حول سماسرة السياسة
التاريخ: الجمعة 11 ايار 2012
الموضوع: اخبار



إبراهيم محمود

 كيف يكون شعور المرء إزاء من يعرّفون بأنفسهم ساسة " نجباء" وليس فيهم سوى عقم السياسة غالباً؟ أي شعور يتلبس المرء حين يجد من يعرّف بنفسه سياسياً وممثل شعب، وليس لديه سوى أناه اللاسياسية؟ ما هو الطريق الأمثل للتعامل مع نخبة تتعالى على تاريخها وبني جلدتها، كما لو أنها منزوعة من وعي مكاني؟ أليس الأجدى في الرد، هو إمكان بذل المزيد من الجهود لتعريتها، باعتبارها عاراً على تاريخ يُنسَب إليها زيفاً؟ يحدث هذا في الوسط الكردي، وإن شئتَ، فمن جهة من يعتبرون ولادتهم وحدها إنجازاً لأمة كاملة وفضلاً عليها.


 إن ما أتقدم به باعتباره تصريحاً حول سماسرة السياسة الكرد، ليس أكثر من تشخيص لأمة مبتلية بهم بصفتهم ممثليها. إنها أكثر من تجربة تاريخ مديد، وكل يوم يحتد الصدام مع هؤلاء، لأن ثمة كردية تستباح باسمهم أو على أيديهم كثيراً! يمكن الحديث هنا عن النفاق الاجتماعي وليس السياسي المحبط وحده، مع مجمل هؤلاء الذين يتصدرون الواجهة الكردية، واعترافهم الذي كان ينصبُّ على وجاهة ما كنت أقوم به في الكتابة وضرورته. هذا النفاق أماط اللثام عن وجهه البغيض والثألولي لحظة نشر حلقات كتابي (وعي الذات الكردية "كيف يعرّف الكاتب الكردي ينفسه")، وكان الاستثناء الوحيد ممن تحمَّس للفكرة، الراحل الشهيد مشعل تمو: أي كيفية الربط بين كتابة الكاتب الكردي أنَّى كان موقعه، ونوعية الكتابة، وما هو عليه في الواقع، كان أكثر من مشدّد على وجوب ظهور عمل نقدي كهذا، غير أن نشر الحلقات تلك، وبدءاً من التقديم، كان بمثابة "ولادة البغل" لهم، حيث بدأ التحفظ والتحسسس والعمل على جبهة مضادة على المستوى الحزبي "التحزبي" ومن كان يتوحم كتابياً في الزريبة التكتلية، ولم يكن نشر الكتاب سنة 2004، إلا بمثابة انتشار النار في الهشيم، والطرق المستخدمة في الحيلولة دون نشره، ومن ثم دون قراءته كردياً. ثمة إمكانية للحديث إذاً عن حالة طوارىء وأحكام طرفية فاعلة بالنسبة لهؤلاء إزاء من يعتبرونهم خارج سربهم الأرضي المهلهل، وعن شهادة حسن سلوك، وبراءة ذمة لهذا أو ذاك، ودخول جنتهم ذات المواصفات التراتبية.. قيل عن الكتاب بلؤم المأخوذ بغطرسته، أن المثار يركّز على ما هو شخصي دون مكاشفة نوعية الموضوع، والهدف، هو أن يتم تسليط الضوء على عورات التحزبيين ومن آثروا تعريض عوراتهم في الهواء الفاسد لا الطلق. المسوّغ مراوغ! وإذا كان ذلك نمَّ عن بعض من الحقيقة افتراضاً، فالسؤال هو: ولماذا تم تجاهل كتابي (صورة الأكراد عربياً بعد حرب الخليج- بيروت، 1992)، في الوسط الحزبي الكردي وفي صحافته؟ هل وجِد فيه تركيز على ما هو شخصي في مجلس أركان سربهم: حربهم؟ حينها، ردَّد بعض المبغبغين والمسعدنين أنني فيما أثرته في كتابي هذا، لم آخذ بمشورة هذا الطرف الحزبي أو ذاك. حسن إذاً، كيف يمكن هنا فهم الكتابة العائدة إلى استقلالية الشخصية وخاصيتها، من جهة أهل البيت الكردي؟! في (وعي الذات الكردية) كان ثمة مكاشفة لمدى العلاقة بين القول والفعل على خلفية 12 آذار 2004، وكيف مارس الوسط الحزبي الكردي بدوره المزيد من الصمت المشبوه، حرصاً على أبواقه وسلبية الناطقين باسمه هنا وهناك. ليبدأ نوع من التعزيل والتغييب، كما لو أن ابراهيم محمود هو جبهة عدائية كاملة، حتى ما بعد ظهور كتابي عن الراحل "نورالدين ظاظا- 2007" وإلصاق التهم والتخوين المبرقة والمسوقة حتى إلى أوربا من قبل من انتشوا بهكذا دورٍ، وأظن أن علامة "محكوم عليه" لم ترفَع بعد، إنما هي إلى إشعار آخر، طالما أنهم باقون قومجيين إلى أجل غير مسمَّى! وفي التحضيرات المتعلقة بما يسمى بـ" المجلس الوطني الكردي"، كان ثمة تجاهل مريع آخر، هو عزلي بالكامل عن كل ما يصل بهذا المجلس "المكبَس" اللاموقر في الغالب، إذ لم "أتشرف" بأحد من المعنيين به لا برأي لي فيه أو سواه! لعلّي لم أبلغ سن الرشد بعد بمقياس الوجاهات الكردية النفاثة، ولن أبلغ ما حييت، طالما أن ثمة احتكاماُ إلى مقياس كهذا. كانت لعبة المحسوبيات النتنة بتاريخها، هي التي تتحرك على قدم وساق بأبطالها ومن رضيَ بدور الكومبارس. وليجري الترويج على أن كل شيء تم في جو من الديمقراطية، مع نسيان دمغة "اللوثة الكردية التحزبية" ووصائيتها! وليتحقق ذلك، ومن خلال موقف جمْع سدَّادات القناني التحزبية في المجمل وبامتياز، في مشهد واحد في الوسط الكردي وخارجه، وعدم المشاركة من قبل أيٍّ من قياداتهم في تعزيتي بوفاة المرحومة والدتي، رغم أنني لم أقصّر تجاه أي من هؤلاء ولست نادماً طبعاً على ذلك حتى اللحظة، ليؤكّد الجاري خاصية الحقد الكردي الوجاهي، ونوعية تفكيرهم العصبوي في المعاداة، ودون أن أنسى، ومن باب المفارقة تصرُّف من صار له اعتبار ويعتبَر مثقفاً، مقارنة بآخرين مسيسين، لتتم تعزيتي برقياً من خلال قريب في عمر ابني ونسيان ما قمت به إزاء حالات مشابهة بالنسبة له، لينخرط رغم "مكانته" في لعبة التسويات التكتلية، في الوقت الذين يستعرضون ظلالهم الممحوة في التوافد إلى هذه المناسبة العزائية أو تلك، لأشخاص عاديين جداً، أو حين يبرق أحدهم أو يسطّر من مشاعره التمثيلية كلمات تعبيراً عن تألمه بمصاب المعزّي وليس له موقع من الإعراب، إلا إذا كان اسماً ممنوعاً من الصرف، ويمكن الاقتداء به، والتواصل معه، ليستمر في سرد بطولات مزيفة دون أن يقاطعه أحد! أهي حسابات شخصية، وأنا أصرّح بما أتقدم، دون التذكير بالأسماء، إذ أظنها معروفة؟ أم محاولة تسليط الضوء على المناخ الفكري والسياسي والحزبي الكردي الموبوء؟! ربما "يحسدني" البعض، حين أصرّح بالطريقة هذه، حين يكون أحدهم مرصوداً من هذا الكم اللافت، وربما يعتبر ذلك نوعاً من الدعاية الشخصية أو النرجسية، دون النظر في بنية الكلام الذي يسمّي ما لا يشتهيه من أشرتُ إليهم.

 أقول ذلك، وأنا أتساءل بيني وبين نفسي: هل كان علي أن أسمّي جرحاً ذاتياً، وما فيه من نقد جارح، وربما شكوى، إزاء من صنَّفتهم في نطاق (سماسرة السياسة)!؟ أترك الجواب لصاحب الروح الحرة والتفكير النقدي النافذ كردياً....!








أتى هذا المقال من Welatê Me
http://www.welateme.net/erebi

عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://www.welateme.net/erebi/modules.php?name=News&file=article&sid=12713