الثورة السورية (ميلاد ، إنحراف ، سرقة ، إنقلاب ، إحتضار ، …. )
التاريخ: السبت 22 حزيران 2013
الموضوع: اخبار



  نذير عجو

إختصار تعريف الثورة بمصطلحها السياسي بأنها الخروج عن الوضع الراهن سواءاً نحو الوضع الأفضل أو الوضع الأسوأ .

- ميلاد الثورة 
بدأ السوريون بثورتهم السلمية (ثوار سوق الحميدية الدمشقي الأبطال، أطفال درعا البواسل ، كرد قامشلو الأبية عشاق الحرية ……..) وكان إبتغاء الثوار وهدفهم هو تغيير الوضع الراهن نحو الأفضل حيث كانت مطالبهم ( الحق ، الحرية ، العدالة ، المساواة ، …….، الديمقراطية) مع تعبيراتهم الوطنية الديمقراطية من (شعارات، لافتات، رايات، أعلام) ، وتوسعت الثورة لتشمل أكثر المدن السورية ، وتفائل الثوار وإستعدوا للفداء بالغالي للخلاض من نير العبودية ، وملؤوا الساحات بقواهم الثورية التحررية حماساً للتغيير، تحدياً لقيود الظلام ، عشاقاً للحرية .


وخلال حماس وتصميم السوريين والزخم الثوري، تسلل المتسلقون والإنتهازيون والمارقون السياسيون ، اللذين سال لعابهم على السلطة ، وبدأوا بنزاعاتهم من أجل السلطة التي إعتبروها قاب قوسين أو أدنى (تيمناً بالإنتصارات السريعة لثورات المنطقة) وأن إنتصار ثورة السوريين على الأبواب وتحتاج لمن يتربع العرش ، وبزدياد وتيرة عنف السلطة الغاشمة وإنشغال الثوار الحقيقيين برفع وتيرة نشاطاتهم وتضحياتهم ونضالاتهم الثورية وصمودهم المكلف دماً وروحاً ، أخذ الإنتهازيون مجدهم في رسم توجهاتهم (السلطوية، الإستبدادية ، العنصرية،  المتطرفة) وبدأ كل واحد منهم يظهر عضلاته الخلبية ليقول أنا الأولى بالسلطة ولن أقبل غيري إلا ذيلاً ، وإحتدت الصراعات في أقبية وغرف مؤتمرات ماسميت بالمعارضة السياسية حول أحقية السلطة دون التنازل عن نزعاتهم والوقوف على متطلبات الثورة والثوار من أدوات وأفكار وخبرات ، وتعمقت نزاعات المعارضة وراء الستائر مع ممارسة الأكاذيب الإعلامية بقلب وتشويه الحقائق وتضليل القوى الثورية في الساحات عن حقيقة عقليتهم ونمط تفكيرهم  .

‫- إنحراف الثورة
مع زيادة عدد الضحايا والعنف الذي مارسه النظام الفاشي ظهرت قوى عسكرية رفضت الإنصياع لأوامر النظام بقتل الثوار وإنشقت هذه القوى لتعلن عن نفسها جيشاً حراً مدافعاً عن الثورة والثوار المسالمين الأبطال وقواهم الفاعلة في الساحات، وما لبثت بعض هذه القوى العسكرية أن تعبر عن عمق توجهاتهم ونفسيتهم المتعطشة للسلطة والتسلط لتنضم لجوقة القوى السياسية المتخبطة الخطى ، وهنا إنفلتت بعض جوانب الثورة وإنحرفت عن مسارها من حيث سلميتها أو دفاعها المشروع عن المتظاهرين ، حيث صبغت بحالة عنفية ثأرية لاتفرق بين المذنب والبرئ ، وغابت التعبيرات الوطنية وتحولت إلى شعارات وتوجهات دينية ورايات تتخطى الحدود الوطنية إضافة إلى غياب واضح لأهداف الثورة أو تحولها إلى أهداف فردية أو فئوية أو طائفية أو تحزبية أو….. وضاعت مسارات ثورة التحرر والإنعتاق بين يدي المعارضة (السياسية والعسكرية ) وضاعت أو شوهت أهداف الثورة الحقيقية ووسائل تحقيقيها (السلمي مع الدفاع المشروع) وكذلك ضاعت شعاراتها وراياتها .

‫- سرقة وإنقلاب الثورة
أمام مشهد الإنحرافات وتخبطات القوى السياسية والعسكرية للثورة أصبحت الساحة الثورية مفتوحة للمتربصين لسرقتها  ، وسرقت الثورة من أصحابها ووجهت الساحة الثورية نحو توجهات جديدة ذات طابع عنفي (عنف مضاد) مع تعبيرات لا وطنية (دينية متطرفة و طائفية بغيضة وعنصرية كريهة) مع دخول شعارات ورايات لا تعبر عن ما كان يتطلع إليه السوريون الأحرار الشهداء منهم والأحياء ، وقد نال سراق الثورة (الكتائب العسكرية المتهورة والمتطرفة) التصفيق الحار والتهليل من عشاق السلطة والتسلط مدّعي الثورة المذيفون (نداء كلنا جبهة النصرة بعد توصيفها بالإرهاب من قبل الأمريكان) ، لتصل الثورة أمام هذا الواقع المرير إلى حالة إنقلاب على مبادئها وتحولت أكثر أطرافها الفاعلة (ولاسيما العسكرية منها) إلى حالة متطرفة تمارس الإستبداد والقهر والظلم والعنف ، وفتحت محاكم التفتيش ، لإقامة الحد والجلد ومحاكم الثأر وفتحت مدارس التعبئة المتطرفة (الإستبدادية ، الطائفية ، العنصرية ، الثأرية) وتحولت الثورة إلى صراع ديني طائفي مع نفس عروبي عنصري ، وبدت المشاهد قاتمة وتشكل خطراً على السوريين حاضراً ومستقبلاً  ، إضافة على الخطورة الإقليمية والدولية نتيجة إرتباط الأطراف لما هو خارج الحدود .

- إحتضار الثورة
حال السرقة والإنقلاب وتوجهات وسلوكيات الكتائب الفاعلة المعلنة ، إستدعى تحويل طرش وعمى وخرس القوى العالمية للتفكير بإتجاه وأد هذه الثورة الإنقلانية ، وكثرت مخالب الخائفين من نتائج إنتصار تلك الكتائب ، وبدؤا سعياً لينقلوها إلى غرفة الإحتضار إنتظاراً لساعة إعلان الحداد إن لم يصحى لحالها المتهورون المتعنتون الرافضون للغير المختلف والمتمسكون بشعارات التطرف (العروبي ، الإسلاموي ، الطائفي ، ….) ولايعلم هؤلاء أن بقائهم على مواقفهم سيبقي صور الإستبداد والإضطهاد والعذابات والموت سرمدية في سوريا وبأنهم سيصبحون هدفاً لقوى ستناصر النظام الأسدي الفاشي وتضيع دماء الشهداء سدى وتعاد عبودية السوريين لسيدهم المنتصر (آل الأسد وعصابته) ، (لاقدرت الأقدار) ، وسيسجل المستقبل أنه في زمن ما ولدت ثورة ثم إنحرفت فسرقت وإنقلبت  فاحتضرت ومن ثم ….؟؟؟؟؟.

‫-مستقبل الثورة ( إقامة الحداد ؟؟؟ إم إعادة التصحيح ؟؟؟ )
أخيراً أقول ماذكر سابقاً إلا واقعاً ركب الثورة بعيداً عن مفهوم تشائمنا أو تفائلنا اللاواقعي لما مضى من الثورة ، أما بالنسبة للمستقبل الآت فالتشائم والتفائل مرتبط بصحوة الشرفاء الغيورين على مستقبل بلدهم والإعتراف بالأخطاء الماضية والجرأة على طرح الحلول الواقعية الغير رغباتية ويكفينا تعصباً وتطرفاً وتعنصراً ، والإستفادة من الأخطاء أو ما يمكن تسميتها مجازاً كبوات ، لإعادة دفة الثورة  إلى صفاء بداياتها والقفز أبعد من ذلك بالإقرار أن سلاح الإنتصار الوحيد هو الإيمان بوجود الآخر كما هو والإعتراف به كما الإعتراف بالذات الشخصية أو الجمعية ، إبتغاءاً لبناء مجتمع سوري يحتوي الكل الحر في إدارة وممارسة حقوقه وشعائره ومتطلباته المحقة نحو بناء حضارة سورية ذات رونق موزاييكي مميز، والإستنتاج بأن سوريا دون أي طيف من أطيافها هي ذاهبة نحو المجهول السيئ ، فليقرع الأحرار نواقيس الخطر لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من الثورة المحتضرة عسى أن يتم إنعاشها وإعادة حيويتها إستكمالاً ووفاءاً لرسالة من ضحوا بأغلى ما عندهم (المال، الأملاك ، الأهل، الأولاد، الجسد، الروح ، …..) من أجل إنتصار الحق والحرية والعدالة والكرامة والمساواة ….. والديمقراطية ، ولتقرأ أجيال المستقبل أن كبوة أصابت ثورة أجدادهم ولكنها كانت الشعرة التي قصمت ظهر النظام الفاشي ، وأن ثمار حضارتهم التي يعيشوها ما هي إلا من حساب معاناة وآلام وتضحيات أجدادهم ضد عدو تسلط على وطنهم عنوة  وأن الأجداد إنتصروا عليه بتكاتفهم وتآلفهم وتسامحهم وقبولهم لبعضهم .
فلنعاهد بعضناً نحن الأحرار، بالمحبة والتكاتف والتسامح والقبول لبعضنا المسالم لنكون شرفاً وفخراً لأجيالنا القادمة .







أتى هذا المقال من Welatê Me
http://www.welateme.net/erebi

عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://www.welateme.net/erebi/modules.php?name=News&file=article&sid=15765