ماذا وراء كرم بشار الأسد للكرد
التاريخ: الخميس 24 تشرين الاول 2013
الموضوع: اخبار



د. محمود عباس

على مدى السنتين الأخيرتين من عمر الثورة، وبالضبط منذ أن حرفها الأسد والتيارات التكفيرية التابعة للسلطة النضال السياسي إلى الصراع المسلح، صعد بشار الأسد وتيرة تصريحاته، حول الكرد في سوريا وحراكهم السياسي، ودورهم الحاضر وأهدافهم المستقبلية، أغرق فيها ما  أراد من مفاهيم لا تنتمي إلى ماهية الكرد كنظرة للوطن ورؤية لمستقبل سوريا أو الأطراف التي يجب التعامل معها في الثورة الحاضرة، لكنه ورغم إدراكه لهذه المألات، يحاول، وبخبرة خمسين سنة من الخبث السياسي، تحريف المفاهيم، وتغيير الواقع الحقيقي للكرد ضمن الثورة السورية.


ويحاول للمرة الثالثة، إثارة هذه القضية في الإعلام التركي بشكل خاص، وذلك  لتقزيم  استراتيجية المسيرة الكردية الثورية، التي كانت قد رفعت  شعار إسقاط النظام، في ثورة 2004، ومن ثم في أكبر تجمع سياسي  للحراك الكردي عامة في عام 2006 والذي تبناها المجلس الوطني الكردستاني- سوريا في مؤتمر بروكسل، على تقطيب معارضة سورية شاملة مؤلفة من كل الشرائح السورية حول  هدف إسقاط النظام الموجود، وتغيير كل البنى الثقافية والسياسية والاقتصادية التي أقامتها النظام البعثي  الأسدي العلوي، والمسيرة من حينها واضحة للأسد ولسلطته الشمولية، وتبين  بشكل واضح منذ أول  أيام الثورة السلمية وبقيت المنطقة الكردية متمسكة بكليتها بالنضال الثوري السلمي الحقيقي رغم كل ما قامت به السلطة لتحريفها، وذلك بالقيام بالقتل والاختطافاتوتألب العرب على الكرد، وتوجيه التيارات التكفيرية الموالية له  لخلق البلبلة والفوضى في المنطقة.
بدأ بتصريح حول  رؤيته المستقبلية والموجهة لأرد وغان، على أن الكرد لهم الحق في المنطقة، ومن ثم هم يتجهون إلى تكوين كيان سياسي، وإلى ما هنالك من تصريحات مجهزة مسبقا مع الصحيفة التركية التي كانت تجري معه المقابلة، والتي قامت بتكرار السؤال على أوجه متنوعة،  هذه الحقائق أو الرغبات الكردية كانت معدومة في ذهن الأسد إلى درجة التذكير باسم الكرد كان محرماً، فظهرت وبقدرة قادر مع وساعة في التوضيح، وفي المرة الثانية  أضاف ما غاب عن فكره، من حيث أن الكرد يحمون مناطقهم ضد التيارات الثورية، مخفيا أن الصراع يتزايد ليس مع القوى الثورية بل مع المجموعات المتطرفة والمدعومة من قطبي الأسد وإيران، والتي تريد إضعاف أحد الجوانب الرئيسة من الثورة الحقيقية، وفي المرة الثالثة يكاد أن يصل إلى ما يبتغيه في خطته الدونية عندما أعلن بأنه سيعطي للكرد 18 % من كراسي البرلمان  للشعب الكردي، نحن لا نود أن نذكره ماذا يمثل البرلمان بالسنبة للشعب السوري والسلطة السورية في ظل نظامه الدكتاتوري، ولا نود أن نذكره مقولة أحد أعضائها يوم نادى أن العالم أقل من أن تحتضن بشار الأسد، ولا نود أن نتعمق ونبحث كيف أن البرلمان بكليته دميةبأيد عضو من الأمن السياسي، أو أن أي عنصر من شبحيته  العلويين يمكنه أن يلم شمل كل البرلمان في زاوية من سجن المزة،  ودون اعتراض،ناهيكم عن تواجد الجبهة الوطنية التقدمية في البرلمان منذ عقود! فقط نود أن نبين أن التصريح واضح غاياته، ونعلم إلى ماذا يرمي، فمعظم الحراك الكردي يملك القدرة على رؤية المبتغى وبالإمكان الرد عليه، فالنسبة ليست في البرلمان بل في الواقع السياسي الكلي، والرؤية السياسية وما مدى اعتراف الأخر بالكردي في غرب كردستان كشعب ساكن في جغرافيته وله تاريخه، أو إنه منة من البعض. فهذه السلطة ساقطة شرعيتها بالتحدث عن الوجود الكردي ما يزيد عن عقود من الزمن، منذتطبق مشروع محمد طلب هلال، واليوم لا يمكن ترقيع اهتراء ثقافته بمثل هذه الترهات، وليس بوسعنظام لا محالساقط جلب الكرد إلى طرفه، والكل يدرك أن الشعب الكردي من أحد القوى الوطنية الصادقة التي ربطت مصيرها مع الثورة، رغم الاستثناءات التي ظهرت من قبل أحزاب كردية انتهازية مشاركةمثيلاتها من المعارضة العربيةبعمومتيها، وهؤلاء مع ذلك مواقفهم واضحة من السلطة. فالكرم السخي الذي يبديه الأسد الآن للكرد، ورائها غايات منها:
1 – خلق حالة احتقانبين الشعب الكردي وحراكه السياسي، وأقسام من المعارضة السورية، وإعطاء تبرير لبعض التيارات التكفيرية،والتي هي صنيعته، مهاجمة المنطقة تحت شعار قتال السلطة ومواليها.
2 – تهديد مبطن لتركيا الأردوغانية، والتي تدعم تيارات متطرفة أخرى ومهمتها أيضا ضرب الكرد، منبهاً إياهاعلى رغبة الكرد بتشكيل كيان سياسي ما في سوريا القادمة، والقادم بعده سيكون المطالبة بالانفصال أو الاستقلال أو التدخل في أمور الدولة التركية حيث الوجود الكردي الأكثر عددا والأكبر مساحة، لحضها بدق إسفينٍ بينالمعارضة الكرديةوالعربية.
3 –لتقويةمركزه لدى الرأي العام العالمي، وذلك على أن ليس 15 % كما يطالب به الكرد عادة، بل 18% من الكرد ويمثلون السنة يقفون إلى جانبه، وهم شريحة كبرى من الشعب السوري، للحصول على شرعية قانونية، وأن التغيير الحاصل في الدستور يوم تعيينه كان مبنيا على شرعية الأغلبية من الشعب السوري بكل أطيافه، ولا ننسى التحضير لمؤتمر قد يكون تحت اسم جنيف 2 أو غيره، والانتخابات التي يود إجرائها في السنة القادمة.
فهنا نوجه الكلمة لبشار الأسد الرئيس غير الشرعي لسوريا  ومن يحيط به من المغتصبين للسلطة، ومستعمري الوطن، أن التصريحات المتتالية والمبطنة بالخبث والنفاق السياسي مرفوضة جملة وتفصيلا، فالكرد بكل حراكه الثقافي والسياسي جزء أساسي من الثورة السورية، ولن يكون لهمهدف مغاير للشعار الذي رفعوه منذ سنوات وهو إسقاط النظام بكل رموزه ومؤسساته، وغاية سامية، هو بناء وطن يحتضن الكل السوري، ويمثل الكل، حتى ولو كان بيننا والإخوة من المعارضة العربية الصادقة أو الانتهازية اختلاف على شكل الدولة القادمة، والتي لا نراه ديمقراطية أوستمثل كل مكونات المجتمع السوري بدون  سلطة لا مركزية ونظام فيدرالي  يحفظ بها حقوق جميع المكونات، تحت سقف وطن يريده الكل عن قناعة ورغبة صادقة في البناء،  ورؤيتنا  واضحة للمستقبل كما كانت كلمتنا صادقة مع الكل، حول وجود السلطة الحالية الساقطة شرعيتها منذ استيلاء طائفة وحيدة بدكتاتور نصبوه إلاهاً، ونهبوا موارد هذا الوطن، وسخروا كل الاقتصاد لغايات شريحة غرقت في الفساد، ومنذ عزلالشعب الكردي عن شرائح المجتمع السوري الأخرى، وهمشوهم وقاموابمحاولات تعريبهم بكل الطرق واستخدموا  أبشع القوانين والدساتير للقضاء على جغرافيتهم وتاريخهم.
فالثورة ستنجح، والسلطة زائلة، والنظام سيسقط، وسوريا ستنهض ثانية من مرقد أرادت لها النظام الحالي أن تكون نهايتها، فكرمه مرفوض مثله مثل عدمه، وسخائه ملوث بكل الأوبئة، فهو طاغية والطغاة نهاياتهم إلى مزبلة التاريخ حتى ولو جمع جميع القوى الإيرانية والروسية والتكفيرية حوله.
د. محمود عباس
الولايات المتحدة الأمريكية
mamokurda@gmail.com






أتى هذا المقال من Welatê Me
http://www.welateme.net/erebi

عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://www.welateme.net/erebi/modules.php?name=News&file=article&sid=16402