لا تغيير... بلا تغيير الإنسان الكردي.....!!
التاريخ: الخميس 03 ايار 2012
الموضوع: اخبار



خليل كالو

في عمق وجوهر ملكة تفكيره ومنابع رضاعته فكرا وثقافة وسلوكا ومنهجا . فلا يمكن صنع الجديد بالقديم أبداً. فلو كان ذلك ممكنا لخرج جدي وجدك من قبرهما ودرسا الطب أو الهندسة ردا على أميتهما وتعثرهما أثناء الحياة ولكن الأموات لا يبعثون وكذلك هي الأفكار الرجعية والثقافات البالية المعوقة للتطور العام وهذا هو سر ثورات الربيع العربي وما يشهده وطننا السوري على العموم. وهذا ما يتحدث عنه جدلية التاريخ ومنطق العلوم التجريبية وتجربة الكرد في غضون نضاله منذ عقود أيضا.


 ولا ثورة للكرد دون الثورة على كل قديم. لأن القديم هو الهدف لأي ثورة "ثورة ضد القديم" وليست الثورة نتاجا للقديم ولا يمكن أن يقوم القديم بإنتاج نقيضه كي يفني نفسه. فكل قديم هو رجعي هالك ومستهلك بحكم قدمه ولن يستطيع سوى أنتاج ذاته بشكل أو بآخر وكل ما يتراءى للعيان هذه الأيام هو ترقيع للقديم لإطالة عمره  والواقع الراهن شاهد على نفسه وسيدفع الكرد الضريبة مرة أخرى إذا لم يغيروا من نمط وطريقة تفكيرهم هذا. هنا لا يقصد أن يكون التغيير بالفعل الميكانيكي أو الجراحة التجميلية أو بالعنف والإكراه. ليكون جميع الأفراد على نمط و مقاس واحد  أو تغيير في الشكل بأن يوضع رأس هذا على جسم ذاك أو يقص  بعض من أنف هذا الذي لا يشم كما أشم أنا  أو القيام بتقليم أذن فلان وتولفيه على موجة خاصة أو ربط  لسان فلان كي يسكت أو سلطه  ليتحرر من كثافته وينطق بالذي هو مطلوب . 

     لو استقام الأمر بهذه الإجراءات لسهل على الكرد حل مشاكلهم وتحسين مستوى حالتهم وحينها كان حري بهم واستوجب فعل ذلك على وجه السرعة حتى لو كلف الواحد منهم بيع أساس بيته وبعض من أولاده ثمنا لهذا العملية بدل الضياع والمآسي والخيبة من نخب مزعومة تتمسك بامتيازاتها الشخصية والعائلية منذ سنوات وعقود. وبذلك لحلوا مشاكلهم واستغنوا عن كل ماركة سياسية مزيفة وثقافة مستهلكة وتنظيمات مستوردة وشخصيات معطلة للتطور والتحديث وارتاحوا. ولكن عملية تطور أي اجتماع ليس بهذه البساطة ولا تحل عقده ومشاكله بالنيات الطيبة والعاطفة والتصور الميتافيزيقي بل بالإرادة والإصرار وفق منهجية علمية. كون عملية بناء شخصية الإنسان وتغيير نمط الحياة وعملية التفكير والوجدان فيه هي عملية تربوية ثقافية فكرية منهجية طويلة وشاقة تحتاج إلى سياسة ثقافية ورغبة اجتماعية وقيادة مبدعة. تبدأ منذ الطفولة وريعان الشباب عبر مؤسسات وحراك ثقافي تنويري وفكر حداثي يقوم بها مثقفو الأمة والقوامون على الإدارة من كل المشارب. ولم يعمل الكرد من خلال نخبهم في هذا الاتجاه إلا لأمر حزبوي وأجندات خاصة .وها هي النتيجة والحاصل .     
   
  يبقى علو سقف كل ثقافة قديمة محدود وساحة مناورته ضيقة عند المفاصل التاريخية وفي الأزمات كونها مأزومة أصلا أو هي الأزمة بذاتها وصانع لها وراع لتكريسها كونها تستفيد. فعلى مر التاريخ كانت كل مصائب الكرد ناجمة عن نمط ومنهج التفكير والفكر المجرد والموروث التاريخي المعوق والتلقين الفكري والثقافي إلى أن أصبحت الرؤوس محشوة بزبالة الثقافة وعطلت ملكة التفكير السليم . تلك الثقافة هي الآن المانع الأول والأخير للتطور والحداثة ولا تنتج نقيضها بل ذاتها من جديد وعند كل انطلاقة  المتمثلة بالتنظيمات السياسية التقليدية والهياكل الحزبية المتخشبة والأشخاص المنتمون إليها مريدا والعاملون في أطرها عطفا والمثقفون الذين  تربوا في كنفها مصلحة وهم صورة طبق الأصل و أسوأ من السياسي في أداء رسالته حيث ما زال منطق الأحكام لديهما بدائيا وذات طابع عاطفي ومزاجي في التعامل مع المحيط والحياة تماشيا مع المصالح والرغبة ويعزى سببه هذا السلوك غير المنتج إلى التمسك القوي بالتقاليد النضالية الفاشلة خلال تاريخ مضى  وبالموروث الثقافي والفكري السلفي البالي الذي لم ينشا التنظيم العصري وأضحى سبب كل مشاكل الكرد وتخلفهم عن العصر وعلى كل الأصعدة. هذا الموروث ما زال سائدا وبقوة ويتدخل في مجمل حياتنا العامة ولم يتغير بالرغم من التطور الهائل والمذهل في كل أدوات الوعي و توفر مصادره ولم تستطع النخب بناء ذات  كردية وشخصية أكثر فعالية من سلفها .   
 
   الأعمال العظيمة تحتاج إلى رجال عظام والصغيرة  تكتفي بالأنصاف أو ما دون . فلو قام الكرد من الآن ولقرن آخر ومن خلال نخبهم الآنية التقليدية غير المحدثة وبهذه الثقافة والسلوك والخطاب والتنظيم والأطر وهذا الحراك في بناء مئات الهياكل بهذا الاسم وذاك العنوان لن يتغير في جوهر القضية والحركة و الحراك والبنية الأساسية للمجتمع الكردي من شيء ملفت ومحسوس ربما في بعض من جوانبه تقليديا وعند أي منعطف خطر سينقلب مثل هكذا عمل ضد ذاته ويتعطل من تلقاء نفسه  إلا إذا غير العامل من سلوكه. علما بأن أي سلوك هو مشتق الثقافة والفكر السائد ويبقى الإنسان هو محرك السكون ومغير الأحوال نحو الأفضل. كما لا يمكن لأي شخص القيام بفعل حسن ومفيد للجماعة أو من تغيير بنيوي مفصلي ما لم يمتلك الأسس والعناصر الحقيقية لهذا التغيير مثله مثل أي انجاز عمل تجريبي وابتكار يستوجب على المبتكر والمخترع المكانة العلمية والرفيعة وتتوفر فيه مواصفات الباحث والمزيد من المعرفة والعقل العلمي وإلا لن يكون هناك لا من عالم مبتكر ولا من مخترع ولا اختراع.
  
 خلاصة القول: إن حل أي مسالة كردية أوتطور في بنية المجتمع الكردي لكي يتماشى من روح العصر والقيم الديمقراطية والمجتمع المدني لا بد من التأسيس لنخب منتجة وعلى كافة الأصعدة وحل المسألة الشخصية أولا الذي هو من أولويات وأسس أي تقدم حضاري ومادي وروحي للكرد قبل الإقدام أي عمل آخر أو بالتوازي كما أن الشعوب لا تستطيع إنتاج القادة كما ترغب بل تستطيع القادة المبدعون من صنع الشعوب "أي يغيروا من حالتهم على جميع الأصعدة" وابرز مثال ما نعيشه هذه الأيام من تفكير اقرب إلى البلادة منه إلى وعي الذات والتفاعل مع السياسة على الطريقة التقليدية وبنفس ثقافة وسلوك السلف وكان ذلك أيضا منذ عقود فماذا كانت النتيجة وسيكون. ..؟ ما هو مائل للعيان.. وكذب من قال أن السبب الأساسي يعود إلى الظروف الموضوعية والآخر أبدا بل كل مشاكل الإنسان من الإنسان ذاته حين غياب الشخصية الفعالة والمنتجة والفكر والثقافة المحفزة للتواصل والتغيير والإدارة بالأساليب التي هي الأحسن. كما لا يمكن تحقيق هذه النقلة ومن المستحيل التحول من خلال الشخصية المزيفة والفكر التقليدي القديم ولا بالموروث البالي والرجعي الذي ما زال سيد الموقف والحاكم في الفصل والربط في المجتمع الكردي ...
 
 xkalo58@gmail.com  







أتى هذا المقال من Welatê Me
http://www.welateme.net/erebi

عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://www.welateme.net/erebi/modules.php?name=News&file=article&sid=12594