خيـار السـياسة والحـوار ... لبنـاء سـوريا الجـديـدة
التاريخ: الأحد 21 نيسان 2013
الموضوع: اخبار



  محي الدين شيخ آلي*

إن إقامة هذه المراسيم اللائقة بالشهيد كمال حنان في قرية تلف يحمل معنى كبيراً، وإن حضوركم هذا تأكيدٌ على المكانة السامية للشهيد كمال وشهداء الشعب السوري الذين يقدَرون بعشرات الألوف من مهندسين وأطباء ومحامين ومن أطفال وشيوخ ونساء... الذين سقطوا في درعا ودمشق، في حمص وقامشلو وعفرين...إلخ ، واستشهد يوم أمس أحد رفاق حزبنا من الأخوة الإيزيديين هو الشهيد مصطفى عيسو حيث دفن في قرية (فقيرا) بمنطقة عفرين. وإن هذه المراسيم تذكرنا بالمناضلات الكرديات الثلاث اللواتي بالأمس القريب استشهدن في باريس (سكينة جانسز، فيدان دوغان، وليلى شايلمز) بأياد غادرة...


ولكن شعبنا الكردي في سوريا وكذلك في كردستان يقظٌ وواعٍ، حيث الحركة التحررية الكردية تعمل وتناضل بتآلف تاريخي . وينبغي أن نشير بأن هذه المراسيم تمثل رمزاً ومعنى كبيراً لجميع أحرار الكرد وكردستان ولأحرار وثوار سوريا، وتمثل رسالة لجميع الداعين للحرية والسلام والمدافعين عن حقوق الشعوب، وأيضاً إلى نيلسون مانديلا الذي يصادق الشعب الكردي بقلبه وروحه وإلى أمثاله من أصدقاء قضية شعبنا العادلة.
لقد برز من هذه القرية العشرات من المناضلين من بينهم المرحوم المحامي شوكت نعسان الذي هو من مؤسسي أول تنظيم سياسي كردي عام 1957، فتحية لعائلته ولروح رفاقه المناضلين: رشيد حمو، أوصمان صبري، نورالدين ظاظا، محمد علي خوجة...إلخ. إن هذا الحشد الجماهيري الرائع، وهذه اللحمة الفريدة بين أبناء شعبنا يخلق لدينا شعوراً وقناعة راسخة بأن كمال حنان هو شهيد خالد، ولم يكن رفيقاً لحزبنا فحسب، بل كان الراحل يحمل في قلبه هموم الوطن، وناضل طيلة أربعين عاماً دون كلل أو ملل، وتحمل العديد من المسؤوليات في التنظيم منها مسؤول منظمة المرأة ومنظمة الحزب في حلب وكرداغ إضافة إلى نشاطه في كوباني والجزيرة والرقة وإلى جانب اهتمامه وشغفه باللغة الكردية ورئاسته لهيئة تحرير صحيفة (نوروز) الكردية...هكذا عُرف الراحل كشخصية قيادية مرموقة ووجه ريادي من وجوه الحزب بين أبناء شعبه، وإن رحيله يشكل خسارة جسيمة لحزبه ولجميع القوى والأحزاب الوطنية السورية، وللشعب الكردي وعموم شعب سوريا.
ولكي نكون أوفياء وصادقين مخلصين للشهيد كمال حنان ولشهداء كُرد وكردستان ، في هذه المرحلة التي تعيشها بلادنا سوريا ، ينبغي علينا في المقام الأول حماية وحدة الشعب الكردي ومصالحه، والتأكيد على أن الشعب الكردي واحد كما هو الشعب السوري واحد، وعلينا ترسيخ عمل ووحدة المجلسين( مجلس الشعب لغرب كردستان والمجلس الوطني الكردي في سوريا) تحت راية الهيئة الكردية العليا ممثلة لوحدة وتآلف الشعب الكردي في سوريا، حيث أن هذا العنوان البارز موضع احترام وتقدير الجميع ، ليس لدى الكرد فحسب، بل لدى القوى العربية المعارضة وفي الشرق الأوسط وأوروبا وأمريكا وروسيا، لذا فإن وفاءنا وإخلاصنا لكمال حنان وشهداء ثورة سوريا يكمن في حماية وحدة الصف الكردي.
إن سياسة حزبنا واضحة وشفافة لا تضلّ الطريق، فمنذ اليوم الأول قلنا إن استعمال السلاح والدبابات والمدافع وقصف المدن يؤزم الوضع السوري ويعقد الحلول، فقد هجرت الملايين من المواطنين السوريين ونزحوا عن ديارهمبعد تهديم منازلهم، ولقد تم تهديم منازل المواطنين العزل في أحياء بستان باشا والشيخ مقصود والأشرفية بحلب وسقط أكثر من 146 شهيداً كردياً من منطقة عفرين في تلك الأحياء... وبقدر ما يكون أبناء شعبنا متواصلين ومتكاتفين، رفاقاً، أصدقاءً ووطنيين مستقلين ، يقدمون المساعدة والعون لبعضهم، بقدر ما يكونون أوفياء لشهدائنا وللشعب السوري وثورته المظفرة. إن التجربة ماثلة أمام أعيننا، فمنذ ما يقارب الثلاثة أشهر أو يزيد، حاولت بعض الجهات المسلحة دخول قسطل جندو وعفرين، وأخرى هاجمت سري كانية (رأس العين) من خارج الحدود ولكنها فشلت في تنفيذ خططها، وقد دافعت وحدات حماية الشعب YPGوإلى جانبها الكثير من الشباب والمستقلين ومن أنصار وأصدقاء العديد من الأحزاب بيد واحدة عن الشعب في وجه هجمات تلك الجهات التي أرادت العبث في المناطق الكردية، ونعتقد بأن تلك المحاولات لم تكن لخدمة الثورة السورية والكرامة والحرية، بل لخدمة مصالح قوى لا تريد الخير لشعبنا الكردي ، تلك التي تعتبر إدراج اللغة الكردية في دستور بلادها مشكلة عويصة ولا تقبل بها ، مع الأسف !!.
إن الحركة التحررية الكردية هي حركة سلمية محبة للإنسانية منذ يومها الأول، فعلى سبيل المثال، لم يقتل القائد الكردي الكبير الملا مصطفى البارزاني يوماً أسيراً واحداً، ولم تلجأ القوى السياسية الكردية في سوريا للعنف وسيلة للنضال ولم تقتل أحداً. كان هناك أسرى أتراك في جبال قنديل لدى حزب العمال الكردستاني، تم تسليمهم منذ أيام إلى سلطات جمهورية تركيا، وهم سالمين أصحاء، وهذه الإشارة لها معنى كبير... فالحركة التحررية الكردية هي حركة سلمية تدعو إلى الحوار ولا تقتل الأسرى بل تعاملهم معاملة حسنة.
نعيش اليوم في شهر آذار، حيث مضى عامان على الثورة السورية ولا يزال الوضع دموياً ومضطرباً وأغلقت كافة السبل أمام الحلول لهذه القضية المستعصية. إن السفر بين عفرين وحلب ودمشق وقامشلي والرقة خطر ويحمل الكثير من المغامرة. لقد سقط عشرات آلاف الشهداء والجرحى ونزحت الملايين خلال هذه الثورة ، فمن يتحمل مسؤولية هذه الجرائم!؟. هل هي الحركة الكردية؟! لا...إن النظام الشمولي الاستبدادي – نظام البعث - هو المسؤول الأول عنها. في شهر آذار دوماً نتذكر مجزرة حلبجه، ففي يوم واحد قتل أكثر من خمسة آلاف إنسان وجرح وتشويه أكثر من خمسة آلاف آخرين من قبل نظام البعث العراقي ... فشهر آذار ليس شهر الآلام والمصائب فحسب، بل هو أيضاً شهر نـوروز- العيد القومي الكردي، وكذلك هو شهر يوم المرأة العالمي، وللمرأة الكردية دور هام في تاريخ كفاح الشعب الكردي في سوريا وخارجها وهي موضع فخرنا، والأخت فاطمة محمد (أم شيار) موضع تقديرٍ واحترام لأنها كانت تساند رفيقها كمال وتدعمه، وإنها تعتبر نموذجاً للمرأة الكردية المناصرة لمناضلي شعبها .
عامان من عمر الثورة، والسؤال الذي يطرح نفسه هو: إلى أين تتجه سوريا ؟ّ، القتل والتدمير مستمران، الفظائع والمصائب مستمرة، وواضح للعيان إلى أي مدى تقع تأثير المصالح الدولية والإقليمية على الوضع السوري . فلا خيار أمام سوريا سوى الحل السياسي السلمي ، هذه كانت وجهة نظرنا بالأمس، وهي كذلك اليوم، بسفك الدماء والقنص والاغتيالات والقصف والتدمير لا تنتصر سوريا ولا ينتصر شعبها، فالخيار السليم أمام سوريا وجميع قواها هو السياسة والحوار على أساس بناء سوريا جديدة ... وفي هذا الإطار، يجب العمل على إنهاء نظام البعث وإزالة الديكتاتورية والشوفينية والفساد ووقف نزيف الدماء وتثبيت دستور جديد يضمن حقوق الشعب الكردي. وبالرغم من أن شعبنا كان مغبوناً ومحروماً ، لكنه بات حياَ ويقظاً لا ينخدع ، ويرغب في حياة حرة كريمة.
في هذا اليوم وفي مراسيم أربعينية الأخ والرفيق العزيز كمال، نعيد ضرورة التأكيد على وحدة صفوف شعبنا الكردي وتعاون مجلسيه وتعاون الفعاليات الاجتماعية والثقافية والأحزاب الوطنية الكردية مع بعضها تحت راية الهيئة الكردية العليا، حيث بتلك الوحدة يتم تطويق ويجب علينا تطويق أخطاء أو تجاوزات إن حصلت هنا أو هناك ، وعلينا العمل والنضال معاً ، حيث وظيفتنا ومهمتنا التاريخية هي حماية الشعب الكردي ومناطقه ... شعبنا الكردي في سوريا ليس ضعيفاً، فلديه قوة دفاع وسياسة ووحدة صف ،  ويعرف هذا ممن حوله جيداً ، بالتالي لا يمكن تجاوزه ، لأن شعبنا وحركتنا الوطنية قد اعتمدت سياسة معقولة وعقلانية، ولأن حق الشعب الكردي هو حق تاريخي يجب أن يثبت في دستور البلاد. هناك حوالي ثلاثة ملايين كردي في سوريا وقضيتهم ليست مسألة عائلة أو عشيرة أو حزب ، فلنا أصدقاء ومؤازرون في عموم البلاد وخارجها ، ولن ترى سوريا الخير وتنتصر دون حل القضية الكردية حلاً سلمياً عادلاً ، وإن تحقيق المسألة الديمقراطية في سوريا تكمن في حلّ المسألة القومية الكردية في ظل نظام ديمقراطي في إطار حماية وحدة سوريا. نحن الكرد لسنا انفصاليين أو قطاع طرق وسمعة شعبنا في سوريا وفي أرجاء العالم طيبة ، وحركته تنتهج سياسة معقولة، حيث كان للشهيد كمال دور كبير في رسمها.
مرة أخرى، نعاهدكم جميعاً، ونعاهد الشهيد كمال حنان (أبو شيار) ، بأننا سنستمر في السير على هذا الدرب، درب النضال الشاق دون تردد.
النصر للشعب الكردي ولشعب سوريا من أجل السلم والحرية والمساواة ....
     وشكراً لكم
* ترجمة كلمة الحزب التي ألقاها بالكردية الرفيق محي الدين شيخ آلي في أربعينية الشهيد كمال حنان – تللف .
تم نشرها في افتتاحية جريدة الوحـدة – العدد /236/- الجريدة المركزية لحزب الوحدة الديمقراطي الكردي في سوريا ( يكيتي)








أتى هذا المقال من Welatê Me
http://www.welateme.net/erebi

عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://www.welateme.net/erebi/modules.php?name=News&file=article&sid=15452