لا لتفعيل الهيئة الكردية العليا, بل نحو إطار جديد أكثر عدلاً !!
التاريخ: السبت 14 كانون الأول 2013
الموضوع: اخبار



ادريس عمر-المانيا
bave-maria@hotmail.com

مع مرور أكثر من ألف يوم على (الثورة السورية) والشعب السوري خلال هذه المدة الزمنية عانى أبشع أنواع الظلم على أيدي نظام فاشي بكل مافي الكلمة من معنى, لم نسمع من خلال قراءتنا لتجارب الشعوب, بأن شعب ما في العالم تعرض على يد حاكمه بهذه الهمجية والوحشية, من اعتقال وتعذيب وقتل, وتدمير الأبنية فوق رؤوس ساكنيها, وقصف مواطنيه بالطيران وصواريخ سكود, مما  أدى إلى قتل مئات الاف وتهجير ملايين من السوريين إلى دول العالم وهم يعيشيون ظروف قاسية جداً, والحسرة تقطع قلوبهم, كل هذا فقط من أجل بشار الاسد وجلاوزته ومن أجل تطبيق مقولة "أما الأسد أو نحرق البلد" ثمن هذه المقولة كانت دمار سوريا ولكي يبقى الولد العاق في السلطة.


وفي الشهور الاولى من الثورة السلمية الجميلة تأملنا خيراً نحن المكون الكردي الذي يعتبر القومية الثانية في البلاد, لاننا عانىينا  أكثر من غيرنا من الظلم والتهميش منذ تأسيس الدولة السورية ولغاية اليوم, لذلك وجد الكرد في الثورة السورية الخلاص من الظلم, وكان المستفيد الأكبر من سقوط الطاغية, لذلك شارك الكرد بطابعه ومن خلال ألوانه وشعاراته التي عبرت عن الروح المتعطشة إلى الحرية والكرامة والتضامن مع المدن السورية كدرعا  وكفر نبل وبقية المدن السورية أيام الجمعة بالمظاهرات التي تطالب بإسقاط النظام.

حاول النظام منذ البداية تحييد الكرد عن الصراع وقام بحل مسألة الجنسية, ولكن رغم ذلك أصر الشعب الكردي الاستمرار في التظاهر السلمي وطالب  بسورية تعددية ديمقراطية فيدرالية, وكله أمل أن يتخلص من الغبن الذي الحق به, ولكن للاسف "  تجري الرياح بما لا تشتهي السفن " واستطاع النظام إخراج الثورة من قالبها السلمي وعسكرتها وإفسح المجال أمام المتطرفين والقاعدة  الدخول إلى سورية لكي يبرر قتل الشعب السوري وإعطاء طابع إرهابي (للثورة) لاخافة إسرائيل والغربيين من التغيير الذي سيجري في سورية المستقبل, ونجح النظام في شق الصف الكردي من خلال سحب  طرف كردي إلى جانبه, مقابل  بعض الامتيازات الحزبية,  مع العلم حاول النظام مع بعض أطراف الحركة الكردية في بداية الازمة, أن يعقد معهم صفقة مقابل أن يتم  دعمه, ولكن الحركة الكردية رفضت ذلك ولم تكن جاهزة لاي شيء ولم تكن لديها استراتيجية بعيدة المدى حول كيفية التعامل مع ازمة البلاد, وأحد الاسباب كانت الانقسام والتشتت الكردي والعدد الخيالي لاحزابه, والتي غالبيتها لاتملك قاعدة جماهيرية, بقيت الحركة في حالة تخبط وتخبص ولم تستطع الوصول إلى مستوى المسؤولية التاريخية التي تقع على عاتقها, والخطوة التي قامت بها هي تشكيل " مجلس وطني كردي" هش على قاعدة التوافق بين الاحزاب السياسية والتنسيقيات والمستقلين, وهذا المجلس لم يستطيع أن يقوم بمهامه على الأرض, سوى الاجتماعات والعتاب وألقاء اللوم على بعضهم البعض, أما الطرف الكردي الاخر( ب ي ده ) أسس مجلس الشعب غربي كردستان, وهنا كانت بداية شق الصف الكردي الذي وضع مصالحه الحزبية فوق كل شيء, ومن أجل أن يسيطرعلى كل مفاصل الحياة في المناطق الكردية وبضوء أخضر من مجرم دمشق, وهكذا تم اقصاء احزاب المجلس الوطني الكردي من ممارسة أي نشاط سياسي على الأرض,  وتم اعتقال وتصفية بعض النشطاء ورفاق الاحزاب الكردية ووضع اليد على مفاصل الحياة في كردستان سورية. ومن منطلق قومي حاول رئيس اقليم كردستان- العراق- مسعود البرزاني أن يجمع ويوحد الكرد في كردستان سورية لكي لايضيعوا الفرصة التاريخية التي ربما لن تتكرر خلال قرن كامل مرة أخرى, ووضع تجربة كردستان العراق أمامهم لكي  يستفيدوا منها.

  وهكذا بجهوده المشكورة, تم التوصل إلى عقد اتفاقية هولير بين المجلسين الكرديين (مجلس الشعب  غرب كردستان ومجلس الوطني الكردي) وفيما بعد الهيئة الكردية العليا بالعاصمة (هولير), التي وضعت خارطة طريق للكرد السوريين لإدارة إقليم كردستان سورية بالشراكة وسد الطريق أمام  استفراد طرف والسيطرة على الواقع وفرض نفسه بالقوة. وهذا الاتفاق أدخل البهجة إلى قلوب الشعب الكردي, وعبر عن ذلك من خلال مظاهرات عمت كل المدن الكردية ورفعت شعار الهيئة العليا "تمثلني", لان توحيد القوى الكردية, كان أمل كل كردي ومنذ زمن بعيداً, ولكن للاسف العقلية  الاقصائية لدى (ب ي ده ) التي ترفض قبول الآخر, وعدم التزامه بتنفيذ بنود الاتفاقية, بقيت اتفاقية هولير حبراً على ورق لا بل استغل ب ي ده , اتفاقية هولير والهيئة العليا ومن خلالها مرر أجنداته, وإعطى الشرعية لممارسته وبإسم الهيئة العليا سيطرعلى مفاصل الاساسية في المنطقة الكردية ووضع الامور بيده ولم يحترم لاراعي الاتفاقية ولا الاتفاقية. وهكذا ظل الهيئة العليا اسم بلا كيان, واليوم بعد أن أصبح مؤتمر جنيف على الأبواب والكرد لديهم هاجس بأن اتفاقية لوزان ستتكرر وسيحرم الكرد من حقوقه, وبعد أن صرح بعض الاطراف الدولية, والمعارضة السورية بأن على (ب ي ده) أن يشارك في جنيف مع النظام السوري كونه يساند النظام, وبعد أن وصل (ب ي ده) إلى قناعة بإنه ربما لن يحضر جنيف, لذلك حاول الاسراع أن يفتح قنوات الاتصال وأن يعيد الروح إلى الهيئة الميتة وبوساطة كل من اوسمان بايدمير وليلى زانا لإجراء مصالحة مع المجلس الوطني الكردي  لكي يتم تفعيل الهيئة الكردية العليا من جديد, لكي لايغيب (ب ي ده )عن جنيف 2, وبقناعتي  تأتي هذه الخطوة كتكتيك من (ب ي ده ) وهي بعد أن تفعل الهيئة العليا وأن تحقق مرادها  ستمارس الأسلوب نفسه في التعاطي مع المجلس الكردي, لانه لايرضى أن يكون له شريك, ومن خلال المرحلة الماضية أثبتت التجربة على الأرض ما نقوله, وحسب اعتقادي ومن أجل أن تتوحد القوى الكردية في هذه المرحلة الحساسة والمفصلية ولكي لايعيد التاريخ نفسه. وأن لايعيد( ب ي ده )التجربة ذاتها مع المجلس الوطني الكردي, في البداية يجب على ب ي ده القيام  ببعض الخطوات لاعادة الثقة المفقودة به وهي:
 اولاً: الافراج عن جميع معتقلي الرأي والتعبير لدى (ب ي ده ) بدون أي قيد أو شرط.
ثانيا: وقف الحملة الاعلامية ضد الاحزاب الكردية والديمقراطي الكردستاني  ووقف حملة التشهير المتدنية المستوى بشخص مسعود البرزاني, الذي قدم الكثير لشعب كردستان سورية.
ثالثا: السماح القيام بالتظاهر السلمي بدون أي مضايقات أو موافقات أو ما شابه.
رابعاً:قبول مبدأ الشراكة, وتشكيل لجان الحقيقة لاظهار الحقائق بخصوص الجرائم التي ارتكبت على الارض في عامودا وأماكن أخرى. ومحاسبة الجناة على أفعالهم.
خامسا:الغاء الضرائب والاتاوات على الشعب الكردي المغلوب على أمره.
سادساً: حل مسألة انقطاع الكهرباء وتوفير المياه وتقديم الخدمات, وإلغاء الاحكام القرقوشية بحق التعليم.

وفي النهاية أعتقد أن الشعب الكردي فقد الثقة بحركته في ظرف وهو بأمس الحاجة إلى  أبسط مقومات الحياة وكان أمله دوما في توحيد الصف الكردي كي يتخلص من العبودية ولمرة واحدة على الحركة الكردية أن تضع مصلحة الشعب فوق مصالحه الحزبية والشخصية وأن يقوم بمسؤولياته ولاعادة الروح والأمل إلى هذا الشعب المسكين, يجب أن تتكلل جهود هولير بالنجاح ومن خلال آلية جديدة وبعقد جديد لكي تكون القضية الكردية حاضراً في جنيف2, هذه المرة ليست بتفعيل الهيئة الكردية العليا الميتة وأنما ضمن إطار جديد  بين الطرفين وبتحديد مدة زمنية وعلى مراحل وبشهادة كل من مسعود البرزاني وليلى زانا واوسمان بايدمير وإلى جانب تشكيل طرف ثالث كما أشار إليه الصديق (شادي حاجي ) في إحدى بوستاته على الفيس البوك وأشاطره الرأي بدون هيئة مستقلة ذات مصداقية وتكون لها صلاحيات لن ترى الاتفاقية النجاح  وأن تكون من مهامها : تحديد الاطراف التي لن  تلتزم ببنود الاتفاق الجديد المنتظر ولادته , وأن تعلنه بكل جرأة وشفافية وأمام الملئ للشعب الكردي في كردستان سوريا والاجزاء الاخرى , وعلى جميع الاطراف أن لا تدع  تكرار التجربة الفاشلة مرة أخرى لان شعبنا لم يعد له ثقة بهذه الاطراف, والكل يدرك أن عامل الوقت ليس في صالح الكرد, لذلك الويل للذي سيحاول اللعب بقدر شعبنا مرة أخرى وخاصة في هذه المرحلة, أن الشعب والتاريخ لن يرحم هؤلاء أبداً.







أتى هذا المقال من Welatê Me
http://www.welateme.net/erebi

عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://www.welateme.net/erebi/modules.php?name=News&file=article&sid=16696