كُلنا نعرف القاتل.. و لكن
التاريخ: الأحد 25 اذار 2012
الموضوع: اخبار



حسين جلبي

حدثت و تحدث و ستحدث أعمال إرهاب و تشبيح كثيرة في المناطق الكُردية في سوريا، تدرجت هذه الجرائم من القتل كما حصل للشهداء مشعل تمو و نصرالدين برهك و شيرزاد حاج رشيد، وصولاً إلى أعمال الخطف لطلب فدية إلى السرقة إلخ.. لم يكد أحدهم يلقي علينا التحية في مناسبة إجتماعية حتى مر كالبرق على جميع هذه الجرائم ليصل في النهاية إلى نتيجة مفادها أن المجرم معروف للجميع: أنا أعرفه و أنت تعرفه و هو يعرفه و هي تعرفه و جميعنا نعرفه، لا بل أن رقم هاتفه معي و معك أيضاً.


 رحت على الفور أستعرض أسماء من أحتفظ بأرقام هواتفهم، و كذلك وجوه أصدقائي و معظمهم في سوريا بحثاً عن المجرم الذي يزعم كثيرون منا بأننا جميعنا نعرفه و لكننا نحجم عن ذكر إسمه ترفعاً، أو ربما خوفاً أو لإفتقارنا إلى الأدلة الدامغة ضده، رغم القرائن التي يخلفها دائماً على مسرح الجريمة. كم أود أن يصمت هؤلاء الذين لا يسمون الأشياء بأسماءها، الذين لا يقولون للقاتل: قاتل في عينه، بحيث يساهمون في بقاء فاتورة الدم مفتوحة.

حرائق الأمة الديمقراطية
الشعب الكُردي في سوريا شعبٌ مسالم و فيه نسبة كبيرة جداً من المثقفين، و الثقافة هي مؤشر على الحكمة و سعة الصدر، و لذلك مخطئ ٌمن يتصور أنه يستطيع أن يستغل تلك الصفات النبيلة ليخدع أصحابها طوال الوقت، قد يكبوا هذا الشعب أحياناً لكنه سرعان ما ينهض، و في الحالتين فإنه لا يُضيع بوصلته. أخذ حزب العمال الكردستاني على مدى تاريخه في سوريا الكثير من الشعب الكُردي، أخذ آلاف الشباب و البنات و كذلك الأموال ليستثمرها في مشروعٍ ما تبين بأنه لم يكن مشروعه، خسر ذلك الحزب معظم ما أخذ دون أن يتمكن من صنع أي شئ ذي جدوى على الجانب الآخر من الحدود يمكن أن يشار إليه بالبنان أو حتى يمكن رؤيته بالمجهر، و دون أن يقدم تعويضاً عما أخذ، أو إعتذاراً عما تسبب به من خسائر، و مع ذلك لا يزال القائمين على شؤون ذلك الحزب يتخيلون أن المنطقة ستبقى حقلاً أبدياً لتجاربهم، يأخذون منها دون أن يحددوا أوجه الصرف، فقبل أيام أعلن قيادي عمالي أنهم (سيشعلون كل كُردستان و سيحولونها إلى ساحة حرب في حال تدخل تركيا في غربي كُردستان)، و نحن إذ لا نرى حتى الآن سبباً لتدخل تركي في (غربي كُردستان) اللهم إلا إذا كان بعضهم بصدد فتح جبهة عليها إنطلاقاً منه، و نرى في الوقت ذاته تدخل تركيا في كُردستانها و إحتلالها لها، فإننا نستغرب عدم إشعال الحزب لشرارة صغيرة في ذلك الجزء الكبير من كُردستان، ذلك الجزء الذي يصلح بمساحته الكبيرة ساحة لحرب تتناسب مع قوة الحزب العسكرية، بعكس المناطق الكُردية في سوريا الصغيرة و التي ليست سوى شريط حدودي لا يصلح كحقل رمي، و أصغر من أن يضيع الحزب وقته فيه، إذ يمكن لواحد من الأحزاب الكُردية السورية الكثيرة إدارة شؤونه بسهولة دون نيران أو حروب مع الأتراك أو الناتو أو غيره.

ما لجُرحٍ بميتٍ إيلامُ

لم أشهد في حياتي، لا بل لم أقرأ أو أسمع عبر التاريخ عن شخصٍ يُهان صباح مساء مثل بشار الأسد، حتى أنه أصبح مضرباً للمثل في ذلك و حاملاً للرقم القياسي في كمية الأهانات التي يتلقاها و لا زال الحبل على الجرار، في حين أنه مصمم من جهته على تفسير الصفعات التي يتلقاها من جميع الإتجاهات بأنها ليست سوى مؤامرة أفضل رد عليها هو الإلتصاق بالكرسي أكثر. فمنذ أكثر من عام و هو يتلقى بشكلٍ متواصل صنوف الإهانة من جميع الجهات و على جميع الجبهات، بحيث لم يتبقى أحدٌ ما في هذا العالم إلا و أهانه. و لم تقتصر الإهانات على شخصه بل شملت جميع أفراد عائلته و كل من ينتمي إليه بصلةٍ ما، لا بل وصلت الإهانات إلى الحرملك لتنال من كل ما فيه من نساء. لم يترك المتظاهرون في سوريا شتيمةً إلا و قذفوا الأسد بها، و لم يتركوا صفةً قبيحة إلا و نعتوه بها، و لم يتركوا عبارةً سيئة إلا و ألقوا بها في وجهه، لكنه يخرج في كل مرة مقهقهاً و كأنه غير معني بالأمر، و كأن شخص آخر هو المقصود. أما على الصعيد العالمي لم تبقى عقوبة إلا و حكم عليه بها، و لم يتبقى منبر إلا و كان له فيه نصيب من الردح، فرغم أنه رئيس دولة إلا أنه القاتل الذي يمنع عليه دخول دول الإتحاد الأوربي و تلويث ترابها، و هو اللص الذي جمدت أرصدته لحين إعادة ما فيها من أموال مسروقة لأصحابها الشرعيين. أما عربياً فلقد إستحضر العرب من الماضي معلقات الهجاء و ألقوها على مسامعه، و أبدعوا في صياغة الردائح بحيث لم تبق صفة سيئة في اللغة إلا و إلحقوها به، و وصل الأمر إلى طرده من الجامعة العربية، ذلك التجمع الذي كان يشكل الحد الأدنى، و كان مثار سخرية الشعوب العربية لفظ  الأسد خارج صفوفه. لا أعلم ما إذا كان الحفاظ على الكرسي و هو لا يتعدى مساحة أقل من مترٍ مربع يستحق تحصينه بكل تلك البحار من الدماء و الأشلاء، بحيث يخسر المرء لأجله كل العالم، و الأهم من ذلك أن يخسر نفسه، و إلى الأبد.

لماذا لا أكتب باللغة الكُردية؟

سُألت أكثر من مرة عن السبب في عدم قيامي بالكتابة باللغة الكُردية، و خاصةً أن الكثير من المواضيع التي أتطرق إليها هي مسائل كُردية محلية لا ينبغي للآخرين الإطلاع عليها. و مع الإقرار بمشروعية السؤال إلا أن هناك عوامل عديدة تضافرت لتجعل الكتابة باللغة العربية خياراً مفضلاً في المرحلة الحالية على الأقل، فالقارئ الكُردي السوري يستسهل القراءة باللغة العربية، و ربما يلعب ضيق الوقت و سيل المعلومات بهذه اللغة دوراً في ذلك، و كذلك عدم وجود وسيلة إعلامية و خاصةً محطة تلفزيونية كُردية توعوية تعبر حقيقةً عن الكُرد السوريين بعيداً عن الأجندات المختلفة، و يكفي إجراء مقارنة بسيطة بين معدل قراءة المواضيع المنشورة باللغتين في المواقع الكُردية لنكتشف ـ و للأسف ـ رجحان الكفة لصالح تلك المنشورة باللغة العربية، بحيث يمكن القول بأن قُراء اللغة الكُردية و كذلك كتابها هم من النخبة، إذ أن نسبة قليلة فقط هم من يتقنون اللغة الكُردية قراءةً و كتابةً، بحيث يمكن القول بأن هناك نسبة مرتفعة من الأمية في مجتمعنا الكُردي تحتاج إلى جهود جبارة للقضاء عليها، و هو ما لا تتوافر مقوماته حالياً، و مع ذلك فهناك خشية حقيقية من تشويه هذه اللغة في حال الكتابة بها من قبل من لا يتقنها، و هو ما يحصل كثيراً، كما أن هناك خشية من ضياع الجهود في حال الكتابة بها بسبب تدني نسبة القراء. أما مسألة ضرورة بقاء المواضيع الكُردية حبيسة لغتنا بحيث لا ننشر غسيلنا على مناشر الآخرين فأعتقد أن الأمر يتناقض مع الإنفتاح الذي يجب أن نبديه على شركائنا في الوطن، بحيث يجب أن نتعرف على بعضنا البعض، و على طريقة تفكير بعضنا، و هو ما يقوم به الكتاب الكُرد السوريين الذين تعتبر كتاباتهم بمثابة الجسر بين الكُرد و شركائهم الآخرين في الوطن السوري.







أتى هذا المقال من Welatê Me
http://www.welateme.net/erebi

عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://www.welateme.net/erebi/modules.php?name=News&file=article&sid=12221