العقلية البطركية في الحزب السياسي؟!
التاريخ: الأثنين 22 تشرين الاول 2012
الموضوع: اخبار



زارا مستو

ليس من السهل إيجاد حزب ديمقراطي يؤمن بالتعددية وقبول الآخر والتداول والعمل المؤسساتي و الجماعي في ظل مجتمع لا يزال تهيمن عليه مفاهيم عشائرية, ويعتقد بالعادات والأعراف ويقدسها إلى درجة أنه لا يقبل الجديدة بالسهولة,
أما العقلية البطركية (الأبوية) لا تزال تتحكم في معظم حلقات مفارق حياتنا السياسية والثقافية والاجتماعية في هذه المنطقة, بسبب المنظومة التربوية السائدة, على الرغم من كل التغيرات التي مررنا بها, فإنها خلقت الثقافة التراتبية في العمل الحزبي حيث ساد منطق التلقي والتنفيذ والطاعة والتبعية والرعايا والولاء,


 مما أدى إلى حجب منطق الحوار وبناء الذات وحق التفكير والتعبير والمشاركة, بقي العضو الحزبي في ظل هذه الثقافة دون شخصية خاصة به, بل يعبر عن نفسه من خلال شخصية الأب القائد الذي لا مثيل له في الكون!

بالإضافة أن النظم السياسية في مجتمعاتنا شمولية استبدادية فردية  منعت من إقامة الحياة السياسية والثقافية واحتكرت في شخص القائد المؤسسات كلها, ولذا بقي المجتمع منغلقا لا يقبل التنوع والتعددية وقبول الآخر المختلف.
لكن بعد انهيار الاتحاد السوفيتي, أدركت معظم القوى التي كانت تدور في فلكها أن ثقافة الحزب الواحد والقائد الأوحد والرمز,و دكتاتورية السلطة لم تجلب سوى الويلات على الشعوب, بل بقيت عاجزة وبعيدة عن المواكبة أسوة بغيرها, على أثره تخلت معظم هذه الأحزاب عن الفكر الماركسي اللينيني واختارت تيارات فكرية جديدة تؤمن بالديمقراطية ومبادئها عوضا عنها.
أما منظمات المجتمع المدني في منطقتنا لقد لعبت دورا مهما في نشر ثقافة الديمقراطية وحقوق الإنسان من خلال بناء المؤسسات و الإعلاء من شأن المواطن وعبر وعي العصر وثقافته عموما, كانت هذه المنظمات بمثابة الإرهاصات الأولى لهذه الثقافة, فإن تشكيل المئات من الجمعيات والنقابات والمنظمات دليل على ذلك.
مع ازدياد  نطاق التعليم والمتعلمين والمثقفين والأكاديميين في المجتمع خلق أجواء مناسبة للمطالبة  في بناء المنظمات الخاصة بهم التي تدعو إلى التعددية السياسية والثقافية وبناء واقع أفضل.
وكان للإعلام الحر كالفضائيات والانترنت دور بارز في مقارعة العوامل والعوائق التي تعيق نشر ثقافة الديمقراطية, بل كان منبرا لبناء إنسان جديد مختلف عما كان عليه في السابق, إنسان يؤمن بالحوار والمبادرة. والرأي الآخر...
ثورات الربيع العربي صفعت صفعة موجعة لأنظمة الاستبداد والشمولية في منطقتنا, التي تشكل ركيزة أساسية في مواجهة بناء الديمقراطية في هذه المنطقة, فإن سقطت الشجرة فستسقط معها أغصانها وأوراقها كلها.
هناك مرحلة انتقالية ستأخذ وقتا لأن تنتقل وتتحرر وتتخلص هذه الشعوب من العقلية الوصائية التي أفرغت طاقات المواطن من محتواه, ويأخذ دوره من جديد, أسوة بالشعوب الديمقراطية, فالثورة الحقيقة ستأتي بعد رحيل الأنظمة الشمولية, فتغيير التركة أصعب من إسقاط النظام نفسه, وقتها ستكون هناك أحزاب ديمقراطية بكل معانيها.







أتى هذا المقال من Welatê Me
http://www.welateme.net/erebi

عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://www.welateme.net/erebi/modules.php?name=News&file=article&sid=14285