التقرير السياسي الشهري لحزب الوحدة الديمقراطي الكردي في سوريا (يكيتي)
التاريخ: الجمعة 05 كانون الثاني 2007
الموضوع: اخبار


  في ظل قانون الطوارئ المعمول به منذ ما يزيد عن ثلاث وأربعين عاماً، وبسلوك مشين، أقدمت دورية من جهاز الأمن العسكري بحلب في تاريخ20/12/2006 على اعتقال سكرتير حزبنا الرفيق محمد شيخ موس آلي المعروف باسم (محي الدين شيخ آلي). وبهذا الاعتقال الكيفي المدان، تكون السلطات الأمنية قد دفعت بأساليبها وأهدافها نحو خطوط جديدة في تعاملها مع الحركة الكردية التي لا تزال السلطة تصرّ على التنكر لشرعيتها ودفعها نحو القنوات الأمنية. ولما كان حزبنا لم يقدم على نشاط خاص ومحدد في الفترة السابقة لعملية الاعتقال، فإننا نفهم بأن تلك السلطات تريد من اعتقال الرفيق محي الدين شيخ آلي الضغط على الحزب للتخلي عن مواقفه المبدئية وسياسته الموضوعية التي تبرز على الدوام عدالة وحقيقة القضية الكردية ومدى ارتباطها بالديمقراطية، وتهيئ وتدعو لوحدة الصف الوطني الكردي وتوسيع دائرة الأصدقاء حولها، وتحويلها لقضية وطنية تهم مختلف القوى الديمقراطية السورية ومنظمات حقوق الإنسان والفعاليات الثقافية والاجتماعية

كما أنها تريد من اعتقاله توجيه رسالة تهديد إلى عموم أطراف الحركة الكردية والديمقراطية السورية ورموزها القيادية، بأنّ مرحلة جديدة قد بدأت، وأن عليها تحجيم نشاطاتها، خاصة في هذا الوقت الذي تراجعت فيه آمال النظام في إمكانية مساومة الجانب الأمريكي على تقديم المساعدة السورية لدفع العملية السياسية في العراق نحو الأمام وضبط الوضع الأمني فيه مقابل مكافآت سياسية منها رفع الضغوط الدولية والسماح بعودة النفوذ السوري إلى لبنان، وهو ما تبين بشكل واضح من نتائج زيارة وزير الخارجية السوري لبغداد في 20/11/2006 وما أسفر عنها من تبادل السفراء وعقد اتفاقات أمنية وتجارية، وذلك في محاولة مكشوفة لاستباق وملاقاة تقرير بيكر-هاملتون الذي أوصى بمثل ذلك التعاون، ومحاولة استرضاء الإدارة الأمريكية من خلال التأكيد على أن ( سوريا ليست ضد الولايات المتحدة، بل على العكس، تريد أن تكون طرفاً في حوار إقليمي يخدم في رأينا المصالح الأمريكية في المنطقة) مثلما صرح بذلك الوزير وليد المعلم. لكن الرفض الإقليمي من جانب دول الاعتدال العربي، لاستعانة الإدارة الأمريكية بسوريا وتطور الوضع اللبناني إلى مستويات خطيرة تهدد أيضاً الجارة سوريا، وفشل المحاولات الرامية لإسقاط حكومة السنيورة حتى الآن، وكذلك فشل مساعي إلغاء المحكمة ذات الطابع الدولي لمحاكمة الضالعين في الاغتيالات السياسية، وتقدم التحقيق وكشف معطيات جديدة في جريمة اغتيال الحريري...كل ذلك، يخلق صعوبات جدية للتحالف السوري – الإيراني مع حزب الله، ويهدد باتساع الدائرة الإقليمية والدولية للضغوطات الممارسة ضد سوريا، مما قد ينعكس على الداخل السوري على شكل تداعيات لا تُحمد عقباها، ويثير القلق الأمني ويهدد باعتقالات جديدة.
   كما أن اعتقال الرفيق سكرتير الحزب يأتي في إطار محاولات الحد من الدور الذي يقوم به حزبنا مع غيره من الأحزاب الكردية من أجل توفير الأرضية الملائمة والشروط المناسبة لبناء مرجعية كردية لا تريح السياسة الشوفينية، خاصة وأنها تتزامن مع جهود مماثلة ينشط لها حزبنا أيضاً لتطوير آليات قوى إعلان دمشق واستكمال تشكيل لجان المحافظات والخارج، والسعي لتوسيع دائرة الإعلان لتشمل شخصيات وقوى سياسية أخرى من المجتمع السوري، وتوثيق العلاقات بين مختلف أطياف هذا المجتمع وقواه السياسية بما فيها الحركة الكردية التي بات لزاماً عليها تسريع الخطى باتجاه توحيد وتنظيم الطاقات  الوطنية الكردية، وتجاوز كل ما من شأنه إعاقة الاندفاع الوطني الكردي نحو بناء المرجعية المنشودة التي تتطلب المزيد من المرونة السياسية ورفع مستوى الشعور بالمسؤولية والإقرار بالحاجة لكل ما يملكها شعبنا من طاقات . وتزداد أهمية الدعوة لمثل تلك المرجعية خاصة في هذه الظروف التي تلاشت فيها آمال الإصلاح والتغيير التي قامت على إمكانية الإقرار بالتعددية السياسية والقومية في البلاد، وتنظيم الحياة السياسية على هذا الأساس من خلال قانون عصري لتنظيم عمل الأحزاب وآخر للمطبوعات، وعلى مبدأ تداول السلطة من خلال إجراء انتخابات ديمقراطية حرة، والدعوة لمؤتمر وطني سوري، وصياغة دستور جديد يعبّر عن حقيقة التنوع القومي والسياسي، بما في ذلك الاعتراف الدستوري بالوجود القومي الكردي في سوريا وتأمين ما يترتب على ذلك من حقوق سياسية وثقافية واجتماعية.
   وعلى المستوى الإقليمي، بات معروفاً أن منطقة الشرق الأوسط تشهد صراعاً مفتوحاً بين المحورين الإيراني والأمريكي يأخذ أشكالاً متوترة في كل من العراق وفلسطين ولبنان، ففي الأراضي الفلسطينية أخذ هذا الصراع شكلاً دموياً في الفترة الأخيرة بين حركتي فتح وحماس اللتين تظهر بصمات التدخل الخارجي بشكل واضح في عدم توصلهما إلى اتفاق نهائي، فبعدما تقاربت وجهات النظر بينهما حول تشكيل حكومة وحدة وطنية، تجدّدت خلافاتهما الحادة إثر زيارة رئيس الوزراء الفلسطيني السيد إسماعيل هنية لكل من سوريا وإيران اللتين لا تقتصر تدخلاتهما في فلسطين، بل أنها تشمل كذلك العراق ولبنان. ففي العراق، تعملان على إذكاء المواجهات الطائفية وعرقلة جهود المصالحة الوطنية والتسويات السياسية لإفشال المشروع الأمريكي والحيلولة دون تفرغ الأمريكان لمواجهات وتدخلات  في المحيط الإقليمي للعراق. وفي لبنان، تهدّد التدخلات الخارجية بتحويل هذا البلد إلى ساحة مواجهة مع الأمريكان مثلما صرح بذلك آية الله خامنئي في إشارة واضحة لتواصل التدخل الإيراني وكذلك السوري من أجل محاولة إسقاط حكومة السنيورة وتشكيل حكومة انتقالية تشرف على انتخابات نيابية مبكرة ينبثق عنها برلمان ينتخب رئيساً للجمهورية وحكومة موالية لهما، تعمل على تهميش المحكمة ذات الطابع الدولي وتفريغ القرار 1701 من مضمونه.
   أمام هذا التوتر الذي تشهده الساحات الثلاث في صراعاتها المنسّقة سياسياً من قبل أطراف المحور الإيراني وما تقابله من تحالفات إقليمية، تعمل الإدارة الأمريكية الساعية لإبعاد لبنان عن النفوذ الإيراني، وتحجيم هذا النفوذ كذلك في العراق وفلسطين، على إحياء تلك التحالفات وتنشيطها بعد تهميش دام عدة سنوات بعد حربي أفغانستان 2001 والعراق 2003، فإن المنطقة تتحرك نحو مستقبل مجهول. فلبنان يمرّ الآن بمرحلة صعبة مفتوحة على احتمالات خطيرة تهدد بحرب أهلية لن تقتصر آثارها مستقبلاً على الداخل اللبناني، بل أنها، وبالتزامن مع انفلات الأوضاع الأمنية والصراع الدموي الطائفي في العراق، تهدّد كذلك دول الجوار، ومنها سوريا بتداعيات داخلية قد تفرزها حالة الاحتقان السياسي الناجمة عن غياب الحريات العامة وطمس حقوق الإنسان...
   ومن هنا، فإن ما يهمّ الإدارة الأمريكية بالدرجة الأولى، في معرض التحضير لصياغة سياستها الجديدة وتفعيل الدور الأمريكي في الشرق الأوسط، هو كيفية مواجهة نفوذ طهران المتزايد وحرمانها من أوراقها الإقليمية والدولية، وبالتالي، كشف نقاط القوة والضعف في الجانب الإيراني، وذلك بعكس بعض التوصيات التي وردت في تقرير بيكر-هاملتون، والعمل بالمقابل على تبني بعضها الأخرى، وذلك في مجرى التغيرات المطلوبة في السياسة الأمريكية الجديدة التي شكل فوز الديمقراطيين في الانتخابات التشريعية الأخيرة تطوراً هاماً في مسارها السابق، كما شكلت هزيمة الجمهوريين في تلك الانتخابات حافزاً لتعديل سياسة إدارة بوش الخارجية، وخاصة في العراق.
   لكن العديد من تلك التوصيات التي شارك في صياغتها أعضاء من الجانبين الديمقراطي والجمهوري، رغم أنها تعبّر عن تبدّلات جوهرية في مواقف الرأي العام الأمريكي، فإنها قوبلت بالنقد الشديد سواء من داخل العراق أو على مستوى المعنيين في الجوار الإقليمي، دولاً أو قوى سياسية. ففي العراق، كان إقليم كردستان مسرحاً لردود أفعال شديدة التوتّر، خاصة تجاه التوصية المتعلقة بتأجيل تنفيذ المادة 140 من الدستور العراقي الداعية إلى إجراء استفتاء خاص في كركوك بعد تصحيح عمليات التعريب والتهجير لتقرير وضعها النهائي بالنسبة للإقليم، وذلك بحجة ما يمكن أن يسببه ذلك من تفجير لاحتقانات عنصرية، مما يشكل خروجاً واضحاً على الدستور، وتحدّياً صريحاً للمشاعر القومية الكردية، وبنفس المستوى من الردود، قوبل البند الخاص بتوسيع صلاحيات الحكومة المركزية وحصتها من الموارد على حساب صلاحيات وحصة الإقليم.
    أما توصية الاستعانة بكل من إيران وسوريا وإشراكهما في مهمة إنجاح العملية السياسية وضبط الوضع الأمني في العراق، رغم القيود والشروط التي أوصى بها التقرير على الجانبين الإيراني والسوري، فإنها أثارت المخاوف الكردية من احتمال مبادلة تلك الاستعانة والخدمات الأمنية بمكافآت سياسية تشمل موضوع الفيدرالية والمكاسب التي تحققت في إقليم كردستان، ولم يقتصر هذا القلق على الجانب الكردي فقط، بل أن مختلف الأنظمة العربية الموصوفة بالاعتدال(السعودية-مصر-الأردن-دول الخليج) أبدت اعتراضها على تلك التوصية خوفاً من تزايد النفوذ الإيراني الذي يمثل لبعضها الخطر الأول الذي يتهدد دور تلك الدول وسيادتها على ضوء التهديد الذي يمثله البرنامج النووي الإيراني ،خاصة بعد قرار مجلس الأمن 1737 الذي لم يردع نظام طهران عن مواصلة تخصيب اليورانيوم، وهذا يعني أن هذا النظام يضع نفسه في خانة خطرة على استقرار وأمن المنطقة برمتها، مما يتطلب جهوداً مشتركة ومتكاملة، حسب التصور الأمريكي الجديد للمواجهة والتي تبدأ من العراق، وبالتحديد من دعم حكومته الحالية وزيادة عدد قوات التحالف لمواجهة تداعيات الاقتتال الطائفي الذي وصل إلى درجة خطيرة، وكذلك مواجهة تفاعلات إعدام صدام حسين الذي نال جزاءه العادل، لكن التوقيت والطريقة التي تم فيها حكم الإعدام، يجري استثمارهما الآن لتحقيق أغراض طائفية، ويثير هذا الحكم جدلاً واسعاً بين طرفين أحدهما تصرف كمنتقم دون مراعاة التوقيت، والآخر كمدافع عن جرائم هذا الدكتاتور دون مراعاة مشاعر آلاف الضحايا من الكرد والعرب السنة والشيعة معاً، مما يهدّد بإلغاء مرتكزات الحوار الموعود ونقاط التلاقي وأسس الوحدة الوطنية.
    ومن جهة أخرى، وبالعودة إلى الصراع الدائر بين المحورين الأمريكي والإيراني، فإن ترك مهمة مواجهة إيران للإدارة الأمريكية وحدها يبدو أنها لا تحقق تقدماً في تحجيم الدور الإيراني الذي يستمد قوته من عوامل أخرى عديدة، منها التحالف الروسي الصيني النفطي والذي يجد في إيران مدخلاً لإفشال مشروع الهيمنة والتفرد الأمريكي بالقرار، إضافة لوجود مصالح اقتصادية لهاتين الدولتين مع إيران، تسعى الإدارة الأمريكية وحلفاؤها لتعويضها من خلال ضمانات نفطية من دول أخرى مثل السعودية والخليج مقابل التخلي عن حمايتهما للنظام الإيراني.
   كما أن إعادة الاهتمام اللائق بالقضية الفلسطينية وضرورة الانخراط الجدي في الدفع باتجاه تسوية النزاع الفلسطيني الإسرائيلي المزمن، ومتابعة العمل على طريق بناء دولتين متجاورتين من شأنه إنصاف الشعب الفلسطيني أولاً، وإزالة حالة الاحتقان في الوسط العربي والإسلامي وسحب الذرائع من طريق الاستثمار الإيراني لهذه القضية العادلة في تأجيج المشاعر الدينية والقومية، ودعم قوى الاعتدال الفلسطيني من خلال تنفيذ خارطة الطريق التي وضعتها اللجنة الرباعية، والعمل على احتواء حركة حماس واستغلال فرصة الهدنة التي تعرضها، وحمايتها من الارتباط مع إيران.
   وفي مكان آخر، فإن تطمين النظام التركي ومساعدته على الانضمام للإتحاد الأوربي، سوف يساعد على الحيلولة دون تمكن القوى الدينية المتزمتة في تركيا من دفعها نحو التعاون مع إيران تحت ضغط حاجاتها الاقتصادية ومصالحهما المشتركة، خاصة المتعلقة منها بإنكار الحقوق القومية للشعب الكردي في البلدين.
4/1/2007
اللجنة السياسية
لحزب الوحــدة الديمقراطي الكردي في سوريا(يكيتي)  







أتى هذا المقال من Welatê Me
http://www.welateme.net/erebi

عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://www.welateme.net/erebi/modules.php?name=News&file=article&sid=1350