في «الحيادية» المزعومة ازاء القضية السورية
التاريخ: الأربعاء 19 ايلول 2012
الموضوع: اخبار



صلاح بدرالدين

  كثيرا مانقرأ ونسمع تصريحات وايحاءات من دول وحكومات أو أحزاب وجماعات وأفراد في الداخل السوري وخارجه تتضمن الاعلان عن – الحيادية – تجاه الأزمة السورية من قبيل – الوقوف على مسافة متساوية بين طرفي الصراع – أو – النأي بالنفس عن الصراع في سوريا – الى جانب ابداء الاستعداد الكامل من جانب بعضها للمساهمة الى درجة التوسط من أجل الحل السلمي عبر الحوار بين الأطراف المتنازعة مما يستدعي ذلك الامعان في مدى جدية وواقعية هذا – اللاموقف – وهل فعلا أن أصحابه محايدون ومستقلون وباحثون عن سلامة وامن واستقرار سوريا كما يتمناه الشعب السوري أم أن – الحيادية – المزعومة ماهي الا ستارا لأصحابها يخفي مواقفهم الحقيقية الموالية لنظام الاستبداد والحريصة على ادامته وانقاذه من السقوط المحتم عاجلا أم آجلا.


 منذ بداية الانتفاضة الثورية وارتقائها الى موقع الثورة الوطنية الشاملة تابعنا على مر الأيام والأسابيع والشهور مواقف وسياسات – حيادية ! - في الداخل السوري صادرة عن ناطقين باسم مكونات دينية ومذهبية وقومية وأحزاب وجماعات ومؤسسات اعلامية بما في ذلك أفراد ومنهم من كانوا ومازالوا في مؤسسات الدولة وعلى سبيل المثال لاالحصر رجال دين وعلماء مسلمين ومطارنة الكنائس المسيحية وشيوخ عشائر عربية ووجهاء وزعماء مكونات مذهبية لدى العلويين والدروز والقسم الأعظم من أطراف المعارضة المستحدثة على هامش السلطة التي يصفها النظام با "الوطنية " مثل – هيئة التنسيق وشبيهاتها - وأحزاب "الجبهة الوطنية التقدمية" والجماعات التابعة – لحزب العمال الكردستاني التركي – وخاصة حزب الاتحاد الديموقراطي المعروف ب " ب ي د " ومنظمات حزبية من أعضاء "المجلس الوطني الكردي" ووجهاء قبلية كردية مع ملاحظة أن الجانب الكردي من زمرة – الحياديين – يجاهر اعلاميا بميل غير بريء تفوح منه رائحة الانتهازية مفاده وجوب دعم من يمنح حقوقا أكثر للكرد نظاما كان أم ثورة متجاهلا امعان النظام نفسه في قهر الكرد واضطاده لأكثر من خمسة عقود وفي حقيقة الأمر فان جميع هذه الأطراف والمسميات ليسوا في مواقع محايدة من القضية السورية ويتمتعون بصلات مباشرة مع دوائر القرار بل يشكلون الحليف الرئيسي للنظام ويعملون بتنسيق كامل وتوجيهات مباشرة من أجهزة السلطة وهم وحتى لو مارسوا تكتيكات معينة من قبيل رفع شعارات لفظية مشابهة لشعارات الثورة فانها تصب في مجرى تحسين صورتهم أمام الرأي العام والظهور بمظهر الحريص على وحدة الوطن والدولة والمجتمع والمحايد فانما يخدمون الاستراتيجية المرسومة المقتصرة على محاولات الحفاظ على النظام الحاكم وتحقيق مشروعه في القضاء على الثورة وتركيع الشعب السوري والسؤال الموجه لهؤلاء جميعا : هل هناك حياد بين ثورة الشعب والنظام الجائر بين ارادة التغيير والحكم الشمولي بين الديموقراطية والدكتاتورية بين دولة الشعب التعددية والنظام الأحادي بين الحرية والعبودية بين الحياة الكريمة والذل والقمع والمهانة .

  على الصعيدين الاقليمي والعالمي أصابنا الملل مقرونا بالقلق والشك من كثرة سماع اسطوانة – الحياد – المشروخة من جامعة الدول العربية عبر مبادرتها الفاشلة أولا في بداية الأزمة مع تطور الموقف بعد ذلك باعلان غالبية أعضائها عن انحيازها لجانب الشعب السوري مع مكوث آخرين في موقع الحياد شكلا ودعم النظام على أرض الواقع مثل العراق والسودان وحكومة لبنان وحذت تركيا حذو غالبية أعضاء الجامعة العربية بانتقالها التدريجي من الحياد السلبي الى الايجابي ومما يضاهي عجائب الدنيا السبع أن تعلن روسيا الاتحادية بين الحين والآخر عن حياديتها في حين هي من تزود النظام السوري بالسلاح الفتاك والعتاد وخبراء الصواريخ والطيران وهي مع الصين من تستعمل الفيتو بمجلس الأمن ضد أي قرار يدين جرائم نظام دمشق ويمهد لحل القضية السورية كمايريده السورييون واذا كانت جمهورية ايران الاسلامية قد تغنت لقرابة عام بالحيادية والدعوة الى تحاور الأطراف في طهران فانها أخفقت في اخفاء تورطها الكامل التسليحي والبشري والمالي وتدخلها العملي بارسال حرسها الثوري لنجدة نظام بشار الأسد والأمر نفسه ينطبق على حزب الله اللبناني التابع لطهران حيث ذهبت كل مزاعم وأضاليل نصر الله في الحيادية أدراج الرياح.
 مبعوث الأمم المتحدة والجامعة العربية اللاحق السيد – الأخضر الابراهيمي – يعلن في كل مناسبة كما سلفه عن الوقوف على مسافة واحدة بين النظام والمعارضة وفي حقيقة الأمر ومن حيث يدري أن وظيفته الأساسية الجوهرية وهو ابن النظام العربي الرسمي البار تقتصر على صيانة النظام من السقوط بل الحفاظ على مؤسساته وبناه الفوقية والتحتية من الانهيار وعقد صفقة سريعة في سبيل ذلك حتى عبر مدعي المعارضة تضع النهاية للثورة السورية التي قامت وقدمت الشهداء والتضحيات ومازالت في سبيل التغيير الديموقراطي وتفكيك سلطة الاستبداد واعادة بناء الدولة التعددية لكل مكوناتها وحتى لو اخذنا المبادىء المعلنة في ميثاق الأمم المتحدة التي يمثلها الابراهيمي بكل بنودها ومجمل دساتير الدول المستقلة وتعهداتها والتزاماتها فانه لايجوز له التساوي بين الجلاد والضحية والوقوف محايدا بين من يقتل يوميا حوالي المائتين من الأطفال والنساء والرجال وبين من يدفن ضحاياه من الشعب المغلوب على أمره.
  مزاعم الحيادية في الشأن السوري المنطلقة في الداخل والخارج بدعة مستهجنة وستار لدعم الاستبداد ولعبة سياسية مضللة باتت مكشوفة فلا حياد بين شعب بغالبيته الساحقة وقلة حاكمة متسلطة ولاحياد بين الموت والحياة نقول ذلك ونؤكد عليه ومدركين أن معظم هؤلاء – المحايدين – أو جميعهم سيؤيدون الثورة والشعب السوري عندما يسقط النظام وهذا لن يكون بعيدا ولكن هل سيتقبلهم الشعب السوري من دون حساب وعتاب ؟.
  أنت محايد بشأن القضية السورية يعني أنت مع النظام . 







أتى هذا المقال من Welatê Me
http://www.welateme.net/erebi

عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://www.welateme.net/erebi/modules.php?name=News&file=article&sid=13994