الكذبة الكردية الأخيرة: مرجعية كوردية
التاريخ: الأربعاء 10 كانون الثاني 2007
الموضوع: اخبار


مصطفى إسماعيل

درجت العادة الكردية في أوساط الأحزاب الكردية في سورية, وبعض حملة الأقلام الكرد في السنوات الأخيرة على الكتابة عن موضات وصرعات ثقافية أو سياسية كان منها : إشكالية العلاقة بين المثقف والسياسي الكرديين لحق بها أو حايثها الكتابة عن الحوار العربي -  الكردي, وما نشهده في الجرائد الحزبية الكردية المؤسفة شكلا ومضمونا, وعلى صفحات الويب من دعوات تدور حول تشكيل مرجعية كردية, وضرورة ذلك, والنفير لأجل ذلك يدخل– ولا شك - في خانة مشهديات الإفلاس الثقافي والحزبي الذي نحن شهود عليه في السنوات الأخيرة.

مع كثيرين نسلم بأهمية تشكيل مرجعية كردية, ولكن أليس ذلك ضربا من الأوهام. هل ذلك ممكن حقيقة وواقعا. ألا يمت ذلك للهوبرات الحزبية الكردي بصلة. ألا يبدو ذلك ضربا من الاتجار بالشعارات الفضفاضة للبقاء على قيد الكراسي والمناصب الحزبية المزمنة؟.
يفترض في تشكيل أيما إطار قومي أن يكون جامعا وممثلا حقيقيا لنبض الشارع, وإذا ما تحدثنا عن المرجعية الكوردية ربما من منطلق مقاربة تعريفية بها للاحظنا أنها الإطار الجامع لمجموع أحزاب ومنظمات حقوقية وجماعات ثقافية والقوى الأخرى منها جماعات المستقلين التي تمارس نوعا من الحراك في الشارع الكوردي في سوريا.
تشكيل مرجعية كوردية سيكون إنجازا كبيرا تحققه النخب الكوردية تمكنهم ربما من إحياء القضية وتمثيلها بصورة معبرة أقوى بعد أن بقيت على مر سنوات في الردهات والهامش والحياة الثانوية, وحين يكون هنالك مرجع / إطار كوردي للشعب الكردي هنا هذا من شأنه إعادة القضية الكوردية إلى صلب الأولويات وإدراجها بزخم أكبر في الأجندة السورية بشكل مفارق لهزال الحالة الكوردية في إعلان دمشق, وحين تخرج مرجعية كوردية إلى الحياة سيكون ذلك كفيلا بتشكيل تيار كوردي يعترض جملة وتفصيلا على بهلوانيات الأحزاب الكوردية وقصورها السياسي والنضالي في الفترات السابقة ما يشكل ميكانيزما نهوضيا بالحالة التي وصلت إلى طعم الرماد.
تشكيل مرجعية كوردية بما هي إطار احتضاني لهموم الشارع الكوردي ورغباته وإراداته يجب أن يندرج في سياق تخطيط منظم يهدف إلى نشر الوعي بالقضية والوعي بالسياسة والوعي بموقعنا على الخارطة السياسية في سوريا, والوعي بأسباب فواتنا السياسي والثقافي, وانحدارنا إلى الدرك الأسفل طيلة العقود الماضية. ذلك كفيل بطرح الأسئلة الصعبة ومحاولات الإجابة عنها ما يسهم في تدشين تحولات ربما تقارب الجرح الكوردي هنا, فسياسات الأحزاب الكوردية في المراحل السابقة لم تنتج سوى أطنان من البهلوانيات والجرائد التي لم يعد أحد يقرأها, وحوّلت القضية الكردية إلى مجرد أضحوكة وألعوبة على مقاسات الأحزاب التي تكاثرت بشكل مهوّل في العقد الأخير فقط دونما سبب يبرر هذه التراجيديا الكوردية.
كل متتبع كردي ذي بصيرة يدرك أن الأحزاب الكردية الداعية إلى مرجعية كردية تحت تسميات مختلفة من حزب إلى آخر غير جادة في تشكيل تلكم المرجعية, ولا تعمل لها على أرض الواقع, هي لا شك تكتب عن الموضوع في صدر صفحات جرائدها المركزية وتنشر وجهات نظرها حيال الأمر في بعض مواقع الإنترنت الكردية, وتعقد لأجل ذلك ندوات سياسية في المدن الكردية, ولكن الأمر لا شك يحتاج إلى هجران للحكي النظري ومفارقة التنظير الفقير المعدم إلى العمل الجاد, فإذا كانت جميع الأحزاب تتحدث عن الثيمة فمن ذلك الذي سيقوم بتشكيلها. هل ننتظر أحزابا من كوكب آخر.
يمكن للأحزاب الكردية أن تنحو إلى المرجعية بخطى واثقة إذا ما انفتحت على مختلف شرائح مجتمعنا الكردي وهي إلى الآن مماطلة ولا تريد أن تفكر بالموضوع حتى.
ينبغي على الأحزاب الكردية المنضوية في إطار الجبهة والتحالف أن تصفي القلوب مع الأحزاب الكردية خارج هذين الإطارين, ولكن الملاحظ أنهم لا يستطيعون الاتفاق على القيام بنشاط مشترك وحيد في الساحة الكردية والسورية, كان يمكن لهم التنسيق في يوم الإحصاء الاستثنائي ويوم الإعلان العالمي لحقوق الإنسان, ولكن البعض اختار الاعتصام وتجريب التعبير السلمي الديمقراطي فيما لاذ الآخرون بموقف المتفرج البليد.
ينبغي على الأحزاب الكردية ألا تمارس الإلغاء والإقصاء الداخلي بحق بعضها البعض, ومن هنا التلاقي على برنامج يستظل الجميع به, ويكون سقفا حراكيا للجميع, فماذا يخدم استبعاد حزب الاتحاد الديمقراطي من كل تنسيق حزبي كردي, فلا يمكن تجاهل كتلته الجماهيرية وزخمه في الساحة وحقائق الشارع واضحة للجميع.
ينبغي على الأحزاب الكردية ألا تقفز فوق المثقفين والمستقلين الكرد الذين يبدو أحيانا خطابهم السياسي متبلورا أكثر من خطاب عدد لا باس به من الأحزاب. أما أن يلجأ عدد لا باس به من الأحزاب إلى استبعاد المثقفين الحقيقيين الكرد واستبدالهم بأشباه مثقفين بواقين للحزب فهذا من شأنه إفقاد أيما مرجعية قادمة المصداقية اللازمة, ولا شك أن خوف غالبية الأحزاب الكردية من دعوة بعض المثقفين إلى ندواتهم السياسية وأمسياتهم الثقافية إذا ما كان أولئك المثقفون مختلفين معهم في توصيف الحالة وطرائق معالجتها يدخل في خانة الأحادية الببغاوية التي لا تخدم لا القضية الكردية ولا أي طرح نظري يصب لصالح تلكم القضية, ولا شك أن أحزاب الإطار المسمى بالتحالف تدرك اكثر من غيرها أن المستقلون البواقون المحسوبون على الأحزاب والذين حشروا في مجلس التحالف لم يثبتوا سوى عقم التحالف وعقمهم فهم مجرد إكسسوارات لا غير للتحالف.
لزام على أحزابنا الكردية أيضا وقبل السير نحو المرجعية إجراء مراجعة نقدية شاملة لكل تاريخها السابق ويمكن أن يؤدي ذلك إلى إنجاز نوع من الإصلاح الداخلي الحزبي, فلا يمكنها مطالبة السلطة السورية بالإصلاح فيما هي تعيش تكلسا متفاقما, ولا يرد الإصلاح الداخلي في أجندة أي حزب رغم المؤتمرات الحزبية العديدة في خلال السنتين المنصرمتين, ويخرج كل حزب من كل مؤتمر بتصديق برامج فضفاضة والاحتفاظ ببطاركته المزمنين وكأنّ الأمّ الكردية لا تنجب. نقول هذا لأن الإصلاح هو المكافئ الإيديولوجي للديمقراطية التي تتشدق بها أحزابنا في كل بيان أو منشور فلا مبرر لهذه الممانعة الحزبية للإصلاح الداخلي إذا لم تك تريد أي تطويق للقضية الكردية.
ولا بد أيضاً من فرملة الحروب الإعلامية وكبح جماح هيئات تحرير الجرائد الحزبية فلا يعقل أن ندعو في افتتاحية جريدة حزبية إلى تشكيل مرجعية كردية ونتبع ذلك بتدشين هجمة شعواء على حزب آخر سيكون غداً شريكنا في الإطار المرجعي وذلك دليل على غياب ثقافة سياسية قائمة على فكر سياسي وعلى تقاليد العقل.
كما ويجب على الأحزاب الكردية أن تكون ديمقراطية فعليا ومؤمنة بقيم الأنوار وقيم المجتمع المدني وتكفَّ عن ضخ عدد هائل من المنظمات الحقوقية وتجمعات الشباب والمرأة وما إلى ذلك من المنظمات الرديفة للحزب فهذه الخطوات إنما هي إعادة إنتاج لأفكار البعث بصدد شبيبة الثورة وطلائع البعث واتحاد الطلبة. يفترض في الأحزاب الكردية ألا تنجر إلى حزبنة المجتمع الكردي بهذه الطرق الملتوية ومصادرة التفكير الكردي بدلا عن ذلك يمكنها أن تمارس حراكاً ملفتاً عبر غرس المفاهيم السياسية وإعادة المجتمع الكردي إلى السياسة والثقافة وإعادته إلى الاهتمام بالشان العام بطرائق معقولة وعقلانية مبنية على أسس ثقافية وفكرية. بعيدا عن ذلك بسياسة الالتفاف الحالية على القضية الكوردية وعلى الإنسان الكوردي سنجبر على قولِ:
إذهبوا أنتم ومرجعيتكم إلى الجحيم.
mbismail2@hotmail.com  







أتى هذا المقال من Welatê Me
http://www.welateme.net/erebi

عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://www.welateme.net/erebi/modules.php?name=News&file=article&sid=1374