حجر الفلاسفة... حجر الساسة
التاريخ: الخميس 11 تموز 2013
الموضوع: اخبار



   إسماعيل رسول

قديماً اهتم الناس بعمل بسيط في ذاته، حيث كانوا يسلّطون النار الهادئة على الأحجار والمعادن كلها لتحويلها إلى الذّهب وهو ما كانوا يسمونه ب(حجر الفلاسفة) حيث اكتشف إثر ذلك أحد الحذائيين الطليان عنصر  الفوسفور..
لا أدري ما الذي يثير شهية الساسة الكرد حتى الإدلاء بتصريحاتٍ متناقضة، والتي لا تشي بشيء في استشراف بمستقبل القضية الكردية وحقوق الشعب الكردي. فكل يلهث وراء لقطات سريعة الكترونية ، فضائية، أو في ندوة جماهيرية وذلك فقط ليثبت حضوره (الممل) والذي لا يسمن ولا يغني من الجوع . مع امتناني بوجود  مَن  يبذل جهوده الخيرة ويعمل كجندي مجهول ليل نهار دون ضجة أو...


لا اعتقد بأن ميل الأطراف إلى المحاور قد جاء عبثاً،  دون النظر إلى خصوصية الوضع الكردي السوري ،لأن من تداعيات ذلك أسر القرار الكردي السوري، وبث روح الشلل فيه،  فنحن إخوة في التراب ، لذا  علينا الانطلاق من الواقع الحسي الملموس والمباشر كي نتمكن من إدراك العالم مباشرة. فكما في الطبيعة كل شيء في توازن وانتظام، وإذا وقعت كارثة ما في منطقة محددة يصيبها الخلل لفترة حتى تتم إعادة التوازن كالزلازل والبراكين والأعاصير و...وتكون الخسائر فادحة. 
إن نظرة متأنية لبنية الصخرة أو بيت النحل  أو النمل  تكشف عبقرية الهندسة الموجودة فيها. إن التغيرات تجري كل ثانية في الطبيعة، لكنها تحافظ على الحد الأدنى من الطاقة وقد استفاد منها العقل البشري لتحقيق هذا المبدأ .. أي العمل على إنجاز فعل براغماتي في الحدود الدنيا دون إهراقٍ لكثير من الجهد. واستفاد الإنسان في علم الاقتصاد، بمبدأ أقل كلفة وبأفضل جودة، كذا الأمر في السياسة إيجاد  والحصول على أقل خسارة وبأفضل الحلول الممكنة..
فهل نجعل كل شيء لفوهة الزمن والتاريخ حتى يحاسبه؟؟ أم نبث الروح في دم الزمن والتاريخ ونحاول وضع القدم والحافر على حافر الراهن دون تأجيل  حتى لا نعلق أخطاءنا المتراكمة والتي تبث العفونة دائماً في رقبة التاريخ البريء من كل شيء كبراءة الذئب من دم يوسف.
ومن هنا أضع المسؤولية مباشرة دون لف أو دوران على ساسة الكرد (السوريين) أولاً ومن ثم المثقفين وبقية الناس، فكل منّا يتحمل جزءاً من المسؤولية بلا تهرب فالمفكر والمثقف والسياسي لا يفي الأشياء حقها لأنه لم يصطدم بها بعد.. ((فالمسؤولية تتحدد بالنظر إلى الفكرة من خلال الواقع  بينما اللا مسؤولية تتحدد بالنظر إلى الواقع من خلال الفكرة فإذا ما اصطدم المفكر بالواقع وجد نفسه مسؤولا  لأن الواقع لا يُخرج  المسؤولية))* وبالتالي من يجد نفسه مفكرا أو سياسيا فهذه مسؤوليته مباشرة.
إن السياسيين هنا هم سياسيون في كل شيء، إلا في السياسة التي هي  مجالها الحركة، وليست التجريد الذي مجاله الفكر ..
فاللامسؤولية تطلق العنان للأفكار فتبدو معارضة الأشياء سهلة طالما أن المعارضة غير ملزمة بتنفيذ ما تقوله في حينه وطالما إنها بعيدة عن مركز القرار والفعل ولكن ما أن تغدو المعارضة في موقع المسؤولية وفي مركز القرار حتى تتقيد أفكارها وتتخلى عن تصوراتها السابقة.
متى يهرول الساسة الكرد لاهثاً إلى ضميره ويضع مصلحة الشعب والقضية على حفنة من( التراب- مال) والتحزب الضيق الذي هو أضيق من حنجرته، والذي يصرخ منها ليل نهار وينادي بالكردايتي والوطنية والحقوق و...في ظل هذه الظروف التي لا يحتمله أحد من القتل والتدمير والمجازر والحصار والأسعار الضوئية التي يعيش  فيها الشعب السوري والكردي،  وربط حتى ربطة الحذاء بالدولار الذي يطير بدوره من الفرح على أنفاس وأنقاض الليرة السورية  والمتاجرة بكل شيء بلا رقيب أو حسيب.
كفاكم العبث بعقول هذا الشعب التواق للحرية والحق والسلم. فنعيش في هذه الظروف وكأن عصراً من الانحطاط قد سقط ، ولكن ليس سهواً، على واقعنا والذي زاد الطين بلة، أصبحنا نعيشه بكل تجلياته، الرداءة تتساوى مع الجودة، العارف يتساوى مع غير المدرك، صار الثرثار يتساوى مع صاحب الرأي، الكردي الذي حاول بكل جهده والذي كان يحارب على لقمة عيشه وعيش أطفاله للحفاظ على وطنيته النزيهة أصبح يتساوى مع غيره...
والرأي كما يقولون هو الجانب الأفضل من الشجاعة، فلنجانبه قدر الإمكان  بلا مواربة. الرأي هو زبدة ورغوة التجارب، والإلمام بآراء الكثيرين وتجاربهم قد تكون مفيدة، أما الثرثرة فهي حكمة المتطفلين والمتطاولين والفضوليين، الميزة الوحيدة هي فقط ميزة العلاقات الاعتبارية  والانحطاطية التي تُمشي الحال وتحسن المآل وليست بالموهبة والجهد والقراءة والمتابعة وممارسة فعل الخير لهذا الشعب والوطن، فقط مطلوبة في هذا المقام مع كل تقديري واحترامي اللامتناهي للفئة الخيرة هي ثقافة العلاقات، وليست ثقافة القراءات للواقع المعاش، كون القناعات والمعايير قد ارتبكتا وضيعت الأفئدة الحسنة في وسط هذا الزحام الرديء.  
المعروف لدى أي مؤسسة هناك دستور ينظم آلية العمل يسمى بـ(دستور المواطن) وهو ما يمكن إسقاطه على أي عمل جماعي وخاصة السياسي بـ(الدستور السياسي) وهو ما يطلق عليه في أحزابنا بالنظام الداخلي والبرنامج السياسي ومن البديهي فأن هذه  هي المبادئ  الأولى للعمل، ليس وضع التصورات والأهداف  فحسب إنما الأهم وضع إجراءات التنفيذ بدقة، موثقة، وواضحة، أياً  كان نمط المؤسسة (تجاوزاُ يطلق البعض على أحزابهم بأحزاب مؤسساتية) فكثير من المبادئ والأهداف والتوجهات في أي مؤسسة ( اقتصادية ، تعليمية، سياسية) قد تكون في غاية الأهمية وممتازة الصياغة والتصميم نظرياً، ولكنها عندما لا تدعم بتصور واضح ودقيق  مكتوب وموثق ويبين الإجراءات العملية للتنفيذ فإنها تتحول إلى مجرد شعارات أو أمنيات ويقوم الأفراد باختراقها والالتفاف عليها و هذا ما يحصل  (وبكل أسف) لدى الأحزاب الكردية جميعها, لعدم اهتمام هؤلاء الأفراد بالأقوال وعدم وجود رادع أخلاقي وسياسي يقف حائلاً إزاء ذلك. نحن الشعوب الشرقية والكردية لم نتعود تنفيذ القرارات طواعية (وبكل أسف مرة أخرى) دون وجود شروط شايلوكية رادعة تقف على كل شاردة وواردة.
          هل يفيق الساسة الكرد من سبات عميق لكرديته الحقيقية والتي شربنا منها الصدق والأمل والكردايتي وكلمة الح. ويحاول أن يطهي على النار الهادئة  أفكاره وأماله عسى أن يحصل في هذه الفرصة الذهبية  على بعض الحقائق ليتوج بها كأيقونات وتحف ذهبية، ويسجل له التاريخ ولو (مجداً حتى لو كان صغيراً)  قبل فوات الآوان.






أتى هذا المقال من Welatê Me
http://www.welateme.net/erebi

عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://www.welateme.net/erebi/modules.php?name=News&file=article&sid=15893