الكُرد وثورة «الدعشائر»
التاريخ: الجمعة 08 اب 2014
الموضوع: اخبار



 ابراهيم محمود
  
 كثيراً، ما تكون النتائج محكَّاً لمقدماتها وتعرية لمضمونها السياسي والاجتماعي والأخلاقي ! هذا ما يشدّد على حيوية هذا السؤال وخطورته: هل حققت المسماة بـ " ثورة العشائر " العراقية التي قامت منذ شهرين إثر السيطرة الموصلية وفي الجوار، هل حققت أهدافها، لتشهد توقفاً أو ركوناً إلى الصمت ؟ أم أن الذي شهده إقليم كردستان ويشهده، ومنذ مطالع هذا الشهر الآبي لعام 2014، وفاجعة الكرد الإيزيديين القائمة على قدم وساق، هو مضمونها الفعلي ؟ ألم تكن الموصل البوابة الكبرى لاستشراف الوجه الفعلي لمحتوى هذه " الثورة: السَّوْرة "، في النزوح الألوفي للعراقيين من الموصل وفي الجوار، إلى الإقليم، ومن ثم تطبيق المبدأ التاريخي الديني الطابع" أسلم تسلم " بطبعة مزيدة ومنقحة بعنفها، بالنسبة للأخوة المسيحيين "، وليس الشعب الأثوري وخلافه في العمق العراقي"،


 وبعد ذلك إعمال الحراب المثلومة في رقاب الإيزيديين "المغلوبين" على أمرهم، ومن ثم إماطة اللثام عما كان خفياً في لعبة أنظمة المنطقة : السورية- العراقية- الإيرانية، وحتى التركية والساكتة على الجاري برضى ما ؟ لعل من الصعب جداً، إن لم مستحيلاً تمرير هذه العبارة "اليافطة" من قبل من "ثاروا " وما صاروا إليه في الشمال العراقي: الموصلي بـ " ثورة العشائر "، دون السؤال عن حقيقة العشائر المنتفضة، والموافقة على الجاري " ثورة " في علم الاجتماع السياسي، والعشائر مشهود لها تاريخياً بالتفكك وليس التماسك، بالعصبية القبلية وليس تحرر القبيلة من عصبيتها، وأن وجود القبيلة يعني وجود ساعتها الحيوية المفعَّلة تاريخياً ، حتى اللحظة للزوم الحاجة البنيوية إليها سياسياً: العصبية، ودونها تفقد القبيلة مبرر اعتبارها القبيلة ؟ قد تكون التسمية الفعلية ولمرة واحدة " ثورة العشائر " في عشرينيات القرن العشرين على الانكليز صائبة، وما عداها يكون الانحراف الفعلي عملياً عن مسار الأرضية التي تعرّف بالعشيرة " قراءة الباحث العراقي العتيد علي الوردي، مفيدة هنا " ! قد تكون الموافقة دقيقة وصائبة لحظة تسمية ما جرى بهبة عشائرية في إيقاعها العصبي الموجه تحت زعامة داعشية، لأن مئات الداعشيين، ونسبة كبيرة منهم، كانوا عراقيين سنَّة " من كعب الدست "، مع خلطة كوسموبوليتية إسلامية متعرية الجنسيات، قد " أدِخلوا " إلى الموصل، ومنها كانت السيطرة على المال العراقي والسلاح العراقي الثقيل والتوجه بهما إلى خارج العراق في نسبة معلومة منهما " تل حميس- حلب السوريتان "، حيث يكون الكرد في المرمى المرسوم داعشياً ؟ ليس من اللزوم أن نشرب الخمرة لنتمكن من معرفة فعل الخمرة في رؤوس محتسيها ووصفها، حسب المرء الملاحظة التاريخية، وهي حال تتبُّع الجاري سياسياً طبعاً: من تعتعتهم " خمرة " السياسة العصبوية، ومن يكونون الباعثين على إمتاعهم حياً .

 ألّا يُرى سوى الداعشيين براياتهم وقد سدوا الشاشات، وإشارات التهديد والوعيد من أيديهم، عبر وجوه مقنعة، لكن لا أظنها بقادرة على تغييب تاريخها وسجلها الماضيين في انتقام موجه: عنصري الأبعاد . ألا يكون الحديث باسم ثورة العشائر إلا من قبل كانوا كاشفي الوجوه حاسري الرؤوس بلغة لا تخفي قبائليتها: عشائريتها، وليس في الخلف سوى الرايات الداعشية والحراك الداعشي والزعامة الداعشية، وكأن ثمة اتفاقاً مسجلاً باسم الداعشية: عليكم بالتمثيل ، قولوا ما تشاؤون شريطة الحذر في وقوع المحظور: الاسم لكم والفعل والحاكمية لنا ! هكذا يخاطب الداعشي . أين ذهب شهر العسل السياسي بين الاثنين؟ أم إنهما واحد واقعاً ؟ ودون التقليل من قهر مكبوت لكل عراقي سنياً كان أم شيعياً، مسيحياً أو مسلماً، كردياً أم عربياً أم أثورياً ..الخ.
 لا يخفي التمثيل السياسي أحياناً قفاه المتقرحة والمدودة، كحال الجاري وعلى أعلى مستوى: لتسلَّم الموصل بذخيرتها من المال والعتاد، مع ادعاء تمثيل التعادي, ولا بأس من وقوع ضحايا، أو تحويل عدد معين إلى ضحايا لتصدق اللعبة، ليكون التمكن من تحقيق الهدف وارداً بنجاح، وفي المقابل الأبعد، حيث الطرف الجغرافي السوري طبعاً، يكون الحراك الداعشي المؤمم في المجمل من كل خطر فعلي : لا بأس من تحويل بعض الجنود والمدنيين إلى ضحايا، وتضخيم هذا الفعل، كما في السيطرة على الفرقة " 17 " السورية الرقاوية، وهي في مستوى الموصل، ليتدفق السلاح داعشياً، ومن ثم السطوة الداعشية، ولا بد أن قوام الداعشية من أهل المكان في جذوتهم العشائرية بامتياز: وهذا الغزل الجغرافي المحبوك معدٌّ له بسمسرة دولية وإقليمية، حيث الحدود المزعومة هشة أو صيرت هشة، والكرد في " تُم " المدفع الداعشي، بتوجيه مركَّز من النظامين ومن يصدر الأوامر خارجاً " ألمح الدكتور الباحث محمود عباس إلى هذه النقطة، وبذكاء، في حديث متلفز له مع قناة : روداو الكردية، قبل فترة ". توقفَ زحف " ثورة العشائر " العراقية، وزعيق القنوات العربية: العربية والجزيرة خصوصاً، والحديث عن الثورة الشعبية العراقية على نظام " المالكي " الشيعي، ليكون زحف من نوع آخر، وبصياغة أخرى، ودفعة واحدة، حين تقدَّم داعش بعيداً عن حكم أخلاقي في الجوار العربي والمحيط الإسلامي غالباً، إزاء مأساة المسيحيين، ومن ثم في الأوج: الكرد الإيزيديين، وكأن داعش في الحاضنة العربية الإسلامية، غيرها في معترك الخصم اللدود: الكردي، حيث تكون البيشمركة هنا، وفي الطرق المقابل، تكون قوات الـ" pkk " أو الـ " pyd "، عبر نزع التسمية الفعلية اثنياً: الكرد. كأن داعش الإرهاب في المقابل العربي الإسلامي، داعش التأديب في المجابه الكردي . كما لو أن الهبَّة الأخلاقية الأميركية- الأوربية- التركية ضمناً، استعادت وعيها التاريخي الدولي، لتمارس التحكم في اللعبة هنا، وتغض الطرف عن قذارة اللعبة الداعشية ومن وراءها في الجانب الآخر، وأكثر من ذلك عبر تضليل إعلامي، لنشهد المزيد من مرارة اللعبة: ربما وصول الشرطة وقد نفّذت اللعبة الحية، أو " العملية نجحت، لكن المريض مات " .
ربما لم يتنبه الكرد إلى اللعبة الوخيمة، وهم موزعون بين صدق مشاعرهم " الإنسانية " وقد احتضنوا مئات ألوف من المعنيين بـ " ثورة العشائر " في نزوحهم إلى داخل الإقليم وبالترحاب، وفي أماكن منتجعات، وصدمة رد الجميل، حيث يسهل تتبع ما لا يحصى من الكتابات والتعليقات الصحفية والفسيبوكية وغيرها، وتسمية الكرد: العدو الأول بجلاء. الكرد إزء ثورة " الدعشائر ": ثورة مركَّبة : داعشية- عشائرية، لكن العشائرية مقطورة داعش القاطرة . ربما ينقشع الغيم المنذر بالويلات في سماء الإقليم، بقوة دفع دولية معينة، وهذا ما نتمناه بالتأكيد ولكنه الغيم الذي لن ينقشع كلياً، طالما أن هناك سماء يصر الكرد على أنهم سماؤهم، كما يحق  لهم ذلك، وربما يكون هناك أسوأ مستقبلاً، طالما أن ثمة من يعتبر تسمية أي سماء بالكردية، مهما كان ضيق مساحتها تهديداً لأمنه الحيوي، ولأحلامه السعيدة، أحلام السيد النظام، والسيد الاجتماعي، والسيد الثقافي، والسيد الثقافي، والسيد التاريخي، والسيد النحوي واللغوي، ضداً على العبد أو المستعبَد المقابل: الكردي في الصميم .  







أتى هذا المقال من Welatê Me
http://www.welateme.net/erebi

عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://www.welateme.net/erebi/modules.php?name=News&file=article&sid=17819