الحركة الكوردية والنمو السياسي
التاريخ: الثلاثاء 01 ايار 2012
الموضوع: اخبار



شهاب عبدكي

تمر الحركة الكوردية في سوريا بحالة التفاعل السياسي الخجول مع الاحداث في المنطقة والدور الذي يمكن أن يلعبه في الوطن من خلال حجمه وتنظيمه السياسي ، والذي له تجربة في كيفية الاستفادة من المد الشعبي السياسي والعاطفي في خدمة القضية على المستويين الوطني والقومي , والاعتماد على مقومات الوجود التاريخي ، وحان الوقت ليكون المنعطف التاريخي في المنطقة هو القضية الكوردية بثقلها السياسي وحلها فيما بعد بحيث تكون المحور الاساسي في اي معادلة سياسية في المنطقة ، فبدون حل القضية الكوردية ستبقى الحلول جزئية ولن ترق إلى مستوى ما تقوم به الشعوب من ثورات الحرية والكرامة في المنطقة ،


 والنمو كمتطلب سياسي في هذه المرحلة ضرورة حتمية في تطوير الفكر السياسي القومي الكوردي والتعامل مع الممكنات والواقع ، حتى يستطيع أن يتفاعل مع الاحداث بشكل عملي  وعقلاني ، وحتى ننتقل من حالة الخجل إلى حالة التفاعل الحقيقي لابد من خصائص وصفات تتجلى في هذه المرحلة .

دخول الحركة في منهج سياسي علمي هو الانسب في تخطي بعض العقبات القانونية والسياسية في المرحلة القادمة , والمنهج العلمي يعتمد بالدرجة الاولى على الطاقات العلمية المتقدمة في بناء الاسس المتينة للقضية الكوردية ، وقد يكون من أهم نتائج هذه التصنيف هو التلازم بين ما هو مطلبي وما هو شرعي ، أي عملية سياسية قانونية شاملة عن الوضع الكوردي ، وفي برامج متكاملة بحيث يكون سنداً قانونياً  للأجيال القادمة وتعبر عن انسجام   بين الممكن والشرعي للكورد ، فالنمو هو تغيير في السلوك السياسي للحركة من جميع الوجوه .
 الاحزاب قامت بتأسيس مؤسسات سياسية واجتماعية (مجلس وطني (مجالس محلية)، مجلس شعبي (لجان شعبية) تفعيل هذه المجالس بحاجة إلى إدارة وخطة عمل مدروسة بحكمة  ، ويكون من اولوياتها هو نشر الوعي الثقافي والحقوقي و الاجتماعي ، والابتعاد عن الصراعات الهدامة والمضرة بالمجتمع ، فالتأسيس ليست مشكلة كبيرة , خاصة في فترات الرواج السياسي ، المسألة هي كيفية الاستفادة من الطاقات  حتى لو كانت في طور التكوين  وكيفية اختيار المرشدين والموجهين في قيادة  هذه المؤسسات . كل هذه الأمور تدخل في عملية سياسية كبيرة والعبرة ستكون بالنتائج  .
قد يكون لمثقفي الكورد انتقادات على مجمل الاوضاع السياسية الكوردية  وفي كيفية تبنّي الحركة لمهامها ومدى تفاعلها  واستطاعتها في انجاز بعض المسائل الاساسية للكورد لأسباب عديدة ، حيث يتم ذكرها في كل مناسبة ، إلا أن الجانب الثقافي يبدو ناقصاً جداً بخصوص قضيتنا ووضعنا الاجتماعي في المنطقة ، ولسنا هنا بصدد اشكالية الحق على اي طرف ، فالظروف اصبحت مواتية ان يخرج المثقف من صمته ويتفاعل ويساهم بشكل ملموس إن كان انتقادي عقلاني  أو مبتكر في المجال السياسي والاجتماعي  ، في هذه الحال يكون قد قدّم شيئاً مفيداً للمجتمع ، إذ يقع على عاتق هذا المثقف أن يقوم بعمله قبل ان يقوم بالهجوم الاعتباطي على كل شيء ، وهو مُطالَب بحمل رسالة واضحة للمجتمع بأنه في المقدمة ،  ويقوم بتغييرات جوهرية وعميقة  تكون حصيلة  النضال السياسي والاجتماعي للحركة ، هنا يبرز دوره كمثقف يؤدي مهامه في العملية السياسية  ، والابتعاد قدر الامكان عن الضجر السياسي والثقافي والشكوى .
لا يشك احد أن المنطقة كلها في حالة تغير إن كان سياسياً أو اجتماعياً أو قومياً ، لذا من أهم خصائص المرحلة هو أن يسوغ بشكل محكم  لكل حركة او تغيير او انتقال ، فالحركة لا تستطيع ان تقوم بهذه العملية دون أن تتخلص من بعض الشوائب  والتراكمات البالية  ، بالتالي هي بحاجة ماسة ان تكون منفتحة على الجميع   وتستوعب المرحلة بكل حساسيتها وتغيراتها اللحظية  .
صحيح أن النمو السياسي مرتبط بشكل وثيق بالنمو الاقتصادي ، ونحن نعلم أن مجتمعنا متخلف من هذه الناحية ، واعتماده على الجانب الخدمي ذو الفعالية البطيئة في التنمية كمفهوم عام ، إلا أن الجانب السياسي اصبح من اولوياتنا  ويمكن الاهتمام بهذا الجانب ريثما تتضح الامور المرتبطة  بكيان الدول وبسياستها المستقبلية ومدى امكانية اعطاء الحريات السياسية والاقتصادية ، في هذه الحالة الوضع الكوردي هو حالة سياسية ويحتاج إلى رافع قانوني مستند إلى تاريخ وجغرافية المنطقة ، حتى يستطيع ان يواجه كل من يشك بشرعية القضية وحقوق الكورد  ، فالنمو السياسي ليست عملية جزئية بل عملية متكاملة ، ولكن في حالتنا قد نحتاج إلى ترتيب اوراقنا السياسية بالدرجة  الاولى ، لان ارتباطاتنا الوطنية والإقليمية تلعب دوراً مفصلياً في حياتنا ، وسوف ننجح في تطوير فكرنا ومنطقنا بحيث نستقطب ونستوعب كل  ما يدور من حولنا وقد نتحول إلى فاعل أساسي في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية  في الوطن ، فإذا اخذنا إقليم كوردستان أو الامارات كنموذج متقدم على ما حوله رغم الاضطرابات والصراعات استطاعت ان تنجح في جلب الاستثمار وغيرها من المشاريع ، وتتأقلم مع سياسة الامر الواقع، وتفوقت على كل ما يدور من حوله ، فخلقت مناخاً آمناً  لتتحول من الصراع إلى التنمية الاقتصادية والسياسة  .
اعتقد أن المناطق الكوردية لديها الامكانات الكافية في جلب كل ما يلزم لتطوير المنطقة ومن كل النواحي ، وقد يكون استقرارها السياسي من اهم عوامل  النجاح ، لذا نحن مطالبون بأن نفكر بعقلية مستقبلية  منذ الآن , وفي كيفية الاستفادة من الطاقات الموجود إن كانت بشرية او غيرها ، ولا نخلق صراعات أثنية او دينية في المنطقة لانها ستدوم وتدمر كل شيء . نعم النظام فرض سياسته على المنطقة  ، ولكنه لم ينجح في كل ما خطط له ، بالتالي علينا الاستفادة من فشله ، والعمل بعكس سياسته تجاه المنطقة  ككتلة بشرية لها مقومات العيش المشترك ضمن خصوصية معينة يُحترَم فيها خصوصية الاخرين دون أي تعدّ أو تهميش .
النمو السياسي لا يحتاج إلى مفاهيم غامضة والتباس لتعطي تفسيرات كثيرة بل الانتقال من هذه الحالة الغامضة إلى حالة الوضوح السياسي ، طبعاً هنا نتحدث عن القضية وشرعيتها، وليس الجانب السياسي الدبلوماسي في حرية التفاوض  والممكن في عملية الاستقرار الوطني، ويمكننا الاستفادة من الخطاب السياسي الكوردي في الاقليم ، حيث الساسة الكورد يقولون وبكل وضوح : الحقوق الكوردية حق شرعي إن كان في شكل دولة مستقلة أو دولة  فيدرالية  ، ولكن نحن نعمل ضمن ما هو ممكن مع شركائنا في الوطن. إذاً الوضع والحل السياسي بحاجة لقناعة من جميع الاطراف وليس منوط بطرف بعينه او قومية محددة تحدد مصيرها بنفسها. ، تكمن أهمية النمو السياسي انه من مقومات وشروط نجاح القضية الكوردية في المستقبل  وحتى نضمن ذلك نحن بحاجة لتربية عقلية سليمة  للمستقبل عبر المؤسسات الحزبية والحقوقية وغيرها من التنظيمات .








أتى هذا المقال من Welatê Me
http://www.welateme.net/erebi

عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://www.welateme.net/erebi/modules.php?name=News&file=article&sid=12580