«المجلس السوري» بين امتلاك الشرعية واقتناصها
التاريخ: الجمعة 26 تشرين الاول 2012
الموضوع: اخبار



صلاح بدرالدين
  
    هناك شبه اجماع بين النخب الفكرية والسياسية المتابعة للشأن السوري على التسليم بجملة من المميزات الفريدة للثورة السورية ذات العمر الأطول في سلسلة ربيع الثورات من أبرزها مواصلة التمسك بشعارها المركزي : اسقاط النظام وتفكيك سلطته الاستبدادية رموزا ومؤسسات وبنى وقاعدة اقتصادية – اجتماعية ومن ثم اعادة بناء الدولة السورية التعددية الديموقراطية الحديثة من كافة مكوناتها القومية والدينية والمذهبية ومن أجلها والتنوع في وسائلها النضالية من التظاهرات الاحتجاجية السلمية كمنطلق استراتيجي ثابت مرورا بالمقاومة الشعبية المسلحة للحفاظ على سلامة الشعب في مواجهة اعتداءات قوى النظام العسكرية وآلته التدميرية التي تشكل فصائل الجيش السوري الحر عصبها الرئيسي وقوتها الفاعلة


والتحول من طبيعتها الوطنية الهادفة الى تحقيق الحرية واستعادة الكرامة في اطار الحدود الوطنية الى قضية اقليمية – دولية تشغل الرأي العام العالمي وتتصدر الأحداث على مختلف المستويات وحجم الفرز الذي أحدثته الثورة بين منخرط فيها ومؤيد لها وبين متورط في دعم النظام سياسيا وبالممارسة وموالاته سرا وعلنا عبر طرق مختلفة الى درجة حدوث انقسام عامودي وأفقي في المجتمع السوري ولكن بانتقال ملفت بمرور الزمن الى صفوف الثورة .
   في عداد صفات الثورة السورية الحسنة التي على كل سوري وطني الاعتزاز به وتعميقه هو ذلك الثراء السياسي – الثقافي السائد في مجال البحث والنقاش بالصوت العالي في معظم الأحيان عن وحول الواقع المعاش والمستقبل القادم وأفضل السبل لتحقيق الانتصار وبأقل الخسائر واتساع دائرة النقد والرفض والتقييم لتتجاوز النخب الى أوساط الشباب رجالا ونساء خاصة اذا تعلق الأمر بآليات الثورة وقضايا الثورة السورية والموقف من النظام المستبد وطرق المواجهة وسوريا القادمة وحقوق المكونات والقضية الكردية والدستور الجديد فليس خافيا أن " مواجهات " الشركاء " الصامتة " لم تتوقف يوما بين الداخل الثوري المنصدم المفجوع  بخيبة الأمل بتنسيقياته الشبابية وحراكه الشعبي وجيشه الحر من جهة وبين جماعات - معارضات - الداخل والخارج المتذاكية ومن بينها وفي مقدمتها (المجلس الوطني وهيئة التنسيق وسائر المجالس والهيئات والمنابر والتجمعات واللجان العربية والكردية والآشورية والتركمانية و..) واذا كانت تلك المعارضات وغالبيتها الساحقة تقليدية عاجزة فشلت في أداء الحد الأدنى من برامجها والتزاماتها تجاه الشعب اذا لم نقل أنها تهادنت مع النظام وسارت في ركابها قد ظهرت بمسمياتها الراهنة اما بعد ستة أشهر أو ثمانية أشهر أو عام أو أكثر بعد اندلاع الانتفاضة وصولا الى الثورة وكانت غالبيتها – متفاهمة –مع النظام ومتورطة مع أجهزته وبعضها قد جمد (معارضته) أصلا مثل الاخوان المسلمين تحت ذريعة أحداث غزة وكانت في حقيقة الأمر تتفاوض مع مبعوثي الاسد في استانبول وبغض النظر عن تبايناتها – المعارضات -  الشكلية فان مشروعها مجتمعة يتناقض جذريا مع مشروع الثورة وبرنامجها فسقف الأول لايتعدى الدعوة الى الاصلاحات عبر الحوار مع النظام الحاكم والتوصل الى صفقة تصالح مع نظام الأسد (كما تتجسد في مساعي الابراهيمي والمعبرة عنها في مبادرة الجامعة العربية وخطة عنان وثلاثية الرئيس الاخواني والغزل مع البعث الحاكم) تنبثق عنها حكومة ائتلافية بادارة رموزمن داخل السلطة يشترك فيها – معارضون – واذا حظيت باقصى النجاح ستكون نسخة من – التجربة اليمنية – أي تبديل رأس السلطة بآخر من عجينتها من دون مس النظام القائم أما المشروع المقابل فيعمل بالميدان لاسقاط النظام وتفكيك سلطته الاستبدادية ومنظومته الأمنية ومؤسساته وبناه وقاعدته الاقتصادية والاجتماعية واعادة بناء الدولة التعددية الحديثة .
  يطيب – للمعارضات – وخاصة – المجلس الوطني - تجاهل حقيقة هذا الصراع ونفيه والاختباء وراء الشعارات مستغلة درجات الدمار وحماوة المقاومة وتصاعد الاحتجاجات وتضاعف مستويات حاجات الداخل الاغاثية والانسانية والعسكرية لتمارس أخيرا لعبة خطيرة تمس في الصميم ارادة السوريين وكراماتهم في الادعاء بتمثيل شرعي لأكثر من 70 % من المعارضة السورية والحق في تقرير مصير الشعب السوري كما زعم مسؤول الاخوان وتقمص شرعية الداخل بل اقتناصها عبر التحضير لاعلان حكومات انتقالية من عواصم بلدان المنطقة أو انشاء (لجنة حكماء) لتعيينها في حين أن مهمة تشكيل الحكومة الانتقالية تعود الى برلمان منتخب من الشعب أو مجلس وطني تشريعي مؤقت ينبثق عبر الانتخابات والتمثيل الحقيقي لفصائل ثوار الداخل في المناطق المحررة والثائرة والمنتفضة وقد فاقت محاولات (المجلس السوري) التضليلية المجتمع بقطر الآن كل التوقعات وذلك باستخدام أموال الامارة في تجميع أكبر عدد ممكن من الأشخاص للظهور بمظهر الممثل الشرعي الوحيد للشعب السوري وثورته واعتماده على الكم بعد أن فشل في النوع وعجز عن تمثيل الثورة وتأمين مستلزمات انتصارها داخليا واقليميا ودوليا أوالتعبير عن مصالح الشعب الاستراتيجية منذ أكثر من عام امارة السوء القطرية هذه التي وضعت على رأس مهامها تنصيب امارات اسلاموية بزعامة الاخوان المسلمين في كل البلدان بالمنطقة بما في ذلك غزة الخارجة على الوحدة الوطنية الفلسطينية والشرعية الوطنية  .
  السورييون أمام واجب تعرية تلك المزاعم وتفنيدها وتقع على عاتق قوى الثورة وضع حد لهذه – المهزلة – والاعلان بصراحة أمام الملأ عن رفع الغطاء عن هؤلاء المدعين ونقول للمعارضات أن قوى الثورة في الداخل تستطيع الاعتماد على قادتها ونشطائها وجماهيرها ومقاوميها وأن الحراك الثوري في الوطن ليس قاصرا ولايحتاج الى أوصياء وحكماء والى من يقرر مصيره بل بأمس الحاجة الى كل من يدعم ويساند في مختلف المجالات ويضحي في سبيل المصلحة العامة خاصة في الظرف الراهن الذي يقف فيه الشعب السوري أمام تحديات مصيرية ومخاطر حلف الأشرار الأسدي – الايراني – الروسي – الحزب اللاهي – المالكي العراقي ومن يلف لفه .
  أرى أن على الداخل الثوري أن يقرر المصير ويدير الأزمة عبر مؤسسة سياسية معتمدة نزيهة كفوءة مؤمنة بالتغيير الجذري كجناح مكمل لعمل الميدان  .







أتى هذا المقال من Welatê Me
http://www.welateme.net/erebi

عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://www.welateme.net/erebi/modules.php?name=News&file=article&sid=14322