الحنين القبلي في المجتمع الكوردي
التاريخ: الأحد 13 ايار 2012
الموضوع: اخبار



شهاب عبدكي

برزت في الآونة الأخيرة ظاهرة الحنين إلى القبلية في المجتمع الكوردي كردِّ فعل على الانقسام السياسي, والتي بدأت تفقد بريقها المجتمعي في المناطق الكوردية, بسبب الخلافات الحزبية وكثرة الإطارات والتنسيقيات الموجودة على الساحة السياسية , والإقصاء السياسي من كل طرف للآخر بغية كسب عطف جماهيري وشعبي, وإبراز الذات الحزبية في وسائل الإعلام كفصيل مهم في الحالة الكوردية, مما جعل الشباب يعزفون عن التنظيمات السياسية باتجاه القبلية كملاذ أمن يحميهم من التوترات التي تحصل بين حين وآخر , كما أن النظام يحاول وبكل الوسائل تشجيع هذه العصبيات من خلال اللقاءات الدورية للعشائر, وفتح مجال إعلامي وسياسي لها , لتلعب دوراً في تقسيم المجتمع بين مؤيد ومعارض يكون حامله القبائل والعشائر , وتهميش دور الفعاليات السياسية و المدنية والتي تعبر عن تطور المجتمع من خلال أهداف وبرامج تخدم المجتمع بشكل عام وليس فئة معينة .


كان الامل أن الثورة في المناطق الكوردية له النموذج الخاص في التعاطي مع التحديات, وتكون للأحزاب الكلمة العليا في الأمور الاجتماعية والسياسية, وتكون سباقة في بناء أسس المجتمع المدني, ويكون للشباب دور مهم في بلورة هذه الفكرة, بحيث تبتعد قدر الامكان عن العصبيات القبلية التي تؤدي للتفرقة والعودة للجهل والتخلف.
يبدو أن الاحزاب لم تستطع أن تستوعب المرحلة وما هو مطلوب منها في المستقبل , بحيث تكون صمام الأمان في المناطق الكوردية , وتستفيد من أجواء الثورة والعلنية التي فرضت على النظام بفعل الثورة, بل عملت في الأنا الحزبية والتي تتمحور في الأنا الشخصية والتي لا تزال تعشش في العقلية الكوردية, ولم تتخلص من سلبياتها  في الحياة السياسية, وحتى نقف في وجه المد القبلي , علينا العمل  ضمن حالة سياسية متطورة , يكون الحوار الهادف عنوانه , وفي سبيل انجاح ذلك لابد من اقتراحات قد تلاقي من يقف معها.
1.  التعاون والحوار بين جميع الكتل السياسية في المناطق الكوردية ومناطق تواجد الكورد دون اقصاء أي طرف ,  بحيث تكون محل ارتياح من جميع الشرائح  وتكون مرجعية لكل مشاكلنا , ومانعاً رئيسياً لإحياء طقوس العصبيات القبلية  في المجتمع الكوردي , واستيعاب المرحلة وما يدور في الكواليس , والابتعاد عن  الحساسيات الحزبية.
2.  على الاحزاب عدم تشجيع تأسيس التنسيقيات الشبابية الحزبية , والعمل على سحب اعضائها من التنسيقيات الموجودة , لكي تعمل بحرية بعيدة عن اجندات حزبية وشخصية, لتنتج وضعاً سياسيّاً صحيّاً في المستقبل, وتكون نواة مجتمع مدني, وتشجيع ودعم النوادي الثقافية في المناطق الكوردية لإنجاح ذلك .
3.  الوقوف بجدية على كيفية  تشكيل المجالس السياسية , وإعطاء مكانة للفئة المثقــفة , كي تكون لها دور ايجابي في توعية المجتمع على أسس صحيحة.
4.  الشخصيات الوطنية عليها ان تكون داعمة لكل فعل سياسي وثقافي من شأنه تطوير المجتمع ,  ولا تبحث عن المجد على حساب المصلحة العامة.
5.  العمل على تشجيع الشركات المساهمة لتنمية الاقتصادية في المناطق الكوردية, وعلى كل من له الامكانية و ميسوري  الحال دعم هذه الفكرة, وتشجيع الشباب على التجارة ضمن أصول وتقاليد تجارية صحيحة , بحيث يشجع على الاختلاط الاقتصادي بين الشباب.
6.  على الاحزاب أن تبتعد قدر الامكان عن التحزب والأفق الضيق في حل مشاكل المجتمع لكسب النفوذ, واتخاذ اجراءات عملية في سبيل ذلك , وسد الطريق أمام الذين يشجعون على إحياء تقاليد القبلية  في مجتمعنا .
الخضوع للقبيلة والانتماء الأعمى لها ولقراراتها , ونصرة الأخ ظالماً أو مظلوما , وما ينطوي عليه من مفاهيم التخلف والجهل والانعزالية هي في غاية الخطورة على المجتمع , وإذا لم تحاول الاحزاب والشخصيات المهتمة في توعية المجتمع بتساوي مع المطالب السياسية لشعب الكوردي, ستكون من أكبر المشاكل التي تواجهنا في المستقبل , فتوظيف القبيلة لمصالح السياسة الحزبية  او توظيف السياسة لمصالح قبلية , هو استثمار خاطئ, ومن ثم ستتحول إلى مشكلة اجتماعية كبيرة , وقلق شديد للمهتمين في كيفية تطوير المجتمع  بما يخدم  المصلحة العامة للشعب الكوردي .
لا يمكن إنكار وجود العصبيات القبلية في مناطقنا  وتعدد الولاءات, إلا انها تقلصت في السنوات الاخيرة , أو كان هناك خجل التحدث عنها , نتيجة الاستقرار التنظيمي للأحزاب الكوردية على وضع سياسي معين , ولكنها بقيت موجودة في منطقة للاوعي , ولم نستطع  التحرر منها إلا بشكل جزئي , وإحياء هذه المظاهر من جديد هو تدهور حقيقي في بنية المجتمع الذي يتطلع للمدنية , بالتالي السيطرة عليها والعمل على تقويضها من المهام الاساسية لكل مهتم بالمصلحة العامة .







أتى هذا المقال من Welatê Me
http://www.welateme.net/erebi

عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://www.welateme.net/erebi/modules.php?name=News&file=article&sid=12731