معبر سيمالكا: من شريان حياة الى شعرة معاوية..
التاريخ: الأربعاء 09 نيسان 2014
الموضوع: اخبار



  الأورينت نت ـ حسين جلبي

تفائل الكُرد السوريون كثيراً بافتتاح جسر "سيمالكا" العائم على نهر دجلة و الذي ربط المناطق الكُردية السورية بأقليم كُردستان العراق لاستعمالهُ في أعمال اغاثة بعد صعوبات معيشية كبيرة عانت منهُ تلك المناطق نتيجة الحصار الخانق "الداخلي و الخارجي".
و هكذا لعب الجسر دوراً حيوياً مهماً في الأيام الأولى من افتتاحهُ من خلال ضخ مواد معيشية أساسية كالمحروقات و الطحين باتجاه المناطق المحتاجة، كما انتقل عبرهُ الكثير من المرضى للعلاج في أقليم كُردستان و التحق الطلاب بجامعاته، اضافةً الى ذهاب الكثيرين للبحث عن فرص أفضل للحياة في ظل توافر الأمن و الاستقرار هناك.


لكن الجسر ما لبث أن تحول بعد قليل الى موضوع نزاع بين الأحزاب التي تديره بسبب صراعها على العوائد، الى جانب تحوله الى معبرٍ للتهريب العلني للدخان و مواد مفقودة أُخرى في سوريا، و أصبح من جهة ثانية طريقاً للجوء و إفراغ المنطقة من مواطنيها الكُرد حيثُ عبر عليه عشرات الألوف الى أقليم كُردستان للإقامة و اللجوء رغم عدم وجود عمليات عسكرية في مناطقهم، و قد أدى تحولهُ الى مجالٍ للشد و الجذب بين الأطراف السياسية الكُردية السورية من جهة و بين بعضها و سلطات أقليم كُردستان من جهةٍ أُخرى الى إغلاقهُ في النهاية، ليُعاد أخيراً افتتاحه بصورة جزئية أمام ما أُطلق عليه "حالات انسانية".
و هكذا استقبل أقليم كُردستان عشرات الآلاف من اللاجئين من كُرد سوريا وسط أجواء احتفالية من مواطنيه في البداية، و أسكن بعض هؤلاء في مخيمات أقيمت لهذه الغاية حيثُ تبرع مواطني الأقليم أنفسهم بالكثير من احتياجاتها، في حين أقام الكثيرون في المدن الكُردية نفسها.
لكن و مع مرور وقت طويل على إقامة هؤلاء في ربوع الأقليم، أخذت تظهر الى العلن قصصٌ كثيرة عن سوء معاملة يلقاها كُرد سوريا هناك على مختلف الأصعدة، و تدل جميعها على أن المضيفين، أو من يقف ورائها على الأقل قد بدء يضيق ذرعاً بالضيوف، حتى بدا حاصل كل تلك القصص يشكل ظاهرة تستحق الوقوف عندها.
روايات ترتبط بالجسر الأخضر:
تروي سيدة أُمية تبلغ من العمر ستين عاماً من العمر بأنها و أثناء وصولها الى معبر "سيمالكا" في طريقها لمغادرة الأقليم طُلب منها "الفورم" الخاص بالأمم المتحدة، و عندما قالت بأنها أضاعتهُ شتمها موظف المعبر قائلاً "كلكون هيك الشعب السوري غبي ما بيفهم، بدون فورم لا يمكنك المغادرة"، و هنا سألتهُ فيما إذا كان بأمكانها أن تعود الى العاصمة "هولير" حيثُ يقيم أبنها لربما تجدهُ هناك، لكن الشخص نفسه رفض طلبها مكرراً على مسامعها: " أنتوا ما بتفهموا"، و هنا اتصلت بأبنها في العاصمة الذي ذهب الى مبنى الأمم المتحدة و ترجاهم الاتصال بالمعبر لحل الاشكال دون جدوى، لكنهم سمحوا للسيدة في النهاية بالمغادرة بعد حوالي ثلاثة ساعات من العذاب مع التهديد و الوعيد بعدم العودة مرةً أُخرى، قالت السيدة أن آخر ما سمعته هو كلمة "انقلعي" لعدد غير محدود من المرات.
عجوزً آخر يبلغ من العمر السبعين دخل للأقليم للعلاج، لكن تم توقيفه مع زوجته أثناء عودته لمدة يومين كرهائن بحجة عدم استكمال الأوراق و لأن أحد مرافقيه لم يعد معهُ، أخيراً تم الأفراج عنهما ليعودا الى مدينة دهوك التي تبعد حوالي ثمانين كيلومتراً للمبيت، في اليوم الثاني عادا الى المعبر و بعد محاولات دامت حوالي خمسة ساعات تمكنوا من العبور الى سوريا.
و قد روى شهود عيان حوادث أُخرى جرت معهم و هم على طريق العودة من أقليم كُردستان، فقد كانت هناك مجموعة مكونة من حوالي ثلاثين شخصاً تعرضت لتفتيش مهين و لعدة مرات وصل لساعات، و قد صودرت منهم مواد يحتاجها الناس عادةً في الوقت الحالي كالبطاريات و مولدات الكهرباء، روى ذلك الشخص بأنهم تلقوا خلال ذلك سيلاً من الشتائم و قاموا في النهاية بالتوقيع على تعهد بعدم العودة الى الأقليم.
ما وراء الجسر:
روت سيدة في العقد الثالث من العمر بأنها و أثناء سفرها من السليمانية الى هولير أوقفها حاجز على بوابة العاصمة و أنزلها من الحافلة لعدم وجود إقامة معها، مع العلم بأن السلطات لم تكن تسأل السيدات السوريات قبل عام عن الإقامة ناهيك عن انزالهن من الحافلات في حال عدم وجودها، تقول السيدة بأن الضابط صرخ في وجهها عندما أخبرتهُ بأن الحكومة لا تمنح إقامة للسوريين مدعياً بأنها هنا منذُ خمسة أعوام، و عندما أخبرتهُ بأنها في الأقليم منذُ سبعة أشهر فقط اتهمها بالكذب و طلب منها الوقوف جانباً، غادرت الحافلة التي كانت تقلها و بقيت السيدة تنتظر لمدة ثلاثة ساعات، في تلك الأثناء كانت الدورية قد تغيرت لتأتي أُخرى و تعيد أسطوانة التحقيق ذاتها معها و ليطلبوا منها في النهاية الرحيل.
لكن هناك قصةً جرت مع أحد الشبان تبين صعوبة العيش في مدن الأقليم و استحالة استئجار البيوت فيها، فعند ذهابه للأمن في العاصمة للحصول على ترخيص للإقامة أخبرهُ أح العناصر حرفياً بأنهُ لا تأجير للسوريين و طلب منهُ الرحيل، يقول الشاب بأن عنصراً آخر طالبهُ بأمور تعجيزية من قبيل "بطاقة إقامة و كفالة اثنين من المواطنين و فورم الأمم المتحدة و ورقة من احدى الشركات تثبت بأنهُ يعمل لديها مع احضار جميع أفراد عائلته للتحقيق"، و عندما رد على ذلك بأن منح الإقامات قد توقف في العاصمة منذُ سنة ونصف و بأنهُ لا يعرف أحداً من المواطنين ليكفله انفجر به العنصر متسائلاً فيما إذا كان يريد أن يعلمه عملهُ و قام بطرده من الدائرة.
ظاهرة التعامل السئ مع الكُرد السوريين لم يعد بالأمكان اغفالها، هناك تعامل يبدو جيداً مع الحزبيين منهم من خلال استقبالهم في الفنادق الفخمة و وضع امكانيات الأقليم المادية و اللوجستية في خدمتهم و هم ما يلقى بدوره امتعاض الناس البسطاء الذين هم بحاجة أساساً للوقوف الى جانبهم من خلال وضع جزء مما يصرف على هؤلاء عليهم، الطاقة الاستيعابية لأقليم كُردستان و بنيته التحتية و الأهم من ذلك مستوى الوعي بالمشكلة و حجمها و إطارها الزمني المفتوح، يجعل الأقليم و مواطنيه  عاجزين عن استيعاب اللاجئين الكُرد السوريين و تفهم مشاكلهم، إذ أن من السهل افتتاح المخيمات و منح الناس الخيم و الطعام و الشراب و ألقاء القصائد عن الأخوة و الجيرة، لكن يبدو من الصعوب بمكان تلبية مقتضيات كل ذلك.
و لعل أبلغ إشارة بدأت تصدر من سلطات أقليم كُردستان تجاه المناطق الكُردية السورية هي ذلك الخندق العميق الذي بدأت آليته تحفره قبالة حدوده مع سوريا، ذلك الخندق الذي يبدو بأنهُ سيكون مقبرة لبقايا أحلام القوميين الكُرد.
* المصدر الأورينت نت:
http://orient-news.net/index.php?page=news_show&id=8557






أتى هذا المقال من Welatê Me
http://www.welateme.net/erebi

عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://www.welateme.net/erebi/modules.php?name=News&file=article&sid=17279