الرهان الخاسر
التاريخ: الثلاثاء 09 نيسان 2013
الموضوع: اخبار



غاندي برزنجي

منذ عامين ونصف تقريباً وأثناء تواجدي في مدينة قامشلو وفي ذلك اليوم الحزين يوم رحيل رئيس حزب الوحدة الديمقراطي الكوردي في سوريا (يكيتي) الراحل إسماعيل عمر وبينما كانت روحه الطاهرة لا تزال ترفرف فوق جسده في جامع قاسمو الشهير كان البعض من ذوي الأفق الضيق أو ممن لا يعرف الحزب عن قرب أو ممن لا يتمنون  لغاياتٍ في أنفسهم الضعيفة الخير له كان هؤلاء يتهامسون أو حتى يراهنون على حدوث شرخٍ أو انشقاقٍ في صفوفه ولأنّ رهانهم كان خاسراً مضى الحزب في نضاله على الرغم من فقدانه لأحد مهندسيه العظام والذي كان له دور كبير في رسم سياسات الحزب وتطوير آليات عمله.


لكنّ المراهنين لم يفقدوا أملهم ولم يملوا فبدؤوا بالتشكيك في انعقاد مؤتمر الحزب السابع وبدؤوا ببث الشائعات بوجود أطراف تسعى لتأخير انعقاد المؤتمر أو حتى عدم انعقاده لكنهم أصيبوا بخيبة أملٍ كبيرة حين انعقد المؤتمر وبحضور كافة مندوبيه ومن جميع الدوائر داخل الوطن وخارجه حيث قيّم المؤتمرون وبحس عالٍ بالمسؤوليّة المرحلة السابقة واستطاعوا صياغة برنامج سياسي جديد يلاءم متطلبات المرحلة الراهنة وما أفرزته من مفاهيم ووقائع كما تمّ تعديل بعض بنود النظام الداخلي للحزب والتي كانت تقف عائقاً أمام رفاق الحزب ولم تعد تصلح لهذه المرحلة واختتم الحزب أعماله بانتخاب سكرتير عام للحزب ونائبٍ له وهيئة قيادية للحزب حيث اقترح المؤتمرون وعلى غير العادة أن يكون فرز الأصوات علنيّاً واستطاع الأستاذ محي الدين شيخ آلي كسب ثقة رفاقه فانتخب سكرتيراً عاماً للحزب بنسبة 66% تقريباً من الأصوات كما تمّ انتخاب الأستاذ مصطفى مشايخ نائباً للسكرتير وانتخاب هيئة قيادية جديدة للحزب ثلثيها من الجدد وثلثها من الشباب كما تم انتخاب سيدة شابة في اللجنة السياسية.
وفور انتهاء أعمال المؤتمر بدأ البعض من هؤلاء المراهنين ومن خلال مراسلي أحد المواقع الكورديّة بتزييف الحقائق ومحاولة تشويه الصورة الحقيقية للمؤتمر لكنهم لم يوفقوا في ذلك لأنهم قدموا مبررات غير مدروسة من قبلهم بعناية وتمّ توضيحها من قبل الغيورين على مصلحة الحزب ومن خلال التعليقات في نفس الموقع الإلكتروني.
من هنا حريٌّ علينا أن نتوقف ولو بعجالة ونجيب عن سؤال يطرح نفسه بنفسه لماذا كان حزب الوحدة الديمقراطي الكوردي وخلال مسيرته النضاليّة في مرمى سهام خصومه وما السر وراء تلك الحملات الهوجاء عليه وكيف استطاع الحزب تجاوزها .
لا يخفَ على المتتبع لنضال الحزب منذ بداية التسعينات أنه استطاع نقل النضال السلمي الديمقراطي إلى الشارع من خلال تجربة الملصقات والتي كانت تجربة جديدة وفريدة من نوعها في سوريا مما جعل الجماهير الكورديّة تلتف حول الحزب وانعكس ذلك إيجابياً على عدد المنتسبين إلى الحزب كما لاقى اهتمام الحزب برفاقه المعتقلين وعائلاتهم استحسان مؤيدي الحزب ومناصريه وزاد من ثقتهم به.
لم يتوقف نضال الحزب عند تلك التجربة لكنه سرعان ما بدأ بمرحلة جديدة في النضال السلمي فكسر حاجز الخوف من خلال العشرات من الاعتصامات والوقفات الاحتجاجيّة  في العاصمة دمشق بالإضافة إلى التجمع أمام محكمة أمن الدولة تضامناً مع المعتقلين الكورد وفيما بعد مع معتقلي الرأي السوريين.
تبنى الحزب ومنذ تأسيسه وحتى الآن سياسة واقعيّة متزنة بعيدة عن الشعاراتيّة وبرنامجاً سياسيّاً يوفّق بين رؤية الحزب على الصعيد الوطني السوري والقومي الكوردستاني والعام الدولي ورفض الحزب سياسة التمحور ونبذها وبنى علاقاته مع جميع الأحزاب الكوردية السوريّة والكوردستانية من منطلق المصلحة الكورديّة لا الحزبيّة وعندما بدء ربيع دمشق القصير كان حزب الوحدة من السبّاقين في البدء بمرحلة جديدة من العلاقات مع المعارضة العربيّة السوريّة و كان من مؤسسي إعلان دمشق والذي كان للراحل الكبير إسماعيل عمر جهداً كبيراً في خروجه للنور ولم ييأس الحزب للحظة من الدعوة إلى مؤتمر وطني كوردي تجتمع تحت مظلته كافة الأحزاب الكورديّة بالإضافة إلى المستقلين من الفعاليات المجتمعية والثقافيّة والإقتصاديّة في الوقت الذي كانت معظم الأحزاب الكورديّة لا تحبّذ جعل المستقلين شركاء في اتخاذ القرار السياسي وقد فضّل الحزب في سبيل لم شمل أحزاب الحركة الكورديّة الانحياز دوماً إلى موقف الإجماع الكوردي على حساب بروزه فيما لو عمل بشكل منفرد.
جاءت المتغيرات مفاجئة ومتسارعة في سوريا واستطاع الحزب قراءة الواقع قراءة صحيحة حيث أكّد من خلال تقاريره السياسيّة الشهريّة أنّ المعطيات والوقائع على الأرض وطبيعة النظام السياسي القائم تشير إلى اختلاف الحالة السورية عن الحالة المصرية أو الليبية أو التونسية وبالتالي لابدّ من تضافر الجهود أكثر من ذي قبل من أجل توحيد الصفوف وتجميع القوى لمواجهة المتغيرات المستقبليّة وبارك الحزب ولادة المجلس الوطني الكوردي ومن ثمّ الهيئة الكورديّة العليا التي لا يزال الحزب حتى هذه اللحظة يعتبرها صمام الأمان للحفاظ على السلم الأهلي ودرء الاقتتال الكوردي الكوردي الذي لا ينفك الحزب عن التنبيه لخطورته .
جملة تلك الأسباب بالإضافة إلى ازدياد عدد المنتسبين إلى الحزب وتميز رفاق الحزب من حيث النوع حيث يعرف الحزب بأنه من أكثر الأحزاب التي تضم حاملي الشهادات الجامعيّة والأكاديميين وطلبة الجامعات وكذلك تواجد رفاق الحزب في جميع المناطق الكورديّة ومناطق تواجد الأكراد جعل من الحزب مرمى لسهام بعض النفوس المريضة التي تصطاد في الماء العكر فتعود خالية الوفاض إلا من خيبات الأمل .







أتى هذا المقال من Welatê Me
http://www.welateme.net/erebi

عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://www.welateme.net/erebi/modules.php?name=News&file=article&sid=15387