومدينة يتفق عليها ، فاختيرت كوباني لنفس الأسباب مع الأخذ بعين الاعتبار المستجدات التي طرأت على الموقف الدولي ، والضرورة الملحة للبحث عن لاعبين جدد في الميدان ليبسطوا سيطرتهم على المحرر من الأرض ، ومحاولة تلك المجموعات التي تدعي الدفاع عن كوباني أثبات وإظهار جهوزيتها واستعدادها لتكون القوة الميدانية المعتمدة لدى التحالف الدولي ،   
ولا أبوح بسر إذا قلت إن المستهدف من تلك العمليات الإجرامية أولاً وأخيراً هو إقليم كوردستان العراق لكي يستدرج إلى معارك بعيدة عن ساحته الجغرافية وثقله العسكري ، ولم يكن  
مستعداً لها ، بل فرضت عليه ، أما الجهة التي تبنت مسؤولية الدفاع عن كوباني وغيرها من القرى التابعة لها فهي أولا وأخيراً وحدات حماية الشعب لأنها وحدها المسؤولة عن حماية الكانتونات التي شكلتها ، وسيفشل هذا المخطط كسابقه بفضل الدفاع المستميت من قبل سكان كوباني المشهود لهم بالشجاعة التي يعرفها الجميع ، واستبسالهم واستماتتهم في الدفاع عنها وعن القرى التابعة لها ، والتي يقرها ويعرفها الجميع ، ولن ينجح الغزاة في تفريغ المنطقة من سكانها الكورد ، لكن الخسائر ستكون فادحة ، والضحايا كثر ، ولن يدوم هذا الواقع المفروض على الأرض كثيراً لأن المعادلة السياسية والعسكرية في طريقها إلى التغير ، وستنقلب الطاولة على رؤوس أصحاب المخطط  والمخططين ، وستبرز على الساحة الكوردية وربما السورية أطراف أخرى مرحب بظهورها 
20/9/2014 
* قيادي في الحزب الديمقراطي الكوردستاني سوريا   






أتى هذا المقال من Welatê Me
http://www.welateme.net/erebi

عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://www.welateme.net/erebi/modules.php?name=News&file=article&sid=18050