الولايات المتحدة الأمريكية بين حزب الله و pyd
التاريخ: الأثنين 08 تموز 2013
الموضوع: اخبار



إبراهيم محمود

  عقب أحداث عامودا المؤلمة بتاريخ 27-6/2013، فوجئتُ في أكثر من موقع انترنتي كوردي وغيره، ببيان صادر عن الخارجية الأمريكية، تدين فيه، وبالاسم، حزب الاتحاد الديمقراطي الكوردي طبعاً pyd، وكما جاء في صيغة البيان" أسمي هنا موقع كوردنامه" في رده القاتل على المظاهرات السلمية في مدينة عامودا... ولاحقاً، تدعو ه إلى ضرورة احترام حقوق الإنسان وكرامة جميع السوريين، وثمة النص الانكليزي المرفق في بعض المواقع.
لعلّي مع الضحايا حين أنساق إلى مضمون البيان، وضرورة محاسبة الفاعلين" القتلة" أنَّى كانوا، لعلي أسارع في القول بلزوم مساءلة شهود العيان لمعرفة حيثيات الحادث، أكثر بكثير مما تردَّد إعلامياً هنا وهناك.. لعلّي..لعلي..


بعيداً عن التوليف السينمائي للحدث، وما كنته كغيري من المتابعين للأحداث المروّعة في نتائجها كوردياً ، في تتبع ملابساتها وما يقال عنها ويشار إليها بصيغ شتى حتى الآن، كما لو أن الجاري لا وجود له على الأرض، بعيداً عن ذلك ثمة سؤال شغل ذهني، على خلفية هذا البيان، وبعد نشره بأيام معدودات، دون من يهتم به كما يجب( بالنسبة إلي لم أجد ذلك)، وهو: أإلى هذه الدرجة تكون الخارجية الأمريكية معنية بشئون الكورد وآلام الكورد وتاريخهم؟
لأقل مباشرة، وبسبب حساسية الموضوع: ما أقول ليس دفاعاً عن الحزب المشار إليه بالاتهام، ولا تبرئة له مما جرى، ولا دعوى إلى نسيان الضحايا الكورد، لا وألف لا، فالقتلة يجب أن يحاكموا، أو يُسمَّوا، إذا كنا معنيين بحقيقة ما جرى، إنما هو أن بيان الخارجية الأمريكية لا يمكن أن يفوَّت دون مساءلة بالذات: كيف لمدينة صغيرة في عُرف الدولة العظمى أن تحصل منها على بيان استنكاري يطال حزباً كوردياً، شئنا أم أبينا؟  أي إلهام تملَّك الوزارة تلك لتحسم أمرها، وتمارس حكمها في الجاري، وهل حقاً يعنيها وضع عامودا وأهل عامودا، أو الكورد عموماً وفق اللازم مجدداً ؟
كيف يمكن لها أن تغض النظر عن ممارسات حزب الله وتجاوزاته الجغرافية والسياسية والعنفية في عقر دار السوري، كما لو أنه يمارس لعبة" الغمّيضة" بعيداً عن اتهام مباشر، أو وصمه بالإرهاب، كما هو اعتبار الـPKK، إرهابياً دون تردد.
وهو الحزب الذي يمكن أن يقال فيه الكثير من جهة المركزية الصارمة وحتى الشدة والعنف، ولاحقاً PYd، ولكن من المستحيل إخراجه من جغرافيته التي ينتمي إليها، مهما قيل فيه أو عنه من تجاوزات تخص منطقة تحركاته أو عملياته، من المستحيل اعتباره حزباً خارجياً هو أو التالي عليه بكل شعاراته أو مضامين أفكاره وطريقة تعامله مع المختلف كوردياً وغير كوردي، أو مسلكه اليومي مع الجهات السياسية الأخرى، طالما أن الحديث يرتبط بتقييم دولة عظمى، ومعها الدول الأخرى، فلا يبدو الكورد في المعيار الأمريكي الشعب الذي يستحق وجوداً جغرافياً وتاريخياً، لأن الوقائع تشير حتى الآن أن العائق الأكبر أمام وجود دولة كوردية بالمعنى الحرفي للكلمة، يتمثل في أمريكا، وبالتالي، فإن اتباع خطوط علاقاتها مع أحداث المنطقة عموماً والدول التي تقاسمت كوردستان، لا ينبغي أن ينفصل عن عمق سياستها إزاء حليفاتها وموقع هؤلاء الحلفاء بالنسبة للكورد ودورهم في افتئات الكورد.
لنسمّ إذاً: هل جاء البيان استجابة لرغبة تركية أم ماذا؟ حيث الحزب بعبع تركيا، ومادته في توسيع نطاق عملياته أو إقامة تحالفات علنية وخفية، أم استجابة لسياسة أمريكية قبل تركية، لأنها تسيطر فضائياً على مناطق شاسعة في العالم؟
بوسعي القول: إن دولة تعتبَر معادية لأمريكا، هي إيران ، تعتبَر الحليف السياسي غير المباشر لها، وأن حزب الله المتحرك بأوامر إيرانية بمثابة الذراع الضاربة لها في منطقة، والمستجيبة لأهداف العدو الكلاسي للعرب: اسرائيل، فما حققته إيران من مكاسب لاسرائيل وامريكا وأوربا عموماً، وحتى روسيا بطريقتها، عربياً" أي في المحيط العالم"، ومنذ سقوط الشاه في نهاية سبعينيات القرن الماضي، بخلخلة بنية النظام العربي، وتجلي كوردستان بيضة متشققة، فلا نعلم حتى الآن ما إذا كانت " الفرخة" ستخرج سليمة أم لا، لا يمكن تقديره، وأن تركيا الحليف الاستراتيجي المباشر هي الأكثر دخولاً في سباقات مضمارية وماراتونية لأنها الأكثر تعرضاً للانقسام جرّاء نضج القضية الكوردية حيث العمق الديموغرافي الكوردي يُحسب له حساب، أما المتحقَّق في إقليم كوردستان فلما يزل في مواجهة تحديات جمَّة.
أقول هنا، ودون كيل أي مديح للـ pkk، أو pyd، لأن الموضوع عام ويتناول جملة نقاط مختلفة: تصوروا لو لم يكن هذا التنظيمان الكورديان غير موجودين، أي حجة كانت ستُستخدَم من قبل أمريكا أو تركيا؟ رغم أن السؤال قد يبدو دون الدقة اللازمة، لأن ما هي عليه تركيا راهناً لا ينفصل عما هما عليه التنظيمان الكورديان!
إن القوة دون تعيينها أرضياً مجردة، وتركيا عندما تسمي المعتبرين أصدقاء أو خصوماً، إنما تنطلق من قوة خاصة بها، قوة لا تنفصل عن اشتهائها للعبة الانهيارات الكبرى في المنطقة، وفي سوريا من ناحية، لأنها تمكنت خلال هذه الفترة من الارتقاء بمستوى اقتصادها، وتمتينه أكثر من أي وقت مضى، وأن المستقبل سيكون أكثر ضامن قوة لها عربياً من ناحية أخرى.
ولعل أمريكا في حمّى بيانها السالف الذكر، تسمّي قوة قائمة: سياسية، لا يجب أن تقوم: كوردية المنشأ من جهة، وهي كذلك تعترف واقعاً بمراكز قوى تعتمد عليها في المنطقة، رغم البون المعتقدي والتحالفي بينهما: تركيا وإيران، وهما عدون لدودان للكورد، وفي رقبتهما الكثير من الدماء الكوردية المراقة تاريخياً، إذ على قدر التناقضات القائمة وتلك التي تسعى إلى تعميقها، تكون متواجدة، وهي تتلذذ كثيراً بدماء ضحاياها المباشرين وغير المباشرين من جهة ثانية، ولعل أمريكا هذه تحتاج إلى استعمار من نوع آخر: أكثر عنفاً، لتكتشف كم هو مؤلم استبداد دولة لأخرى، أو نظام لشعوب كاملة.
هنا، يختصَر القول: لقد دخلت عامودا تاريخ السياسة الأمريكية، ولكن، علينا أن نعلم جميعاً، أنها بالسرعة التي دخلته ستخرج منه، فثمة دور عابر، ضمن أدوار أكثر خطورة، ربما كما هي نكاشة الأسنان التي لا تؤكَل، إنما لتنظيف بعض عوالق الطعام، وعلى الكورد عموماً أن ينتبهوا إلى هذه اللعبة، لأن أمريكا لن تكون بابانويل الكورد إطلاقاً، لأن قضيتهم لا تعني يوماً واحداً في السنة إنما تشمل تاريخاً وتغييراً شمولياً في المنطقة، وضمناً في بنية الذهنية الأمريكية عنهم.






أتى هذا المقال من Welatê Me
http://www.welateme.net/erebi

عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://www.welateme.net/erebi/modules.php?name=News&file=article&sid=15884