ملاحظات حول مشروع دستور غربي كوردستان
التاريخ: الخميس 01 اب 2013
الموضوع: اخبار



  الدكتور محمد حسن  ̵  فرنسا  ̵    

من المعروف وباختصار شديد أن الدستور هو مجموعة القواعد القانونية التي تُبين شكل ونظام الحكم في دولة ما والتي تُنظم تكوين و اختصاص مؤسسات الدولة والعلاقة فيما بينها كما أنها تتُحدد ما للفرد من حقوق وما عليه من واجبات في هذه الدولة. وفي الغالب ما يُعبر الدستور عن رغبات السلطة الحاكمة في الدولة والتي تتحكم في مضمونه و قلما ما يأتي الدستور مُلبيا لرغبات الشعب برمته إلا ما ندر وذلك فقط في الديمقراطيات الكبرى مثل الولايات المتحدة الأمريكية وسويسرا و استراليا.


في الآونة الأخيرة قام مجلس شعب غربي كوردستان (حسب ما جاء على موقع باخرة الكورد) بطرح مسودة دستور الحكومة المؤقتة لغربي كوردستان وهنا لا بد لنا من شكر من قام بهذا العمل لأنه و رغم ملاحظاتنا الكثيرة عليه شكلا ومضمونا يبقى هذا المشروع يُمثل الخطوة الأولى في طريق ولادة دستور أو قواعد تحكم المناطق التي تُدار من قبل الكورد بحيث نبتعد عن دوامة ما يُسمى (حارة كل مين إيدو ألو). فوجود قواعد و قوانين يلتزم بها الجميع من أفراد و ومؤسسات يُعطي مصداقية أكثر للسلطة التي ستحكم و يبعث الطمأنينة في نفوس المواطنين.
في الحقيقة عند كتابتنا لرسالة الدكتوراه في جامعة باريس الثانية عن الدستور العراقي الفدرالي لعام 2005 ومشروع دستور اقليم كوردستان لعام 2009 و بعد اطلاعنا على دساتير عدد لا بأس به من الدول الفدرالية والبسيطة لم نجد صعوبة كبيرة لا في النقد و لا في التحليل و لا في المقارنة فيما يخص هذه الدساتير أما فيما يتعلق بمشروع دستورغربي كوردستان فمنذ نشره وحتى تاريخ كتابة هذا البحث المُصغر قرأناه مرات عديدة وفي كل مرة نجد ملاحظات جديدة على هذا المشروع بدأَ من طريقة طرحه مرورا بديباجته و انتهاءَ بأخر مواده. وما هذا البحث إلا حرصا منا على شد الانتباه إلى هذه الملاحظات وحرصا على المصلحة الكوردية العليا. فمن منطلق قانوني بحت وبناء على خبرتنا المتواضعة في هذا المجال وبما أن المشروع مطروح للنقاش نورد الملاحظات التالية مع التذكير بأننا لسنا معصومين عن الخطأ.
أولا : طريقة طرح المشروع
حتى لا يوصف الدستور بأنه قريب من دستور العسكر أو الانقلابيين أو دستور الطبقة الحاكمة  وحتى يُوصف بالديمقراطي يجب أن يُصار إلى تشكيل هيئة أو لجنة قانونية من قبل الهيئة الكوردية العليا مهمتها طرح مشروع قانون الانتخابات على الهيئة العليا التي بدورها يقع على عاتقها مهمة إصداره على شكل قانون ومن ثم تبدأ المفوضية العليا المُستقلة للانتخابات التي تُعينها الهيئة أيضا بتنظيم انتخابات عامة التي يجب بدورها أن تُفرز مجلس تأسيسي.
من أولى مهام هذا المجلس تشكيل حكومة مؤقتة وتشكيل لجنة من خبراء في القانون الدستوري لوضع مشروع الدستور و تقديمه للمجلس للمناقشة و التصويت عليه مادة مادة و ليس الكل دفعة واحدة. بعد ذلك يقوم المجلس بطرح المشروع على الشعب للاستفتاء ومن ثم وفي حال نجاح الاستفتاء تقوم الحكومة المؤقتة بتنظيم انتخابات جديدة على أساس الدستور الجديد والتي يجب أن تفرز مجلس شعب وحكومة دائمة.
وبالتالي فإن الطريقة التي اعتمدها مجلس غربي كوردستان ليست قانونية إلا اذا كان المُراد منها فرض هذا المشروع على كل المكونات ولا نعتقد ذلك لأن حزب الاتحاد الديمقراطي كان قد أبدى رغبته في إشراك الجميع في حكومة غربي كوردستان. وقد يكون حصل خطأ في موضوع طرح مسودة الدستور ونحن أوضحنا رأينا فيه.
ثانيا: الشكل والتسمية
إن مما لاشك فيه أن الحكومة المُزمع تشكيلها على أساس هذا الدستور سوف تكون حكومة أمر واقع وفي مثل هذه الحالات وخاصة بالنسبة لغربي كوردستان لا نعتقد أنه سوف يكون هناك اعتراف لا داخلي ولا اقليمي و لا دولي بمثل هكذا حكومة لأن أعداء الكورد هم كُثر وفي طريقهم الى الازدياد، وحتى نُقلل من عددهم  ولا نزيد من حقدهم وعدوانهم  على الشعب الكوردي كان من الأفضل تسمية هذه الوثيقة  بقانون إدارة المناطق الكوردية المؤقت أو بقانون إدارة اقليم غربي كوردستان المؤقت لأن كلمة دستور وقعها كبير على الأذان وخاصة على أذان أعداء الشعب الكوردي فمن الأفضل تحاشي ذلك في هذه المرحلة الصعبة وتفادي خلق أعداء ببلاش (بشكل مجاني). أضف إلى ذلك أن التوافق بين الكورد على قانون سوف يكون أسهل من التوافق على دستور مع أن المضمون قد يكون واحدا ولكن كلمة دستور توحي بأن القواعد التي سوف يحتويها ستكون دائمة وبالتالي كل طرف سوف يحاول أن يفصلها على مقاساته أم القانون فلا يتمتع بالثبات كما الدستور. و لضرورة التوافق السريع في هذه المرحلة الحساسة كان من الأفضل أن يُسمى هذا المشروع بالتسمية التي اقترحناها أعلاه فالمعروف أيضا أن تعديل أو إلغاء القوانين هو أسهل من تعديل أو إلغاء الدساتير.
و هناك نقطة أخرى أثارت انتباهنا وهوما نصت عليه المادة الأولى من هذا المشروع التي تنص على : يُسمى هذا الدستور : العقد الاجتماعي في غربي كردستان. السؤال: ما هو الداعي لمثل هذه المادة أو هذه التسمية ؟ المشروع لا يُبين لنا سبب تسمية الدستور بهذه التسمية فهذا يُعد أمرأ غريبا لم نجده في جميع الوثائق الدستورية التي قرأناها، و إذا كان لابد من ذكر ذلك لأي سبب كان فكان على واضعي هذا المشروع تبيان ذلك في الديباجة وليس بتخصيص أول مادة لهذا الموضوع. لماذا لا نأخذ المُصطلحات المُتعارف عليها قانونيا  وسياسيا مثل الدستور و القانون؟ إننا واثقون أن كل من قرأ هذه المادة الأولى، و إن كان يعرف ما معنى العقد الاجتماعي و متى ولماذا ومن طرح هذه النظرية، سأل نفسه ما معنى دج هذا المُصطلح هنا و لماذا؟ و كثيرون هم الذين أبدوا مُلاحظاتهم و لكن دون الوقوف على هذه التسمية لأنه فعلا لا يدري الباحث ما يقول في هذا الموضوع.
أما بالنسبة  للمقدمة فلنا أيضا ملاحظة على تسميتها بمقدمة فبرأينا هذا أيضا أمر غير مألوف لأن المقدمة تكون غالبا لما يُمهد لكتاب أو اطروحة أو بحث أو ما شابه ذلك أما عندما يتعلق الأمر بدستور فمن الأفضل تسمية مُقدمته بالديباجة. بالمناسبة هذه المقدمة هي مقبولة في المُجمل رغم عدد من الملاحظات على ما جاء فيها و طريقة صياغتها و هي تحتاج الى بعض من التنقيح كما هو حال غالبية مواد المشروع.
ثالثا: بعض الملاحظات على بقية مواد مشروع الدستور
في الحقيقة هناك الكثير من الملاحظات على مواد هذا المشروع و لكن الأمر يحتاج الى بحث مطول لذا سوف نقصر على ذكر البعض منها:
الفدرالية: ذكرت المُقدمة في أخر فقرة ( ليكون إقليم الإدارة الذاتية الديمقراطية إقليما اتحاديا ضمن دولة سوريا التعددية الديمقراطية) كما جاء في المادة الثالثة : ( ينظر هذا العقد إلى سورية دولة مستقلة ذات سيادة تامة عاصمتها دمشق و نظامها ديمقراطي برلماني تعددي اتحادي ، و غربي كردستان ( مناطق الإدارة الذاتية ) جزء لا يتجزأ من سوريا جغرافيا و إداريا و مدينة قامشلو عاصمة مناطق الادارة الذاتية الديمقراطية).  هذا المشروع يتبنى الفدرالية كنظام حكم جديد لسورية. فكلمة اتحادي تعني الفدرالية في القانون الدستوري ولا مجال لتفسيرها بشكل أخر. وبالتالي اذا كان هذا هو المقصود (مع علمنا أن الجهة التي عرضت المشروع ترفض الفدرالية و تريد الحكم الذاتي إلا اذا كان واضعوا المشروع لا يدرون أن كلمة اتحادي تعني الفدرالية فهذه مُصيبة قانونية)  فيجب أن تُسمى مناطق الادارة الذاتية الديمقراطية إقليم غربي كوردستان و أن تُستخدم هذه التسمية في جميع المجلات والوثائق.  
إذا كانت الفدرالية هي النظام الذي سوف يتبناه الكورد فيجب أن يكون هناك دستور الدولة المركزية و بعدها يُصار الى كتابة دستور للأقليم  الذي يجب أن يكون متوافقا مع دستور الدولة الفدرالية. و في ظل غياب دستور الدولة المركزية كان على واضعي المشروع أن يفعلوا مثل ما فعل كورد العراق وهو أن يعمل كل الكورد معا  على إعداد مشروع لدستور سوريا و أخر لدستور اقليم غربي كوردستان. وأن يبدؤوا برؤية موحدة بتنظيم الأقليم على هذا الأساس  بسن قوانين حتى سقوط النظام  ومن ثم البدء بطرح المشروعين مع التركيز بنفس الوقت وحتى سقوط النظام على موضوع الترويج للفدرالية لدى مُختلف المكونات السورية و ذلك لكي تلقى الفكرة قبولا وتصبح قابلة للتطبيق في سوريا الجديدة.
اللغة : للحفاظ على اللغة الكوردية يجب أن تكون اللغة الرسمية في الاقليم هي فقط الكوردية، فالأرض كوردية و الشعب بغالبيته الساحقة كوردي فلماذا إذاً تكون هنالك لغتين رسميتين للأقليم؟ وإلا كيف لنا أن نتحدث عن خصوصية الكورد في سورية؟ فاللغة أهم عوامل هذه الخصوصية، فباللغة تُعرف الأمم و هي من أهم ميزاتها. طبعا هذا لا يمنع حق بقية الأقليات في الأقليم تعليم أبنائهم لغتهم الخاصة أو فتح مدارس بلغاتهم الأم لكن الحكومة المحلية لا تلتزم بمثل هكذا مؤسسات تعليمية فهي مُلزمة بتأمين التعليم فقط باللغة الرسمية للاقليم وإذا كان هناك رأي يقول أنه في مناطق الإدارة الذاتية يوجد عرب وأخرون و لذلك يجب أن تكون العربية أيضا لغة رسمية نرد على هذا الرأي بالقول: إن الأرض كوردية (اقليم غربي كوردستان) إن وجود أقلية وافدة أو مقيمة في المنطقة لا يعني أن لها الحق في أن تكون لغتها لغة رسمية وإذا كان الأمر خلاف ذلك و كل الأقليات لها حضور وتمثيل قوي إلى هذه الدرجة وخاصة العرب فلماذا نُسمي الاقليم أو الدستور بدستور غربي كوردستان فلتكن التسمية إذا مشروع دستور مناطق شمال سوريا و انتهى الأمر.
أما بالنسبة للدولة المركزية فمن الطبيعي أن يكون لها لغتين رسميتين وهما العربية والكوردية وذلك لأن هذا يُعد رمز من رموز التعددية في الدولة التي تكون جامعة و مُعبرة عن كل المكونات وهذا مُتبع في غالبية الدول الفدرالية. فالدولة السورية تتكون من قوميتين أساسيتين العرب و الكورد و من الطبيعي أن تكون هناك لغتين رسميتين. لو أصبحت العربية لغة رسمية إلى جانب الكوردية في المناطق الكوردية فلن يتعلم أحد لا من السكان الكورد ولا من الوافدين إلى الأقليم اللغة الكوردية وذلك لأنهم سوف يتدبرون كافة شؤونهم اليومية والإدارية بالعربية باعتبارها لغة رسمية و لا شيء يُجبرهم على تعلُم الكوردية  ولن يجدون أصلا سببا لتعلمها طالما أنه بالعربية الأمور أسهل بكثير في جميع أرجاء الدولة السورية وبالتالي مع مرور الزمن سوف يكون على اللغة الكوردية السلام.
المحكمة الدستورية العليا: هناك أسئلة هامة تُطرح بالنسبة لتشكيل المحكمة الدستورية العليا فعلى أي أساس يُعين أعضاؤها ومن يقوم بترشيحهم ؟ ما هو معيار الخبرة و الكفاءة بالنسبة لأساتذة القانون؟ سنوات التدريس أم منشوراتهم ؟ ما هي نسبة كل من القضاة وأساتذة القانون والمحامون خاصة وأن العدد 11( المادة 51 ) لا يسمح أن تكون نسبة الفئات الثلاثة متساوية. نذكر هنا أن الفقرة السادسة من المادة 36  تنص أن عدد أعضاء هذه المحكمة 7 أعضاء، فإيهما الأصح؟
أما بالنسبة لاختصاصات المحكمة الدستورية فهي مختصرة جدا كان يمكن الاضافة اليها مثلا:
1.      تصديق نتائج الانتخابات العامة
2.      محاكمة رئيس الوزراء و الوزراء وكبار الموظفين في حالات يحددها القانون و بعد توجيه الاتهام بحقهم من قبل البرلمان
الصياغة : فهي ركيكة في كثير من مواد المشروع و هذا أمر لا يمكن الاستهانة به لأنه يتعلق بالوثيقة القانونية الأسمى في الاقليم. كما أن هناك عدد كبير من المفردات نسمع بها لأول مرة أو بعض الكلمات تم تصريفها على الطريقة الكردية مع أن المشروع تم صياغته بالعربية. مثل تاريخانية (المقدمة)  الجنسوية (المادة 19). هذا بالإضافة إلى و جود بعض المفردات التي لا يمكن معرفة القصد منها إلا من قبل واضعي المشروع ولذلك لا عجب أن يتسأل رجال القانون عن سبب و معنى بعض المصطلحات مثل:  حرية الحق (المادة 18) الرئاسة المشتركة و المجلس الدائم (المادة 30)، رئيس المجلس (المادة 40) وهناك نوع من عدم التوحيد في استعمال المصطلحات فتارة يذكر المشروع برلمان وتارة مجلس الشعب و تارة غربي كوردستان، وتارة مناطق غربي كردستان و أحيانا كوردستان سوريا  و أحيانا أخرى إقليم الإدارة الذاتية الديمقراطية أو مناطق الإدارة الذاتية الديمقراطية.
كما أن هناك كثير من المواد يجب إعادة النظر فيها مثل:
المادة 19 : ما معنى وسبب هذه المادة التي تقول : للجميع حرية الحياة بهوية الولادة أو الهوية التي اكتسبها طوعا فيما بعد ( الاثنيةالجنسوية – المذهبية – الدينية – الثقافية – اللغوية) و لماذا وكيف تأتي بعدها المادة 20 لتقول: للجميع حرية الحياة و الحماية الشخصية و التي تتناسب مع التوازن الإيكولوجي ضمن مجتمع بيئي.
المادة 39:  تقول هذه المادة بأنه تتألف الحكومة من رئيس أو رئيسة، و واحد و عشرون عضوا منتخبا من البرلمان بأغلبية الأصوات. لأول مرة نجد نصاً قانونيا بهذه الصياغة، لأنه لا داعي لذكر كلمة رئيسة لكي نفهم أن المرأة يمكن أن ترأس الحكومة، خاصة وأن المادة 22 تقول : يضمن هذا العقد حق المرأة في ممارسة الحياة السياسية و الاجتماعية و الاقتصادية. فمصطلح رئيس الحكومة في مثل هذا السياق هو من المصطلحات العامة وهو مُتعلق بالمنصب ذاته و ليس بجنس الشخص الذي سيشغله. طبعا يُمكن أن نُسميها  "السيدة رئيسة الحكومة" إذا فازت امرأة بهذا المنصب فيما بعد.
نبقى في المادة 39 ونسأل ما معنى و واحد وعشرون عضوا مُنتخبا من البرلمان؟ فالمعروف أن البرلمان يُعطي الثقة لرئيس الحكومة و لأعضاء حكومته المُرشحين من قبله.  فالبرلمان لا ينتخب أعضاء الحكومة لأن هذا معناه أنه بإمكان أي شخص أن يترشح لمنصب ما، مثلا وزير العدل طالما، أن هناك انتخاب. فهذا هو جوهر كلمة انتخاب وهو أن تنتخب مُرشحا أو أكثر من بين عدد من المُرشحين. وإذا كان فعلا القصد هو انتخاب أعضاء الحكومة فكان يجب وضع كلمة (قِبل) قبل كلمة البرلمان.  وكيف لنا أن نفهم مضمون المادة 45 في هذه الحال التي تقول (فور تشكيل الحكومة ومنح الثقة لها)؟ إذاً فإن هناك منح ثقة من قبل البرلمان. وبالتالي فإما أن هناك تعارض وعدم تطابق بين مواد المشروع وإما أن هناك ركاكة قاتلة في الصياغة. فيمكن أن يكون المُراد هو أن أعضاء الحكومة هم من النواب (وهذا هو المقصد على الأغلب) وعند هذا كان يجب عدم وضع كلمة (مُنتخباَ) في النص لأن بطبيعة الحال النواب هم منتخبون. وهذا يدعونا إلى السؤال التالي: كيف نوافق بين المادة 39 التي تقول: تتألف الحكومة من رئيس أو رئيسة، و واحد و عشرون عضوا منتخبا من البرلمان بأغلبية الأصوات و المادة 42 التي تقول : رئيس الحكومة مكلف بتشكيل الوزارات من أعضاء البرلمان ويحق له اختيار 20%من خارج البرلمان. فهل كلُهم من البرلمان حسب المادة 39 التي لا تترك مجال للشك أم أنه بإمكان رئيس الحكومة المُكلف اختيار 20%من خارج البرلمان؟ برأينا لا يُمكن أن يُترك هذا الموضوع هكذا أمام هذه الاحتمالات
المادة 40: رئيس الحكومة هو الذي يحصل على أعلى الاصوات في البرلمان وفي حال تساوي الأصوات يعاد انتخابهم مرة ثانية في نفس الجلسة بالانتخاب المباشر والسري وفي حال التساوي يكون صوت رئيس المجلس هو المرجح. هنا يجب إعادة صياغة هذه المادة لكي يُفهم بأن هناك أكثر من مُرشح لمنصب رئيس الحكومة. هذا بالإضافة إلى ملاحظة أخرى تتعلق بصوت رئيس المجلس، فالمادة 30 تتكلم عن رئاسة مُشتركة و هذه المادة تتكلم عن رئيس المجلس. فأيُهما الأصح؟
ما نستطيع قوله فيما يتعلق بموضوع البرلمان و الحكومة هو أن واضعي المشروع تسرعوا في صياغة المواد ذات العلاقة و بالتالي نتمنى منهم إعادة النظر في هذه المواد. فكلما كانت الصياغة متينة وواضحة كلما قل الخلاف في المُستقبل. لأن ركاكة الصياغة و عدم التحديد في كثير من الأمور يفتح المجال واسعا أمام كثير من التأويلات و التفسيرات.
المادة 47:  هذه المادة تُعدد وزرات حكومة الادارة الذاتية الديمقراطية في كردستان سورية: طبعا هذا الأمر غير مُعتاد عليه في الدساتير لأن تشكيل الوزرات و عددها يتم بقانون و عدد الوزارات يتغير بتغير ظروف الاقليم أو الدولة و حسب الحاجة لهذه الوزارة أو تلك. و لكي لا يُصار إلى تعديل الدستور في كل مرة تتشكل فيه حكومة جديدة لا يُنص على عدد الوزارات في الدستور و إنما يترك هذا الأمر لقانون يصدر عن مجلس النواب هذا بالنسبة للمُلاحظة الأولى. أما مُلاحظتنا الثانية فتتعلق بعدد الوزارات وخاصة في هذه المرحلة المؤقتة. فكان بالإمكان دمج بعض الوزارات في وزارة واحدة مثل وزارة حقوق الانسان وشؤون المرأة والأسرة تحت مُسمى أخر وتبديل بعض الوزارات بأخرى أو بدوائر مثل تبديل وزارة الدفاع بوزارة شؤون حرس الاقليم لأننا في اقليم ولسنا في دولة، فالدفاع هو من الاختصاصات الحصرية للدولة المركزية و تبديل وزارة الرياضة والشباب بالاتحاد الرياضي العام فالأمر في هذا الوقت لا يحتاج إلى وزارة و كذلك الحال بالنسبة لوزارة شؤون عوائل الشهداء فيُمكن تبديلها بمؤسسة شؤون عوائل الشهداء. ونسأل ما الداعي لتشكيل وزارة الادارة المحلية؟ هذه الوزارة تتدخل في شؤون البلديات بحجة تطوير نظام السلطة المحلية و تعزيز البناء المؤسساتي وقدرات السلطة المحلية وهذا لا يسمح للمجالس المحلية التصرف بحرية لأنها دائما تشعر برقابة هذه الوزارة. لذلك نقترح إلغاء هذه الوزارة وفصل وزارة السياحة عن البيئة وتشكيل وزارة تحت مُسمى وزارة شؤون البلديات والسياحة لكي نسمح بنوع من التعاون بين البلديات و الوزارة بما يخدم السياحة والوجه الحضاري للاقليم. وفي النهاية نعتقد أن كثرة الوزارات في هذه المرحلة سيُحمل الحكومة المؤقتة تكاليف هي بغنى عنها خاصة وأنه يمكن استعاضتها إذا لزم الامر بمؤسسات أو اتحادات أو دوائر تابعة للحكومة.
رابعا: بعض المواضيع التي لم يتطرق لها المشروع
1.      الأمور المالية المتعلقة بالضرائب المحلية من ناحية فرضها و جبايتها: يجب أن يكون ذلك منصوصا عليه في الدستور ولا يُترك لهوى المسؤولين في هذه المدينة او تلك. و بالرغم من أن هذا سيكون عبئا إضافيا نتيجة الوضع الاقتصادي المتدهور على أبناء شعبنا إلا أن الضرورة تقتضي ذلك. فالضرائب ستشكل أحد أهم واردات الحكومة في هذه المرحلة لكي تستطيع حماية المواطنين وممتلكاتهم و تأمين الخدمات لهم.
2.      الدين:  لم ينص المشروع على موقع الدين أو الشريعة الاسلامية في مناطق الإدارة الذاتية، فلم يحدد ما هو الدين الرسمي لغربي كوردستان وفيما إذا كان الإسلام يُعد المصدر الأساسي للتشريع أو أحد مصادره أم لا. و إنما اكتفى بما جاء في مادته السادسة على أنه يحترم الأديان ويضمن حرية ممارستها وهذا أمر إيجابي ويمكن أن يُعد خطوة نحو تثبيت مبدأ فصل الدين عن الدولة مع أن تحقيقه شبه مُستحيل في بلدان الشرق الأوسط في الوقت الحالي. و ما يؤخذ على المشروع في مجال الدين هو أنه اعتبر كافة الكورد مسلمين وذلك حينما ذكر في المُقدمة على أنه قد أعتنق الكرد الإسلام منذ عام 639م. و هذا ليس صحيحاً و إن دخل قسم كبير من الكورد إلى الاسلام لكن هنالك قسم أخر من الكورد في غرب كوردستان ممن هم ليسوا من الديانة الإسلامية و هنا نقصد أخوتنا الكورد اليزيدين. و بالتالي نقترح إعادة النظر في هذا الموضوع.
3.      حدود مناطق الادارة الذاتية:
من المعروف أنه حتى تستطيع الحكومة القيام بواجباتها يجب أن تحدد حدودها الجغرافية و ماهي المناطق التي ستفرض سُلطتها عليها وستلتزم بتأمين الخدمات لساكنيها كما أن التحديد يُسهل الأمر على المواطنين حتى يعلموا مع من سوف يتعاملون خاصة في ظل الوضع الراهن. فإذا تعلق الأمر بقرية أو مدينة متاخمة فمن الأفضل أن يعلم سكان هذه القرية أو المدينة لمن يقدمون ولاءهم للحكومة الكوردية أم للجيش الحر أم للجماعات الإسلامية المُسلحة أم لنظام بشار الأسد. ومن بداهة الأمور أن تعلم ما هي المناطق التي تُديرها. وهنا لانقصد ترسيم الحدود في الوقت الحالي و إنما على الأقل ذكر المدن والبلدات الرئيسية من عفرين إلى ديريك.
4.                  عدم النص على بعض الوزارات و الهيئات والدوائر والمحاكم ذات الأهمية الكبيرة :
·         وزارة النقل
·         وزارة الموارد المائية والري
·         وزارة التخطيط
·         دائرة العلاقات الخارجية: مرتبطة بالحكومة
·         هيئة الاشراف القضائي: مستقلة ماليا و إداريا
·         الهيئة العامة للإعلام: تقوم بوظيفة وزارة الاعلام وتكون مرتبطة بالحكومة
·         الهيئة العامة للرقابة و التفتيش: مستقلة ومسؤولة أمام البرلمان
·         محاكم التمييز والمحاكم الادارية و محاكم العمل و محاكم الاحوال الشخصية و محاكم الأحداث. وهنا نتسأل عن السبب وراء التسمية التالية: محاكم الشعب درجة أولى وديوان العدالة العليا. لماذا الشعب ولماذا العليا؟ فهل هناك عدالة عليا وعدالة سفلى؟ و إذا كان المقصود هو الديوان فكان يجب وضع كلمة الأعلى بدلا من العليا لأن الديوان مُذكر. و إذا المقصود بهذا الديوان على أنه أعلى سلطة قضائية فلماذا هذا التعقيد أليس من الأسهل والأوضح تسميته كما في بقية البلدان بالمجلس الأعلى للقضاء؟
و أخر موضوع نود أن نناقشه هو ما يتعلق بالمُغتربين باعتبار أن هذا يمس شريحة كبيرة من كورد غرب كوردستان. فقد جاء في المادة 57 : لا يجوز لمن يحمل جنسية أخرى أن يشغل منصب رئيس الحكومة و نوابه و الوزراء و نوابهم وأعضاء المحكمة الدستورية العليا. السؤال الذي يُطرح هنا لماذا هذا التمييز ضد المُغتربين؟ هل لأنهم تركوا البلد لأنهم لم يستطيعوا القيام بواجبهم القومي الكوردي بسبب بطش النظام؟ هل لأنهم رفضوا أن يكتبوا و يفكروا لصالح النظام فتركو البلد و بالتالي هذه هي المُكافأة التي تنتظرهم؟ أم لأنهم حصلوا على جنسية أخرى فإن وطنيتهم قد انعدمت إلى درجة لايُثق بهم لإسناد مناصب إليهم؟ الكل يعلم أن الكورد المُغتربين قد حصلوا على جنسيات أخرى إما لأنه بالأصل لم يكونوا يتمتعون بجنسية ما (وهذا حال قسم من كورد الجزيرة الذين سماهم نظام البعث بالأجانب و المكتومين) و إما أنهم رغبوا في الحصول على جنسية بلد الاغتراب لتحسين أوضاعهم وتسهيل عمليات انتقالهم و أسفارهم. لأنه بالجنسية السورية لا يستطيع المرء الحصول على أية تأشيرة فيزا وإذا حصل عليها فالسوري غير مُرحب به في غالبية بلدان العالم وذلك بسبب تصرفات نظام البعث. أضف إلى ذلك أنه لو كانت هناك شيء يُسمى بالجنسية الكوردستانية فلن يبدلها الكوردي بكل جنسيات العالم وعندها إذا فعلها يمكن أن يُفهم موضوع استبعاده من الحياة السياسية. ثم طالما أن هناك انتخابات حرة ونزيهة فليترشح من يُريد و ليحكم الشعب عليه و على برنامجه. و إذا أمعنا النظر نجد أن المشمولين بهذا الحرمان هم في الغالب من أصحاب الشهادات و الخبرات و الكفاءات لأنه إذا قبلنا بأن يكون شخص ذو تعليم متواضع عضوا في مجلس الشعب لأنها إرادة هذا الأخير فلا يُعقل أن يُقبل شخص بمستوى متدني من التعليم وخصوصا في هذا العصر في منصب رئيس الوزراء أو وزير او عضو المحكمة الدستورية العليا خاصة إذا نظرنا الى تكوين هذه الأخيرة. فبدلا من الاستعانة بالكورد الذين تفوقوا في الاغتراب و أثروا الدراسة و اكتساب الخبرة على جمع المال يقوم واضعي المشروع بإقصائهم فقط لأنهم حصلوا على جنسية أخرى. إن مثل هذه المادة وضعت فقط في بعض دول العالم ( أقول فقط بعض) وذلك بعد التخلُص من الأنظمة الديكتاتورية (وليس بالضرورة أن يكون له أسبابه في التطبيق في غرب كوردستان فلكل منطقة في العالم خصوصيتها) وكان ذلك في الغالب لأسباب انتخابية بحتة و بسبب سباق على المناصب. فكان أهل الداخل يخشون من القادمين من الخارج خاصة عندما يكون هناك فارق في الخبرة و درجة التعليم وهذا الفارق طبيعي إن حصل لأن ما هو مسموح اكتسابه وتعلمه في البلدان الديمقراطية يكون بلا شك مُقيد أو ممنوع في ظل الأنظمة الاستبدادية.
في النهاية لا بد من التذكير أن هذا البحث ما هو إلا رأي شخصي بحت نابع من واجب قومي و خبرة متواضعة في مجال وضع الدساتير والهدف من هذا البحث هو الاسهام في المناقشة طالما أن المشروع مطروح من قبل واضعيه للمناقشة وإبداء الرأي وكان بالإمكان التفصيل أكثر والتطرق الى نقاط أخرى لكن لكي لا يمل القارئ ولأن البحث الطويل لا يُنشر في الغالب على صفحات الانترنيت وخاصة الكوردية فضلنا الاكتفاء بأهم المُلاحظات. ويكمن أن نكون قد أخطأنا في تفسير أو فهم مادة ما فنرجو المعذرة. ولا نقصد أبدا من هذه المُلاحظات الانتقاص من قيمة العمل والوقت الذي بُذل لكي يرى هذا المشروع النور. فهو جدير بالقراءة ولكنه يحتاج الى إعادة النظر في ترتيبه وصياغته والتناسق بين مواده وإعادة الترقيم (المادة 32 غير موجودة) وهذا يحصل في كل البلدان التي تشرع في كتابة أول مشروع لوثيقة تنظم الحياة ضمن حدودها وإن كانت الأخطاء في هذا المشروع أكثر من المُعتاد. ويكفي أن هذا المشروع هو أول عمل يُطرح من جهة مُعينة وصاحبة مسؤولية وليس من قبل هذا و ذاك و في ظل فوضى عارمة لا يدري المرء ماذا يقرأ وفيما ذا يُبدي رأيه.  و من أهم ميزات هذا المشروع هي أنه ضرورة مُلحة لتنظيم الحياة في المناطق التي هي تحت سيطرة الكورد و إن كُنا ميالين أكثر إلى تسميته بقانون إدارة اقليم غربي كوردستان المؤقت فمصطلح قانون أسهل للقبول من قبل الأخرين وخاصة في هذه الفترة من مُصطلح دستور كما هو الحال بالنسبة للعرب وخصوصا السنة منهم في العراق حيث أنهم يتقبلون مُصطلح النظام الاتحادي أكثر من النظام الفدرالي مع أنه لا فرق بين الاثنين. والدليل على ما نقول هو أنه ومنذ أن نُشر هذا المشروع الكل يتحدث، عرب و كورد و أخرون، عن دستور الكورد ولا أحد يُسميه لا بمشروع ولا بعقد اجتماعي الأمر الذي سهل لهم تمرير التهمة القديمة الجديدة بأن الكورد يريدون الانفصال ولذلك قاموا بطرح مشروع للدستور.
في رأينا لابد من اختيار لجنة قانونية ذات خبرة ولا بأس من الاستفادة من خبرات من خارج أقليم غربي كوردستان فهناك كثير من الأوربيين وغيرهم من أصحاب الاختصاص في هذا المجال ويريدون مساعدة الشعب الكوردي عموما و بالأخص الشعب الكوردي في غرب كوردستان. وفي هذا المجال نعلن عن استعدادنا لوضع خبرتنا المتواضعة خدمة لكوردستان ولأي جهة كانت شرط أن تكون في اتجاه المصلحة العُليا للكورد و كوردستان.
الدكتور محمد حسن  ̵  فرنسا  ̵    
دكتوراه في القانون الدستوري والدساتير الفدرالية
جامعة باريس الثانية  Panthéon Assas
E-mail : mohamadhasan77@gmail.com







أتى هذا المقال من Welatê Me
http://www.welateme.net/erebi

عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://www.welateme.net/erebi/modules.php?name=News&file=article&sid=15986