المؤتمر القومي الكوردي ...ليس أقل من الشروع في إقامة دولة كوردية .
التاريخ: الثلاثاء 06 اب 2013
الموضوع:



سليم عمر

قبل مائة عام أو  يزيد ، نظّمتْ الشعوب  المجاورة للكورد أمورها ، و عقدتْ مؤتمراتها  ، و شرعت في بناء كياناتها القومية  . الآن ،  و بعد عشرة عقود من الزمن ، قرّر الكورد عقْد مؤتمر قومي . نحن متخلّفون عمّن حولنا بقرن كامل. قبل ذلك ، و خلال ذلك ، تحكّمت تلك الشعوب بإرادتنا ، أصبحنا وُقوداً لفتوحاتها ، و لنزاعاتها ، و لحروبها القديمة و الحديثة ، ضحّينا من أجل نوازعها الاستعمارية ، و ساهمنا مخلصين في بناء دولها الحديثة ، و قدّمنا لها ، ما لم تقدمه هذه الشعوب لنفسها ، و لذلك فلم يكن غريبا ، أنْ نَسَب أتاتورك الجندي المجهولَ  إلى الكورد ، حين وقف أمام نُصْبه .


 و عندما استيقظ الكورد متأخرين ، و طالبوا بحقوقهم ، فإنهم جوبهوا بالنكران ، و بالحروب ، و بالإبادة الجماعية . أنكرت الأنظمة المتعاقبة لهذه الشعوب أي حق إنساني ،أو ثقافي ، أو قومي للكورد ، و أجْمعت فيما بينها ، على أن تقف مجتمعة بوجه طموحات الكورد ، كبُرتْ هذه الطموحات أو صغُرتْ . لم يشفعْ للكورد ، أنهم خدموا هذه الشعوب ، على مدى قرون ، و أنهم بذلوا كل جهد ، و مال ، و دم ، في حروبها العدوانية ، و أنهم كانوا مثالا للشجاعة ، و للإخلاص ، و لنكران الذات ، و لكن كل ذلك لم ينفعْ ، و قد آن الأوان ، لأن يكافح الكورد من أجل أنفسهم ، لأن يضحوا من أجل مستقبلهم ، لأن يبذلوا كل شيئ من أجل المحافظة على وجودهم ، أن يقفوا على قدم المساواة مع شعوب الأرض ، أن يرفرف لهم علمٌ في المحافل الدولية ، إلى جانب جزر ( توفالو ، و  سان مارينو ، و  مالطا ) . لقد آن الأوان ، لأن يشْرعَ الكورد في إقامة دولة مستقلة ، لأن يكون الهدف الأول لهذا المؤتمر القومي ، الذي تأخر كثيرا ، و الذي طال انتظاره ، دولة كوردية مستقلة ، و ليس أقل من ذلك ، و في غربي كوردستان على وجه التحديد .

لقد ظلّ الكورد ، و طوال عشرات العقود من كفاحهم ، ينادون بالسلام ، و بالتآخي ، و بالحوار ، و بالعيش المشترك . لقد طالبوا باللامركزية ، و طالبوا بالحكم الذاتي ، و طالبوا بالفيديرالية ، و طالبوا بالحقوق الثقافية ، و طالبوا بالمساواة ، إلا أن كل نداءاتهم ذهبت أدراج الرياح ، و لم يجدوا لمطالبهم آذانا صاغية ، الأنظمة الغاصبة لكوردستان ، لم تستجب لأيٍ من هذه المطالب ، و إن استجابت لبعض الوقت ، فلكي تتدبّر أمورها ، و من ثم تتنصل من كل شيئ ، و تعلن عليهم حربا جديدة ، إنها تريد للكورد أمرا واحدا : أن يرفعوا الراية البيضاء ، و أن يبقوا خدما لهذه الشعوب  أبد الدهر ، و لذلك فإن على الكورد أن يتخلوا عن هذه المطالب ، أن يترفّعوا عن لغة الاستجداء ، أن يستكتشفوا تاريخهم من جديد ، و أن يتّعظوا من تجاربه ، و من دروسه ، أن يتخلصوا من ثقافة العبودية ، فقد كانوا طوال هذه القرون مَلكيّين أكثر من الملك ، يلتزمون بالقوانين و بالدساتير التي كبّلهم بها أعداؤهم ، و يقدّسون هذه الحدود الاستعمارية التي جزأت كوردستان ، و حولتهم إلى عبيد . منذ أكثر من عقد ، لم يستطع الكورد في جنوب كوردستان أن يعيدوا شبرا من الأرض التي عمل صدام على تعريبها ، منذ عقد من الزمن يعمل الكورد على إعادتها اعتمادا على الدستور ، فالكورد ملتزمون  بالدساتير و بالقوانين ، فهذه الميزة متأصلة فيهم ، و تجري مع الدماء في عروقهم ، إنها جزء من ثقافة العبودية ، و على الكورد أن يتحرّروا منها ، أن يخْرقوا هذه الدساتير التي كبّلت أيديهم ، و أن يمسحوا من أذهانهم ، هذه الخطوط  التي جزّأت كوردستان ، فالمتردّدون  و الضعفاء ، هم الذين يملؤون الفضاء صراخا ، أما أصحاب الإرادة ، أصحاب الحق ، فإنهم يرمون كل ذلك وراء ظهورهم  . على الكورد ، أن يمتنعوا عن الصراخ ، أن يرموا الاستجداء جانبا ، - الحقوق تؤخذ – على المؤتمر القومي الكوردي ، أن يكون فاصلا بين عهد العبودية ، و ثقافة العبودية ، و بين بزوغ الإرادة ، أن يشْرع في العمل على إقامة الدولة الكوردية ، و في غربي كوردستان . و لكن لماذا في غربي كوردستان ؟ .
لأن الوضع هنا مختلف عن شماله ، و عن جنوبه ، و عن شرقه ، للكورد الحقّ في بناء مشاريعهم على أرضهم التاريخية ، أين شاؤوا ، و متى ما أرادوا ، و لكن من حقهم أيضا أن يوازنوا ، و أن يدرسوا ، و أن يخططوا ، و أن يوفروا كل الأسباب لإنجاح مشاريعهم ، و في غربي كوردستان ، برزت  ظروف ، و استجدت أحداث ، و توفرت مناخات ، ما لا نجدها في الأجزاء الأخرى ، فالحرب المستعرة في سورريا ، قد أتت على الأخضر ، و على اليابس ، و حولتها إلى دولة فاشلة ، و جعلت منها الحلقة الأضعف بين الدول المقتسمة لكوردستان . حرب السنتين و النصف المستمرة ، أنهكت النظام ، و أفقدته السيطرة على زمام الأمر ، فهو يصارع من أجل البقاء . تحولت سوريا جراء هذه الأحداث إلى ساحة لمشاريع كثيرة و متنافرة ، إقليمية و دولية ، و من حق الكورد أن يكون لهم مشروعهم قبل أية جهة أخرى ، إنهم لا يحتاجون إلى قرار ، و لا إلى تفويض من أيّ كان ، فالأمر يخص وطنهم ، يتعلق بوجودهم ، و بمستقبلهم . لقد سنحت للكورد فرصة تاريخية جديدة ، و يتوجب على الكورد اقتناصها ، فالفرص التاريخية لا تتكرر ، و إن حدث ، فبعد مضي قرون ، فهل سيبقى الكورد خارج الزمن ، ينتظرون قرنا وراء قرن ؟ ! .







أتى هذا المقال من Welatê Me
http://www.welateme.net/erebi

عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://www.welateme.net/erebi/modules.php?name=News&file=article&sid=16008