بصراحة.. المجلس الوطني الكوردي والواقع السياسي الراهن..!
التاريخ: الأثنين 26 تشرين الثاني 2012
الموضوع: اخبار



دهام حسن

دعنا لا نخادع أنفسنا، ولا نتحايل على الواقع بتجميل الوضع السياسي الكوردي، وتزييف الحقائق على غير ماهي عليه، ها قد مضى على الثورة السورية أكثر من عشرين شهرا، ولم يزل الكورد السياسي في إرباك في الموقف المتذبذب الذي لم يركن لقرار، فإلى الان لم يحزم الكورد السياسي أمرهم بعد، والمقصود بالكورد السياسي في هذه الفترة دائما المجلس الوطني الكوردي، أما جماهير شعبنا الكوردية فهي لم تتخلف عن المشاركة في المظاهرات، والتعاطف الوجداني مع أطفال درعا منذ الأيام الأولى من بدء المظاهرات الاحتجاجية السلمية.


أقول بصراحة كمتابع بأن المجلس الوطني الكوردي لم يحسم خياره بعد، فإلى الآن لم يتم الطلاق بينه وبين النظام، وكأن المجلس الكوردي يلجا إلى لعبة الإيهام والخداع، فيتظاهر بأنه مع الثورة، غير أن كثيرا من الممارسات العيانية تبقيه في دائرة الشك، كما تدور الشبهات حول جسور من العلاقات والروابط الخفية بين الطرفين، أي بين النظام من طرف، وبعض فصائل الحركة الكوردية من طرف آخر، والأحزاب الكوردية المنضوية تحت لواء المجلس الوطني الكوردي في جدل دائم حول مسألة ربما تم الاتفاق حولها وهي اعتبار المجلس من المعارضة (الناعمة- المرنة- الموالية) هناك من يحاول أن يتحرر من إسار المجلس، لكن كلكل الأكثرية، وضغطها وحسابات الأحزاب الأخرى يحول دون القدرة على التعبير عن أية رغبة تحررية لسببين، إما لخشية القصاص أي النيل منها، أو لأسباب ضعف بعض الأحزاب الصغيرة التي ليس لها وجود خارج المجلس، وبالتالي الخلاص عن أية هيمنة، وأيضا لاعتبارات أخرى يتباين التفسير إزاءها، وحتى نكون منصفين لا يمكن لنا أن نضع أحزاب الحركة السياسية الكوردية جميعها في خانة واحدة، وضمن تصنيف هذه الرؤية الأحادية، فثمة أحزاب حددت موقفها من الثورة إيجابيا منذ اليوم الأول رغم تذبذبات بعض العناصر المتنفذة من الصف الأول..
من جانب آخر، تهللت بعض أحزاب المجلس الوطني الكردي لانضمامpyd) ) إلى المجلس، بل بعض قادة تلك الأحزابكانوا عرّابا لإقحام الـ (pyd) في جسم الحركة، والبعض الاخر أصبح لسان حالها، والبعض الأخير انضم لاحقا للركب، ليتبين بأن هذه المباركة لزجّ الـ (pyd) في جسم المجلس ثمرة جهد من أطراف عديدة، وعبر خيوط وتسلل من جانب النظام، وربما من خارج البلاد بالتنسيق والتفاهم مع بعض (أصدقائهم) من قادة بعض الأحزاب في المجلس، إن التفاهم والتنسيق بين المجلس والـ (pyd) ولّد كثيرا من البلبلة، وفقدان الهدف بضياع البوصلة، وكأن الغاية من أي تجميع هنا هو إقصاء الكورد مجتمعين هذه المرة عن جسم الثورة، وجعلهم أسرى اللاموقف تجاه الثورة لتبعية بعضهم للنظام، وقبول بعضهم الآخر بمبادرات من الخارج، بل انصياعهم لها.
للأسف المجلس الوطني الكوردي لم يزل جمعا لأشائب، أي لمختلفين في الفكر والرأي والرؤية، والمجلس جاء بمثابة دثار يستر عورة بعض الفصائل الكوردية التي لا ظل لها على الأرض، والمجلس- كما هو متوقع- في طريقه إلى الانشطار، وبتوالي الأيام سيؤول حتما إلى التفكك إن ظلّ بهذه التركيبة وبهذا القوام، وما التصريحات والبيانات الفردية أو التشاركية إلا دليل على نية الافتراق القريب، وهناك سعي محموم من جانب بعض المتنفذين لتدجين الكورد السياسي وضبطهم في خانة الموالاة حيث وكرهم الدائم، لكن خاب فالهم، فشعبنا الكوردي لم يكن يوما بهذه السذاجة، ولا بحالة اللامبالاة تجاه قضايا وطنية وفي مسائل حياتية، كالنضال في سبيل العدالة والحرية والمساواة في المواطنة الحقة والديمقراطية، وقبل كل هذا هو النضال في سبيل الحقوق المشروعة لشعبنا الكوردي، من هنا كان التململ في داخل المجلس لتباين الرؤية، والمتوقع كما يبدو أن المجلس في طريقه إلى الانشطار والتفكك، وبعض هذه الأحزاب الدمى سوف تندثر، وتتلاشى بتلاشي النظام.
من جانب آخر وجدنا المجلس الوطني الكوردي يختلف مع المجلس الوطني السوري، وينسحب من اللقاء بمشهد درامي يبعث على الأسى والشفقة، وكان شكل الانسحاب مدعاة للسخرية، واليوم يبدو لي أن المشهد سوف يتكرر باللقاء مع قوى المعارضة الممثلة بالائتلاف الوطني الجديد، ولا أظن أن المجلس الوطني الكوردي سيقبل بالانضواء تحت خيمة المعارضة من جديد، إلا اللهمّ إذا طرأ أمر جديد، أو ضغط ما خارجي وأدبي،  وسيستمر هذا الموقف السلبي من جانب  الكورد السياسي إلى أن يتم الطلاق بينهم وبين النظام، إن الكلام عن الشروط السياسية التي تقدم بها الوفد الكردي للمعارضة الوطنية، في غير محلها ولا في أوانها،وأيضا غير جائز لمن يفكر وطنيا وسياسيا، وحاله هنا كمن يضع العربة أمام الحصان، فكيف تكون معارضا بشروط، كأنك تقول إمّا أن تستجيبوا لشروطي..وإلا.! أقول هنا وإلا ماذا.؟! أي إذا لم تقبلوا بشروطي سأصطف مع النظام، أو سأقف على الحياد، والحياد في هكذا حالات موقف سلبي ومدان، أو التهرب من موجبات النضال،والتبرير بالقول سأعارض بمفردي، وهذه الحالات جميعها غير مقبولة لا بالمنطق النضالي، ولا بالمفهوم السياسي، إن من يعارض عن قناعة، لن يضع مسبقا الشروط، ثم يفرضها على المعارضات الأخرى حتى قبل التحاور كما هو ملحوظ،ومن خلال نظام ديمقراطي يمكن أن تحلّ كثير من المسائل العالقة، فالمسائل الشائكة غالبا لا تحلّ بالمحاولة الأولى،فلا بد لمزيد من التحاور في أجواء تتسم بمزيد من الديمقراطية..
إن النضال من أجل الحرية، ينبغي أن يكون من أولى مهام رجل النضال السياسي الكوردي في الميدان الديمقراطي، وما يخص شعبنا الكوردي من تطلعات وأمان لن تتحقق كاملة بسقوط النظام، فالنضال السياسي الكوردي سيستمر، وربما لحقبة زمنية قد تطول، ولكن سيكون النضال في أجواء أخرى تتسم بالإيجابية هذه المرة، من علاماته أننا سنلتقي بأصدقاء كثيرين يتعاطفون مع قضايا شعبنا العادلة داخل وخارج سوريا، فهل نحن على قدر المسؤولية التاريخية.؟!
ما يلاحظ في هذا الظرف هو إرباك المجلس الكوردي إذا أحسنا نية التوصيف، وأنه في تخبط وحيرة في اتخاذ موقف يواكب الثورة السورية، فالمجلس ينبغي أن يكون مع المعارضة الوطنية، مع الائتلاف الوطني السوري، وهنا أرد فكرة تنم عن قناعة لا مجاراة مزاج أحد، أقولها بصراحة لست مع قدوم وعسكرة المظاهر المسلحة في  مدينة رأس العين الآمنة للجيش الحر أو سواه، وبنفس القدر أقول لا يمكن للكورد السياسي أن يكون بالضد من الجيش الحر مهما كانت ملاحظات المجلس على هذه المكونات، بل لابد من إبداء الملاحظات الجريئة والقاسية بهذا الصدد..
هنا أستذكر موقفا للينين من الوحدة يقول بما معناه لكي نتوحد ومن أجل أن نتوحد، ينبغي أن نعرف حدود خلافاتنا فنقف عند تلك الحدود بافتراقنا، ثم نبدأ بالتحاور حتى يكتب لوحدتنا النجاح، وأقول هنا من أن اية وحدة لا تأخذ كل هذا بالحسبان تبقى صورية لا مستقبل لها،وستحمل في أحشائها الفرقة والانقسام...
أخيرا.. نقول: ليس أمام المجلس الوطني الكوردي إلا أن يغدو عضوا فعالا في المعارضة الوطنية، بل في الائتلاف الوطني الجديد بالذات، وإلا فعلى ماذا ترسم الحركةالكوردية ترى.؟ليس ثمة من حجة واحدة تحول دون انضوائها تحت لواء الائتلاف الوطني، أما تحفظاتها السياسية، ونقدها للمجلس أو للجيش الحر فتبقى من حقها المشروع، بحيث لا تتحول إلى ذريعة للانزواء بعيدا عن التفاعل النضالي مع الواقع الوطني الراهن، فلا بد من ملاقاة هتاف ملايين الحناجر الصارخة بسقوط النظام..







أتى هذا المقال من Welatê Me
http://www.welateme.net/erebi

عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://www.welateme.net/erebi/modules.php?name=News&file=article&sid=14567