لماذا كردستان ؟
التاريخ: السبت 09 اب 2014
الموضوع: اخبار



  د.إسماعيل حصاف*
 
دشنت بداية الألفية الجديدة نوع آخر من العلاقات الدولية، أرست دعائمها على أنقاض الحرب الباردة، التي ظهرت بلباس آخر. فخلال هذا العقد، جرت أحداثا وتغيرات كبرى، شملت منطقة الشرقين الأوسط والأدنى، من أبرزها كان سقوط أعتى دكتاتوريات العالم ونظامها البوليسي في بغداد. ومن ثم قيام الإنتفاضات والثورات الشعبية في عدد من دول المنطقة، كانت باكورتها إنتفاضة قامشلو التاريخية. وقد سرقت معظم هذه الثورات أو إنحرفت عن مسارها من قبل قوى إسلامية وقومجية وسماسرة السياسة.


   ومن معالم العهد الجديد، تقسيم العالم بين محورين متخاصمين، المحور الأول يمثله العالم الحر والديمقراطي بمن فيه الشعب الكردي، والمحور الآخر، يمثله الإرهاب الدولي ومجموعاته السلفية المتطرفة والتي لاهدف لها سوى الدمار عبر أعمال بربرية هدامة ضد كل أشكال التقدم والتسامح والسلام. وهذه الفئة تستمد ديمومتها من بعض القوى العظمى والشركات الإحتكارية لخلق ثغرات فوضوية داخل المجتمعات بهدف التغلغل، وتلعب شركات الأسلحة دور بارز في هذا المجال. وفي الشرق الأوسط تلقى المجموعات الإرهابية الدعم والمساندة من قبل العديد من أنظمة المنطقة، لقمع الحريات والمحاولات الديمقراطية أولا، وكرسالة إنذارللشعوب ثانيا، بأن أنظمتها خيارأفضل من هذا البديل البربري المتوحش الذي إسمه »داعش« »والنصرة« وغيرها.

وإذا حاولنا، تسليط الأضواء على ما يحدث اليوم من هجمات من قبل المنظم تستهدف الشعب الكردي أرضا وتاريخا ووجودا، فلابد أن لذلك اسبابها العديدة.
أن كردستان هو الإقليم الوحيد المستقر في غرب آسيا والشرق الأوسط، بما يسود فيه من روح التسامح الديني بين كافة الأطياف الدينية والمذهبية في كردستان، بحيث يحق لكل مجموعة منها أن تقوم بطقوسها بحرية مطلقة في المسجد والكنيسة والمعبد...إلخ، ناهيك عن التعايش ما بين شعوب وأقليات كردستان الإتنية التي نالت حقوقها في إطار الدستور وتعبر عن نفسها من خلال تنظيماتها وأحزابها السياسية والبرلمان الكردستاني. وهذا ما لانجده في اي بلد من بلدان المنطقة التي تملؤها النزاعات العرقية والدينية.
ومن ناحية ثانية، أثبت الشعب الكردي للعالم كله، بأنه شعب مسالم وديمقراطي وحر، ففي الوقت الذي لم يستقر أوضاع العراق العربي منذ سقوط صدام حسين، تشهد كردستان الجنوبية تحولات عملاقة في تأطير القوانين الخاصة بحقوق المكون الكردستاني، وما لعبته القيادة الكردية وخاصة في شخص رئيس الإقليم كاك مسعود بارزاني، من دور في عمليات المصالحات الوطنية وترتيب البيت داخليا، وحرصه على مبادئ الكردايتي.
ناهيك عن ذلك، تحولت كردستان خلال عشر سنوات الأخيرة إلى سوق عالمي وحاضنة للإستثمارات الدولية وجذب الشركات العالمية والتي تجعلها منطقة مصالح دولية، وملاذ آمن للقوى الثورية والتحررية، الأمر الذي أثار القلق لدى العقليات الشوفينية والبرجوازيات القومية، والتي تقف بالمرصاد ضدها.
إن سياسة إقليم كردستان قد اثبتت للعالم الحر والديمقراطي في أوربا وأمريكا وغيرها، أن الكرد شعب حضاري فريد من نوعه، يختلف كليا عن مشاريع الأنظمة الحاكمة الطامعة دوما في التوسع، حيث تستغل بعض من هذه الحكومات الدين والقومية وتتدخل في شؤون المنطقة، وتورطت بعضها في دعم الإرهاب. ولأن القيادة الكردية حافظت على إستقلاليتها القومية ولم تنحاز لأطراف الصراع داخل العراق، متمسكة بالمبادئ وصاحبة مواقف تجاه أحداث المنطقة.
ومن هنا فإن الدول الكبرى والعالم الحر، قد يقود حملة دعم ومساندة للشعب الكردي في تكوين دولته المستقلة، التي ستكون قلعة من قلاع الحرية والديمقراطية في غرب آسيا، وإن تطبيق هذه الخطوة ستغير من معالم المنطقة وخارطتها السياسية، وستدشن نوع جديد من التوازنات الدولية والإقليمية بدلا من تلك التي رسمت خطوطها في سايكس بيكو، وترسخت في أعقاب الحرب العالمية الثانية والتي إنتهت مفعولها السياسي والاقتصادي والتي لم تعد تعبر عن مصالح دول وشعوب العالم والمنطقة.
  لكل هذه الأسباب وغيرها، إجتمعت قوى الشر وعلى رأسها الحكومات المقسمة لكردستان وبرجوازياتها القومية وقواها الشوفينية، والأنظمة التقليدية الحريصة على بقاء الأمور كما هي، على تصفية وإفشال التجربة الكردية.
بوحدة الصف الكردي والإرادة الشعبية وبدعم الحلفاء سيكون النصر لنا لامحال.
--------------------- 
·       أكاديمي وسكرتير البارتي الطليعي الكردستاني – سوريا  







أتى هذا المقال من Welatê Me
http://www.welateme.net/erebi

عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://www.welateme.net/erebi/modules.php?name=News&file=article&sid=17830